فرقت طلقات الرصاص الكثيف مجموعة الأصدقاء، اختبأ محمود خلف إحدى السيارات واختفى أصدقاؤه فى مدخل إحدى البنايات السكانية، هدأ صوت الرصاص لبرهة، حاول محمود اللحاق بأصدقائه فى الجهة المقابلة، ولكنه أصيب بطلق نارى.
يقول أحد أصدقائه: «كانت الدماء تسيل من فمه بغزارة حاولنا جره وكان إطلاق النار لايزال مستمراً علينا، فوجئ أصدقاؤه بإصابته وسقوطه، وفى محاولة لإنقاذه قاموا بجره ناحيتهم، ولكنه كان قد فارق الحياة.
اسمه بالكامل محمود نبيل محمد الشهير بـ(ميدا)، شاب عمره 26 عاماً، ترتيبه الثالث وسط خمسة أشقاء، توفى والده فقام بتحمل المسؤولية، تخرج فى معهد للحاسب الآلى، وأنهى خدمته العسكرية، وعمل فى مكتب توكيلات ملاحية.
على مدخل الشارع الذى يسكن به، بالقرب من قسم شرطة السويس، وضعت أسرته صورة ضخمة له، كتب عليها اسمه وشارة سوداء لتخليد ذكراه، جلس شقيقه الأكبر محمد وقد ارتسمت على وجهه علامات الحزن، يقول وقد سرح بعيداً: «قبل ما يموت قال نفسى أشوف أبويا وحشنى قوى». تمنى محمود أن يرى والده المتوفى، قبل استشهاده بأيام قليلة.
يكمل شقيقه وقد امتلأت عيناه بالدموع: «وضعته بيدى بجوار والدى»، يوم الحادث كان محمود فى طريقة لعمله فى المكتب الملاحى، حيث يعمل بالفترة المسائية، تقابل مع مجموعة من زملائه، وقرروا الاقتراب من مكان الأحداث المشتعلة، بالقرب من محافظة السويس.
أثناء سيرهم فى شارع الشهداء، فوجئوا بإطلاق نار كثيف فى اتجاههم، تمكن أصدقاؤه من الاختفاء داخل بناية سكانية، أما محمود فقد اختبأ خلف سيارة متوقفة، هدأ ضرب النار للحظات، بمجرد خروج محمود للحاق بزملائه، أصيب بطلق نارى وسقط قتيلاً وقد سالت الدماء من فمه.
حاول أصدقاؤه جره، فى محاولة لإنقاذه، فى ظل استمرار إطلاق النار، نجحوا فى جذبه ناحيتهم، قاموا بنقله إلى مستشفى السويس العام، ولكنه كان قد فارق الحياة، هرع أشقاؤه إليه، ينهى شقيقه محمد حديثه وقد قاربت أن تسقط دمعة من عينه، لولا كبرياء الرجال: «لما شفته فى المستشفى قلت أخويا راح».