بسم الله الرحمن الرحيم
سيادة الرئيس.. مرسى.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
«أنا مجند من قرية (المنشأة) شمال سوهاج، صديقى الذى كان بجانبى فى القطار من (دار السلام)، قبلى الجبل الشرقى، بالمحافظة نفسها، كنا فى (قطر الموت).. فى (البدرشين) التى أراها لأول مرة فى حياتى، كرهتها والله العظيم، لأنى فقدت أصحابى فيها.. وزمايل اتصابوا بها.. ودمائهم سالت على القضبان.. لحمهم تناثر مع بقايا بيادة أو أفرول، وفرت أرواحهم هاربة إلى ملك الموت تحت حطام عربية القطر، من دنيا لا ترحم.
سيدى الرئيس محمد مرسى العياط.. أسرتى الغلبانة، كان كل أملها فى أن أحصل على التأجيل، تعرف ليه علشان أقدر أرعى إخواتى الـ5، وأشوف أحوال إخواتى البنات الـ3، يوم أزرع فى الغيط مع أبويا، ويوم أعمل بالأجرة لدى فلاح مثلنا فى قريتنا أو فى القرى المجاورة، وأهو ربنا كان بيسهلها.. جنيه فى يوم خدمة هنا ويوم هناك.. وهيه ماشية.. لكن علشان مفيش عندنا (واسطة) حدفونى على الأمن المركزى أبويا قالى: يا ولدى.. ده الواجب.. روح قلبى معاك.. وخليك دكر وصاحى على سلاحك.
سيدى الرئيس: هل تعرف أن لى 45 يوماً فى مركز التدريب من غير ما أشوف أسرتى التى انتخبتك، لأن مشايخ القرية كلمونا كتير عن اللى ح يعلم ويربى ولادنا كويس، عشان يعيشوا (عيشة تانية) ترحمهم من العمل صغاراً فى الحقول ومن التجنيد فى الأمن المركزى. القطر اللى ركبناه كان مفكك وريحته معفنة، الظاهر إنه لا يعرف التنظيف كنا فى العربية أكتر من 200 عسكرى.. فوق بعضنا كأننا شوية مواشى أو معيز حطوهم فى القطر.
يا ريس، علشان عارف إن مشغولياتك كتير، وعشان تلحق تنام بدرى وتصحى تصلى الفجر جماعة ح أجيب من الآخر، القطر عند كوبرى أبوربع انفصلت عربيته الأخيرة واحنا كنا فيها، ومات 19 من زمايلى، تركوا وراهم أسر ربنا يصبرهم على فراقهم.
سيدى الرئيس، لا أدرى أين كنت أنت لحظة الحادث لكنى أنا كنت مرعوباً، كنا احنا بنتفرم، والدنيا ضلمة، ربما كنت حضرتك فى الاتحادية أو فى التجمع الخامس بين الحرس الجمهورى، بين حراسك ورجال عشيرتك.. هل كنت نائماً.. أم أن المرشد منعك من متابعة أبنائك.. الذين انتخبوك، أو حتى الذين لم يمنحوك أصواتهم، لماذا لم تصدر بياناً واحداً وخرجت قيادات العشيرة تقلل من حجم الجريمة، وكأن لحم 19 شهيداً، وجراح 120 مواطن غلبان، لا تساوى كل «هذه الدوشة» كما سمعنا الشيخ صفوت حجازى فى التليفزيون، بتاع الجماعة.
سيدى الرئيس.. يمكن يكون أهل زميلى اللى مات لسه معرفوش إنه قابل وجه ربه.. لأن مسؤولينك نايمين.. وفيه جثث ومصابين، وأشلاء مرمية تحت القطر، ومش لاقيين مسؤول صاحى يبعتلهم ونش يرفع العربات علشان ينشلوا الجثث والمصابين.. نعلم أن هناك وزير أو اتنين راحوا هناك.. لكن لما الأهالى طالبوا وزير الداخلية بحقوق المصابين قالهم هو أنا اللى موتهم.. ووزعوا علينا عيش فينو وجبنة وعصير وميه.. تعرف مقدرتش آكل علشان حزنى على فراق أصحابى وصرخات زملائى المصابين. عارف إنى طولت عليك.. لكن هل أنت راض عن نفسك.. هل تنام مستريح البال، هل مازلت ترفض ارتداء القميص الواقى. اعلم أن كل أم فقدت أبناءها، أو أصيب نجلها، ستظل تدعو عليك إلى يوم الدين، ستصلى الفجر كاشفة الرأس وتطلب من ربنا الانتقام منك ومن تركك جماعتك التى أصبحت تتحكم فى كل شىء، ولم تقدم لنا حتى العزاء».
المجند (...) ابن سوهاج