تدفع دول الخليج العربى الغنية بالنفط، لاسيما السعودية والإمارات، بكل قوتها وثقلها المالي والدبلوماسي، لإنجاح الإدارة السياسية المصرية وحكومتها الانتقالية بعد سقوط حكم الإخوان المسلمين، فيما أطلق عليه خبراء «خطة مارشال سعودية إماراتية» لإنقاذ الاقتصاد المصري.
ويعود ذلك، حسب خبراء، إلى توجس هذه الدول من تنامي تيار الإسلام السياسي في المنطقة في المقام الأول، يليه خوفها من عواقب انهيار الوضع فى مصر.
وأبدت السعودية، للمرة الأولى منذ الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك، موقفا واضحا تجاه الأحداث الأخيرة في مصر، وهو ما تمثل في تصريحات وزير الخارجية السعودى الأمير سعود الفيصل، بأن الدول العربية مستعدة لتعويض المساعدات الغربية في حال قطعها، فيما ظهر وكأنه رسالة قوية للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قبيل اجتماعهما الطارئ، حول تطورات الأزمة المصرية الأربعاء الماضي.
كانت الرياض وأبو ظبي والكويت تعهدت غداة عزل الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو الماضي، بتقديم حزمة من المساعدات المالية لمصر بقيمة 12 مليار دولار، ثم أعقب ذلك دعم من العاهل السعودي الملك عبدالله لجهود مصر ضد «الحرب على الإرهاب».
ووفقا لرؤية المحلل الكويتى عايد المناع، فإن «دول الخليج لديها مشكلة مع التنظيمات الإسلامية وبالذات الإخوان المسلمين، لذا فإن ضرب هذا التيار وإضعافه فى مصر وإثبات فشله يصب فى صالح هذه الدول حتى لا يكون النموذج المصرى قابلا للتصدير إلى المنطقة الخليجية والعربية عموماً».
وتقيم دول الخليج علاقات قوية مع المؤسسة العسكرية فى مصر، منذ أيام الرئيس الراحل أنور السادات، بعد علاقة فاترة مع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ثم توطدت أواصر العلاقة مع الرئيس الأسبق حسني مبارك الذى أطاحت به ثورة يناير 2011، مما سبب الكثير من المخاوف للخليجيين.
ومنذ ثورة يناير وهناك حالة فتور فى العلاقات بين القاهرة والخليح العربى ماعدا قطر، زادت مع تولى الإخوان المسلمين مقاليد الحكم فى مصر يونيو 2012، وخاصة بعد التقارب الإيرانى- المصرى، وهو ما أزعج السعودية أكبر رافض للوجود الإيرانى الشيعى فى المنطقة، فضلا عن اتهام الإمارات أبوظبى للإخوان بالسعى إلى الانقلاب على نظام الحكم ومحاكمة العشرات من المنتمين إلى الخلايا الإسلامية على أراضيها.
ويرى محللون أن علاقات دول الخليج بمصر فى المستقبل ستتوقف على طريقة تعامل الدولة مع الإخوان، وطبيعة المصالحة الوطنية التى يمكن أن تتم، وحجم المساحة التى ستمح لهم بالحركة فيها، فاستقرار مصر مهم لدول الخليج، شريطة ألا يسمح ذلك بتكرار وجود الإخوان على رأس السلطة.
ولعل ذلك يضغط على القيادة السياسية فى مصر للتحرك بحساسية وذكاء فى ملف المصالحة، إذ تحقق، بما لايضر بالحاجة الاستقرار الداخلى، ولكن بما لا يتعارض مع المصلحة الاستراتيجية المصرية وعلاقاتها التاريخية مع الخلييج. ويبدو أن التفضيل الأول للخليج هو عودة الدولة القوية فى مصر، التى يهيمن عليها صانع قرار رئيسى مدرك لضرورة الحفاظ على علاقاته بهم، ولديه أمن قومى ضامن لعدم انعكاس تأثير تفاعلاتها الديمقراطية أو غير الديمقراطية على الإقليم الخليجى، وهذا أمر غير مضمون، سواء بوجود الإخوان أو الليبراليين فى الحكم.
وعن المكاسب الاقتصادية المتوقعة من الخليج لمصر، كشف تقرير رسمى صادر عن الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في مصر، أن المستثمرين السعوديين يتصدرون قائمة الاستثمارات الأجنبية فى مصربمقدار 2971 شركة، بلغت رؤوس أموالها المصدرة أكثر من 23.1 مليار دولار. وحسب التقرير، الذى نشرته صحيفة «الاقتصادية» السعودية، تأتى الإمارات فى المرتبة الثالثة بـ 616 شركة برأسمال بلغت 11.5 مليار دولار. وجاءت الكويت فى المرتبة الرابعة برأسمال بلغ 8.5 مليار دولار و885 شركة، ثم قطر فى المرتبة الـ 18، بعدد شركات قدر بـ 176 شركة وبرأسمال بلغ 1.8 مليار دولار.
وحسب رئيس مجلس الأعمال السعودى – المصرى عبد الله بن محفوظ، رئيس مجلس الأعمال السعودي- المصرى، فإن السعوديين يستثمرون فى مصر فى 7 قطاعات رئيسية، وهناك 653 شركة برأسمال يصل إلى 7.6 مليار دولار فى القطاع الصناعى، و449 شركة برأسمال يبلغ 3.4 مليار دولار فى القطاع الإنشائى، و260 شركة برأسمال يبلغ 2.7 مليار دولار فى القطاع السياحى.