أكد ممدوح عمر، وكيل أول وزارة المالية، رئيس مصلحة الضرائب المصرية، أن التعديلات الضريبية المقترحة تركز على تدبير موارد جديدة، للسيطرة على العجز الحاد بالموازنة العامة للدولة، مع تجنيب محدودى الدخل التعرض لأى أعباء جديدة.
وقال رئيس المصلحة فى «حوار خاص» لـ«المصرى اليوم»: إن صندوق النقد الدولى لم يفرض شروطاً على مصر لإقرار التعديلات الضريبية المقترحة، لكن القانون تم وضعه لمحاولة السيطرة على العجز، واتخاذ إجراءات تنفيذية لإصلاح الاقتصاد.
وتوقع «عمر» إجراء تغييرات على التعديلات المقترحة لقوانين الضرائب لدى مناقشتها بمجلس الشورى خلال الفترة المقبلة، وأشار إلى أنها لم يتم إلغاؤها بقانون، لأن الرئيس أصدرها بموجب قرار بقانون، وأوقف تنفيذها شفهياً من خلال رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ووزارة المالية. كما توقع «عمر» أن تسهم التعديلات فى زيادة الحصيلة الضريبية لضرائب الدخل بواقع 20 مليار جنيه، والمبيعات بنحو 8 مليارات جنيه، منها نحو 5 مليارات فقط من السجائر المحلية والأجنبية، وأكد عدم وجود زيادات جديدة فى الضرائب خلال الفترة المقبلة، لكنه أشار إلى إمكانية الانتقال الكامل لقانون الضريبة على القيمة المضافة عام 2014 بدلاً من ضريبة المبيعات. وإلى الحوار:
■ لماذا صدرت التعديلات الضريبية رغم ما تعانيه البلاد من ركود.. أم أن الأمر مرتبط بشروط صندوق النقد الدولى؟
- الموقف المالى الحالى للبلاد حرج للغاية، والاقتصاد المصرى يمر بأزمة، والضرائب تمثل نحو 60% من إيرادات الموازنة العامة للدولة، وجاءت التعديلات بسبب العجز الحاد بها، وندرة الموارد، خاصة من قطاع السياحة والتصدير، والاستثمار الأجنبى المباشر، التى تأثرت بشدة خلال العامين الماضيين، بينما تعتبر الضريبة المصدر الرئيس للدخل، وكانت هناك ضرورة قصوى لإجراء هذه التعديلات وأجريناها بمنظور مصرى لا علاقة له باشتراطات الصندوق أو غيره.
■ ما فلسفة تلك التعديلات؟
- ترتكز فلسفة التعديلات على عدم الإضرار أو التأثير أو زيادة الأعباء على محدودى الدخل والفقراء، وتمويل الزيادة المقترحة فى الضرائب على بعض السلع من الأثرياء والقادرين، والضرائب لن تزيد على الصناعات الغذائية، وما يتعلق باحتياجات الفقراء والسلع الأساسية بهم، كما تهدف إدخال بعض الإصلاحات لضبط المجتمع الضريبى، وتغليظ العقوبة على عدم التعامل بالفاتورة الضريبية، وزيادة الضريبة على بعض السلع وليس بشكل مطلق، ودمج الاقتصاد غير الرسمى، وفتح الباب مجدداً أمام العفو الضريبى، وعدم اتخاذ إجراءات قانونية ضد غير المتعاملين مع الضرائب فى السابق حال دخولهم فى المنظومة.
■ كيف لا تؤثر على محدودى ومتوسطى الدخل والفقراء أو الإضرار بهم.. وكل زيادة يتم تحميلها عليهم؟
- تعديلات ضريبة المبيعات لم تقترب من السلع التى تمس محدودى الدخل، واشتملت على فرض ضرائب على السلع الضارة بصحة المواطن مثل السجائر، والمشروبات الكحولية، والبيرة، ومستهلكو تلك السلع قادرون على الدفع، كما لم نعدل الضريبة على السلع الغذائية، وقدمنا حوافز ضريبية ضمن التعديلات.
■ ما هذه الحوافز؟
- أطلقنا العفو الضريبى للقطاع غير الرسمى، كما أعدت المصلحة نظام حوافز عن سداد المتأخرات الضريبية، منها حافز 15% إعفاء إذا سدد الممول حتى نهاية ديسمبر الماضى، و10% لو سدد حتى نهاية مارس المقبل، وتم إرجاء العمل بهذه القوانين، ومن بين الحوافز أيضاً إعادة ترتيب سداد الديون، بحيث يسدد الممول الضريبة أولاً، ثم التعويضات ومقابل التأخير، بينما كان المعمول به فى السابق عكس ذلك، وفى حوافز ضريبة المبيعات تم السماح بإعفاء السلع الرأسمالية، وهو ما لم يكن مسموحاً به من قبل، كما تم إصلاح بعض النصوص والمواد، المتسببة فى مشكلات بين الممولين والمصلحة، وتم ضبط المادة الخاصة بالتهرب الضريبى.
■ ما الحصيلة المتوقعة من تطبيق هذه التعديلات؟
- أتوقع أن تحقق تعديلات قانون الضرائب العامة على الدخل نحو20 مليار جنيه، ويمكن أن تحقق ضريبة المبيعات بعد التعديل زيادة فى الحصيلة بنحو 8 مليارات جنيه، منها 5 مليارات من السجائر، لأنها ضريبة غير مباشرة.
■ ما حجم المتأخرات الضريبية؟
- نحو 60 مليار جنيه، واستهدف تحصيل نحو 20 مليار جنيه منهم بأى شكل سواء بالتيسيرات أو بالحجز الإدارى، والمصلحة تركز على الديون غير المتنازع عليها، ويجب تحصيلها قبل نهاية يونيو المقبل.
■ ألم يكن لديكم بدائل سوى زيادة الضرائب فى الوقت الحالى لمواجهة الأزمة؟
- السؤال يوجه لوزير المالية، وصانع القرار السياسى، لكن أنا شخصياً كنت آمل وأفضل الانتقال الكامل لقانون الضريبة على القيمة المضافة باعتباره بديلاً عن قانون ضريبة المبيعات، مع تعديله جذرياً، كبديل لهذه التعديلات، ما يسهم فى إصلاح التشوهات، والتيسير على الممولين فى المعاملات مع المصلحة، وتطبيق الفحص الإلكترونى، وهو حل جذرى لجميع مشكلات ضريبة المبيعات.
■ متى سيتم تطبيقها؟
- عندما يطلب من صاحب القرار السياسى ذلك وفقاً لقانون يصدره مجلس الشورى، يتضمن موعد التنفيذ، وذلك عقب الانتهاء من جلسات الحوار المجتمعى الدائر حولها حالياً مع جميع منظمات المجتمع المدنى، والاتحادات النوعية، والنقابات المهنية.
■ هل تتوقع تعديلها استجابة لنتائج الحوار المجتمعى؟
- أتوقع أن يجرى مجلس الشورى بعض التعديلات، التى تتضمن تعديلات مقترحة، وزيادة أسعار الضريبة على بعض السلع، وفقاً للمناقشات.
■ ما أهم التعديلات المتوقعة؟
- يمكن إعادة النظر فى تعديلات ضريبة المبيعات، فيما يتعلق بالتمييز بين السلع المحلية والمستوردة فى الإعفاء للسلع الرأسمالية، وكذا عدم خصم الحديد الخردة الذى يحتاج إلى معالجة، ومراجعة بند الزيوت لو أحدث مشكلة، خاصة أنه يمكن تعويضه من بند الاتصالات، وفى تعديلات ضريبة الدخل يمكن ضبط المادة «53»، لأن هناك اعتراضات كثيرة عليها، والباقى أشياء بسيطة.
■ هل الحوار المجتمعى «تحصيل حاصل» كما يردد البعض وأن القانون سيمر فى النهاية؟
- لا على الإطلاق، وكنت أفضل أن يسبق الحوار إصدار القانون، لكن المصلحة دائماً ما تتحاور وتتناقش مع مجتمع رجال الأعمال فى شؤون الضرائب وتطبيقاتها، وحريصة على الحوار المجتمعى بشأن التعديلات الضريبية المقترحة مؤخراً، وتراعى جميع التفاصيل والاعتراضات، وتعرضها أولاً بأول على وزير المالية ومساعديه ومستشاريه، ويمكن إدخال بعض التعديلات عليها.
■ ما المانع من تطبيق القيمة المضافة؟
- الظروف الاقتصادية والمالية الراهنة التى تمر بها البلاد، فضلاً عن عدم وجود مجلس الشعب، حالا دون التحول إلى ضريبة القيمة المضافة، رغم أننى مؤمن شخصياً بهذا المشروع، وأسعى إلى تطبيقه عام 2014، لأنه يقضى على جميع المشكلات التى تواجه الممولين.
■ هل تم إضافة شريحة جديدة لأسعار ضريبة الدخل؟
- لم يتم إضافة شريحة جديدة بخلاف التى تم استحداثها قبل عام بنسبة 25% على من تزيد أرباحهم السنوية على المليون جنيه، ولم يتم فرض شريحة جديدة بواقع 22%، بينما قدمت المصلحة تيسيرات وحوافز للممولين فى ضريبة كسب العمل، حيث تبلغ 10% من 5 آلاف جنيه، وحتى 30 ألف جنيه، بدلاً من 20% حالياً، و15% عن الأرباح أكثر من 30 ألف جنيه، حتى 45 ألف جنيه، بدلاً من 40%، وتبلغ الضريبة 20% على المبالغ من 45 ألفاً حتى مليون جنيه، 25% على من يحقق أرباحاً تزيد على المليون.
■ ما حقيقة ما تردد مؤخراً بشأن زيادة حد الإعفاء للموظفين إلى 12 ألف جنيه لمواجهة التحديات؟
- لم يحدث تعديل فيما يتعلق بزيادة حد الإعفاء إلى 12 ألف جنيه، وهو باق كما هو بواقع 5 ألاف جنيه معفاة، فضلاً عن 4 آلاف أخرى لموظفى الحكومة والقطاع الخاص.
■ هل تم وقف العمل بمشروع بناء نظام معلوماتى الكترونى ممول من جانب المعونة بـ10 ملايين دولار، ومثلها بالجنيه من المصلحة؟
- هناك برنامج لم يتوقف، وتتم تجربته حالياً فى مركز كبار ومتوسطى الممولين، وهناك بعض الأخطاء فى أنظمة البرنامج، والمعونة تساعدنا على حلها، ويقوم البرنامج ببرمجة جميع العمليات الضريبية بالمأمورية، وإتاحة المعلومات، وإدخال فواتير وصورها بالكامل على النظام، ويجب أن يكون جاهزاً للتطبيق عام 2014.
■ متى سيتم تفعيل الفاتورة الضريبية مع تجريم عدم التعامل بها فى التعديلات الأخيرة؟
- عقب إقرار القانون بمجلس الشورى سيتم تفعيلها بشكل جاد دون تهاون أو استثناء من جانب جهاز المكافحة بالمبيعات والدخل، والقيادة السياسية تدعمنا بشكل قوى وبلا حدود، ولا استثناءات فى تطبيق الفاتورة، أو استيفاء الضريبة القانونية، وسنقاوم مخالفة القانون، وإثراء التجار على حساب الضرائب، لأن الخزانة العامة أولى بالأموال خلال الفترة المقبلة والراهنة، والفاتورة الضريبية مهمة لتطبيق القيمة المضافة وتهيئة المجتمع الضريبى لذلك، خاصة أنها ستكشف عن التعاملات بالسوق، وإحكام السيطرة على التهرب، ولا تنازل عن التعامل بها، وتفعيل العقوبات الفترة المقبلة، للحصول على حق الدولة.
■ ماذا عن التهرب الضريبى بعد الثورة؟
- المصلحة تحرر نحو 150 محضر تهرب شهرياً فى ضرائب الدخل، وكذلك محاضر كثيرة خاصة بضريبة المبيعات، والمصلحة تفضل إنهاء المنازعات ودياً بعيداً عن المحاكم، ويبلغ حجم التهرب نحو40% من السوق، معظمه فى القطاع غير الرسمى «السرى وبير السلم»، ونحاول السيطرة عليه من خلال إجراءات لدمج الاقتصادين الرسمى وغير الرسمى.
■ هل طلب رجال أعمال ورموز النظام السابق المحبوسون فى قضايا فساد مالى التصالح فى قضايا ضريبية؟
- نعم، هناك الكثير، ونحن نتعامل مع الشركات كأشخاص اعتبارية وليس مع المحبوسين، ونعمل باستمرار فى هذا الملف على المصالحات مع الشركات، ومنها من قام بتسويات وتصالح معنا فى بعض القضايا، وآخرها شركة حديد عز، التى سددت 125 مليون جنيه عن تعاملات فى ضريبة المبيعات، ولابد من التفرقة فى هذا الشأن بين أشخاص رجال الأعمال، وشركاتهم.
■ ماذا عن شركات استصلاح الأراضى التى حولت نشاطها إلى استثمار عقارى؟
- نحصر حالياً جميع أراضى طريق مصر الإسكندرية الصحراوى، وباقى المناطق العمرانية، ولا أستطيع ذكر أسماء حالياً حتى يتم تقنين الإجراءات، كما نعمل حالياً على جمع المعلومات والبيانات، والتحريات عن 5 شركات استثمار عقارى «تقيلة» غيرت نشاطها، وتحولت من شركات استصلاح أراض بغرض الزراعة، وحصلت على الأرض من الدولة لهذا الغرض، ثم تحولت إلى بناء فيلات وقصور وعقارات، والتصرفات العقارية خاضعة للضريبة، ونحصر تلك البيانات بالكامل حتى نواجههم بها، تمهيداً لتحريك الإجراءات القانونية، ورفع الدعاوى القضائية ضد هذه الشركات، خاصة أنها لم تعترف بهذه الأنشطة العقارية ضريبياً، والتحريات الأولية تؤكد تهربها، لكن ليس لدينا إحصائيات حول حجم التهرب ونشاط هذه الشركات وأرباحها.