قالت وكالة «أسوشيتيد برس» الأمريكية إن الجيش المصري «القوي» أعطى إشارات تدل على «نفاد صبره» المتزايد من الرئيس الإسلامي محمد مرسي وجماعته، الإخوان المسلمين، مشيرة إلى أنه ينتقد بشكل غير مباشر سياساتهم، ويطلق تهديدات مقنعة بشأن استعادته السلطة مرة أخرى، بحسب الوكالة.
وأضافت أن التوتر يزيد من الشكوك حول احتمال تدخل الجيش مرة أخرى كما حدث في 2011، عندما جاء الجنرالات بدلا من الحاكم المستبد، مبارك، بعد أن أطاحت به تظاهرات شعبية مناهضة للنظام استمرت 18 يومًا.
وأكدت «أسوشيتيد برس» أن هذا التوتر يأتي في وقت يئس فيه كثير من المصريين بسبب الطريق السياسي المسدود، الذي وصلت إليه الأمور بين الرئيس مرسي والإخوان المسلمين من جهة، وبين المعارضة التي يغلب عليها العلمانيون والليبراليون من جهة أخرى، إذ تأتي هذه الحرب بين المعسكرين على حساب الاقتصاد المتردي والحالة الأمنية.
ونقلت عن ميشيل حنا، خبير مصر في «مؤسسة القرن» ومقرها نيويورك، قوله إن «الجيش لن يسمح في النهاية بأن يكون الاستقرار القومي أو امتيازاته المؤسسية ضحية تهديد انهيار النسيج الاجتماعي لمصر أو الحرب الأهلية».
وأضاف أن الجيش «ليس أيديولوجيا ولا يسعى لزعزعة استقرار الحكم المدني، لكنه أيضا ليس جيشًا يمكنه الجلوس بعيدًا بينما يصل البلد لقمة الغليان في مساره نحو الصراعات الأهلية».
وأشارت «أسوشيتيد برس» إلى أن الخلاف الأخير بدأ عندما انتشرت شائعات بشأن تخطيط مرسي لاستبدال وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي لإصراره على إخضاع الجيش للحكومة، التي يسيطر عليها الإخوان المسلمين، وقالت إنه ربما أثار السيسي غضب مرسي الشهر الماضي عندما أشار إلى استعداد الجيش للتدخل، وتحذيره من انهيار الدولة إذا لم يتم التوصل إلى حل للأزمة السياسية، وفي تصريح مثير، فبراير الجاري، نقل عن السيسي قوله إنه «لن يسمح أبدًا بأن تسيطر الإخوان المسلمين أو أي جماعة أخرى على الجيش»، مشددًا على الهوية القومية للجيش.
وأوضحت أن الشائعات حول إقالة السيسي تم اعتبارها بالون اختبار من الإخوان المسلمين لمعرفة رد فعل الجيش والرأي العام، ورغم أن الجيش لم يرد رسميًا، إلا أن التعليقات المنشورة دون ذكر أسماء لمصادر عسكرية هددت بأن أي محاولة للإطاحة بقادة الجيش ستكون «انتحارا للحكومة»، كما تحدثت عن وجود غضب كبير داخل القوات المسلحة.
ولفتت إلى أن الجيش أيضًا «أذل مرسي علنًا عندما رفض قادة الجيش فرض حظر التجول ليلا على مدن القناة الشهر الماضي، وفي تحد واضح للرئيس، أعلن قادة الجيش أنهم لن يستخدموا القوة ضد المدنيين في المدن الثلاث للقناة»، بينما تحدى المواطنون مرسي بوضوح عندما نظموا تظاهرات ليلية في ساعات الحظر التي فرضها عليهم ولعبوا كرة القدم في الشوارع.
وقالت إن تعليقات رئيس الأركان صدقي صبحي كانت قوية عندما قال إن الجيش لا يتدخل في شؤون البلاد، لكن في حال تم الاحتياج إليه سيكون في الشوارع في ثانية واحدة، وهي التصريحات التي قالها في الإمارات التي تتهم الإخوان المسلمين في مصر بالتدخل في شؤونها، واعتقلت مؤخرًا 11 من قادتها هناك بتهمة الانتماء لتنظيم سياسي.
وأوضحت أن مرسي وجماعته أوضحوا أنهم لا يريدون أن يلعب الجيش أي دور سياسي، لكن ذلك لم يمنع السيسي من أن يوجه الدعوة إلى المعارضة ومؤيدي مرسي الإسلاميين على الغداء بشكل غير رسمي لنزع فتيل الأزمة، بسبب الإعلانات الدستورية التي أصدرها مرسي في نوفمبر، ولكن تحت ضغط الجماعة سحب السيسي دعوته قبل ساعات من بدء اللقاء.
وقالت «أسوشيتيد برس» إن مرسي ومؤيديه الإسلاميين فوتوا فرصة كبيرة للسيطرة على سلطة الجيش، وهو ما كان سيعرضهم لمواجهة كبيرة مع الجنرالات، لكن الدستور الجديد الذي وضعه الإسلاميون رسخ استقلالية الجيش شبه الكاملة، وحافظ على مصالحه الاقتصادية بعيدًا عن أي رقابة، على العكس مما أراده معظم المشاركين في ثورة 2011.
ورأت أن المناخ السياسي المشحون والاقتصاد المنهار يمكن أن يجعلا سيطرة الجيش مرحب بها في بعض المناطق في مصر أو على الأقل شر لابد منه لإنقاذ البلاد، لكن من الممكن ألا يكون الجيش نفسه مستعدًا لأن يدخل نفسه مباشرة مرة أخرى في السياسة أو الحكم، فقد تلوثت هيبته كثيرًا، بسبب طريقة حكمه في الفترة التي أعقبت تنحي مبارك، والانتقادات التي وجهت له لارتكاب انتهاكات في حقوق الإنسان ومحاكمة أكثر من 12 ألف من المدنيين عسكريًا.
واختتمت بالقول إنه مع تاريخ كهذا، تظهر تساؤلات خطيرة بشأن ما إذا كان تدخل الجيش قادرًا حتى على حل أي من مشكلات مصر في وقت قصير بما يكفي لإرضاء شعب يغلي من الغضب، بسبب الفوضى والصعوبات التي واجهها في العامين الماضيين.