x

«الأمن».. الإسلاميون ينتقلون من عصر التغيير بـ«القلب» إلى «اليد»

الأحد 13-01-2013 22:46 | كتب: منة الله الحريري |
تصوير : رويترز

انتفض الشارع التونسى قبل عامين لإسقاط دولة الرئيس زين العابدين بن على «البوليسية»، وضد الآلة القمعية التى بناها لتأمين حكمه، إلا أنه مع دخول «ثورة الياسمين» عامها الثالث يبقى الملف الأمنى أحد التحديات الكبرى التى تهدد مستقبل تونس، ليس فقط بسبب غياب الأمن واستمرار عنف الشرطة ضد المتظاهرين، ولجوء وزارة الداخلية إلى التعذيب، وإنما أيضاً بعد تنامى خطر السلفيين المتشددين، وظهور ميليشيات «رابطة حماية الثورة»، المحسوبة على حركة «النهضة» الإسلامية الحاكمة.

«ظننا أن التعذيب والإهانة والإذلال ممارسات انتهت بعد سقوط نظام بن على وودعناها بعد الثورة بلا رجعة، لكن كنا واهمين»، هكذا عبر رمزى الحيدورى، أحد المتظاهرين الذين اعتقلتهم الشرطة، فى احتجاجات شهدتها مدينة سيدى بوزيد ضد تردى الأوضاع المعيشية، عن استمرار العنف والتعذيب من قبل أجهزة الأمن بعد الثورة. وقال، لموقع «مراسلون» التونسى الإخبارى، إن ما عاشه هو وأبناء منطقته من «تعذيب وإذلال على يد أعوان البوليس جعله يترحم على الثورة».

كما أكدت رئيسة الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب، راضية نصراوى، أن «التعذيب متواصل ويكاد يكون بشكل أكثر فظاعة ووحشية من السابق»، قائلة: «هناك حالات أصيبت نتيجة التعذيب بعاهات مستديمة، وثمة من توفى تحت التعذيب». ولم تنكر حكومة «النهضة» استمرار التعذيب بعد الثورة، حيث قال وزير حقوق الإنسان سمير ديلو إن هناك شبهات كبيرة حول تواصلها لكنه برر ذلك بأن المؤسسة الأمنية «لم تصلح بعد».

ولم تقتصر الممارسات القمعية على السجون ومراكز الشرطة فقط، فقد تعرضت وزارة الداخلية لانتقادات، بعد قمعها عدة مظاهرات مرخص لها، واستخدام العنف الشديد ضد المتظاهرين، كما اتهم حقوقيون الوزارة بانتهاج سياسة المعايير المزدوجة فى تعاملها مع مظاهرات السلفيين ومظاهرات المعارضة الليبرالية.

ويرى مراقبون أن الدولة التى يريدها السلفيون المتشددون فى تونس هى أشبه بـ«صومال آخر»، يمكنهم فيها هدم الأضرحة وقطع يد السارق، وذلك بعد سلسلة من الحوادث العنيفة بينها حرق معارض فنية وتدمير بعض محال بيع الخمور والملاهى الليلية، وهو ما فسره المراقبون بانتقالهم من عصر تغيير «المنكر» بـ«القلب»، فى عهد «بن على»، إلى التغيير بـ«اليد»، فى ظل حكم «النهضة».

فى الوقت نفسه، تشكل «رابطة حماية الثورة»، وهى مجموعات مسلحة عنيفة تهاجم خصوم «النهضة»، تحدياً أمنياً آخر، حيث تشن هذه المجموعات هجمات غالباً ما تصب فى صالح الحزب، حتى إن البعض يسميها «ميليشيات» النهضة وذراعها المسلحة. وتتهم قوى المعارضة حركة النهضة بالوقوف وراء هذه الرابطة بتمويلها المالى واللوجيستى، بينما يصف رئيس حركة النهضة راشد الغنوشى هذه الرابطة بـ«ضمير الثورة». وتعالت مؤخراً تحذيرات من أن مسودة الدستور تفتح الباب أمام «تسليح ميليشيات» لا تنتمى للجيش أو الشرطة، فى إشارة إلى «رابطة حماية الثورة»، حيث تنص المادة 95 على أن «الدولة وحدها التى تنشئ القوات المسلحة وقوات الأمن الوطنى، ولا يجوز إنشاء تنظيمات أو أجهزة مسلحة غير منضوية تحت الجيش الوطنى أو الأمن الوطنى، إلا بمقتضى القانون»، وهو الاستثناء الذى تنتقده المعارضة وتطالب بإلغائه.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية