يعتبر الحزب الوطنى هو «المحور الأساسى» لانتخابات مجلس الشعب لعدة أسباب، فهو حزب الأغلبية، وهو الوحيد الذى تقدم بمرشحين على جميع المقاعد، وبالتالى تدور الانتخابات حوله، لدرجة أن مرشحيه هم هدف رئيسى لكل مرشحى الأحزاب والتيارات السياسية الأخرى.
«الوطنى» يدخل الانتخابات الحالية كاختبار لسياساته وأفكاره التى أقرها خلال السنوات الماضية بآليات هجومية يواجه بها «الآخرين» سواء الإخوان المسلمين أو الوفد أو حتى المستقلين.
«المصرى اليوم» تحاور د. على الدين هلال، أستاذ العلوم السياسية، أمين الإعلام بالحزب الوطنى، حول الانتخابات قبل ساعات من إجرائها.. وإلى نص الحوار:
■ كيف ترى المعركة الانتخابية قبل ساعات من بدء التصويت؟
- لا أسميها معركة، وفى كل أحاديثى أطلق عليها «منافسة انتخابية»، لأن هذا الوصف المستخدم يخلق حالة نفسية سيئة، وأنا لا أوافق على كثير مما تنشره وسائل الإعلام حول العنف والدم، ووصفها الانتخابات بأنها «انتخابات العنف»، فهل هى تعد المجتمع لذلك؟
الناس تختار من خلالها الحزب الذى تراه، وهذا الحزب من الممكن أن يتغير من سنة إلى أخرى، وجوهر سؤالك هو «كيف أرى الخريطة السياسية؟»، وأنا أراها تأكيدا لما كان متوقعا من أن انتخابات 2010 انتخابات قوية، وبها منافسة قوية بين الأحزاب السياسية والمستقلين.. انتخابات تأتى بعد 5 سنوات من الحيوية السياسية والحراك السياسى فى المجتمع، وتعديلات دستورية، وبرامج حوارية يومية، وصحافة خاصة.
الأمر المؤكد أن هناك عملية تمت فى مصر، والانتخابات هى التى ستكشف حجمها. الانتخابات عملية تغيير نفسى وسياسى واقتصادى، والبلد الآن ليس مثلما كان قبل 10 سنوات مضت، وسأعطيك مؤشرا بعيدا جدا: عدد المشتغلين فى القطاع الحكومى، وعدد المشتغلين فى القطاع الخاص، اليوم أغلبية العاملين فى القطاع الخاص، وأغلبية الناس رزقهم يعتمد على وحدات خارج قطاع الدولة.
مصر يحدث بها تحول عميق، ليس على مستوى الدولة والقانون فقط، وإنما على مستوى المواطن والثقافة والمجتمع، وساعات التغيير العميقة لا يمكنك ملاحظتها بدقة، فالتغييرات العميقة مثل الحمل تظل 4 أشهر «مش شايف حاجة» ثم يظهر ويكون بمثابة تغيير يفاجأ به بعض الناس، أو بعبارة أدق الانتخابات «بتفتح كرش المجتمع».
■ أنتم كحزب وطنى تعتبرون المنافس لكم فى هذه الانتخابات «الإخوان» وليس أحزاب المعارضة أو المستقلين أو الخارجين على الوطنى؟
- عمرنا لم نناقش هذا الشأن، نحن تعاملنا مع كل دائرة بكل جدية، وفى بعض الدوائر استغرق الأمر ساعات حتى نحلل نتيجة المؤشرات المختلفة بالنسبة لنا لاختيار الأفضل.
■ وبعد الإعلان، من تعتبرون أنه المنافس؟
- نحن نعتبر الأحزاب السياسية هى «الشريك الرئيسى» والمنافس الرئيسى لنا، باعتبار أن أى انتخابات تتم بين الأحزاب، ثم بعد ذلك المستقلين، سواء المستقلين حقيقة أو المستقلين الذين يمارسون «الخداع السياسى»، أى الذين سجلوا أنفسهم مستقلين بينما توجد مؤشرات على أنهم «جزء من تنظيم ليس له وجود قانونى».
■ تقصد الإخوان المسلمين؟
- لعلك تعرف أن الحزب الوطنى تقدم ببلاغ إلى النائب العام ليس له علاقة بالانتخابات، وليس هدفه شطب مرشح أو آخر.. ليس هذا الموضوع، فلم نتقدم بالبلاغ إلى اللجنة العليا للانتخابات، لأن الموضوع أمر استفحل، وبه مخالفة صريحة للدستور والقانون وتهديد للشرعية الدستورية، وبه تحريض للناس على مخالفة القانون، وذلك بواسطة «مجموعة من الناس ليس لهم أى كيان قانونى كحزب سياسى أو جمعية أهلية، بينما يمارسون اختصاصات الحزب السياسى.
■ الإخوان على مدى الانتخابات الماضية يخوضونها وحصلوا فى الانتخابات الماضية على 88 مقعدا، فلماذا هذه المرة تقدمتم ببلاغ ضدهم؟
- السكوت على خطأ ما ليس مبررا للاستمرار فيه، وستجد أن العديد من الكتاب والصحفيين انتقدوا الدولة، وتساءلوا: «منين بتقولوا عليهم المحظورة؟»، لدرجة أن بعضهم قال بسخرية إن المحظورة «جزء من اسمها».
لدينا وضع غريب جدا فى البلد، كيان ما يدعى «المحظورة»، وفى كل يوم «بيطلع لسانه للناس والدولة والحكومة والمجتمع».
ولو قرأت البيان الذى أصدره الحزب الوطنى ستجده بيانا منضبطا، ولا توجد به عبارات ثقيلة أو ربط من بعيد أو قريب لخلط الدين بالسياسة، ولا بالخلاف الأيديولوجى والفكرى لهؤلاء الناس.
وأقرب توصيف للموضوع شركات توظيف الأموال التى أنشئت دون ترخيص من أحد لممارسة مهام البنوك.. الشىء نفسه بالنسبة لهذا الموضوع، توجد مجموعة من الناس تمارس مهام الحزب السياسى، والأمر المثير أنهم لم يتقدموا قط فى تاريخهم لإنشاء حزب سياسى، لا قبل 52 ولا بعدها، وكان قبل 52 إنشاء الحزب يتطلب إرسال خطاب بـ3 مؤسسين فقط.
البلاغ مكتوب بتأنٍ، ويطلب من النائب العام التحقيق بشأن تقدم بعض الأشخاص الذين خاضوا الانتخابات بصفة مستقلين فى الوقت الذى توجد فيه أدلة على أنهم أعضاء فى تنظيم الإخوان المسلمين المحظور وغير القانونى. والحزب الوطنى اعتبر ذلك نوعا من التحايل أو خداع القانون، لأن القانون اختص الأحزاب السياسية بوظائف معينة فى قانون الأحزاب، منها أن الأحزاب هى الهيئة الوحيدة التى من حقها الترشح للمجالس السياسية، وأعطى هذا الحق للأفرد المستقلين.
وقانون الجمعيات الأهلية قال إنه لا يحق للجمعيات الأهلية أن تمارس الوظائف التى اختص بها القانون الأحزاب السياسية، إذن فى المنظومة التشريعية هناك مهام واضحة للأحزاب السياسية أهمها الترشح للانتخابات العامة، والترشح للمجالس التشريعية، ونشأ عن ذلك أن هناك أشخاصاً يتقدمون للانتخابات كمستقلين، وهذا حق دستورى نحترمه، لكنهم فى نفس الوقت مكلفون من تنظيم ليس له كيان قانونى ولا حزبى ولا حتى جمعية أهلية رغم أنها لا تملك هذا الحق. هذا مربط الفرس: هل يحق لمجموعة من الأفراد ليس لها الاعتراف القانونى أن تمارس مهام الحزب السياسى؟.. لقد تقدمنا بهذا الطلب والناس تقول «إشمعنى دلوقتى؟». والإجابة لأن هناك انتخابات، ونحن أصحاب مصلحة فى تسجيل هذا الموقف.
■ وكيف ترى نتائج هذا البلاغ الذى تقدمتم به للنائب العام؟
- هذه سلطته ولا نتدخل فيها ولا نعقب عليها، وليس من حقنا أن نسأل النائب العام، من المهم جدا التأكيد على أن هذا الأمر لا يخص الحزب الوطنى وحده، بل يخص كل الأحزاب والقوى الوطنية المشاركة فى الانتخابات، التجمع والجيل والناصرى تضامنوا مع الحزب الوطنى فى بلاغه، وأعتقد أن ذلك سيغرى الوفد لكى يتضامن أيضا.
القضية ليست تأييد موقف الحزب الوطنى، فالقضية: هل نحن نحترم الدستور والقانون أم لا.. وهل هذا وضع قانونى أم غير قانونى؟ لقد نقلنا للهيئة المخول لها ذلك لحسم هذا الأمر والحيثيات من خلال الإنترنت ومواقع وتصريحات رسمية لبعض الناس.
■ إنهم يتهمون الحزب الوطنى بأنه «فاقد الشرعية».
- أنا رددت على ذلك وقلت إنهم آخر من يتكلم عن الشرعية، لأنهم يمارسون العمل السياسى «اغتصابا».
وأنا أذكر أن مهدى عاكف قال مرة: لنتقدم بطلب حزب سياسى للجنة الأحزاب، نحن لنا شرعية الشارع. وهذا يعنى شرعية الفوضى، شرعية فرض الأمر الواقع، فكلمة الشارع عندما تقال، المفروض أن ترتبط بأننا فى دولة لها قانون ودستور.
■ هل تتوقع أن يكون هناك عنف فى الانتخابات، مثلما كان فى الأيام الماضية؟
- هناك من يتمنى ذلك، وربما هناك من سيعمل على افتعال أزمات، مثلما حدث فى بعض المحافظات مؤخرا.
وفى اعتقادى، الشرطة قادرة على الحفاظ على الأمن والنظام ومنع حدوث تجاوزات من أى طرف، فهى قادرة على وضع أى إنسان فى حجمه الحقيقى، وهى تبدو ساعات «بين هلالين» ولا تحسم مبكرا، وذلك لأنها لا تريد إراقة الدماء، مثلما حدث فى أحداث كنيسة العمرانية. الشرطة آخر ما تريده هو مواجهة بينها وبين أى مواطن مصرى.
■ البعض اتهم مرشحى الحزب الوطنى بالبلطجة فى بعض الدوائر؟
- القانون هو الحكم والفيصل.
■ هل أصدرتم تعليمات معينة لمرشحين فى هذا الشأن؟
- فى آخر اجتماع أصدرنا توجيهات لمرشحى الوطنى بعدم الاستجابة لاستفزازات البعض أو ممارسة أى نوع من الأنشطة المخالفة للقانون، حتى فى مجال منافسة الآخرين.
■ هناك إنفاق زائد على الحد الذى حددته اللجنة العليا للانتخابات بـ200 ألف جنيه.. ألا تلاحظ ذلك؟
- نريد أن نضع ذلك فى سياق أكبر. الديمقراطية عملية تطور وتعلم، وحمايتها بسياج من القانون أيضا عملية تطور، وتذكر أن اللجنة العليا وضعت هذا العام حدا أقصى للإنفاق، لكن ليست لديها الآلية ولا الأجهزة ولا التكنيك للمتابعة والتنفيذ.
■ البعض يقول أيضا إنكم دفعتم بالوزراء أمام مرشحى الإخوان لضمان المقاعد؟
- كلام مرسل، وإن كانت هناك إمكانية الانطباق فى حالة واحدة هى حالة الوزير عبدالسلام المحجوب، لا فى حالات نصر علام أو فايزة أبوالنجا أو مفيد شهاب.
وحالة مدينة نصر، كان هناك مرشح الحزب المرحوم مصطفى السلاب، ولم يكن هناك تفكير من قريب أو بعيد لتغييره، ولكن عندما حدثت الوفاة فى اللحظات الأخيرة كان لابد من الدفع بمرشح قوى.
■ وجود 9 وزراء مرشحين للحزب الوطنى، هذه سابقة تحدث لأول مرة.. والبعض يقول إن الحكومة على هذا النحو «فى إجازة لحد ما تنتهى الانتخابات»؟
- هذه عبارات ساخرة لا تعبر عن الواقع، فيمكن أن نرى.. هل تأثر اجتماع مجلس الوزراء بذلك وأداء الوزراء والأمر كله 10 أيام؟!
■ ظاهرة المرشحين المتعددين فى الدوائر.. البعض قال إن الحزب من الممكن أن يخسر بهذه الطريقة الجديدة التى اتبعها؟
- نترك هذا للتجربة، وهى طبعا مخاطرة محسوبة ونهج جديد لم يتبعه الحزب الوطنى بنفس الحجم من قبل، لأنه فى بعض الحالات فتح دوائر بالذات فى الانتخابات التكميلية، وهى ليست أول مرة، لكنها أول مرة بالنسبة لانتخابات عامة وبهذا العدد.
وأنا أتصور أن هذا يحسب للحزب وليس ضده، لأن هناك دوائر تقول المؤشرات بها لديك أول وأول مكرر، أحدهم نسبة تأييده 48 والثانى 45%، فماذا نفعل.. هل ينصب الحزب الوطنى نفسه وصيا على الناس ويختار هو ولا يعيد الكرة للشعب من أعضاء الحزب ومن غير أعضائه؟!
■ لكن فى بعض الدوائر طعن مرشحو الحزب ضد بعضهم البعض.
- وارد، ولكن انظر دائما إلى الأعداد، بعد ما أعلنت القوائم «فيه ناس زعلت وقالت هاستقبل»، ولكن انظر بعدها بأسبوع.. الصورة تغيرت، لأن الخلاف أو الغضب كان داخل أسرة واحدة، وأمناء الحزب فى المحافظات اجتمعوا مع المستبعدين وشرحوا لهم النتائج والأوضاع.
■ لكن ذلك من الممكن أن يؤدى إلى انقسام فى بعض الدوائر.
- لا، لأن التنظيم الحزبى يقف من كل مرشحيه على نفس المستوى والمسافة، ولا ميزة لأحد منهم على الآخر.
■ البرنامج الذى أعلن الحزب الوطنى عنه لاقى انتقادات عديدة، والناس قالت إنه أيضا «كلام فى كلام».
- أنا مندهش، كنت أتمنى أن يكون الانتقاد أقوى من ذلك، لأنه - بلا غرور - برنامج الحزب الوطنى ربما هو البرنامج الوحيد الذى به التزمات محددة رقميا. يعنى حزب يقول: أنا فى الـ5 سنوات المقبلة سأخفض نسبة الفقر فى مصر 50%، وسأزيد الاستثمار كذا مليار وكذا فرصة عمل، وهو الحزب الوحيد الذى طرح تعهدات واضحة بالأرقام، بل امتلك جرأة أنه يضع هدف خفض الزيادة السكانية بالأرقام. ليس ذلك فقط، وإنما شرح الموارد المالية التى حددها الحزب لتنفيذ هذه التعهدات.
أنا أتصور أن البرنامج «نموذج للجدية»، وأنتهز الفرصة لكى أتكلم عن البرنامج بطريقة مختلفة.
البرنامج يتحدث عن 3 أشياء: الأول: استمرار عملية التغيير الاقتصادى والسياسى والاجتماعى التى بدأها الحزب وحكومته فى كل المجالات، وهو التغيير الذى يهدف فى مجمله إلى الارتقاء بجودة حياة المصريين فى مأكلهم ومشربهم ومسكنهم ومرافقهم وتعليمهم.
والثانى: التحرر من الخوف، فعندما تتأمل بعض عناصر البرنامج تجده يهدف إلى أن يحيا الناس حياة آمنة، والتحرر من الخوف، بمعنى التأمين الصحى لكل الناس، والفقير الذى لا يستطيع أن يدفع قيمة التأمين ندفع له، وأن يكون هناك معاش لمن لا معاش له، مثل عمال التراحيل واليومية.
برنامج يتحدث عن رفع المعاشات تدريجيا، ورفع نسبة المستفيدين من الضمان الاجتماعى.
والثالث: الاطمئنان على المستقبل، فالحزب لا يزرع الخوف فى قلوب الناس ولا يروع المواطنين.
البرنامج يختلف فى أنه ليس مجموعة شعارات ولا عبارات أيديولوجية، إنما 75 تعهدا فى جميع جوانب الحياة مع الإشارة إلى كيفية تمويل هذه التعهدات.
■ وما رأيك فى التوقعات التى تدور حول الانتخابات؟
- من يقول إن الوطنى «هياخد كذا والتجمع هياخد كذا»، وينجح فى توقعه سيعود ويقول: «شفتوا الانتخابات مزورة».
هذه الأفكار التى تسعى لتشويه نتيجة الانتخابات مقدما من خلال طرح توقعات قد تكون قريبة من الحقيقة، ويأخذون هذا كدليل على أن الانتخابات مزورة، وهذا الكلام لابد أن نتمعن فيه ونفنده، فإن من الطبيعى أن يحصل الحزب الوطنى على عدد أكبر من الأصوات، لأنه الحزب الذى يخوض الانتخابات فى أكبر عدد من المقاعد، فإذا فاز الحزب الوطنى بالثلثين، لن يكون هذا مستغربا، لأنه فى سنة 2005 فاز بهذه النسبة من خلال مرشحيه ومن خلال مرشحيه المستقلين الذين انضموا له.
إذن أن يحصل الحزب الوطنى على أغلبية الثلثين ليس أمرا مثيرا للدهشة، لأنه حققه أكثر من مرة من قبل، وأى أحد يفهم وينظر إلى قائمة الحزب الوطنى وثقلها الانتخابى الشخصى، ويقارن هذا بالثقل الشخصى لمرشحى الأحزاب الأخرى، فإذا حصل الحزب الوطنى نهاية الأمر على الأغلبية تكون الأمور طبيعية ولا تحتاج إلى تزوير.
أيضا ستجد إسرافاً من بعض الأصوات فى تلك المسألة رغم نفى الحزب الوطنى والأحزاب الأخرى وجود أى صفقات وتوزيع المقاعد. لماذا هذا الإصرار على إهانة كل الأحزاب المصرية، فإذا فاز التجمع أو الناصرى أو الوفد، لن يعتبروا ذلك تعبيراً عن قوة الأحزاب ومرشحيها، وإنما سيعتبرونه «صفقة انتخابية فاسدة».
وهذه الأصوات هى نفس الأصوات التى دعت إلى مقاطعة الانتخابات، ودعت الأحزاب إلى هجر العملية السياسية عندما لم تستجب الأحزاب المصرية لهذه الدعوة ودخلت الحلبة السياسية والتزمت بالشرعية والقانون.
لقد أصبح الخط الثانى من الهجوم «نعم أنتم دخلتم الانتخابات لأن هناك صفقة»، فعندما تنظر ملياً إلى الأصوات التى تردد هذا الكلام، ستجد أنها ليست أصوات أحزاب – حزب واحد الذى قاطع - وإنما لقوى ليس لها عضو واحد فى البرلمان، أى أنها تقاطع ما لم تنجح فيه قط، أو تقاطع ما لا قبل لها بالمنافسة فيه.
■ وما مصلحتهم فى ذلك؟
- المعنى، أن الموضوع تختلط فيه المأساة بالملهاة، أحزاب جادة لها قوة حقيقية على الأرض ولها دور، بينما هناك أصوات وقوى عندما نتأمل المظاهرات والمسيرات فى الشارع، تجد أن الشىء الوحيد الذى «تنفذ به» أن مرشحى التنظيم غير القانونى هو الصدام العنيف والمواجهة بالقوة، ومحاولات استعراض القوة، والإنسان يسأل: هل هذا سلوك أطراف تسعى إلى المنافسة، وكسب محبة وتأييد المواطنين وكسب مقاعد، أم أن الهدف استعراض القوة وتخويف المواطنين، بحيث لا يقبلون على الانتخابات، ثم يأتون ليقولوا «المخ نقل لكم أن هذه الانتخابات غير جادة، وأن الشعب سوف يقاطع الانتخابات».
أنا كمواطن مصرى قبل أن أكون قيادة فى أحد الأحزاب ثقتى كبيرة جداً فى أن المواطن المصرى سيخرج وسيشارك فى الانتخابات، صحيح ستحدث بعض التجاوزات هنا وهناك وستحدث بعض المحاولات لإثارة الاضطرابات، لكن سيتم حصارها حتى لا تصبح السمة الغالبة فى الانتخابات.
■ بدأتم على الموقع الإلكترونى هجوما على حزب الوفد بأنه يستقطب أعضاء من الحزب الوطنى.. هل هذا تطور إيجابى فى أداء الحزب؟
- كل الأحزاب السياسية رفقاء فى نفس المركب، والنظام الديمقراطى يقوم على التعددية الحزبية، وهذا موضوع محسوم، والعلاقة بين الأحزاب السياسية علاقة تنافس وتعاون، وفى نفس الوقت هناك قضايا قومية، مثل قضية غزة.. كل الأحزاب السياسية اتخدت الموقف نفسه فى الدفاع عن أمن مصر، باستثناء قوى غير حزبية، لكن هذا لا يمنع أن كل حزب له برنامجه، وأن تكون هناك علاقات تنافس فى عدد كبير من الأماكن.
«الوطنى» ينافس التجمع والوفد وغيرهما، حتى فى هجومنا على «الوفد» لم نكن نحن البادئين، وحتى الآن لم يصدر أى تصريح رسمى من قيادات الوطنى ضد قيادات الوفد، وجريدة الوفد لها منذ حوالى الشهر كانت تكتب «من أجلك أنت» – الذى هو شعار «الوطنى» - لا تنتخب مرشح الوطنى، فعلوا ذلك حتى قبل بدء الحملة الدعائية، وبعد ذلك ربما تنبهوا ووضعوا «آن الأوان» كأحد الشعارات السياسية لحزب الوفد.
■ الدكتور السيد البدوى فى حواره مع «المصرى اليوم» قال إن «اللى بيته من قزاز ما يحدفش الناس بالطوب»؟
- هناك فرق كبير جدا، وأتحدى أن يكون هناك مستقل انضم للحزب الوطنى لم يكن عضوا به لسنوات طويلة، لم يحدث قط أن ضم الحزب الوطنى إلى صفوفه ناجح فى الانتخابات لم يكن عضوا فيه.
أنا لا أريد أن أهاجم «الوفد» كثيرا، ولكن إذا الحزب الوطنى - عبر تاريخه - وفى 2010 لم يرشح أحدا لم يكن عضوا به لسنوات طويلة، وعندما كان يضم مستقلين كانوا أعضاء فى الحزب، وبعضهم كانوا قيادات تنظيمية.
■ البعض يرجع رفض الحزب الوطنى وجود رقابة دولية إلى أنه سيزور الانتخابات و«مش عايز حد يشوفها»؟
- وهل هو السبب نفسه لرفض حزب الوفد وحزب التجمع لهذا الأمر، وما هو سبب أن هناك 15 حزبا مصريا فى 2005 وقعت على وثيقة ترفض الرقابة الدولية، وهذه الرقابة بها نوع من «الوصاية»، وكأنهم يعرفون مصالحنا أكثر منا.
■ البعض يقول إن قيادات «الوطنى» تذهب لمراقبة الانتخابات فى الدول الأجنبية؟
- هذه دعوات شخصية، وحرية شخصية، ولا تمثل «موقفاً رسمياً».