x

«قرى الأشباح» في الشيخ زويد تدفع فاتورة الحرب على الإرهاب بسيناء.. (تحقيق)

الأحد 15-09-2013 20:35 | كتب: مصطفى المرصفاوي, محمد البحراوي |
تصوير : تحسين بكر

وصف ما حدث على مدار الأيام الماضية داخل القرى الموجودة بين منطقتى الشيخ زويد ورفح لا مسمى له سوى الحرب.. حرب على «بؤر الإرهاب» حسب بيان القوات المسلحة، بيوت مهدمة، منازل محترقة، آثار جنازير الدبابات لاتزال ظاهرة على الأرض الرملية بوضوح، وبقايا صواريخ وقنابل.

هذا حال قرى التومة والظهير والجورة والمهدية والتى بدأت المجموعات القتالية التابعة للقوات المسلحة والأمن المركزى المدعومة بغطاء جوى من طائرات الأباتشى، لبدء «خطة أمنية وضعت داخل وزارة الدفاع بعد الانتهاء من عملية فض اعتصامى رابعة والنهضة الشهر الماضى» وفقا لمصدر أمنى لتبدا نهاية الأسبوع الماضى تنفيذ أكبر عملية أمنية فى شمال سيناء وفقا لبيان رسمى نشر عبر حساب المتحدث العسكرى على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، الذى أكد أن «الحملة هدفها مهاجمة البؤر الإرهابية والقبض على العناصر التكفيرية المسلحة والخارجين على القانون».

قبل 30 يونيو الأوضاع كانت شبه هادئة قبل أن تتحول إلى منطقة عمليات عسكرية، الوصول إلى تلك القرى ليس بالأمر الصعب، ولكن للدخول يتطلب مساعدة من أحد أهالى القرية إلى الداخل، وإن لم يوجد يمكنك فقط أن تقف خارجها وتشاهد بقايا تلك القصور الفارهة والمميزة التى يقول الأهالى إنها منازل المهربين سواء كانوا فى مجال السلاح أو المخدرات أو تهريب الأفارقة.

الآن وبعد انتهاء الجيش من عملياته العسكرية فى الجزء الأكبر من تلك القرى اصبح الأمر أكثر صعوبة فكمائن الجيش تنتشر على الطرق الرئيسية المؤدية إلى القرى، وعلى الرغم أن مهمتها التفتيش لكنها لا تترك مساحة لأى سيارة من الاقتراب منها، فمع التحذير الأول من مجند الجيش الذى يجلس فوق الدبابة الأولى بالكمين وهو يشير بيديه «لف وارجع.. لف وارجع» تنطلق سريعا الطلقات لكى تجبرك على العودة والابتعاد عن ذلك الطريق، لتبقى الطرق الجانبية وغير الممهدة لتكون هى الطريق الوحيد للوصول إلى تلك القرى.

داخل استراحة صغيرة بناها بجوار منزله الصغير للضيافة، لم يجد غيرها سيد عبدالقادر لكى ينام بها هو وأسرته وأبناؤه بعد أن دمرت قوات الجيش منزله المكون من طابقين. حال منزل سيد هو حال الكثير من المنازل بقرية المهدية والقرى المجاورة، يحكى سيد عن يومين من الحرب والحملة الأمنية «يوم الثلاثاء الماضى، كانت البداية فى الساعة السابعة صباحا، مئات المدرعات والدبابات تحاصر القرية، ومن الجو تحلق 3 طائرات أباتشى على مستوى منخفض استعدادا للاشتباك، لتبدأ بعدها قوات الصاعقة فى الدخول إلى القرى وتفتيش البيوت.. وبعدها يتم هدمها عن طريق قصفها بالدبابات أو بصواريخ الطائرات..استمر الحال على هذا لمدة يومين متتاليين».

قرية المهدية التى تبعد ما يقرب من 35 كيلو مترا عن مدينة العريش كان لها النصيب الأكبر فى البيوت المهدمة حيث دمرت قوات الجيش ما يقرب من 60 منزلا من أصل ما يقرب من 400 منزل تضمهم القرية. العديد من الأهالى هجروا منازلهم خوفا من العملية الأمنية تاركين بيوتهم وانتقلوا سريعا إلى مدينة العريش بعيدا عن طائرات الأباتشى والدبابات، بينما هرب آخرون وهم معظمهم من المهربين أو الجهاديين تاركين منازلهم أيضا ولكن وجهتهم كانت إلى وسط سيناء بالقرب من جبل الحلال.

تختلف موجات الغضب من منزل الى منزل، فالروايات حول العملية الامنية واحده لا يختلف عليها الاهالى فيما بينهم،محاصره ميدانية من الأرض والجو عن طريق قوات الجيش، وعمليات تفتيش دقيقة يقوم بها جنود وضباط من فرق الصاعقة والعمليات الخاصة ثم إخراج الأهالى من داخل البيوت التى توجد معلومات حولها أن أصحابها من المسلحين أو المهربين ويطلب منهم الوقوف على مسافة بعيده من المنزل ويقوم بعدها بتدميره عن طريق القصف بالطائرات او بمدفعية الدبابات.

داخل منزلها المكون من طابقين وتظهر عليه بقايا الفخامة والتى ترفض مغادرته هى وأطفالها الأربعة على الرغم من تدميره تحكى السيدة أم محمد عن العملية «فى السادسة والنصف صباحا استيقظنا على أصوات تحذيرات قوات الأمن والمطالبة بالخروج من المنازل رافعين أيدينا فى الهواء، لينطلق بعدها الضباط والجنود فى مجموعات وتقوم كل مجموعه تفتيش منزل وبعد الانتهاء وتحريز الأسلحة إن وجدت تضرب الدبابات المنزل حتى ينتهى اليوم فى الرابعة والنصف عصرا»

ما يختلف عليه الأهالى هو الطريقة التى استخدمت فى العملية. يقول إبراهيم المنيعى رئيس اتحاد قبائل سيناء والمعروف أنه من أحد أهم المؤيدين للإخوان المسلمين والمنظمين للمسيرات خلال الفترة الماضية «حتى لو كان أصحاب البيوت التى دمرت من الإرهابيين، كيف يتم قصف بيوتهم بالدبابات والطائرات.. والمسلحون أنفسهم الذين قبض عليهم وبحوزتهم أسلحة متطورة لم يستخدموها ضد قوات الأمن».

وهو ما يرد عليه مصدر أمنى «كنا نعلم جيدا أن العدد الأكبر من الإرهابيين سيفر هاربا إلى خارج القرية مع اقتراب قوات الأمن بسبب انتشار «الناضورجية» التابعين لهم على أطراف القرية ويتم التواصل فيما بينهم عن طريق أجهزة اللاسلكى.. ولذلك كان جزءا من العملية هو تشتيت تجمعهم داخل تلك القرى وهدم بيوتهم لضمان عدم تجمعهم مرة ثانية حتى يسهل ملاحقة كل منهم بمفرده».

وأضاف المصدر: «سنبدأ من الغد عملية حصر للمنازل المتضررة تمهيداً لتعويض أصحابها من غير المسلحين أو عصابات تهريب الأفارقة إلى إسرائيل»، موضحاً أن أى عملية عسكرية يكون بها نسبة خطأ.

بين منزلين كبيرين احترقا بالكامل جلس «خلف السيد» أمام منزله الصغير المحترق أيضا بقرية الجورة التى تبعد تقريبا 17 كيلو عن الحدود مع غزة، يحكى عن العملية التى وصلت إلى قريته فجر يوم الاثنين الماضى ومحاصرة قوات الأمن لها: «أنا راجل مزارع فى حالى البيتين إللى جنبى أصحابهم فعلا بيشتغلوا فى التهريب والأفارقة وعلشان كده الجيش هدها، لكن أنا مليش ذنب، مين هيعوضنى عن بيتى إللى اتدمر من غير سبب»..على مسافة قريبة منه تحدث احد الأهالى رفض ذكر اسمه ليؤكد أن هناك نسبة خطأ فى العملية الأمنية وان بيوتا تم هدمها بالخطأ بسبب عدم توافر المعلومات الكاملة مؤكدا «أصحاب البيوت المهدمة الأبرياء هم من لايزالون يجلسون بجوار بيوتهم، أما من دمرت منازلهم وهربوا بعيدا عنها إلى وسط الصحراء والدروب التى لا يعرفها غيرهم هم من كان استهدافهم صحيحا وجميعهم يعمل فى مجال التهريب أو متورط فى أعمال عنف وضرب المواقع الشرطية خلال الفترة الماضية».

استمرار العمليات الأمنية على مدار الأسبوع الماضى وقصر تواجدها فى ساعات النهار فقط أثناء تنفيذه العمليات وانسحابه بعد الانتهاء منها وعدم ترك أى قوى أمنية لحماية القرية، حول مدينة الشيخ زويد وجميع القرى التى تقع فى حدود المدينة، وخاصة التى كانت مستهدفة إلى أشبه بمدينة أشباح لا سيارات تتحرك، المحال التجارية مغلقة، مما زاد من معاناة الأهالى فى الوصول إلى احتياجاتهم اليومية من الأكل والشرب. «الكل خايف ومفيش حد بيجيب خضار أو اكل للمنطقة بسبب وقف حركة البيع والشراء» يقول عبدالله إسماعيل احد الأهالى من قرية التومة ويؤكد أن الجميع يضطر إلى قطع مسافات طويله إلى مدينة العريش حيث يلبى احتياجات منزله ثم يعود سريعا أو يضطر إلى المبيت بالعريش بسبب تطبيق الحظر تقريبا مع اقتراب عقار الساعة من الرابعة عصرا.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية