قال المخرج محمد فاضل إن خيرت الشاطر، النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، هو الرجل الأول في مصر، وأن الرئيس محمد مرسي هو «رئيس تجريبي للبلاد»، وأكد «فاضل» في حوار لـ«المصري اليوم» أن «نعش الإخوان جاهز، والشعب لن يعود للجحور».
وتوجه «فاضل» برسالة إلى الإخوان المسلمين، قائلاً: «إنكم لستم بهذا الذكاء، ولا تمتلكون قوانين اللعبة السياسية، وإقرأوا كتاب لعبة الأمم، فستدركون أنكم شخشيخة في أيادي الأمريكان».. وإلى نص الحوار:
■ بداية.. ما تقييمك للوضع الراهن بعد مرور عدة أشهر على تولي مرسي الحكم؟
- مصر في طريقها إلى المجهول، والوضع الاقتصادي والسياسي والأمني سيئ للغاية، والاحتياطي النقدي يتآكل و«عايشين على التسول»، فهذا هو عصر الأزمات، وفي رأيي أن الأزمة لم تبدأ مع حكم مرسي لكن البداية كانت في 11 فبراير2011 بالصفقة التي عُقدت بين «أمريكا والمجلس العسكري»، وأنا هنا لا أشير إلى الجيش المصري النزيه بل لأعضاء هذا المجلس فقط الذين قرروا تجنب أي مصادمات مع الشعب، ولم يطمعوا في السلطة، وكل ما شغل تفكيرهم هو الخروج من هذه الفترة الانتقالية دون مساءلة.
إنظر إلى ليبيا تجد أن اللعبة فيها كانت مختلفة لأن الجيش الليبي لم يكن مع أمريكا، لكن في مصرالقيادة العسكرية لها علاقات وطيدة بالأمريكان، وتتمثل في المعونات والبعثات التدريبية وغيرها، وهذا لا يعني وجود نوع من الخيانة إطلاقاً بل نوع من التعاون ليس أكثر.
■ ولماذا وقع الاختيار على الرئيس محمد مرسي لتولي المسؤولية؟
- لأنه طيب ووديع، ودائما في الحركات السرية يتم التخطيط في الظلام ومن يظهر للناس يكون «شخص بروفة»، يتلقى الصدمات الأولى ولا يكون الرجل الأول على الإطلاق، فمثلاً عندما قامت ثورة 23 يوليو، مع الفارق في التشبيه، كان من في المقدمة محمد نجيب لكن القائد الفعلي كان جمال عبدالناصر، وخلال أيام اقتربت جداً سيظهر الشخص المُحرك والقائد الحقيقى، والبعض يقول إن رجل المرحلة هو خيرت الشاطر، وآخرون يؤكدون أنه محمود عزت.
■ كيف ترى تصاعد أحداث العنف والتحرش في الشارع، ومن المسؤول عنها؟
- التحرش خطة ممنهجة رخيصة، وأيادي الإخوان ملوثة بها بهدف ردع النساء ومنعهن من التظاهر، وبالنسبة لأعمال القتل والعنف فهذه الميليشيات معروفة ومدربة، وطبعاً أمريكا كان صعباً عليها أن ترسل المارينز الأمريكي لأنه من السهل كشفهم، فقاموا بإرسال عدد من «المرتزقة المحترفين من حركة حماس، الذين باعوا القضية ويتم تمويلهم من جهات عربية»، وباختصار ما يحدث هو «شغل عصابات وإرهاب»، وأؤكد بإحساسي أن عمليات العنف التي نراها وتمثيليات إلقاء الموتولوف عند قصر الاتحادية لا يقوم بها الثوار، وأعمال القتل بالتحديد لا تقوم بها وزارة الداخلية، ولا يوجد طرف ثالث كما يعتقد البعض، لأن هذه الجماعات هي الطرف الأول الذي تم استقدامه إلى مصر لاستمرار حالة الفوضى.
وأؤكد أن عمليات القتل بداية من موقعة الجمل وصولاً إلى من قُتل اليوم، تم من خلال الميليشيات وهي ليست ميليشيات الإخوان بالمناسبة، فأنا لا أعتقد أن ميليشيات الإخوان على هذه الدرجة من الكفاءة لتصيب العيون والمخ ومناطق مميتة في الجسد.
■ من المسؤول عن غياب دولة القانون في رأيك؟ وما الهدف من استمرار سيناريو الفوضى؟
- انهيار دولة القانون تسبب فيه مرسي بالإعلان الدستورى «المسلوق»، وأتساءل: لماذا يتم إصدار إعلان دستوري في الساعات الأولى من الصباح.. ما معنى ذلك؟ والإجابة أنه كان في انتظار التعليمات فلا يوجد منهج ولا دراسة ولا احترام للقانون، خاصة بعد أن وافقت على أن تحاصر المحكمة الدستورية، ويؤسفني أن أقول إننا أصبحنا دولة تدار من الخارج، فنحن في مرحلة الاستعمار عن بعد، وأن تظل مصر في حالة عدم استقرار وعدم تحقيق الثورة لأهدافها، لذلك أقول إن المصريين كلهم خُدعوا لأنهم طيبون، ويجب الاعتراف بالخطأ لأنه أول خطوة نحو تصحيحه.
■ هل مصر في الطريق إلى أخونتها بالكامل؟ وهل سيؤثر أداء الرئيس مرسي على نتيجة الانتخابات البرلمانية المقبلة؟
- مشروع «الأخونة» مُسيطر على تفكير الجماعة، وهم يعملون الآن على تغيير المفاصل الرئيسية للدولة استعدادا للانتخابات، لأنهم إذا تركوا الأمور لصندوق «الزيت والسكر» فلن يحصدوا الأغلبية بعد تراجع وجودهم في الشارع وكره الكثيرين لهم، فقالوا إن قانون الانتخابات سيصدر بعد 60 يوماً من الانتخابات، وفات الـ60 يوما دون أي جديد، والآن يقومون باقتحام المحليات لضمان السيطرة على الصناديق، ويتبعون منهج التزوير بجميع أشكاله، وهناك مؤامرة سيتم تدبيرها خلال أيام للقضاة ليقعوا في نفس «الكمين» الذي دخلوه في الانتخابات الرئاسية ليضمنوا عدم إشرافهم، وأقول للإخوان: «إنكم لستم بهذا الذكاء ولا تمتلكون قوانين اللعبة السياسية واقرأوا كتاب لعبة الأمم، فستدركون أنكم شخشيخة في أيادي الأمريكان»، وبالنسبة للرئيس محمد مرسي، فإنه نجح بأفضلية 1% فقط عن منافسه، ونصف الشعب لم يؤيده في الانتخابات، والإخوان لن يتمكنوا من حصد الأغلبية في مجلس الشعب إلا بالتزوير، وشعبية الإخوان في الشارع تراجعت نتيجة عدم الثقة، والفجوة اتسعت بينهم وبين الشعب.
■ ما رأيك في الدور السياسي الذي يلعبه محمد بديع، مرشد الإخوان؟
- تقصد من يفرض السمع والطاعة ويقبلون يديه يوميا.. أقول له: «مسألة البيعة تلغي عقول الشباب وتخلق جيلاً بلا رأي أو إرادة حرة، ولهذا السبب لا نجد مبدعين إخواناً لا في الفن ولا العلم ولا الأدب»، وأسأله: «لماذا يقبّلون يدك بهذا الشكل، ونحن لا نقبّل يد شيخ الأزهر، على سبيل المثال، رغم مكانته الدينية الحقيقية»؟
وأحذر من منهج «بديع» وفكره في تحريك الشباب واستغلال اسم الدين في السياسة، لأن هذا عواقبه وخيمة، وأنصحه بقولي: «فوق يا بديع، مصر دخلت الفخ وتدبر لها المكائد ويستخدمونك لتنفيذها».
■ ما تقييمك لأداء حكومة قنديل وإصرار الرئيس مرسي على استمرارها رغم كل الضغوط لإقالتها؟
- تقييمي لها «صفر»، فهي حكومة ليس لها أي دور، إيجابياً كان أو سلبياً، مفيش غير كلام بدون دراسة، والخبرات ومعايير اختيار الكفاءات معدومة، وقد جاء اليوم الذي نرى فيه رئيس وزراء لا يفقه أي شىء إلا في الري، وأؤكد أن هناك ضرورة ملحة لتكوين حكومة إنقاذ وطني تجمع الكفاءات، بشخصيات مستقلة لا معارضين ولا إخوان، تكون مهمتهم الخروج من الأزمة.
■ هل هناك مخطط للوقيعة بين الشعب والشرطة؟ وكيف ترى وضع مصر عربياً وعالمياً؟
- أنا متأكد من هذا، وسياسة «فرق تسد» هي المتبعة الآن، والطرف الخارجي يحاول دائما الوقيعة بين الشعب والشرطة بمساعدة الإخوان المسلمين، وعندما رفض أحمد جمال الدين، وزير الداخلية السابق، أن يُعاد استغلال الداخلية وتلويثها في أمور هي بريئة منها، أقالوه، وجاءوا بغيره ينتمي لهم ليسمح بتمرير سياستهم ودخول عناصر خارجية في الأمر، ليستخدموا مدرعات الداخلية في دهس المواطنين، وقناصة على مستوى عال ليتخلصوا من شخصيات سياسية تمثل لهم عائقاً، وبهذا يتم «ضرب عصفورين بحجر واحد».. التخلص من أشخاص ضمن قائمة اغتيالاتهم، وتشويه صورة الشرطة أمام الشعب وهو أسلوب قذر رخيص ونهايته اقتربت.
أما وضع مصر، فأصبح الوضع مخجلاً، وأصبحنا بلداً ضعيفا، ويكفي طلبنا المستمر للتبرعات والمعونات، ما جعلنا مداساً، وإذا قمنا بتحليل نموذج زيارة مرسي الأخيرة إلى ألمانيا، فسنجدها في منتهى الفشل على جميع المستويات، وللأسف مصر تعيش مرحلة صعبة وصورتها باتت باهتة ،وفقدت دورها الريادي على المستوى العربي.
■ البعض يطالب بانتخابات رئاسية جديدة.. هل أنت مع أم ضد هذا الرأى؟
- لا أؤيد هذا الرأي، لكن ما أطلبه هو تشكيل حكومة إنقاذ.. حكومة ائتلافية قادرة على لملمة وتعديل الأمور، وليست حكومة ملاكي لضمان المصالح، بل حكومة مستقلة تدير الانتخابات البرلمانية وتضمن نزاهتها، وبعد ذلك تأتي الانتخابات الرئاسية الحقيقية برئيس مصري يخشى على مصر وشعبها وأرضها وسمعتها.
■ ما تقييمك للدور الذي تلعبه المعارضة وجبهة الإنقاذ الوطني؟
- الشىء الإيجابي لأعضاء جبهة الإنقاذ هو توحدهم في المطالب ووقوفهم على قلب رجل واحد، وعلى الرغم من عدم وجود ثمار لهذا التوحد حتى الآن إلا أنه لا يكفى، وأؤيدهم في رفضهم الحوار مع الرئاسة لأنه حوار شكلي بهدف التقاط الصور وتوزيعها على العالم في أسلوب صهيوني معروف يحاولون من خلاله أن يؤكدوا للعالم أن مرسي يحتوي المعارضة ولا يرفض الحوار، لكن الحقيقة أنه حوار باهت يخرج دائماً بلا أي نتائج، «فالكلام يُسمع من أذن ويخرج من الأخرى».