المنزل رقم (84) شارع الطيران في مدينة نصر، مكان القبض على محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، يقع على بعد خطوات من مسجد رابعة العدوية، محاط بسياج منيع من الكتمان والسرية لتلافي القبض على المرشد، الذي كان محظورًا على أحد الاقتراب منه، في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي.
انتقلت «المصري اليوم» إلى المكان الذي اختبأ فيه المرشد، وكان يدير من خلاله اعتصامي «رابعة العدوية، والنهضة»، وقال الأهالى والجيران إنهم لاحظوا أشياء غير طبيعية بالعقار من دخول وخروج منتقبات وملثمين، وظهور سيارة دبلوماسية بالقرب من العمارة، وكانوا يظنون أن الملثمين أصدقاء الدكتور حازم فاروق، القيادي بجماعة الإخوان، والمالك للشقة التي ضبط بها المرشد، ولا يريدون النظر إلى السيدات.
قال عبدالمنعم عباس الدريني، مدير عام بنك مصر سابقا، مقيم فى نفس العقار: «منذ بدء اعتصام رابعة العدوية ولم تسلم عمارتنا من أذى المعتصمين، الذين نصبوا الخيام عند المدخل وامتدت إلى الجراج، بالإضافة لوضع عدد من الميكروفونات على أسطح العمارة، ما تسبب في إزعاج كبير للسكان ودفع معظهم القاطنين إلى مغادرتها خشية أن يلحق بهم أذى من المعتصمين، سواء على حياتهم أو أموالهم أو بناتهم».
وأضاف «عبدالمنعم»، لـ«المصري اليوم»: «العقار مواجه لهيئة الشؤون المالية التابعة للقوات المسلحة، التي دمر أسوارها المعتصمون، وكان المدخل الوحيد من الجراج الذي تحول لنقطة تفتيش، وأثناء محاولتهم نصب الخيام داخل العمارة تصدينا لهم، وأقمنا بوابة حديدية لمنع الاقتراب من المبنى حتى وصول القوات المسلحة، التى أحاطت المبنى بسور خرساني مرتفع لمنع دخول العمارات من قبل الجماعة والاختباء بها مع احتلالهم عمارتي 85 و86 المجاورتين».
وتابع: «العمارة مملوكة لجمعية تعاونية تابعة لبنك مصر، وشقة حازم فاروق، التي تم القبض فيها على المرشد، تقع بالطابق العاشر والأخير، وكل دور يحتوي على 6 شقق، ويقيم (فاروق) مع أسرته بالشقة التي ورثها عن والده منذ 15 عامًا، وتم التعرف عليه من خلال مشاهدته في مسجد رابعة في صلاة الفجر، وفوجئت، فجر الثلاثاء، بقوة مكونة من حوالى 14 فردا تابعين لقوات العمليات الخاصة ومباحث القاهرة، يقتادون (بديع) إلى داخل مدرعة تابعة للشرطة، ووسط حراسة أمنية مشددة».
وقالت بدر الصباح عليوة، من سكان العقار: «رأيت سيارة دبلوماسية تأتي بين الحين والآخر وتقف بجوار مدخل العمارة وتحمل علم قطر، وتظل في مكانها قرابة النصف ساعة، ثم ترحل وتدخل إليها سيدة منتقبة تخرج من العمارة، فاعتقدنا أنها أحد أصحاب الشقق من دولة قطر، وجاء لاصطحاب زوجته، ولاحظت ذات مرة أثناء انتظارى الأسانسير فى مدخل العقار، أن الأسانسير كان يقف بالدور العاشر وهبط مباشرة للدور الأول دون توقف، وخرجت منه منتقبة، لم ترد على تحية السلام عندما وجهتها لها، فقلت لها ردي التحية، لكنها لم تلتفت إلىّ وكأنها لم تسمعني، وتكرر الموقف».
وأشار عدد من الجيران، طلبوا عدم نشر أسمائهم، خوفا على حياتهم، إلى أنه في اليوم السابق لفض اعتصام «رابعة» وصلت السيارة الدبلوماسية، عصرا، ووقفت عند مدخل الاعتصام وخرج منها رجل يرتدي الزي الخليجى وأخفى نصف وجهه بالشال الذي كان يرتديه، ودخل العمارة وفى يده مسبحة متوجها للدور العاشر، معتقدين أنه وضع ذلك الشال على وجهه حتى لا ينظر للسيدات، وأنه من أصدقاء «فاروق»، في حين غادرت السيارة بعد ثوانٍ من نزوله منها، وتم رصد عدد من المرشدين التابعين لقوات الأمن يلفون حول العمارة، وكأنهم كانوا يدركون موقعها وينتظرون الوقت المناسب للقبض عليه.
وأضاف «محمود. ح» أنه شاهد بنفسه مداهمة الشقة، حيث دخلت قوات الأمن على المرشد غرفة نومه وهو يرتدى نصف ملابسه ساعتها، وأصيب «بديع» بصدمة وجلس على الأرض فى حالة ذهول، مرددا عبارات غير مفهومة، وأعطاه الضباط زجاجة مياه وعصيرا حتى لا يغمى عليه، ويتمالك نفسه قبل وضعه داخل المدرعة.
وأشار مصدر أمني من قوة الضبط، أثناء تواجده بمحيط العمارة، إلى أن المرشد كان يدير ويعطي تعليماته للجماعة من داخل الشقة، وأن الأمن توصل إليه بعد تتبع خط سير الطبيب صاحب العقار ورصد تحركاته، مشيرا إلى أنه تم التعامل مع المرشد بكل احترام، ولم يتم التعدي عليه أو ممن كانوا بصحبته بأي شكل من أنواع العنف، وتم ترحيله إلى السجن.
وأبدى الأهالي سعادتهم بالقبض على «بديع»، مشيرين إلى أن الشرطة حاصرت مكان العقار، وتم وضع عدد من الضباط عند المدخل أثناء المداهمة، وأخذوا يرددون عقب القبض عليه: «الشرطة والشعب والجيش إيد واحدة»، و«الشعب والجيش والشرطة أسقطوا الإخوان»، و«قلنا يسقط حكم المرشد وإحنا قبضنا على المرشد»، و«بعد ما خرجناكم من السجن رجعناكم تانى للسجن».