x

مسابك «التونسي» بالخليفة تنتج تماثيل فرعونية ومواسير صرف صحي ومواتير سيارات

الأحد 17-03-2013 21:47 | كتب: أحمد مجدي رجب |
تصوير : نمير جلال

«أموت فى الشغل أحسن ما أموت من الجوع».. جملة عفوية تليق بطفل لم يتجاوز عمره 12 سنة، قالها وهو يسعل، ردا على سؤال لمحرر «المصرى اليوم» الذى خاض تجربة العمل فى إحدى ورش مسابك التونسى لصهر المعادن، حيث تتصاعد الأدخنة الناتجة عن صهر الألمونيوم والنحاس والزهر، لتملأ المكان برائحة كريهة هى أقرب لـ«رائحة الموت».. إذن هو الجوع الذى دفع بـ«عادل» وغيره من الأطفال والشباب للعمل فى تلك المسابك، معرضين حياتهم للخطر، أو الحياة بإصابة مزمنة طوال حياتهم، حتى إذا ما نبههم أحد إلى الخطر لا ينطقون إلا بجملة واحدة: «هنعمل إيه».

هنا فى منطقة التونسى بالخليفة، حيث تنتشر مسابك المعادن.. السواد يكسو جميع الوجوه، فإذا لم يكن السواد يعلو وجوه العمال الواقفين أمام أفران «تسييح المعادن»، ستجده فوق عيون الأطفال بسبب الجوع والأمراض التى تحاصرهم من جراء الدخان المتصاعد من المسابك.. «المصرى اليوم» لم تشأ أن ترصد الأزمة من الخارج، وفضل محررها أن يعمل بنفسه فى إحدى ورش المسابك 7 أيام، ليرصد معاناة العاملين فى تلك الورش، والأمراض التى تحاصرهم، حيث يعانى معظمهم من أمراض الصدر والرمد، خاصة من الأطفال الذين يزداد عددهم مع دخول فصل الصيف، لاسيما بعد انتهاء العام الدراسى وبدء رحلة البحث عن العمل لإعانة أسرهم.

 

رغم الظروف الصعبة التى يعمل فيها العمال فى تلك المسابك، والمرتبات الضعيفة التى يحصلون عليها، إلا أن ورش سبك النحاس تلك تنتج بعض السلع التامة الصنع مثل الإطارات النحاسية المزركشة «البراويز» الخاصة باللوحات والمرايا مختلفة الأشكال والأحجام، وبعض المشغولات التى تستخدم لتزيين قطع الموبيليا، وأيضا النجف، والتحف، والتماثيل الفرعونية، مثل رأس نفرتيتى وتوت عنخ آمون، وبعض التحف التقليدية كالشمعدان، وبعض النماذج المصغرة لأدوات تقليدية، تستخدم للزينة، مثل قدر تدميس الفول، مواقد الكيروسين، وأطقم تقديم القهوة العربية وغيرها.

وتنتج تلك الورش بعض أجزاء من سلع وأدوات ضرورية مثل أجزاء من مواقد الكيروسين، والمفصلات، والمفاتيح، والكوالين، والمزاليج، «الترابيس» وقطع غيار صنابير المياه، وبعض أجزاء من موتورات السيارات، والآلات التى يصعب استيرادها من الخارج.

أما ورش سبك الألومنيوم، فيختلف الإنتاج فيها بين السلع التامة الصنع مثل بعض الديكورات، بمحل الكراسى والترابيز، والصلبان التى تثبت فوق صناديق الموتى الخاصة بالأقباط، كما أن أحد تلك المسابك مخصص لصناعة الغرايات، وهو المسبك الوحيد المخصص لذلك على مستوى مدينة القاهرة، كما تنتج مسابك الألومنيوم أجزاء من سلع وأدوات أخرى مثل إجزاء من شماسى البحر، ومن النجف، وبعض أجزاء من الأسلحة والذخائر.

أما مسابك الزهر فهى مخصصة لإنتاج سلع تامة الصنع مثل مواسير المياه، وأخرى هى أجزاء مهمة وضرورية من أدوات الصرف الصحى.

ويتطلب تصنيع وتشكيل المعادن أساليب عديدة تبدأ بالتعدين، أى اكتشاف وجمع الخامات المناسبة أو الرمال الحاملة للمعادن، والصهر، أى استخراج المعادن النقية من المواد الخام أو الرمال، والمزج، أى خلط معادن مختلفة بعضها ببعض لإنتاج معادن أخرى أصلب أو أفيد، والطرق والصب، وتبدأ عمليات الإنتاج فى مسابك المعادن بعملية الصهر والمزج، ثم التشكيل والصب، والتجهيز، والتلميع والإعداد للسوق.

ويتم صهر المعدن فى مسابك النحاس، والألومنيوم، والزهر، باستخدام الأدوات نفسها، - الفرن والبوتقة - فتصميم الأفران فى تلك المسابك يساعد على التحكم فى قوة الاشتعال اللازمة لصهر المعدن، كما أن البوتقة بأحجامها المختلفة هى الأداة الرئيسية المستخدمة فى كل المسابك.

لا تتم عملية الصهر السابقة دون خلط بعض الإضافات بالمعدن المستخدم، وتختلف تلك الإضافات وفقاً لاختلاف نوع المعدن، ووفقاً لنوعية المنتج.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية