أثار التشكيل الجديد للمجلس الأعلى للصحافة وفقاً للمعايير التي حددتها رئاسة الجمهورية، تباينا في وجهات نظر أساتذة الصحافة والإعلام وقدامى الصحفيين، فبينما رحب غالبيتهم بتلك المعايير واعتبروها خطوة نحو الاستقلالية وتحرير الصحف من التبعية للدولة، رأى آخرون أنها محاولة جديدة لإعادة إنتاج مجلس لم يقدم شيئا لتصحيح أوضاع الصحافة، مطالبين بالإسراع في إنشاء مجلس وطني مستقل لتنظيم الصحافة.
وقال النقابي البارز رجائى الميرغني، وكيل نقابة الصحفيين السابق، إنه ليس من أنصار إعادة إنتاج المجلس الأعلى للصحافة بشكل جديد واستحداث شكل انتقالى له للمرة الثالثة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، مؤكدًا أنه كان يفضل المضى قدمًا نحو إجراء تعديلات تشريعية تضمن إقامة مجلس وطنى مستقل للإعلام.
وأضاف «الميرغني» أن المطالب العاجلة التى يقوم بها المجلس الأعلى للصحافة كان من الممكن أن يوكل بها إلى مجلس الوزراء بصفة مؤقتة لضمان تشكيل مجلس يملك مقومات الاستقلال التام عن السلطة التنفيذية، مؤكدًا أن المهمة التى توكل للمجلس الجديد مهمة مؤقتة ولكن لن تغني عن الإعداد الجيد لإنشاء مجلس وطنى مستقل للإعلام يعيد تنظيم المشهد الإعلامي، على أسس مهنية حقيقية ويعالج التشوهات التى لحقت بالإعلام في الفترة الأخيرة.
وبرر «الميرغني» تحفظه على إعادة إنتاج المجلس الأعلى للصحافة بثوب جديد، بأننا في مرحلة لم ينفصل فيها الإعلام عن الاستقطاب السياسي، ولذا يخشى أن ينعكس ذلك على وضع الصحافة والإعلام وهذا الأمر يصعب من مهمة إنشاء مجلس وطني مستقل لتنظيم الصحافة.
وحول التشكيل الجديد للمجلس، قال «الميرغني» إن المشكلة ليست فى الأشخاص الذين سيتم اختيارهم في ضوء المعايير التي حددتها رئاسة الجمهورية، وأنا مع منهج تكوين مجلس يقوم بمهام عديدة ولا يعمل بمعزل عن السلطة التنفيذية، ومن ثم فإن التعجل بإنشاء المجلس الوطنى يساهم فى خروج الصحافة من حالة الاستقطاب السياسى التى وقعت فيها ويعيد للمهنة اعتبارها ومصداقيتها لدى الجمهور.
من جانبه، قال الكاتب الصحفي يحيى قلاش، سكرتير عام نقابة الصحفيين، والمتحدث الإعلامي باسم لجنة الدفاع عن حرية الرأي والتعبير، إن التشكيل الحالي للمجلس الأعلى للصحافة هو أفضل الخيارات المتاحة، ويحقق نوعًا من الاستقلالية المقبولة والمطلوبة، لأنه في حالة غيابه سيكون البديل أسوأ والتعبية للدولة ستكون مباشرة.
وأضاف «قلاش» أنه عقب 30 يونيو وتعطيل العمل بالدستور وحل مجلس الشورى، كنا أمام خيارين فيما يتعلق بالتعامل مع الصحافة والمؤسسات الصحفية، الأول فراغ يؤدى لمشاكل وأخطاء حدثت عقب ثورة 25 يناير ووصاية حكومية مباشرة تجاه الصحف، وذلك عبر انفراد شخص الدكتور يحيى الجمل بقرارات تخص الصحافة ومازالت تعانى منها الصحف، والخيار الثانى هو عمل كيان له صلاحيات مجلس الشورى فيما يتعلق بالصحف والمؤسسات ولكنه لا يتدخل أحد فى قراراته، وهذا هو الحل الأنسب خلال تلك المرحلة الانتقالية، لكنه ليس الحل النموذجى لمستقبل الصحافة المصرية.
واعتبر «قلاش» التشكيل الجديد للمجلس وتقليص عدد أعضائه إلى 15 عضواً أمرا جيدا وأقرب للمنطق ويسمح بألا يكون هذا الملف تحت وصاية أحد، خاصة أن الاختيارات موضوعية وليست شخصية وتجنبنا أخطاء ما حدث عقب ثورة 25 يناير.
على الجانب الآخر، رحب الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، بالتشكيل الجديد للمجلس الأعلى للصحافة، مشيراً إلى أن الإسراع فى التشكيل ضرورة ملحة لأنه يحل كثيرا من المشكلات المتعلقة بتسيير الأمور داخل المؤسسات الصحفية خاصة المؤسسات القومية، وحل كثير من المشكلات بتعيين قيادات داخل هذه المؤسسات.
وأشار «العالم»، إلى أن التشكيل الجديد لم يحدد أسماء وإنما ترك للمؤسسات اختيار الأشخاص وفقاً للمواصفات التى تم تحديدها بل إلزامها بأن يكون الاختيار وفقا لوظائف ومهام محددة، وهذه توليفة مناسبة للمرحلة الحالية وتتيح الإسراع فى اتخاذ القرارات وتيسير الأمور لحين استكمال باقى المؤسسات.
ودعا «العالم» وزيرة الإعلام درية شرف الدين إلى أن تعكف على اتخاذ إجراءات تمهد لتكوين وتحديد الوظائف الخاصة بالمجلس المرئى والمسموع، مستنكراً مرور شهر دون أن تحرك الوزيرة ساكناً فى هذا الأمر، خاصة أن الحكومة الجديدة نصت على أن وزارة الإعلام مدتها قصيرة لحين الانتهاء من إنشاء المجلس الوطنى للإعلام فى الأشهر المقبلة.