x

أطفال الشوارع.. من التسول إلى سلاح فى يد «العصبجية»

الأربعاء 23-01-2013 23:32 | كتب: صفاء صالح |

مدينة لأطفال الشوارع، ومشروع كفالة وتبن من أسر بديلة، حلول قدمتها الحكومة بعد عامين من الثورة للقضاء على ظاهرة «أطفال الشوارع»، لكن على أرض الواقع لم يطرأ على هذه الفئة أى تغير إيجابى، حسب الخبراء والحقوقيين، إنما تحولت إلى سلاح فى يد البعض، وضحية فى يد البعض الآخر.

كانت فى الشارع قبل الثورة بأكثر من 10 أعوام، وحينما اندلعت ثورة 25 يناير كانت تشارك فى المظاهرات وهى سعيدة، لم يستطع أحد اللحاق بها أو إمساكها، وهى تشتم قتلة المتظاهرين، ولأنها كانت أشبه بحرب شوارع فإن «غ.ع» ورفاقها أدرى بشعابها، «غ.ع» طفلة شارع، تقول «أيام ما كانت العساكر تضرب علينا قنابل وإحنا نايمين فى الجامع، أنا وزمايلى كنا بنتفرج على الثوار، وساعات نمشى نهتف معاهم، الثورة قامت علشان حقوق الناس، وعلشان الريس اللى ييجى ما يعملشى حاجة وحشة فى الناس، وعلشان ماحدش يخرج تانى يقعد فى الشارع ويجراله اللى جرالنا، وماحدش ينام مكان زى ما إحنا بنام جعانين، علشان كده كنا بنشوف أى واحد بيهتف نهتف معاه، وأول ما الضرب يبدأ كنا نستخبى، ما إحنا لافين الشوارع وحافظين كل شبر فيها.

وتضيف: «الناس تعبوا نفسهم ع الفاضى اللى ماتوا دول راحوا ع الفاضى، اللى جه أوحش من اللى راح كل حاجة زى ما هى وإحنا زى ما إحنا، وكل يوم فى ولاد أكتر تنزل للشارع وما ترجعشى، أنا قدامك أهه ماليش حقوق وابنى ما لوش أب يريبه.. إيه اللى أتغير؟».

وعن رأيها فى الحالة السياسية بعد الثورة، تقول: «الريس مش عاوز يعمل حاجة للناس لو عاوز كان عمل أول ما مسك وقعد يتلكك بالدستور، علشان ما يعملشى حاجة عدلة ويلهى الناس فى الدستور وخلاص، بدل ما يأكل الناس يسكنها فى بيوت».

تلتقط «ن.أ» 17 سنة، أم لرضيع، أطراف الحديث قائلة: «إننى كنت أعيش فى دار رعاية، لكن أيام الثورة علمت إن فيه ثورة ورئيس مشى وجه رئيس منتخب لكن كل حاجة زى ماهى، مافيش حاجة اختلفت عايشين فى البلد مش فاهمين حاجة زى الأول بالظبط، ويمكن أوحش».

«ه.خ» كانت فى إحدى دور الرعاية بإحدى محافظات الدلتا، ثم هربت منها منذ عام، بسبب سوء المعاملة لتواجه مصيراً مظلماً فى الشارع، الذى احتضنها منذ مولدها، وهى الآن حامل فى شهرها السابع، لم تثبت الشرطة واقعة التعدى عليها، ولا حاولت المؤسسة التى كانت بها الكشف عن الفاعل فضاع حقها، لأن بعض الجهات المسؤولة تنظر لهذه الفئة على أنها فئة ضالة دون حقوق كما يقول أشرف، أحد الإخصائيين الاجتماعيين بمؤسسة مجتمع مدنى لرعاية أطفال الشوارع.

وترى الدكتورة فادية أبوشهبة، أستاذ القانون الجنائى بالمركز القومى البحوث الاجتماعية والجنائية، أن مشكلة أطفال الشوارع لم يطرأ عليها جديد، إنما ازدادت أوضاعهم سوءاً بعد الثورة، لأن الفقر زاد والعشوائيات مازالت موجودة، ولم يتحقق شىء بخصوصهم، ولم تنشأ القرية التى تحدثوا عنها ومازالت الأسر الطاردة لأطفالها كما هى، وزادت القسوة فى معاملة الأطفال، بسبب الفقر الزائد وغلو الأسعار، الذى يساعد على التصدع الأسرى.

وتصنف أطفال الشوارع إلى فريقين قائلة: «أطفال الشوارع نوعان، الأول خرجوا من بيوتهم لا يريدون العودة لها يجدون فى الشارع ما يريدون، رفقاء ولعباً ولهواً وحياة حرة وأكلاً ومبيتا، الشارع هو أسرتهم الكبيرة، والآخر أطفال يرون رزقهم فى الشارع، مخدرات وتسولاً وبيع منتجات، وربما توجد أسر كاملة فى الشارع، وهى ظاهرة جديدة ظاهرة أسر الشوارع».

وتشير إلى أنه رغم مرور عامين على الثورة إلا أن ما قيل عن حلول لمشكلة أطفال الشوارع مجرد كلام لم يطبق منه حرف، فمازالوا بلا حق فى المأوى أو التعليم أو الطعام، وتضيف: «مشروع الأسر البديلة الذى طرحته الحكومة فاشل فلا توجد أسرة تتبنى طفل شارع وتربيه مع أبنائها، وتتركه يختلط بهم، قطعاً ستخاف من سلوكياته».

وعن الاختلاف الذى طرأ على هؤلاء الأطفال بعد الثورة تقول: «لقد تحولوا من أطفال شوارع أقصى نشاط لهم التسول أو بيع المناديل إلى عصابات شوارع، فقد أدى الانفلات الأمنى خلال العامين الماضيين إلى استغلال بعض العصابات المحترفة أطفال الشوارع فى مختلف أنواع الجريمة، ومنها الدعارة والتسول وتوزيع المخدرات، وسرقة السيارات، وقطع غيارها، والنشل فى وسائل المواصلات، والانضمام لعصابات سرقة الكابلات وقضبان السكة الحديد، وتجارة الأعضاء سواء كان للطفل نفسه أو لرفقائه، وتستغل هذه العصابات صغر سنهم، وضعف العقوبة حال الإمساك بهم، لأنهم أحداث فحتى فى أبشع الجرائم وهى القتل لن تتم معاقبة الطفل عليها بأكثر من 10 سنوات».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية