أكد الكاتب جهاد الخازن، أن الموقف الغربي تجاه مصر في المرحلة الحالية انتهازي بنسبة مائة في المائة، بسبب خدمة مصالح الغرب بقيادة الولايات المتحدة، التي تقود حملة ضد الشعب المصري بأن ما شهدته مصر في «30 يونيو» ليس ثورة شعبية، بل تصر على أن ما حدث انقلاب عسكري، فضلا عن أن القوى الغربية لن تستطيع فرض عقوبات على مصر أو القيام بتوجيه ضربات عسكرية، حفاظا على مصالحها، خاصة أن مصر تمتلك جيشاً من أقوى المؤسسات العسكرية بالمنطقة.
وأشار «الخازن» في حواره مع «المصري اليوم» إلى أن الولايات المتحدة تدعم جماعة الإخوان لصالح إسرائيل، فضلا عن أن أمريكا تريد دائما ربط مصير مصر والعرب بالكيان الصهيوني والحفاظ على أمنه واستقراره، من خلال دخول المنطقة فىيحالة فوضى، وهو الأمر الذى كان ينفذه «تنظيم الإخوان».
وإلى نص الحوار:
■ كيف ترى قيام عدة أجهزة مخابرات غربية بوضع خطة لتوجيه ضربة عسكرية لمصر؟
- هذه تسريبات من بعض أجهزة المخابرات للتأثير بالسلب على الدولة المصرية، سواء النظام والحكومة أو الشعب، بهدف وقف تنفيذ خارطة المستقبل التي بدأت الحكومة الحالية بالفعل السير في تنفيذها لإنقاذ مصر، إلا أن الغرب لم يضع في حسبانه أن شعب مصر الذي قام بثورة ستؤثر في العالم يقف بكل قوته خلف النظام الحاكم والحكومة والجيش، لذلك لن تنجح هذه المخططات التي عادة ما تنجح في الدول التي توجد بها انشقاقات، وهو ما لم يحدث في مصر، لذلك فإن الغرب لن يستطيع فرض عقوبات على مصر، حفاظا على مصالحه بالمنطقة، خاصة أن العرب شكّلوا بشكل غير مباشر ما يسمى في الغرب «اللوبي العربى» لمساندة مصر، وهو الأمر الذى كان له تأثير كبير لصالح مصر في الخارج.
■ معنى ذلك أنك ترى وجود نية لتوجيه الولايات المتحدة ضربة عسكرية لمصر؟
- بالفعل أمريكا تسعى إلى توجيه ضربة عسكرية لمصر بعد أن قامت بالتشاور مع بعض الدول الأوروبية في هذا الأمر، إلا أن موقف الفريق عبد الفتاح السيسي، وزير الداع، وقوة الجيش المصري، والموقف العربي ستحول دون ذلك، لأن أمريكا ستعيد حساباتها مرة أخرى، لأنها تعرف جيدا قدرة الجيش والشعب المصري، ودعني أؤكد لك أن العرب لم يأتهم من الغرب سوى الخراب والدمار، وهو ما يجب أن يعرفه الجميع، فضلا عن ضرورة أن تعرف أمريكا جيدا أن مصر بلد مستقل ومستقر ولم يقبل أي وصاية منها أو غيرها، لذلك لابد من أن تحترم الولايات المتحدة هذه الإرادة لأنه أصبح من المستحيل عودة جماعة الإخوان المسلمين إلى الحكم مرة ثانية.
■ لماذا يصر الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على دعم ومساندة الإخوان؟
- الهدف الرئيسي من دعم الولايات المتحدة لتنظيم الإخوان هو تنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد، والإدارة الأمريكية رأت أن الإخوان سيكونون متعاونين معهم في تنفيذ هذا المخطط في مصر، وكان ذلك سينعكس على الإخوان من أن أمريكا ستضمن بقاءهم في الحكم أطول فترة ممكنة، والدليل على ذلك تصريحات الفريق عبدالفتاح السيسي التى أكد فيها أن الجماعة كانت تسعى إلى حكم مصر لمدة 500 سنة، مما يعني أن عروس الشرق كانت ستصبح مثل أفغانستان على يد هذه الجماعة التي تعتنق أفكاراً لا تتلاءم مع طبيعة مصر الأرض والشعب، وعلى الرغم من أن الأحداث الجارية مؤلمة لكل مواطن عربي يشاهدها إلا أن مستقبل مصر سيكون أفضل بكثير مما كانت عليه، لأن الشعب قادر على الحفاظ على مصر والثورة والتصدي لأي مخططات أو مؤامرات تحاك ضد بلاده.
■ كيف ترى انحياز الجيش لإرادة الشعب في 30 يونيو وموقف الفريق السيسي؟
- ما حدث في مصر ثورة شعبية مائة في المائة، وكان من المتوقع أن يحدث اقتتال أهلي لولا تدخل الجيش الذي قام بحماية الدولة والشعب الذي خرج بالملايين في ثورة شعبية لرفض استمرار محمد مرسي، الذراع الرئاسية لتنظيم الإخوان في قصر الرئاسة، ولولا التدخل الحكيم من قيادة القوات المسلحة لواجهت مصر مصيرا غير محموم، فضلا عن أن الفريق السيسي لم ينصّب نفسه رئيسا للبلاد ولكنه التزم بتطبيق القانون الذي ينص على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية، السلطة، وهو ما حدث، مما يؤكد أن ما تشهده مصر حاليا هو ثورة بنسبة مائة فى المائة، ورغم ذلك فإن الحكومات الغربية تغض النظر عن رؤية ومشاهدة الملايين التي شاركت في ثورة 30 يونيو، بسبب الحفاظ على مصالحها المتعلقة بجماعة الإخوان في مصر، كما أنها لا تنظر إلى الملايين التي خرجت في مليونية تفويض الجيش للحرب على الإرهاب.
■ ومتى سيعترف الغرب ووسائل الإعلام التابعة له بالثورة دون انحياز لتنظيم الإخوان؟
- الولايات المتحدة هي التي تقود التحالف الغربي، وهناك بعض الدول ترى أن ما حدث في مصر هو ثورة شعبية، لكنها تأثرت بالموقف الأمريكي، وإذا اعترفت الإدارة الأمريكية بالثورة فستعترف بها كل دول العالم، كما أن أمريكا تدعم تنظيم الإخوان في مصر من أجل الحفاظ على أمن إسرائيل، لأن اللوبى الصهيوني في أمريكا مسيطر تماما على مجلس النواب الأمريكي، ويقوم بالضغط على الرئيس باراك أوباما من أجل استمرار بلاده في دعمها للإخوان والتصدي بكل قوة لإرادة الشعب المصري.
■ الولايات المتحدة تلوّح بقطع المعونة عن مصر، كيف ترى ذلك؟
- المعونة التي تحصل عليها مصر من الولايات المتحدة ليست لمصر، لأنها تعد دعما لإسرائيل؛ وهو ما يجعل الإدارة الأمريكية حريصة على استمرار مصر في الحصول على هذه المعونة رغم عدم وجود حاجة ملحة في الوقت الراهن لاستمرار هذه المعونة، خاصة أن دول الخليج أعلنت مساندتها لمصر بقوة للخروج من أزمتها، مما يعني أن المعونة أصبحت لا تمثل أى ورقة ضغط على مصر.
■ كيف ترى إعلان العاهل السعودي دعم بلاده لمصر في محنتها؟
- إعلان العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز مساندته لمصر في محنتها ليس جديدا على المملكة العربية السعودية التي تعتبر مصر الشقيقة الكبرى لها، بالإضافة إلى إعلان وزير الخارجية السعودي الأمير الفيصل فى فرنسا أن بلاده ستدعم مصر اقتصاديا للخروج من أزمتها، وأنها لن تسمح بسقوط مصر، كان له أثر كبير على قادة دول أوروبا فى مراجعة مواقفهم تجاه ما يحدث في مصر، فضلا عن أنه كان من الضروري عودة الدول العربية إلى سابق عهدها، ولأن الملك عبدالله رجل إصلاحي ويؤمن بأهمية ومكانة مصر فكان من الضروري اتخاذ هذا الموقف الذي ترتب عليه إعلان دول عربية أخرى مساندتها لمصر في هذه المحنة، وهو ما يراه الغرب «لوبي عربي»، وتشير التحليلات إلى أن هذا اللوبي من الممكن أن يكون له تأثير كبير على المشهد السياسي في العالم خلال الفترة المقبلة.
■ ذكرت أكثر من مرة «اللوبي العربي» وتأثيره في المشهد السياسي العالمي، ماذا تقصد؟
- الموقف العربي بقيادة خادم الحرمين ساهم بشكل كبير في تخفيف الضغوط عن مصر من بعض دول أوروبا، خاصة أن دول الاتحاد الأوروبي تعرف جيدا أن دول الخليج، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، تعد صاحبة أكبر استثمارات هناك، وهذه الدول تهتم في المقام الأول بمصالح شعوبها، وفي مقدمتها الجانب الاقتصادي، لذلك التحالف العربي الذي حدث سيكون له تأثير بالغ الأهمية سواء في الوقت الراهن أو فيما بعد، لذلك فإن الولايات المتحدة تضغط بكل قوة لوقف هذا التحالف، خاصة أنها تريد أن تربط مصير مصر والعرب بإسرائيل التي تعد أكبر دولة فاشية في العالم دون النظر إلى مصالح هذه الدول، فضلا عن وجود ضرورة ملحة لدى أمريكا بتفكيك الجيش المصري.
■ وما السبب وراء سعي الولايات المتحدة لتفكيك الجيش المصري؟
- القوات المسلحة المصرية من أقدم المؤسسات العسكرية في العالم، وتعتبر أهم مؤسسة عسكرية في المنطقة، وترى أمريكا أنه من الضروري تفكيك هذه المؤسسة بعدما نجحت في القضاء على الجيش العراقي، وذلك من أجل تدمير المنطقة وتحويلها لدويلات تسيطر عليها الحروب الطائفية، إلا أن أمريكا لم ولن تنجح في المساس بالجيش المصري، لأن هذا الجيش لديه عقيدة عسكرية وطنية هي التي تحكمه، وهو ما اتضح جليا في مساندة الجيش والفريق السيسي لإرادة الشعب وحمايته من تنظيم الإخوان الدولى الذي عمل بكل طاقته لإدخال مصر في حرب أهلية، إلا أنهم لم يفهموا طبيعة الشعب المصرى التي حالت دون الدخول في هذا النفق المظلم لعدم وجود نزاعات طائفية.
■ كيف ترى مستقبل مصر في ظل كل هذه الأحداث؟
- لا أخشى على مستقبل مصر، نظرا لوجود قيادة وطنية حكيمة تدير البلاد سواء في مؤسسة الرئاسة أو الحكومة أو الجيش، ولا أرى أن أحدا منهم يسعى لمطامع شخصية، وهو ما يمكّن مصر من الانتهاء من الحرب على الإرهاب والقضاء عليه تماماً، مثلما نجحت من قبل في ذلك، فضلا عن أن بعض المشكلات الاقتصادية التي تواجهها مصر لن تؤثر على سير تنفيذ خارطة الطريق بسبب الدعم العربي لمصر، وهذا ما تعلمه جيدا دول الغرب والمنظمات الأممية، لذلك فإنه من الصعب إصدار الأمم المتحدة أي قرارات ضد مصر، على الرغم من الضغوط الأمريكية، والدليل على ذلك أن مجلس الأمن الذي انعقد لبحث الأزمة المصرية لم تصدر عنه أي بيانات رسمية، فضلا عن اجتماع الاتحاد الأوروبي أيضا ولم يصدر عنه أي توصيات بخصوص الأزمة، مما يؤكد أن المنظمات الدولية غير قادرة على اتخاذ موقف تجاه مصر، نظرا لمكانتها وأهميتها في العالم، لذلك فأنا متفائل خير لمصر، لأنها قادرة على إنهاء هذا الليل الذي يسيطر عليها حاليا.
■ في رأيك أي الملفات التي يجب على الحكومة التعامل معها فورا؟
- لابد من الاهتمام بالجانب الاقتصادي والعمل على تحسينه، مثلما كان عليه الحال وقت حكومة الدكتور أحمد نظيف، حيث وصل الاقتصاد المصري إلى معدلات تنمية جيدة، إلا أن الفساد حال دون وصول ذلك للمواطنين العاديين، وهو ما كان يجب على الإخوان أن يدركوه لكنهم عملوا بسياسات أسوأ من نظام مبارك بكثير، بالإضافة إلى ضرورة استمرار الجيش في التصدي للإرهاب بكل قوة وحزم سواء في سيناء أو في مناطق أخرى، وعدم الانصياع لآراء الغرب، خاصة أن ما حدث فى سيناء من قتل 25 جنديا، يعد كارثة إنسانية بكل المقاييس، ومع ذلك لم تصدر أي إدانة من أمريكا، لأنها تدعم الإرهاب الذي يصب في صالح الكيان الصهيوني، لذلك تقوم إسرائيل بدعم جماعة الإخوان بشكل مباشر فيما تفعله في مصر من أجل نشر الفوضى والعنف، لكيلا تتقدم مصر وتحقق أهداف الثورة.