x

«فاطمة».. «ريفية» ضاع حلمها وباعت مصنعها بسبب «ارتداء البنطلون»

الثلاثاء 05-03-2013 22:52 | كتب: أحمد الفخراني |
تصوير : اخبار

بغرفة واحدة، وعاملة أميّة لم تتخط 14 عامًا، بدأت فاطمة رزق، مشروعها في قرية كفر المحمودية، مركز ههيا، محافظة الشرقية، الذى أصبح خلال 4 سنوات مصنعًا من 4 أدوار يضم 65 عاملة، تم محو أمية أغلبهن، وتحسنت ظروفهن المعيشية والاجتماعية.

لم تكن فاطمة رزق تعلم أنها بعد 17 عاماً من تخرجها في كلية التجارة جامعة الزقازيق، أنها ستواجه معركة من أجل تنمية القرية ستخسرها باسم الدين لأنها «ترتدى بنطلونا».

أم فاطمة غير المتعلمة، بقرية المحمودية، تعى درسا واحدا في حياته: التعليم هو طوق النجاة الوحيد لأبنائها (3 أولاد، وثلاث بنات) من تعرضهم للإذلال والظلم الذى رأته في حياتها.

في 2007، واضعة نموذج أمها، أمامها، بدأت فاطمة مشروعها في القرية الذى يعتمد على فكرة واضحة: في وسط الفقر والجهل، لن تقبل بنات القرية وسيداتها التعليم، الا إذا أحسسن انه مرتبط بزيادة أجورهن.

سبق المشروع عامان من التخطيط و8 سنوات من العمل، خرجت فيهن فاطمة إلى القاهرة، بمنطق خروج رفاعة الطهطاوى إلى أوروبا: المعرفة، والعودة بعلم يبدأ تحديث القرية.

تدربت في القاهرة على أيدى أمهر عمال صناعة الجلد الطبيعى، قبل أن تدرس السوق وفرص النجاح فيها وعوائق الصناعة، لمدة عامين كاملين، قبل أن تعود إلى قرية المحمودية، بههيا محافظة الشرقية، لتؤجر غرفة، وتستعين بأختيها منى وزينب، بالإضافة إلى شيماء من بنات القرية، 14 عاما، أمية، والدها ترك القرية بعد زواجه بغير أمها، وتعانى من فقر مدقع، كشأن غيرها في القرية، لم يتبق لعائلتها بعد تفتيت الأرض وفقا للميراث سوى قيراط واحد من الأرض.

كان دور زينب وفقا لمشروع فاطمة أن تكون عنصرا اجتماعيا فعالا قادر على جذب سيدات القرية، والإحاطة بمشكلاتهن، بينما كان دور منى هو الإشراف على التدريب المهنى.

كانت النتيجة الأولى: شيماء التي تخلصت من أميتها، مقابل 1% حافزاً شهرياً على كل خطوة تخطوها، نحو التعليم، وبعد أن وصل عدد العاملات في مشروع فاطمة 10عاملات، كان راتب شيماء قد ارتفع إلى 700 جنيه، وسيزيد لاحقا إلى 3 آلاف جنيه، في 2008، بدأ المشروع في الاتضاح، بعد أن وصل عدد عماله إلى 25 فتاة: برامج محو أمية ترتبط ارتباطاً مباشراً بالأجور، ندوات تثقيفية لطرح مشاكل سيدات القرية، رحلات شهرية إلى أماكن كقناة السويس، الأهرامات، أحد الندوات كان يتحدث عن ارتباظ مظهر المرأة الجيد بثقتها في نفسها، وهو ما انعكس تلقائيا على مظهر السيدات في القرية، لكن ظهرت المشكلة الأولى عندما قالت فاطمة (المحجبة) وزينب (التي تحفظ 3 آلاف حديث صحيح) أن النقاب ليس فرضا.

أصبحت قبلة لسيدات القرية، ومركزا للشكاوى الاجتماعية والاستشارات التي تقدم دعماً قانونياً في أوقات كثيرة.

«شعورهن بآدميتهن، وارتفاع مستوى تعليمهن، وثقتهن أنفسهن، - أمور جعلتهن على وعى أكبر بحقوقهن المهدورة، سواء على أيدى الأزواج أو الآباء»، تستكمل فاطمة: «بعضهن أصبح يستطيع تحدى رغبات الأهل في تزويجهن مبكرا أو رغما عن إراداتهن لاستكمال تعليمهن».

لم يكن النقاب هو بداية المعركة في القرية، بل أيضا عدم احتياج السيدات اللائى ترواحت رواتبهن من 700 إلى 3000 جنيه وأهاليهن ، إلى الصدقة اللاتى كن يتلقينها من الجمعيات الخيرية المنتمية إلى التيار الإسلامى، والتي أدت بالضرورة وفقا لفاطمة «من تحرر يجعلهن أكثر قدرة على التصويت دون ضغط في الانتخابات» وإلى سحب جزء من هيمنة «اقتصاد الصدقة، الذى يرى أن من مصلحته أن يظل الفقير فقيراً، تقول فاطمة: «بدأت الحرب، بشكاوى في الدفاع المدنى والتأمينات، لغلق المصنع بالأيام دون تحقيق»، كانت الشكاوى من التيار الإسلامى، كنت أفاجأ بأسماء جيرانى في الشكاوى، وعندما أسألهم لماذا، يردون أنهم لا يعرفون شيئا عن الشكوى لكن جاءنا أحد ممثلى تلك الجمعيات وجماعة الإخوان، وطلب أرقام بطاقاتنا، للحصول على عمل».

بدأ ترويع العاملات معنا بشكل غير مباشر - تقول فاطمة - من التلويح بحرمان أقربائهن من تلقى الصدقات، وحديث شيوخ المساجد مع الآباء يروجون أنها تسعى لأن تخلع بناتهن الحجاب.

الأرض كانت معركة مصير لمن رأوا في فاطمة «الست اللى جاية رايحة ببنطلون، كما كانوا يسمونها» - عدوا، الرسالة التي جاءتها واضحة: «أى أرض هتحطى فيها رجلك، هنبنى عليها مساجد، ونقف بالسلاح».

وهى الرسالة التي عكسها رد المحافظ، في: «الجمعية الشرعية جونى هنا، ومش عايزين مشاكل في المحافظة، لا إنتى ولا أنا قدهم، ولو ما قدروش عليك في المصنع، هيقدروا عليك في سمعتك»، ولم يعطها الأرض، التي بنى عليها مسجد وجمعية لتحفيظ القرآن، رغم أن الجماعة لديها 3 مبان مرخصة في قرية كفر المحمودية.

في 2010، أثناء انتخابات مجلس الشعب حضرت إليها 1000 سيدة بألف بطاقة للترشح للانتخابات «رأين فيها أملا ما».

لكن في منتصف 2010، بدأت فاطمة في رفع الراية البيضاء، بعد أن تسبب إغلاق المصنع نتيجة الشكاوى المتلاحقة، إلى خسائر بالجملة، كما تصاعدت حملات نبذها وعائلتها وتهديداتهم، وعندما قررت بيعه لتقليل الخسائر، لم يملك أحد شرائه، سوى من تيار الإخوان، أو الجمعية الدينية، وعرضوا أسعارا تصل إلى ثلث قيمته ، رفضت في البداية، لكنها اضطرت لبيعه في النهاية، لهم في النهاية «بثمن بخس»، ليحولوه إلى جمعية أهلية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية