x

نشطاء الأقباط: لم نعد أقلية ومستمرون فى النضال

الأحد 30-12-2012 20:57 | كتب: عماد خليل |

بدأ الصراع بين الكنيسة وتيارات الإسلام السياسى بعد انسحاب ممثلى الأولى من الجمعية التأسيسية للدستور، وتجاهل مؤسسة الرئاسة لمطالب الأقباط الخاصة ببعض المواد الخلافية، وزادت الهوة اتساعا، مع تصريحات إخوانية وسلفية بأن أغلب المحتجين أمام الاتحادية من الأقباط، وأن الكنيسة تسيطر على جبهة الإنقاذ، وتحذير صفوت حجازى للكنيسة مما سماه التعاون مع بقايا النظام السابق، وتصريح ياسر برهامى، بأن الإسلاميين خدعوا ممثلى الكنيسة والقوى المدنية فى الجمعية التأسيسية.

وبرغم ذلك دعت الكنائس الثلاث الأقباط للمشاركة فى الاستفتاء على الدستور، متفادية توجيههم لاختيار معين.

وعبرت الكنائس عن موقفها من الدستور فى بيان مشترك، بإعلان انسحابها الرسمى من التأسيسية وأرفقت به الأسباب التى تركزت على عدم التعبير فى مسودة الدستور عن التوافق الوطنى وهوية مصر التعددية، واعتبرته خروجا عن تراث الدستور المصرى، ويمثل انتقاصا من حقوق المواطنة التى اكتسبها المصريون عبر العصور.

وقالت مصادر داخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إنها رفضت دعوات الحوار مع الرئاسة، رغم تسميتها أكثر من مرة ممثلها فيه، الدكتور كامل صالح، لكنه لم يشارك فى أى من جلساته، واكتفت الكنيسة بكتابة مطالبها حول المواد الخلافية وأرسلتها إلى رئاسة الجمهورية مع قائمة بترشيحات ممثليها فى حصة المعينين فى مجلس الشورى.

ورفعت الكنائس شعار «المحبة لا تسقط أبدا» وفق ما قاله، الأنبا مرقس، أسقف شبرا الخيمة، رئيس لجنة الإعلام بالمجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية، مضيفاً: «مستقبل الكنيسة مع الدولة لا يهمنا لأن مستقبلنا ومستقبل الأقباط مع الله، فالكنيسة لا تخشى من النظام الجديد».

ورأى الأنبا يوحنا قلتة، المعاون البطريركى للأقباط الكاثوليك، أن كل المصريين فى حالة ترقب للأيام المقبلة، قائلاً: رغم ذلك الكنائس تأخذ الأمور ببساطة، وتتسامى على تصريحات قيادات التيارات الإسلامية، الجارحة للأقباط والكنائس، متمنياً أن يدرك الإسلاميون أهمية التعاون بين كل المصريين وأن ترسيخ المواطنة ضمانة أساسية للدول المتقدمة.

ونبه الدكتور أندريا زكى، نائب رئيس الطائفة الإنجيلية، إلى أن الأقباط لم يعودوا كتلة سياسية واحدة توجهها الكنيسة، وأنهم أصبحوا متنوعين سياسيا، مطالباً بمد جسور المصالحة الوطنية لتجاوز التدهور الاقتصادى الحاد بالتعاون بين الأقباط والمسلمين وبين السلطة والمعارضة، مشدداً على أنه «مهما اختلفت التوجهات السياسية مع المسلمين فإن المحبة لا تسقط أبدا».

وأكد المطران منير حنا أنيس، مطران مصر والشرق الأوسط والقرن الأفريقى للكنيسة الأسقفية، أن الدستور لن يحقق الاستقرار المطلوب دون مصالحة وطنية حقيقية، ولن تتحقق تلك المصالحة إلا بإرادة فعلية من مؤسسة الرئاسة. مطالباً بتكرار تجربة جنوب أفريقيا فى المصالحة، حتى يشارك كل مصرى فى إعادة بناء الوطن، لأن الاستحواذ لن يجدى فى ظل الوضع الاقتصادى الصعب، مقترحاً أن تلعب مبادرة «بيت العائلة» فى لم شمل المصريين.

وإذا كانت الكنائس ترفع شعار المحبة، فإن النشطاء الأقباط اختلفت اتجاهاتهم، لكنهم كما معظم المصريين بعد الثورة، تعلموا الجرأة فى المطالبة بحقوقهم، رغم إصرار التيارات الإسلامية على تمرير مشروع الدستور دون توافق حقيقى، مؤكدين أن الأقباط لم يعودوا أقلية كما كان الأمر فى ظل النظام السابق، وأنهم مستمرون فى النضال من أجل الحصول على حقوقهم كمصريين لا كأقباط، وإسقاط الدستور الذى وصفوه بأنه خائن للثورة ولدماء الضحايا، رافضين الاعتراف به لأن ذلك يعطيه قبلة الحياة، باعتباره ولد ميتاً.

وتوقع مدحت قلادة، رئيس اتحاد المنظمات القبطية فى أوروبا، أن تسوء العلاقة أكثر بين الأقباط والدولة بعد تمرير الدستور، لإصرار الرئيس على الاستقواء بالتيارات الدينية، ورفضه للآخر متجاهلاً تهديدات بعض التيارات الدينية بأن المسيحى أو الليبرالی الرافض لفكرهم سوف ينكل به، معتمدين على ما سماه الدستور الإقصائى والذى يكرس الدولة الدينية، وأن تسعى كل التيارات الإسلامية لفرض الهيمنة والسيطرة وإقصاء الآخر فى ضعف محمد مرسی الذى يقاد من مكتب الإرشاد وخيرت الشاطر.

وتمسك الدكتور شريف دوس بالحوار كقاعدة لحل المشاكل، وبأن يمارس النشطاء الأقباط حقوقهم السياسية كمواطنين مع عدم تدخل الكنيسة، كما كان يحدث فى ظل نظام الرئيس السابق مبارك، وشدد «دوس» على أن الأقباط لن يحصلوا على كامل حقوقهم إلا بانتمائهم للأحزاب السياسية، متوقعاً أن الدستور الجديد لن يستمر طويلا، لرفض نصف الشعب، على الأقل له، وألا تواصل رئاسة الجمهورية العناد، وتراعى التوافق مع الانهيار الاقتصادى والمشاكل التى تمر بها البلاد.

ورفضت الدكتورة جورجيت قلينى، عضو المجلس الملى العام، وصف الأقباط بالأقلية، قائلة إن أفضل ما حدث خلال الأزمة مع التيارات الدينية، والرئاسية أن الأقباط ذابوا بالتيار المدنى، وأصبحت مخاوفهم هى مخاوفه، ولم يصبحوا أقلية، فمواد الدستور التى تحفظت عليها الكنائس هى نفس المواد التى رفضها التيار المدنى الذى يمثل نسبة كبيرة من الشعب المصرى.

ووصفت طلب الرئاسة من الكنيسة ترشيح أقباط لتعيينهم فى الشورى بأنها محاولة لإضفاء شرعية على مجلس الشورى الذى تحتل التيارات الإسلامية أغلبيته الساحقة، ولن تستطيع كل التيارات المدنية تمرير قانون أو حتى تملك الثلث المعطل لقانون آخر.

وأضافت: تصريحات الشاطر والبلتاجى بشأن الأقباط ومشاركتهم فى المظاهرات ضد الرئيس كانت محاولات فاشلة لبث الفرقة داخل التيار المدنى وخلق فتنة طائفية بين الأقباط والمسلمين وهو ما فشلوا فيه.

وحذر ماجد حنا، الناشط الحقوقى، من أن العلاقة بين الأقباط والدولة لن تكون طيبة خلال الأيام المقبلة، مرجعاً ذلك إلى أن من وضعوا الدستور وضعوه فى ليل دامس ولن تستقيم الأمور إلا بعد تعديل المواد الخلافيه، وفق تعبيره، واستطرد: هذه معجزه تحتاج إلى موافقة ثلثى المجلسين. إذن هناك حائط صد لابد من إزالته حتى تستقيم الأمور.

وعبر عن أسفه من أن النظام الحاكم يتجاهل ما سماه الجراح الغائرة واستحالة العيش بجراح لا تجد مسكناً أو دواء، قائلاً: إن إرسال كشف شخصيات قبطية للتعيين بالشورى يمنحه (بركة الشرعية) كما كانت شركات توظيف الأموال تفعل سابقاً».

فى المقابل، توقع ممدوح رمزى، عضو مجلس الشورى، تحسن أوضاع الأقباط مستنداً إلى تأكيدات سمعها من الدكتور أحمد فهمى، رئيس مجلس الشورى، عن وجود 15 نائب قبطياً بالشورى منهم 12 بالتعيين، وأضاف أنه يثق فى وعود الرئيس بتعديل المواد الخلافية فى الدستور، خاصة المادتين 10 و219 حتى لا يتغلل الفكر الوهابى إلى مصر، حسب كلامه.

وانتقد جون طلعت، الناشط السياسى، ما سماه فشل نظام الحكم الحالى فى احتواء مخاوف الأقباط واتهمه بزيادتها، بإصرار رئيس الدولة على عدم حضور حفل تنصيب البابا ودعوته للبطريرك بالذهاب له على عكس العرف، وصمته على ما قال إنه تصريحات كبار جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة العدائية ضد الأقباط بتقسيم المجتمع المصرى بالإعلان الدستورى وبإقراره دستوراً طائفياً، لا يأتى بحقوق المصريين.

ويخشى «طلعت» أن تسوء العلاقة أكثر مع النظام الإخوانى الحاكم، وأن يتعرض الأقباط لمزيد من الظلم، وأن يسعى عدد أكبر من الشباب القبطى بجدية للهجرة من الوطن.

وفى ذات السياق لم ير فادى يوسف، منسق ائتلاف أقباط مصر، أى بشائر لاحتواء النظام الحالى للأقباط متهماً الرئيس مرسى بأنه يعرض الشعب للفتن، مستشهداً بما قال إنه زج قيادات الحزب الحاكم بالأقباط فى أزمات سياسية، دفعت بكوادرهم الحزبية للتجييش ضد المسيحيين، متخوفاً من أن يتحول هذا التجييش فى القريب إلى أزمات طائفية لا يستطيع أحد السيطرة عليها.

من جانبه رأى «إبرام لويس»، مؤسس «رابطة ضحايا الاختطاف والاختفاء القسرى»، إن نتيجة الاستفتاء التی أعلنت، هى «تحصيل حاصل»، قائلاً إن كل مراحل إعداد الدستور شابها البطلان، بدءًا من تشكيل الجمعية، وانتهاءً بطرح الدستور للاستفتاء، واستطرد: «ما بُنی على باطل، فهو قانونًا باطل»، متعهداً باستمرار ما وصفه بـ«النضال الديمقراطى لإسقاط الدستور الخائن لثورتنا ولدماء شهدائنا الغالية»، رافضاً منح ما سماه قبلة الحياة للدستور بالتعايش معه، مطالبا بالتعامل معه باعتباره فی حكم الميت.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية