بعد نجاته من حادث اغتيال منذ 3 أسابيع، داخل منزله بجبل أبورمان، قرب مسجد الصالحين بالقدس المحتلة، تحدث الشيخ تيسير التميمى الملقب «قاضى قضاة فلسطين» إلى «المصرى اليوم» عن قضية الساعة فى فلسطين هذه الأيام الخاصة بوفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات، وعن أوضاع القدس فى الوقت الحالى، كاشفا السر الذى تسبب فى تأخير فتح ملف وفاة «أبوعمار». قال قاضى القدس إن «عرفات» قتل بالسم، بقرار «أمريكى - إسرائيلى»، وإنه توجد أدلة على ذلك، طبقاً لتصريحات من ساسة إسرائيل ومن الرئيس الأمريكى بيل كلينتون ومن سلفه جورج بوش، مشيراً إلى أن الفلسطينيين حالياً يبحثون عن الأدوات والأيدى التى قتلت الرئيس الراحل.
وأضاف أن القيادة الفلسطينية مقصرة فى هذا الملف. وأبدى التميمى استعداده للترشح لرئاسة فلسطين، فى حال إجراء الانتخابات الرئاسية واستطرد: لكن حتى الآن لم أتخذ قراراً رسمياً بهذا الشأن. وشدد على رفضه عودة اليهود من أصل مصرى إلى مصر، متهماً الرئيس السابق حسنى مبارك بأنه كان عقبة فى طريق حل القضية الفلسطينية.
وإلى نص الحوار:
■ هل لديك معلومات عن وفاة ياسر عرفات «أبوعمار»؟
- الرئيس عرفات قتل بالسم، بقرار أمريكى إسرائيلى، وتوجد أدلة على ذلك، طبقاً لتصريحات من ساسة إسرائيل ومن الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون وسلفه جورج بوش، وهذا لا خلاف عليه. والآن نبحث عن الأدوات والأيدى التى قتل بها «أبوعمار» وبعد السنوات الطويلة يأتون لفتح قبر «عرفات» ليتأكدوا أنه قتل بالسم أو بغيره، معنى هذا الأمر أن الجميع متفق على أنه مات مقتولاً.
وعندما سئلت عن الجانب الشرعى لفتح قبره، قلت يجوز فتحه وأخذ أى عينات لأى شخص، بمن فيهم الرئيس الراحل، شريطة أن يصل بنا هذا الأمر إلى الجناة الحقيقيين الذين قتلوه مع سبق الإصرار والترصد، ولاسيما أن من يدخل مستشفيات فرنسا تؤخذ منه عينات وتحفظ لمدة 10 سنوات، إذن فى اعتقادى الشخصى أن فتح القبر، بعد هذه السنوات الطويلة يهدف لأمر واحد فقط هو التغطية على جريمة التخلص من العينات التى أخذت من جسده بباريس. ولا أستبعد تورط «أقرب المقربين» إليه.
■ لا يوجد دليل قاطع على مقتل أبوعمار؟
- مشاهدتى للرئيس عرفات، خاصة أننى آخر من قام بدفنه، تزيد الشكوك داخلى، لأنه كان حريصاً على صحته ودائماً كان يهتم بنفسه، وطوال حياتى لم أره يشرب خموراً أو قهوة، ولم يكن له فى النساء، ولا أصيب بأمراض خطيرة، وبالرغم من كل ذلك انهار أبوعمار دون مقدمات، واحتار كل الأطباء، ولكن غُيّب طبيبه الخاص الذى كان يعالجه، والذى كان يحضر له إذا «عطس أو جاتله شوية برد»، فلماذا تم تغيير ملفه الطبى؟ ولماذا غيب طبيبه الخاص؟
لذا بعد حصول فلسطين على دولة غير عضو لها صفة المراقبة فى الأمم المتحدة، أطالب فوراً الرئيس محمود عباس «أبومازن» بأن يوقع على اتفاقية جنيف، وتقدم كل من حرض على مقتل عرفات لمحاكمة دولية خصوصاً «كلينتون» و«بوش»، «شارون» و«موفاز».
■ هل توجد شبه اتهام للسلطة الفلسطينية بالتقصير فى فتح ملف وفاة أبوعمار؟
- لاشك أن القيادة الفلسطينية مقصرة، لأنه كان من المفترض فور وفاته أن تقوم بتحقيق جدى مع أقرب الأقربين إليه، وما تتسع دائرة الشبهات بقتله حتى نصل للجناة، وكان على اللجنة التى شكلت ألا تقوم بتشكيل لجان متعددة تتعارض مع بعضها البعض، لأنها تسببت فى ضياع الأدلة والبراهين.
■ هل تعتقد أن «عرفات» كان لابد أن يغيب بالموت حتى يتحرك المسار الفلسطينى؟
- من حرّضوا على قتله قالوا يجب تغييبه عن المشهد، لأنه لا يعتبر شريكاً لإسرائيل فى موضوع السلام، والكيان الصهيونى لا يريد السلام، ولكن «أبوعمار» كان يريد السلام.
■ ما السر الذى تسبب فى تأخر فتح تحقيق سريع حول وفاة عرفات؟
- السر الذى تسبب فى تأخير فتح هذا الملف أن وفاته كانت عن طريق مؤامرة دولية، ولو رجعنا خطوة للخلف، فسنجد أن وزير الخارجية الأمريكى الأسبق كولين باول تلقى تعليمات من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وقتها جورج بوش، توصى بالاتصال بكبار المسؤولين فى فرنسا لإغلاق ملف «أبوعمار»، ولكن «باول» رفض، وفجأة تولت كوندوليزا رايس الوزارة محله، وأغلقت ملف الرئيس الراحل.
■ ما آخر تطورات الأوضاع فى القدس؟
- أنا حزين جداً لأوضاع القدس.. والمدينة تتعرض حالياً لمذبحة حضارية، لما يقوم به الكيان الصهيونى بالتعدى الغاشم على مقدساتها، ونحن نمنع جميعاً من الصلاة سواء المسيحيون فى كنيسة القيامة والمسلمين فى المسجد الأقصى، وإسرائيل تتدخل فى الشؤون الداخلية للكنيسة، وما يقوم به الكيان الصهيونى هو محاولة لتهويد البلدة القديمة التى تحمى الكنيسة والمسجد الأقصى، وهناك حفريات تحت جدران الكنيسة والمسجد حتى وصل الأمر إلى مرحلة خطيرة، فضلاً عن بناء المستوطنات ومحاصرتها بالبؤر اليهودية.
■ هل أنت موافق على التهدئة التى أبرمت بين حماس وإسرائيل؟
- اتفاق التهدئة هو تقييد للمقاومة وإطلاق ليد إسرائيل، والدليل على ذلك أن التهدئة أبرمت، والكيان الصهيونى مستمر كل يوم فى التعدى على قطاع غزة بإطلاق الصواريخ والنيران.
■ من المستفيد إذن فى هذه التهدئة.. هل هى «حماس» أم «فتح» أم السلطة الفلسطينية؟
- هذه التهدئة تعد طوق نجاة لبنيامين نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، لأنه لو استمر إطلاق الصواريخ بين حماس وإسرائيل، لكانت هذه الموقعة نهاية قاسية لنتنياهو، والدليل على كلامى تصريحات زعيم المعارضة الإسرائيلى شاؤول موفاز، الذى قال إن إسرائيل هى الخاسر الأكبر فى معركتها مع حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، لأنها انتصرت بشكل واضح.
■ لماذا قبلت «حماس» بهذه التهدئة؟
- قبلت حماس بهذه التهدئة لتعرضها لضغوط دولية.
■ هل تتوقع مصالحة بين «حماس» و«فتح» على المدى القريب؟
- مصر جادة فى هذه المصالحة، وتسعى إليها بكل قوة، حتى يستقر الوضع فى فلسطين، وعلى الحركتين تنفيذ بنود اتفاق المصالحة التى وقعت فى القاهرة فى شهر مايو الماضى، ونحن شكلنا حزب الحرية والاستقلال للدفاع عن المقدسات والثوابت، وأنا فيه رئيس المكتب التنفيذى، وجاءت انطلاقة هذا الحزب لتأسيس بنيان للتعبير عن آلام ومعاناة الشعب الفلسطينى الذى يعانى قهر الاحتلال وذل اللجوء فى المخيمات والشتات والمنافى، وللعمل على تحقيق آماله فى دحر الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال وإقامة دولته كاملة السيادة على كامل أرض الوطن، وللدفاع عن المقدسات والثوابت. لذا فإننى أطالب فى هذا الصدد جميع المصريين بالعمل على لمّ الشمل مرة أخرى، ولابد من دعم مبادرة الشيخ محمد حسان وهى طوق النجاة فى الوقت الحالى، والتنازع والصراع يؤديان إلى الفشل.
■ كيف ترى التسوية النهائية للقضية الفلسطينية؟
- تسوية القضية الفلسطينية دون إعطاء الشعب الفلسطينى حقوقه كاملة - أمر غير قابل للتفاوض أو التصرف فيه، ولن تكون تسوية، يتفاوضون كما يريدون، ولكن الشعب الفلسطينى لن يقبل بأى تسوية قبل أن يحصل على جميع حقوقه.
■ ما تعليقك على تصريحات الدكتور عصام العريان (القيادى بجماعة الإخوان المسلمين) بعودة اليهود لمصر؟
- من الجانب الدينى والسياسى لا مانع أن يعيش اليهود فى المجتمعات العربية والإسلامية مثلما كان الأمر فى مجتمع المدينة، عندما قام الرسول بتأسيس الدولة الإسلامية، ولكن فى الوقت نفسه، نحن كشعوب عربية إسلامية نرفض عودة الصهاينة لمصر، لأنهم فى حالة عودتهم سيخربونها وسيكونون السبب فى الفساد والإفساد.
■ هل هناك فرق بين ما تعيشه مصر فى عصر مبارك وعصر مرسى، وما تأثيره على فلسطين؟
- لاشك أن هناك فرقاً بين الرئيسين مرسى ومبارك، الأول له تصور فى ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلى وإرساء مبدأ المصالحة بين جمع الفصائل الفلسطينية، أما الرئيس السابق فكان عقبة فى إنهاء الاحتلال الصهيونى والمصالحة، فالرئيس مرسى يعتبر القضية الفلسطينية أمناً قومياً لمصر، وهناك علاقة وطيدة بين الشعبين فى جميع المجالات، لذا أدعو قداسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، لأن يعيد النظر فى رأى البابا الراحل شنودة حول زيارة الأقباط للقدس، وأنا أقول الآن أريد زحفاً من المسلمين والمسيحيين للقدس، حتى نمنع الكيان الصهيونى من تنفيذ مشروعه الغاشم الذى يريد أن يفرغ القدس من مسلميه ومسيحيه.
■ هل تطالب «مرسى» بخطوات أخرى تجاه القضية الفلسطينية؟
- بالفعل أطالب الدكتور محمد مرسى، بأن يضع القضية الفلسطينية فى أجندته، ويكون الأب الروحى للشعب الفلسطينى، ويقف دائماً معهم فى الشدائد، وأريد أن أوجه رسالة لرئيس مصر «قضية فلسطين مسؤوليتك أمام الله».
■ هل تعتقد أن تكون سيناء جزءاً فى حل أزمة الشعب الفلسطينى؟
- هذا كلام مستحيل ومرفوض تماماً من قبل الشعبين الفلسطينى والمصرى، وفى عام 1954 حاول الزعيم الراحل جمال عبدالناصر أن يدخل الشعب الفلسطينى إلى سيناء، وانتفض الشعب الفلسطينى ضد هذا القرار، ولم يرض أن يعيش على أرض خارج أرضه، فسيناء للمصريين وغزة للفلسطينيين.
■ هل تخشى محاولات اغتيالك؟
- تعرضت لمحاولة اغتيال من قبل الاحتلال الصهيونى، وأنا لا أخشى إلا الله - سبحانه وتعالى - ودائماً على يقين بأن عمرى فى يدى الله، وليس فى يد أحد، وأطلب من الله أن أنال الشهادة.
■ هل ستترشح لرئاسة فلسطين؟
- لا أستبعد الترشح لرئاسة فلسطين، خاصة بعد توافق أعضاء الهيئة العليا لحزب الحرية والاستقلال على ذلك، ومطالبتهم لى بالتقدم للترشح لهذا المنصب فى حال إجراء الانتخابات الرئاسية، ولكن حتى الآن لم أتخذ قراراً رسميا بهذا الصدد.