العداء بين العرب واليهود، بين المسلمين والمسيحيين، وازدراء عرب إسرائيل للعرب بعد حملهم للجنسية الإسرائيلية كلها قضايا يطرحها فيلم «عجمي» الناطق بالعربية الذي ينافس على أحد جوائز الأوسكار هذا العام.
يفتح الفيلم أبواب هوليوود أمام مخرجين مبتدئين وهما «يارون شاني»، و«اسكندر قبطي»، وهو من عرب 48 من الذين ولدوا ونشأوا في حي "عجمي" الذى اتى منه اسم الفيلم، فضلا عن فريق مكون من أكثر من 150 ممثلا هاويا تم اختيارهم من بين 300 شخص يقطنون بحي «عجمي» لم يقفوا مطلقا أمام الكاميرا.
ويطرح الفيلم قضاياه من خلال الأحداث التي تقع في حي "عجمي" احد الأحياء الفقيرة جنوبي مدينة يافا والواقع على بعد أمتار قليلة من ساحل البحر المتوسط، ويعكس من خلالها التوتر بين الشرطة والجيش والصدام بين الكبار والصغار أو النزاع الدائم بسبب احتلال الأراضي الفلسطينية الذي يعتبر وراء مآسي عديدة مثل الهجرة غير الشرعية والفقر والخوف.
وأوضح «يارون شاني» أن الفيلم لم يرتكز على جانب مظلم من حقيقة حي «عجمي» الذي لا يعكس جميع انماط الحياة في يافا، وإنما هو قصة واقعية للغاية وقائمة على وقائع تحدث بالفعل. واعترف المخرج أن بعض المشاهدين يخرجون من السينما بعد مشاهدة الفيلم ويقولون "هل رأيت؟ العرب شعب عنيف ولا يمكن الثقة بهم"، بينما يرى الكثيرون وجهة نظر أخرى ويتمكنون من إدراك السبب وراء العنف الذين يرونه على شاشات التليفزيون وفي الصحف، حيث يستطيعون رؤية الجانب الإنساني خلف هذا العنف ودوافعه.
وتدور أحداث الفيلم حول الموقف المتأزم لهذا الحي عبر تقديم قصص عشر شخصيات، وعلاقاتهم الشخصية، ووجهات نظرهم المتعارضة، من منظور واقعي مكثف، حيث أن الأبطال والشخصيات الذين شاركوا في تمثيل الفيلم تم اختيارهم من بين سكان الحي الأصليين، كما أنهم قاموا بأداء دورهم الحقيقي، حيث أن الشرطي الذي ظهر في الفيلم يعمل شرطيا في الواقع، مثله مثل النادل والجندي وجميع الأبطال والشخصيات.
وتتركز هذه القصص حول كل من «نصري»، وهو فتي في الـ13 من عمره يعيش حياة عصيبة، ومالك وهو لاجئ فلسطيني يعمل بشكل غير شرعي في حي «عجمي»، و«بنج» الثري الفلسطيني الذي يحلم بمستقبله المشرق مع صديقته اليهودية، و«داندو» الشرطي اليهودي الذي تتملكه فكرة العثور على شقيقه المختفي.
ويرى «شاني» أن أحد الأسباب وراء نجاح أول فيلم روائي طويل له هو "الأداء التمثيلي المتقن"، وقال إن الممثلين لم يتلقوا نصا لحفظه عن ظهر قلب، أو حتى سيناريو لقراءته، ولكنهم تقمصوا الشخصيات وكانوا يتفاعلون بالضبط كما هو مذكور في السيناريو ولكن بكلمات نابعة منهم شخصيا.
وأضاف "لم يبك أحد في الفيلم لأننا قلنا له أن يفعل ذلك، فكل شىء كان مرتجلا، فكنا نضعهم في موقف وبناء عليه كان عليهم أن يتفاعلوا، وهنا تكمن قوة التمثيل التي اكتسبها الممثلون من خلال ورش عمل استمرت نحو عام حتى يعايشوا الشخصيات.
ويعد الفيلم هو الفيلم الإسرائيلي الثالث على التوالي الذي ينافس على جائزة أفضل فيلم أجنبي غير ناطق بالإنجليزية في الأوسكار خلال دورته الـ82 التي ستقام في السابع من مارس المقبل، وينافسه على الجائزة الفيلم البيرواني "الصدر المرعوب" للمخرجة «كلاوديا يوسا»، والأرجنتيني "سر العيون" لـ«خوان خوسيه كامبانييا».
واستغرق إعداد الفيلم سبع سنوات، وتم تصويره باللغتين العربية والعبرية في 23 يوما بكاميراتين، وجاءت النتيجة مبهرة حيث فاز الفيلم بتسميات وجوائز في مهرجانات كان وفينيسيا وسالونيك وبالنسيا وآخيرا في الأوسكار.
ويقول «شاني» عن الأوسكار، إنه يرى "صعوبة" في فوز الفيلم، وهو الأمر الذي لم تنجح قط السينما الإسرائيلية في الوصول إليه، ولكنه أكد على أن مجرد الترشح لهذه الجائزة يعد شرفا كبيرا لم يتخيل أي شخص من فريق العمل المتواضع أن يبلغه.