x

العمرانية «ثكنة عسكرية» بعد الاشتباكات الدامية بين الأمن والأقباط

تصوير : أ.ف.ب

تحولت منطقة العمرانية بمحافظة الجيزة إلى ثكنة عسكرية، الأربعاء، بعدما شهدت أحداث شغب تفجرت فى ساعة مبكرة من الصباح، عقب وقوع اشتباكات بين قوات الأمن ومتظاهرين مسيحيين كانوا يحتجون على قرار محافظة الجيزة وقف بناء «مجمع خدمات» تابع للكنيسة بالمنطقة، مما أسفر عن مقتل شاب وإصابة 55 بينهم 14 من قوات الشرطة.

وفرضت قوات أمن الجيزة كردوناً أمنياً حول المنطقة والكنيسة محل النزاع، استعانت فيه بقوات أمن من محافظات 6 أكتوبر، وحلوان، والقاهرة، ومنعت دخول أو خروج أهالي المنطقة حتى إشعار آخر، فيما تجمع عشرات الأقباط في كنيسة ماري مينا القريبة، لرصد أسماء المصابين والمتحفظ عليهم في الاشتباكات، واستجوبت نيابة الجيزة المصابين في مستشفى أم المصريين، وأمرت بالتحفظ عليهم.

وأسفرت الأحداث حسب مصادر، وشهود عيان، عن مصرع شاب يدعى «مكاريوس جاد» (19 عاماً)، ومن بين المصابين اللواء ماهر محمود، مدير الإدارة العامة للأمن المركزي بالجيزة، وتم نقل المصابين والضحية إلى مستشفيات أم المصريين، وبولاق الدكرور، ومستشفيات أخرى قريبة، وألقت أجهزة الأمن بالجيزة القبض على 156 من المتجمهرين بينهم 24 مصاباً تم التحفظ عليهم بالمستشفيات المختلفة.

 

بدايات الأزمة وتفاصيلها

اشتعلت الأزمة قبل يومين، عقب استئناف بناء مجمع خدمات تابع لمطرانية الجيزة، يقول الحي إنه تم تحويله إلى كنيسة بالمخالفة للترخيص، وهو مادعاه لإصدار قرار بوقف البناء لكن الأقباط استأنفوا البناء ليلاً، واعتدوا على عميد شرطة وحطموا سيارته وأصابوه بإصابات عديدة أثناء مروره على الموقع ظناً منهم أنه قادم لوقف البناء.

عقب ذلك أرسلت مديرية أمن الجيزة نحو 50 سيارة أمن مركزي لتطويق المكان كاملاً وإخراج الأقباط المعتصمين بالمبنى وإزالة أخشاب البناء الموجودة بالدور الخامس، وأوقفوا البناء المخالف، وفى السابعة صباح الأربعاء، توجه قرابة 500 شاب مسيحي إلى مبنى محافظة الجيزة واعتدوا على أفراد الأمن الواقفين على البوابة، وحطموا كشك المرور، و3 سيارات داخل المبنى وتظاهروا لمدة ساعة.

تعطلت حركة المرور، وهرب تلاميذ 3 مدارس بالجيزة من مدارسهم القريبة من مبنى المحافظة بعد أن سقطت قنابل مسيلة للدموع داخل مدارسهم، وحضرت قوات الأمن، وقامت بتفريق المتظاهرين باستخدام قنابل مسيلة للدموع ورصاص مطاطي، وأصيب الأهالي والموظفون والمارة في الشارع بالذعر والخوف نتيجة التجمهر والتحطيم الذي شهده الشارع، ثم انتقل المتظاهرون إلى مبنى حي العمرانية، وطردوا العاملين منه وأحدثوا به تلفيات وحطموا سيارتين أمامه، ونظموا مسيرة انطلقت من أمام الحي إلى شارع الإخلاص حيث يتواجد مبنى مجمع الخدمات، واشتبكوا مع رجال الأمن قرابة ساعة ونصف، استخدم فيها المتظاهرون الطوب والحجارة والأسياخ الحديدية وانتقلت 40 سيارة أمن مركزي و20 مدرعة وقرابة ألفي جندي أمن مركزي وقوات حفظ الشغب، وانتشرت بطول 700 متر أعلى الطريق الدائري خوفاً من قيام المتظاهرين بقطعه وتعطيل حركة المرور، وامتلأ شارع الإخلاص ببقايا زجاجات فارغة ممتلئة بالبنزين، وطوب وحجارة استخدمها المتظاهرون في الاعتداء على المجندين، وفرضت أجهزة الأمن في الجيزة كردوناً أمنياً بطول 300 متر بالقرب من مبنى المجمع، لمنع الوصول إليه وإعادة التجمهر من جديد، وتجمع المئات من الشباب المتظاهرين أسفل الطريق الدائري ورددوا هتافات معادية لرجال الشرطة، كما أظهرت صور ولقطات فيديو للواقعة أفراداً من قوات الأمن يلقون الحجارة على المتظاهرين من فوق الطريق الدائري.

وأغلقت أجهزة الأمن النفق الموجود أسفل الدائري والذي يصل منطقة الطالبية بمنطقة الكونيسة، ومنعت مرور السيارات وهناك تجددت الاشتباكات بين المتظاهرين الذين استخدموا زجاجات المولوتوف، وبين قوات الأمن التي أطلقت قنابل مسيلة للدموع، ورصاصاً مطاطياً، وامتلأ شارع عثمان محرم وشارع الإخلاص ببقايا طوب وزجاجات محطمة وإطارات الكاوتش.

بعدها تجمع المئات من أهالي منطقة الكونيسة، في الناحية الثانية من الطريق الدائري وألقوا بالحجارة على المتظاهرين، وتحولت المعركة إلى مشاجرة وتبادل الطوب والحجارة بين منطقتي الكونيسة والطالبية.

 

مسلمون وأقباط يطالبون بالتهدئة

وعقب استمرار المواجهات دون فائدة، طالب بعض مسلمي وأقباط المنطقة المتجمهرين بالهدوء ومحاولة الوصول إلى حل منعاً لمزيد من الإصابات والتلفيات التي أحاطت بالمباني المحيطة بالكنيسة، وشكل العشرات منهم سلاسل بشرية للفصل بين الجانبين، مرددين: «يحيا الهلال مع الصليب»، مما دفع الوضع إلى الهدوء النسبي.

 

قيادات أمنية تنتقل لموقع الأحداث

وانتقل اللواء محسن حفظي، مساعد أول الوزير لقطاع أمن الجيزة إلى المنطقة ومعه اللواءان كمال الدالي مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، وفايز أباظة مدير المباحث الجنائية، والعمداء جمعة توفيق، ومجدي عبد العال، ومحمد عبد التواب، والعقيد مدحت فارس، واستجاب المتظاهرون لقيادات الأمن بعد أن وعدوهم بحل المشكلة خلال اجتماع يحضره مسؤولو المحافظة وقيادات الأمن لوضع صيغة تنهي الأزمة.

تفرق المتظاهرون في الشوارع الجانبية وعادت حركة المرور في شارع عثمان محرم إلى طبيعتها في الثانية ظهراً وبدأت سيارات الأجرة تنتقل ما بين منطقتي الكونيسة والطالبية عبر شارع عثمان محرم، وبقي مجندو الأمن المركزي في أماكنهم بشارع مجمع الخدمات وأعلى الطريق الدائري، لمنع تجدد الأحداث.

 

النيابة تباشر عملها

أمر المستشار عبد المجيد محمود، النائب العام بتشكيل فريق من نيابة جنوب الجيزة، للمعاينة والتحقيق، بإشراف المستشار مجاهد علي مجاهد، ورئاسة هشام حاتم مدير نيابة الحوادث، وعضوية محمود عبود، وأسامة الشيمي، ومصطفى خالد، وكلاء أول النيابة، وانتقل الفريق إلى مبنى محافظة الجيزة وحي العمرانية ومجمع الخدمات، فيما أمرت النيابة بالتحفظ على المصابين داخل المستشفيات وصرحت بدفن جثة القتيل عقب تشريحه لبيان سبب الوفاة وتبين من المعاينة المبدئية للجثة أنه مصاب بطلق ناري من فرد خرطوش، وبعض الاختناقات والكدمات، وأمرت النيابة بانتداب المعمل الجنائي لمعاينة التلفيات في مبنى محافظة الجيزة وحي العمرانية وفي السيارات الخمسة المحطمة، وحرزت النيابة بقايا زجاجات مولوتوف كانت ملقاة بجوار مبنى مجمع الخدمات وطلبت تحريات الأمن العام حول الواقعة، وجاري الإستماع لأقوال المصابين والمتهمين ولا تزال التحقيقات مستمرة.

 

البابا يتابع الأزمة لحظة بلحظة

رفض المقر الباباوي التعليق علي الوضع، وأكد أحد أساقفة الكنيسة أن الموضوع يعرض علي البابا لحظة بلحظة، وانهم أجروا العديد من الإتصالات مع مسؤولين بالدولة في محاولة لتهدئة الوضع، مشيراً إلى أن أسقف الجيزة الأنبا سهؤايدوس متواجد في ألمانيا حاليا، وسيعود في أقرب وقت لمتابعة الأمر وتداركه.

وقال إن سكرتارية البابا شنودة هي التي تدير الأزمة بتكليف من البابا وتسعى بكل جهدها إلى تهدئة الأوضاع حفاظاً على حياة الأقباط وممتلكات الشعب بالمنطقة.

وفي تصريح خاص لـ«المصري اليوم» أكد الأنبا ثيؤدسيوس أسقف الجيزة في اتصال هاتفي أنه سيغادر ألمانيا خلال ساعات ويعود للقاهرة لمتابعة الموقف، وقال: «لا اعرف سبب التصعيد المقلق، خاصة وأن المبنى جاري العمل فيه منذ فترة طويلة»، موضحاً أنه لايوجد لديه أي حل ولم يحدثه أي مسؤول حتى الآن، وينتظر الحل من البابا شنودة، ولكنه يصلي من أجل السلام.

في المقابل أكدت بعض القيادات القبطية فى الخارج أنها بصدد تنظيم مظاهرات أمام السفارات المصرية في امريكا والدول الأوربية احتجاجاً على عنف الأمن.

 

محافظ الجيزة يؤكد مخالفة الكنيسة لترخيص البناء

من جانبه، عقد المهندس سيد عبد العزيز، محافظ الجيزة، مؤتمراً صحفياً، صباح الأربعاء، تناول فيه تفاصيل الأزمة، وقال المحافظ إن الكنيسة خالفت القانون والدستور عقب قيامها بتحويل مبنى خدمي وإداري إلى كنيسة بدون الحصول على رخصة بناء كنيسة.

وأضاف أن «الكاتدرائية حصلت على رخصة مبنى إداري وخدمات أرضي وثلاث أدوار إلا أنها يوم 22 نوفمبر قامت بإنشاء قبة لكنيسة بالمخالفة، الأمر الذي دفع رئيس حي العمرانية بوقف أعمال البناء، مما دفع عدداً من الأقباط لقطع الطريق الدائري، فأمرنا بتشكيل لجنة من المحافظة لمعاينة المبنى وبحث الأوضاع مع الأهالي للتهدئة ووقف التظاهر».

ونفى عبد العزيز وجود أي صلة أو علاقة بين الأحداث وانتخابات مجلس الشعب التي ستجرى خلال أيام، وأعلن أن ظروف البابا شنودة الصحية حالت دون الوصول إلى حل سريع للأزمة، مؤكداً أنه اتصل تليفونياً بالبابا.

وقالت المهندسة «ثناء الديب» وكيل وزارة الإسكان بمحافظة الجيزة، إنه صدر ترخيص للمبنى المكون من أرضي و3 أدوار وهو مبنى خدمات، ثم ظهرت مخالفات في الشكل المعماري والسقف الأخير بناء عليه أصدر مهندس الحي قراراً بوقف الأعمال ولم يجد أي استجابة وتم تحرير محاضر مخالفات، ثم تحرير محضر استئناف أعمال ثم صدرت قرارات إيقاف، وذلك طبقاً للقانون، ثم شكلت لجنة على أعلى مستوى لمعاينة ما تم تنفيذه علي الطبيعة وتبين مخالفة الترخيص، واتفقت اللجنة مع القساوسة على إجراء تعديل للترخيص وفقاً للقانون ولكن فوجئنا باستمرار العمل والأحداث المؤسفة.

 

الأزهر يأسف للأحداث والفقي يطالب بالتهدئة الإعلامية

أعرب الأزهر الشريف عن أسفه الشديد للأحداث التى شهدتها منطقة العمرانية صباح الأربعاء، داعياً إلى ضرورة معالجة هذه الأمور بحكمة.

وصرح السفير محمد رفاعة الطهطاوي، المتحدث الرسمى باسم شيخ الأزهر لـ«المصري اليوم» بأن الأزهر يأسف أسفاً شديداً للأحداث التى شهدتها منطقة العمرانية، داعياً المصريين جميعاً مسلمين ومسيحيين إلى الاعتصام بروح الوحدة الوطنية والالتزام بتطبيق القانون وعدم الإخلال بالأمن العام.

وطالب أنس الفقي، وزير الإعلام، وسائل الإعلام بالتهدئة وعدم التصعيد في تناول الشأن القبطي بشكل عام، وأحداث القضية بشكل خاص.

 

قائمة المصابين

استقبل مستشفى أم المصريين عدداً من المصابين في الاشتباكات، وتنشر «المصري اليوم» قائمة بأسماء المصابين وفق مصادر طبية بالمستشفى، وهم:

  * عماد بولس (40 سنة) – غيبوبة

  * أسامة جميل جاد الله (30 سنة) - اختناق

  * توماس بطرس ( 31 سنة) – كدمات متفرقة

  * لا ريان زكي (47 سنة) – مصاب بطلق ناري

  * صفوت سامي (30 سنة) – سحجات وكدمات

  * نصر الله يوسف (31 سنة) – سحجات وكدمات

  * ملاك شنودة (20 سنة) – خلع وكسر الكاحل الأيسر

  * بخيت مالطي حنا (50 سنة) – شظايا في منطقة الفخذ

  * روماني صادق جرجس ( 24 سنة) – شظايا في الساعد الأيسر وتجمع دموي في العين

  * روماني عبد الملاك لبيب – جرح بالجبهة

  * عوض عجيب متري (22 سنة) – شظايا في منطقة الصدر

  * وليد فايز شكري – شظايا في محيط العين

  * مجيدة يوسف- شظايا في الكتف والوجه

  * سهير عبده فهمي – كدمة في الفخذ

  * كمال عز باسط – كدمات في الظهر

  * أسامة جميل – شظايا في مناطق متفرقة

  * نجيب بشرى- شظايا في الوجه

  * قلادة فريد – شظايا في الفخذين

  * العريان زكي- شظايا في مناطق متفرقة

  * عادل بولس عادل (40 سنة) – ارتجاج في المخ

  * قدري زكي جرجس – اشتباه في ارتجاج المخ

  * إيميل شنودة – صدمة عصبية

  * بطرس يوسف – تورم في العينين

  * رامي وصفي- جروح بفروة الرأس

 

ومن قوات الشرطة:

  * اللواء محمود إبراهيم نائب مدير أمن الجيزة – غير محدد

  * اللواء ماهر محمود، مدير الإدارة العامة لقطاع الأمن المركزي - اشتباه كسر في الضلوع

  * المقدم أشرف عبد المعطي، رئيس مباحث الحماية المدنية – كدمات في الظهر

  * الملازم أول عمرو مصطفى عبد العال – كدمة في الساق والتواء في القدم

  * مجند عبد الرحمن محمد عبد الرحمن- كدمات

  * مجند  مصطفى أحمد توفيق- جروح قطعية

  * سامح عبد العزيز علوي- سحجات

  * أحمد محمد – كدمات متفرقة

  * نبيل حسن محسن – جرح غائر

  * علاء عبد الوهاب- كدمات متفرقة

  * أحمد ثابت – اختناق

  * كرم مسلم حلمي- غير محدد

  * ناجي شعبان- التواء في القدم اليمني

  * إيهاب محمد فوزي- كدمات وجروح

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية