قال القيادي اليساري كمال خليل، مؤسس حزب العمال والفلاحين، إن فعاليات إحياء الذكرى الثانية للثورة التي بدأت في 25 يناير الماضي نجحت بسلميتها في أن تضع حبل المشنقة حول رقبة نظام مرسي، لأنه أصبح هناك جرائم قتل نستطيع محاسبتهم من خلالها، مشيرًا إلى أن العصيان المدني هو الهدف الأول والأخير من أجل انتزاع مطالب وأهداف الثورة، وهو نضال يؤدي إلى إخضاع النظام لرغبات المصريين، وأنه يمثل أملًا كبيرًا للثوار في انتصار الثورة. وإلى نص الحوار..
■ ما تقييمك لفعاليات الذكرى الثانية للثورة التى بدأت فى 25 يناير الماضى والمستمرة حتى الآن؟
ــ من يوم 25 يناير 2013 هناك فعاليات مستمرة للثورة، أدت إلى نتائج لا يمكن إنكارها، ومنها حالة الزخم الثورى الموجودة الآن والتظاهرات المستمرة، ونتج عنها أن هناك 3 مدن هى السويس وبورسعيد والإسماعيلية خاضت مواجهة مازالت مستمرة حتى الآن، ضد جماعة الإخوان المسلمين والسلطة الحاكمة بتحد شديد، وهناك 3 محافظات جديدة على الأقل حتى الآن حرقت الأرض من تحت أقدام جماعة الإخوان المسلمين، ومازالت التظاهرات مستمرة، وهذا التطور بدأ بنزول ميليشيات جماعة الإخوان المسلمين أمام قصر الاتحادية. فالفعاليات التى بدأت منذ 25 يناير الماضى نجحت بسلميتها فى أن تضع المشنقة حول النظام الحالى، بعد جرائم قتل للمتظاهرين التى نستطيع محاسبة مرسى على خلفيتها.
■ ما رأيك فى العصيان المدنى الذى تشهده مدن القناة حالياً؟
ــ العصيان المدنى والإضراب هو الهدف الأول والأخير من أجل انتزاع مطالب وأهداف الثورة، وهو نضال يؤدى إلى إخضاع النظام لرغبات المصريين، ويمثل أملاً كبيرا للثوار فى انتصار الثورة وسنبذل أقصى ما فى جهدنا من أجل مواصلة ذلك النضال وانتقاله لبقية محافظات مصر لمواجهة سلطة جماعة الإخوان، فالنظام الذى لا يقدر حقوق العمال والفلاحين هو نظام لا يستحق أن يحكم مصر.
■ من المسؤول عن أحداث العنف الموجودة فى الشارع الآن؟
ــ كلمة عنف وحدها لا تعطى مدلولا صحيحا، فهناك نوعان من العنف: عنف تمارسه سلطات حاكمة غاشمة معها جيوشها وميليشياتها وهذا العنف مرفوض. وهناك عنف تمارسه الجماهير دفاعاً عن نفسها ضد البطش. والثورة ليست سلمية، ولكنها طرحت مفهوم العنف الدفاعى، فلو نظرنا إلى يوم 28 يناير 2011 فسنجد أن العنف كان يمارس من الطرفين بمعنى أن النظام استخدم قوات الأمن المركزى والغاز المسيل للدموع والخرطوش لقمع المتظاهرين السلميين، فاضطر المتظاهرون لمواجهة هذا العنف، والنظام هو الذى يتحمل مسؤولية العنف.
■ كيف ترى أداء جبهة الإنقاذ الوطنى على مستوى الواقع السياسى الحالى؟
ــ الجبهة وقعت فى عدة أخطاء أولها أنها ضمت عناصر من النظام القديم ليست على أرضية الثورة، مما دفع الكثير من الثوار إلى أن يحجموا عن التواجد فيها، أما الخطأ الثانى للجبهة فهو كونها متخلفة عن حركة الشارع، فمن يوم 19نوفمبر 2012 إلى 25 يناير 2013 الجماهير تهتف فى الشارع «الشعب يريد إسقاط النظام» وبرحيل الإخوان عن الحكم، والجبهة تركز فى الدستور والانتخابات، فسقف الجبهة سقف إصلاحى، والجماهير سقفها ثورى، وبذلك تخلفت عن الشارع، وكذلك لقاء قياداتها مع ماكين مندوب الإدارة الأمريكية بعد أن وصل الإخوان للحكم عن طريق الإدارة الأمريكية، وأخطأت أيضاً حين عقدت لقاء مع قطاع من السلفيين المعادين للثورة، ثم يأتى الخطأ الأكبر وهو توقيعها على وثيقة الأزهر لنبذ العنف ما رفع الغطاء السياسى عن الثوار، فالوثيقة لم تتحدث عن العنف الذى يمارس ضد المتظاهرين من قبل السلطة، وفى رأيى أن الجبهة مترددة، والقوى الثورية يجب أن تكون سابقة للجماهير بخطوة وليس العكس، كما يحدث الآن من موقف الجبهة من المشاركة فى الانتخابات البرلمانية.
■ ماذا عن تراجع شباب الثورة عن المشهد السياسى؟
ــ أى ثورة فى العالم تحدث فيها عملية تباديل وتوافيق، وهناك مجموعات تتراجع ومجموعات تتقدم، وهناك شباب جدد انضموا إلى الحركة الثورية من المناطق والأحياء الشعبية، ويتبنون مطلب إسقاط النظام، وهؤلاء سيكون لهم دور مؤثر فى الفترة المقبلة.
■ ما رأيك فى التنظيمات التى ظهرت مع حلول الذكرى الثانية للثورة كـ «البلاك بلوك»، وتعامل النظام معها؟
ــ فى بداية الأمر كنت أشك فى انتمائهم لجماعة الإخوان، ولكن اكتشفت فيما بعد أنهم من الثوار، والعنف الذى مارسته جماعة الإخوان المسلمين أمام الاتحادية هو الذى أدى لتكوين البلاك بلوك.
وأنا متفائل بظاهرة «البلاك بلوك»، لأنها فكرة أحدثت عملية ردع لعنف جماعة الإخوان، وأقول لهم لا تبدأوا بالعنف ولكن عليكم بالعنف الدفاعى فقط لفضح النظام أمام الشعب.
والدولة تريد أن تلفق لشباب الثورة تهم تشكيل تنظيمات إرهابية مسلحة، والنائب العام، لو كان صادقا، لأمر بفتح تحقيق فى أحداث الاتحادية، فلديه 60 بلاغا تتهم الإخوان بالاعتداء على المتظاهرين، ولديه أيضا قضية الحارس الشخصى لخيرت الشاطر التى تم إغلاقها، وأقول للشباب لا نحتاج إلى ميليشيات لمواجهة عنف الجماعة لأن الشعب هو الذى سيواجهها، وأذكرهم بأحداث القائد إبراهيم فى الإسكندرية حينما نزل أنصار حازم صلاح أبو إسماعيل بالأسلحة البيضاء فتصدى لهم الشعب السكندرى.
■ كيف ترى عودة الجيش للمشهد السياسى؟
ــ الأجهزة الأمنية (الداخلية والجيش) فى تقديرى سيحدث فيها انقسام، فالداخلية على سبيل المثال بها وزير جديد موالٍ للإخوان، ورئيس جهاز أمن الدولة موال أيضاً للإخوان، وبذلك أصبحت الداخلية فى قبضة الإخوان، ولذلك سيرفض عدد من الضباط والجنود مسلسل «أخونة الداخلية»، وهو ما يحدث الآن، وهذا هو تأثير الحركة الجماهيرية على الأجهزة الأمنية، والأمر نفسه يحدث داخل الجيش، ولكن المؤسسة العسكرية تلقت ضربة قوية على مدار السنتين الماضيتين، فالجيش له مهمة واحدة هى حماية الحدود، ولن تتدخل قيادة القوات المسلحة لإزاحة حكم الإخوان إلا إذا تلقت الضوء الأخضر من الإدارة الأمريكية، والثورة ترفض الفاشية الدينية والعسكرية، وأخشى من تجربة عمر البشير فى السودان.
■ ما هو مدى إمكانية التعايش بين تيار الإسلام السياسى والقوى المدنية بشكل عام؟
ــ هناك أجنحة من تيار الإسلام السياسى ممن يتبوأون مواقع القيادة كقيادات جماعة الإخوان. هؤلاء لا يمكن التعايش معهم، فنحن نريد بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة، وهم يريدون بناء دولة دينية أساسها الحكم الدينى مهما تشدق أحدهم بمدنية الدولة، وهذا جزء من الاتصالات بين جماعة الإخوان وإيران، فالإخوان يريدون معرفة تشكيل الحرس الثورى الإيرانى ليشكلوا مثله، ويناورون بين أمريكا وإيران، لكن هذا لا ينفى أن هناك مجموعات إسلامية يمكن التعايش معها، فنحن لا نريد إقصاء أو نفى تيار، ولكن نريد تيارات تتعايش فى دماء دولة واحدة، فشباب الإخوان المسلمين الآن يخرجون من عباءة الجماعة بعد أن كشفتها الأحداث، فهناك شاب ترك الجماعة، وتم الاعتداء عليه وإرهابه، ولديهم شباب جيدون ولكنهم يحتاجون للتوعية، ومن الممكن أن تخرج من بينهم تيارات تؤمن بالدولة المدنية.
■ هل مصر فى طريقها للفوضى وما الرسالة التى تحب أن توجهها لوزارة الداخلية؟
ــ لن نصل للفوضى لأن جميع القوى الآن تلعب على المكشوف، وهناك قوى ثورية على درجة ضعيفة فى التنظيم داخلها، ولكنها تحب البلد وتحرص على أمنه، والفوضى تأتى نتيجة الحرب الأهلية، ومصر لن يحدث فيها حرب أهلية ولكن هناك جماعة تواجه شعبا، والشعب سيكشف الجماعة ويسحقها، وأقول لكل الجنود والضباط الشرفاء: نريد تطهير الداخلية، نريد شرطة تخدم الشعب بجد ولا تعذبه وتقتله، وهناك شرفاء ليسوا قليلين داخل جهاز الشرطة، ولكنهم لا يتمتعون بمسؤوليات قيادية، أقول لهم: انحازوا للشعب.. قفوا ضد أخونة الشرطة وضد أى ميليشيات.
■ ما رؤيتك لتوحيد المعارضة؟
ــ هذه هى النقطة الأهم والمحورية، فيجب تنظيم صفوف الثوار، فالمجموعات الثورية كثيرة على مستوى المحافظات، ونبحث الآن تشكيل «جبهة الخلاص الثورى» وهى جبهة تسعى لتنظيم وتوحيد صفوف الثوار، فالثورة طبيعتها جماهيرية، لن يكون لها قيادة، ولكن القيادة الحقيقية هى توحيد القوى السياسية.