كان معسكر قوات أمن القاهرة إدارة الجبل الأحمر إحدى المحطات فى رحلة «أسامة نشأت»، صاحب محل عفشة سيارات بحثًا عن ابن خاله المفقود منذ 3 فبراير الجارى، محمود ناجى عبدالموجود «13 سنة»، الذى اختفى بعد إعلانه عن رغبته فى النزول إلى ميدان التحرير يوم اختفائه، وفيما نفى المسؤولون على بوابة المعسكر لـ«أسامة» وصديقه أمين الشرطة هانى عاطف احتجاز ابن خاله فى السجن العسكرى، حصل على نفس الإجابة وفد النيابة العامة فى زيارة «غير مفاجئة»، الخميس، فى وجود عدد من وسائل الإعلام، منها «المصرى اليوم»، والتى زار الوفد خلالها ٣ من معسكرات الأمن المركزى، المشتبه باحتجازها أطفالاً مقبوضًا عليهم فى أحداث التحرير، بعد مذكرة تقدمت بها رئيسة المجلس القومى للمرأة السفيرة ميرفت التلاوى للنائب العام، الأربعاء الماضى، للتحقيق فى احتجاز غير قانونى للأطفال.
وبينما كانت عائلة الطفل محمود ناجى، تجوب الأقسام والمستشفيات القريبة من التحرير منذ الأحد الماضى بعد اختفاء الطفل فى الحادية عشرة مساء، مرورا بمعسكرات الأمن وقوات الأمن المركزى التى أعلن عدد من الأطفال المفرج عنهم فى الأحداث احتجازهم فيها، خرجت النيابة العامة الخميس ببيان تعلن من خلاله عدم وجود أى محتجزين بطريقة غير قانونية، بعد زيارة كل من المستشار وائل شبل، المحامى العام بنيابة الاستئناف، والمستشارين وليد فكرى ومحمد سراج رئيسى نيابة الاستئناف، لـ«3 معسكرات لقوات الأمن المركزى بطرة والجبل الأحمر والسلام».
فى سياق مواز، كشف مصدر فى النيابة العامة، رفض ذكر اسمه، أن الطريقة المتبعة فى حملات التفتيش القضائى المفاجئ على السجون تتمثل فى نزول عدد من وكلاء النيابة لتفتيش السجون، دون أى إعلان مسبق فى وسائل الإعلام، لافتاً إلى أن وكلاء النيابة زاروا المعسكرات بالتتابع وعلى فترات زمنية تسمح بإبلاغ المسؤولين فى المعسكرات مسبقا بالزيارة، فضلا عن وجود وسائل الإعلام.
وفيما رافق وفد النيابة العامة كل من: سناء شريف، عضو لجنة المحافظات بالمجلس القومى للمرأة، وماجدة بخيت فهمى، عضو لجنة تقصى الحقائق بالمنظمة المصرية الدولية لحقوق الإنسان، دون أى علم مسبق بأرقام تقديرية لعدد الأطفال المحتجزين أو أماكن احتجازهم، بناء على شهادات العديد من الأطفال الذين أٌفرج عنهم، قال أحمد مصيلحى، المحامى لـ«المصرى اليوم»: «لدى قائمة تضم أسماء 119 طفلاً محتجزين فى أحداث الذكرى الثانية للثورة بأرقام محاضر النيابة التى سجلت أقوالهم بأنهم احتجزوا مع بالغين فى معسكرات الأمن المركزى، وتم الإفراج عن 90 منهم، والباقى مازالوا محتجزين».
وأثناء توجه سناء شريف وماجدة فهمى، صباح الخميس، إلى مكتب النائب العام لمرافقة وفد النيابة العامة إلى المعسكرات الثلاثة حيث بدأ التحرك من دار القضاء العالى فى الواحدة ظهرا باتجاه معسكر قوات الأمن المركزى فى طرة، كان المحامى أحمد مصيلحى يجتمع مع مساعد النائب العام المستشار حسن ياسين فى صباح نفس اليوم، بعد تقدمه ببلاغ رقم 449 لسنة 2013 إلى النائب العام، للإفراج عن الأطفال المقبوض عليهم، خاصة من هم دون «15 عاما» بالمخالفة لنص القانون الذى يجرّم احتجاز الأطفال احتياطيا من دون هذه السن، ومحاسبة كل من وزير الداخلية ومدير إدارة مصلحة السجون ورئيس قطاع السجون بمعسكر طرة، لاحتجازهم أطفالاً مع بالغين بشكل غير قانونى.
وقال «مصيلحى» لـ«المصرى اليوم»: «يوم الإثنين الماضى تحرك بشكل مفاجئ أحمد صفوت، رئيس نيابة قصر النيل، إلى معسكر أمن مركزى فى طرة، وأفرج عن 8 أطفال احتجزوا فى المعسكر دون عرضهم على النيابة»، مضيفا: «تحرك رئيس النيابة بعد أن طلبت تحرير محضر بواقعة احتجاز الأطفال، فطلب منى أن يذهب بشكل مبدئى إلى المعسكر أولا قبل تحرير المحضر، ما يكذب تصريحات المسؤولين عن المعسكرات بعدم احتجازهم أطفالاً».
وأظهرت عدة مؤشرات أن زيارة وفد النيابة العامة «المفاجئة» - على حد وصفهم - لم تكن مفاجئة على الإطلاق للمسؤولين على المعسكرات الثلاثة، بداية من السماح بدخول سيارات من بوابات المعسكرات تقل وكلاء النيابة ووسائل الإعلام، دون أى تحقق من هوية الداخلين إلى مناطق عسكرية، وارتداء المسجونين من عساكر الأمن المركزى الزى الميرى داخل السجن بمعسكر طرة أثناء مرور وكلاء النيابة على السجون، وقال العميد هانى سلامة، رئيس قطاع ثان: «أبلغنا المسؤولين عن السجن العسكرى بقطاع اللواء الشهيد رفعت عاشور فور دخول وفد النيابة من البوابة، وبناء عليه قام المسجونون بتغيير ملابسهم العادية».
«لا يوجد لدينا مساجين مدنيون فى سجون المعسكرات، وكل المحتجزين من أفراد قوات الأمن ارتكبوا مخالفات إدارية أو جنائية».. كانت هذه هى الإجابة الموحدة التى حصل عليها وفد النيابة العامة، من رؤساء قطاع المعسكرات الثلاثة، وهم: المقدم هانى سلامة، رئيس قطاع ثان فى معسكر أمن مركزى طرة، والعميد رجائى نيازى على عبدالله، مدير إدارة معسكر قوات الأمن بالجبل الأحمر، والعميد نادر وصفى، مدير إدارة معسكر قوات أمن السلام.
وقال العقيد حاتم محمود، رئيس قسم الأمن والتحريات بمعسكر قوات أمن الجبل الأحمر، لـ«المصرى اليوم»: «معسكرات الأمن كانت أماكن استضافة لبعض المقبوض عليهم فى الأحداث منذ 25 إلى 28 يناير الماضى»، موضحا: «يتم ترحيل المقبوض عليهم فى اشتباكات المساء إلى المعسكرات، ويتم نقلهم فى صباح اليوم التالى إلى النيابة العامة للتحقيق معهم، ولا نعلم ما إذا كان هناك أطفال بينهم من عدمه، لأن المعسكر مجرد مكان استضافة لهم لعدة ساعات، لأنه تتم إحالتهم إلى النيابة العامة لعرضهم عليها».
وفى مساء اليوم، أعلنت النيابة العامة رسميا: «بعد زيارة استمرت نحو 7 ساعات بدأت فى معسكر أمن مركزى طرة ثم معسكر قوات أمن الجبل الأحمر، وانتهاء بمعسكر قوات أمن السلام، انتهت الزيارة إلى عدم وجود محتجزين مدنيين فيها»، ومازالت أسرة الطفل محمود ناجى تبحث عنه، إضافة إلى أسر أخرى ترددت على معسكرات الأمن المركزى والنيابات العامة والمستشفيات بحثا عن ذويهم، حيث تصبح مشرحة زينهم مقصدهم الأخير فى البحث، كما ذكر «أسامة» قريب الطفل المفقود لـ«المصرى اليوم» أثناء بحثه عنه فى معسكر قوات أمن السلام.