شهد محيط عدد من المطارات العسكرية في حلب وإدلب ودير الزور اشتباكات عنيفة، الخميس، فيما يطلق عليه ناشطون اسم «حرب تحرير المطارات» من قبضة القوات السورية النظامية، باعتبارها مراكز أساسية للقصف على المناطق المجاورة ولوصول الإمدادات النظامية، عدا عن كونها نقطة انطلاق المروحيات الحربية التي تتولى استهداف نقاط تمركز «الجيش الحر» والبلدات الثائرة.
وبينما تخطت حصيلة القتلى المائة والعشرين عصر الخميس، في محصلة أولية للجان التنسيق المحلية في سوريا، تضاربت الأنباء حول سقوط مطار تفتناز العسكري في ريف إدلب بيد المقاتلين المعارضين، حيث أعلن اتحاد تنسيقيات الثورة أن «الجيش الحر سيطر بالكامل على مطار تفتناز العسكري»، فيما نفت دمشق واعتبرت الخبر «عاريًا عن الصحة جملة وتفصيلًا».
ونقلت وكالة «رويترز» عن مقاتل من المعارضة قرب قاعدة تفتناز قوله «إن الأجزاء الأساسية من القاعدة لا تزال خاضعة لسيطرة الحكومة، لكن المعارضين تمكنوا من التسلل إليها وتدمير طائرة هليكوبتر ومقاتلة على الأرض».
فيما ذكرت لجان التنسيق في إدلب أن مقاتلي المعارضة فجروا سيارة ملغومة داخل القاعدة. وأشار مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إلى مشاركة نحو 800 مقاتل في الهجوم على المطار، بينهم إسلاميون من جبهة النصرة. وذكر ناشطون معارضون على موقع «تويتر» أن المقاتلين سيطروا على أجزاء كبيرة من المطار العسكري، فيما أشار آخرون إلى مقتل قائد المطار العميد طارق حبيب اسمندر على يد مقاتلي المعارضة.
وكانت لجان التنسيق المحلية قد أفادت بمقتل خمسة أشخاص وجرح أكثر من عشرين آخرين في معرة مصرين بإدلب، جراء قصف بالطيران استهدف البلدة. فيما أشارت إلى مجزرة ارتكبها عناصر من «الشبيحة» بحق خمسة أطفال وسيدتين خلال عملهم في أحد بساتين الزيتون في بلدة قيمناس.
وفي دير الزور، أعلن المرصد السوري مقتل ثلاثة مقاتلين معارضين في اشتباكات مع القوات النظامية في محيط مطار دير الزور العسكري، في حين أفاد بحدوث اشتباكات في محيط مطار حلب الدولي قرب مقر الكتيبة 80 المكلفة بحماية المطار، والتي حاصرها المقاتلون المعارضون منذ أيام في محاولة للسيطرة عليها والتقدم نحو المطار المقفل منذ الثلاثاء الماضي، بسبب الهجمات وعمليات القصف التي يتعرض لها، وتعرض حي مساكن هنانو لإطلاق نار من رشاشات ثقيلة في مدينة حلب.
وتأتي «حرب المطارات» في إطار سعي «الجيش الحر» لإعاقة حركة المطارات العسكرية من خلال تعطيل الحركة فيها وضرب الطائرات المروحية.
وقال عضو تجمع «حماة الثورة» المقدم الركن المنشق، مسعف صبوح، لـ«الشرق الأوسط» إن «قوى الحراك الثوري تمكنت من السيطرة على مطار تفتناز دون التمكن من الدخول إليه، بسبب مقاومة العناصر النظامية الموجودة فيه، في حين بدأ حصار مطار دير الزور ودكه بالقذائف والصواريخ المحلية الصنع»، لافتًا إلى «السعي لاستهداف المدرجات العسكرية بهدف وضعها خارج الخدمة، إضافة إلى قطع طرق الإمداد لنتمكن من الحسم».
وفي موازاة إشارته إلى «حصار مطار كويرج، شرق حلب، حيث نعتمد استراتيجية الحصار قبل القيام بعملية اقتحام سريعة لتخفيف الخسائر البشرية قدر الإمكان»، أشار صبوح إلى أن «النظام السوري لم يعد يملك الأرض، وهو لا يزال يدمر بفضل ذراعه الطويلة المتمثلة في الطيران الحربي». وأوضح أن «استهداف هذه الذراع يسمح لنا بالامتداد أفقيًا باتجاه مساحات واسعة، وبالتالي فرض حالة من الحظر الجوي»، مضيفًا «انطلاقًا من النقص الكبير في منظومة الدفاع الجوي، نعمد إلى استهداف الطائرات وضربها على الأرض بما توافر لدينا من أسلحة، وتعطيل المطارات لوضعها خارج الخدمة». وأكد أن «الهدف كسر ذراع النظام بعدما تمكنا من منع قواته البرية من التقدم».
أما في العاصمة دمشق وريفها، وبينما تحاول قوات النظام اقتحام مدينة داريا غرب العاصمة مع مواصلة القصف على الأحياء الجنوبية وبعض بلدات الغوطة الشرقية، اشتعلت أمس أحياء شرق دمشق المتصلة ببلدة جوبر. وقال ناشطون في الحي إن «اشتباكات عنيفة بدأت ظهرًا في محيط سوق الهال (سوق الخضار الرئيسية) في حي العباسيين، وامتدت شرقًا باتجاه جوبر. وسمعت أصوات مختلف أنواع الأسلحة، التي انطلقت نيرانها من الحواجز والدبابات المحيطة بالمنطقة، والتي قامت بقصف بلدة جوبر الملاصقة لحي العباسيين. كما قام القناصة باستهداف المارة لمنع الدخول إلى المنطقة، بالترافق مع تحليق الطيران الحربي، وذلك بعد أن تم قطع طريق العباسيين - جوبر ومنع السيارات من المرور».
وأضاف الناشطون أن الاشتباكات تواصلت حتى المساء مع توقعات بتصاعدها، في ظل أنباء عن نية قوات النظام اقتحام بلدة جوبر من عدة محاور. كما استهدفت غارة جوية من الطيران الحربي الأراضي الواقعة بين القابون وحرستا، بالتزامن مع قيام قوات الأمن التابعة للنظام باقتحام المساكن العمالية في مساكن برزة.
وفي تطور جديد شهدته الأحياء الجنوبية، أعلن لواء أحفاد الأمويين ولواء سيف الشام التابعان للجيش الحر في بيان صدر أمس إتمام ما سموه بـ«عملية تبادل للأسرى» في المنطقة الجنوبية من دمشق بين مقاتلي الجيش الحر وقوات النظام، حيث تم تبادل «عدد من مرتزقة النظام بأكثر من ثلاثمائة أسير من أسرى الجيش الحر»، بحسب البيان.