لم يقتصر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي على النشطاء والمدونين فقط، بل امتد بعد ثورة 25 يناير إلى مسؤولي الفترة الانتقالية، الذين أدركوا أهمية هذه مواقع، التي انطلقت منها شرارة الدعوات الأولى للثورة، ووصل الأمر إلى أن أصبحت تلك المواقع المكان المفضل لإعلان عدد من المسؤولين استقالاتهم عبرها، حيث أعلن ما يقرب من 6 مسؤولين، في الشهر الجاري فقط، بينهم وزراء ومستشارون للرئيس، استقالاتهم من خلالها.
كان «المجلس العسكري» من أوائل مؤسسات الدولة التي بدأت بنشر بياناتها عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، هذه البيانات التي كانت تحدد السياسات العامة للدولة وتعلن القرارات المهمة والنداءات التي يرغب في توصيلها إلى أوسع نطاق من الجمهور الفعّال والنشط، وجمعت صفحة المجلس في بداية انطلاقها حوالي مليون مشترك.
وحرصت الأحزاب التي قامت بعد الثورة على إنشاء صفحات لها على المواقع الاجتماعية، لعرض خططها أو ما تقوم به، وانتقل بعد ذلك إلى مرشحي الرئاسة، فلم يقتصر صراع الدعاية بينهم على الشارع فقط، بل امتد إلى الترويج لهم ومحاولات اكتساب مؤيدين من خلال هذه المواقع.
وفي ظل نظام الرئيس محمد مرسي، اهتم مستشاروه وبعض الوزراء، والرئيس نفسه، وأغلب مؤسسات الدولة مثل الجمعية التأسيسية للدستور، ومجلس الشورى بالتواجد في فضاء التواصل الاجتماعي.
واستخدم الرئيس مرسي حسابه على موقعي التدوينات القصيرة «تويتر»، و«فيس بوك» لنشر خطاباته وقراراته المهمة، والتنويه عن مواعيد خطبه.
وشهد شهر ديسمبر 6 استقالات لمسؤولين كبار عبر مواقع التوصل الاجتماعي، بعضهم وزراء في حكومة الدكتور هشام قنديل، حيث أعلن الدكتور أيمن الصياد، مستشار الرئيس، في 5 ديسمبر، استقالته على موقع «تويتر»، قائلاً: «الآن نعلن خبر استقالاتنا الذي أخفيناه أسبوعًا كاملاً بهدف البحث عن حل بلا جدوى.. عن مستقلي الهيئة الاستشارية أتحدث»، وذكر الصياد أن «استقالاتنا» يقصد بها نفسه، والإعلامي عمرو الليثي، والدكتور سيف عبد الفتاح، مستشاري الرئيس، على خلفية أحداث الاتحادية التي راح ضحيتها 10 شهداء.
وتلي ذلك استقالة نائب رئيس حزب الحرية والعدالة ومستشار الرئيس، رفيق حبيب، حيث كتب نص استقالته عبر «فيس بوك» وكان ملخصها، أنه قرر اعتزال أي عمل سياسي، والانسحاب من أي دور سياسي، الآن ومستقبلًا، بما في ذلك الانسحاب من أي دور في مؤسسة الرئاسة، وحزب الحرية والعدالة، مكتفيًا بدوره الأصلي كباحث ومحلل سياسي.
وأعلن استقالته أيضًا على «توتير» الدكتور محمد سيف الدولة، مستشار الرئيس للشؤون العربية، قائلاً: «قمت بالاستقالة من الهيئة الاستشارية لرئيس الجمهورية، وحفظ الله مصر».
ومؤخرًا، أعلن المهندس هاني محمود، وزير الاتصالات، استقالته عبر «تويتر»، وجاء نصها: «بعد ٣٠ سنة من العمل بالشركات العالمية، لم أستطع التأقلم مع ثقافة العمل الحكومي، وخاصة في ظل ظروف البلاد الحالية، لذلك قدمت استقالتي منذ أكثر من شهر، وسأستمر بالعمل لحين اختيار الوزير الجديد».
وكان آخر من نشر استقالته على مواقع التواصل الاجتماعي، الدكتور محمد محسوب، وزير الدولة للشؤون القانونية، وكتب نص استقالته عبر «فيس بوك»، والتي بعثها إلى الرئيس مرسي، وأوضح فيها أن استقالته كانت لاعتراضه على تكليف الدكتور هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء، بإجراء التعديلات اللازمة على تشكيل الحكومة القائمة.
وأكد فيها أن «كثيرًا من السياسات والاجتهادات لـ(الحكومة) تتناقض مع قناعاتي الشخصية، بل ولا أراها معبرة عن طموحات شعبنا بعد ثورة هائلة طاهرة، دفع لأجل نجاحها الغالي والنفيس»، وضرب مثلًا بـ«ملف استرداد الأموال المنهوبة»، مشيرًا إلى أن «مصداقية الحكومة تتراجع أمام المواطنين».
المكانة التي صنعتها الثورة لمواقع التواصل الاجتماعي بعد أن استغلها ملايين المستخدمين كأداة لنقل الأفكار والمبادرات، التي سرعان ما تتحول لفعل على الأرض، دفعت مسؤولي الدولة ومؤسساتها إلى الحرص على التواجد فيها، ومخاطبة جمهورها، ليس فقط لأنه آخذ في التوسع بشكل غير مسبوق، لكن أيضًا لأن بين هذا الجمهور القطاعات الأكثر فعالية وتأثيرًا.