x

«البرادعي»: لا حوار مع مرسي قبل إلغاء الإعلان الدستوري (حوار)

الأحد 25-11-2012 21:15 | كتب: محمد رضوان |
تصوير : محمد معروف

فى الوقت الذى كنا نجلس فيه، قبل أيام معدودة، مع الدكتور محمد البرادعى فى منزله يتحدث إلينا ببصيرة نافذة وبتحليل معمق، وأيضا بإحساس مثقل بالكثير من الهم والاهتمام لما يجرى فى مصر.. كان الدكتور محمد مرسى يضيف هموماً أخرى بتوقيعه على «الإعلان الدستورى الجديد»..

استعرض الدكتور البرادعى، أول من بشر بثورة يناير، قنابل مصر الموقوتة الآن: الاقتصاد المتهاوى، والأمن الغائب غير الرشيد، والتأسيسية «غير المؤهلة».. ثم سيناء «التى تكاد تضيع»، والأداء المتردى للنظام.

جرى الحديث طويلا فى الملفات الخمسة بعضها يوشك الوضع فيه على الانفجار.. لكن كان ينتظر الجميع ما هو أسوأ.. «الإعلان الدستورى» الذى اعتبره محدثنا يخلق «حاكما بأمره».. وكان لابد من العودة واستئناف الحوار «حول ما حدث وما هو منتظر مع رجل اعتدنا منه النظرة الثاقبة»، كما اعتدنا منه القراءة الشفافة الواضحة للواقع والنظرة المستقبلية لتطورات الأحداث والأزمات.

كيف تلقيت نبأ إصدار الإعلان الدستورى الجديد.. هل فوجئت به؟

نعم فوجئت، خاصة أننى التقيت الرئيس محمد مرسى قبلها بأسبوع، ولم تكن هناك أى إشارة للإعلان الذى أعطاه سلطات ديكتاتورية مطلقة، وهو لم يستشرنى أنا وحمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح وعمرو موسى فى لقاءاته الأخيرة معنا، والحقيقة أننى صدمت لأن أجد شخصاً يعتقد أنه يختزل الدولة فى شخصه، وهذا أمر لم نره فى أى مرحلة ولم يحدث حتى فى أيام مبارك، لذا أطلقت عليه «فرعون مصر الجديد».

■ إلى أين انصرف تفكيرك بعد أن استمعت إلى الإعلان يتلى عبر شاشة التليفزيون؟

- اتجه تفكيرى فوراً إلى ضرورة أن يتكاتف الجميع من أجل إنقاذ الوطن، ووجدت أننا فى محنة جديدة لا تقل عما كان قبل ثورة يناير، فالرئيس معه السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، ثم جاء ليحصن قراراته وقوانينه من الطعن عليها أمام القضاء، ووجدت أننا نسقط فى براثن ديكتاتورية أشد من تلك التى تخلصنا منها، وبينما كنا نتوق إلى الحرية والعدالة، نرى الآن نفس ديكتاتورية نظام مبارك البائس لكن بنكهة تتمسح فى الدين.

■ هل تذكر أول اتصالات تلقيتها بعد إصدار الإعلان؟!

- بمجرد إذاعة البيان.. انهالت علىَّ الاتصالات من زملاء وأصدقاء وشخصيات عامة ورموز وطنية، والكل مهتم بالشأن العام، والكل يدعو لأن نقف معاً وأن ننسى خلافاتنا ونوحد صفوفنا، لأننا فى معركة مصير لثورة يناير وبقاء للبلاد، وفعلاً.. بعد المحادثات التليفونية التقينا مساء نفس اليوم بمقر حزب الوفد، وكان هناك نحو 70 شخصية تمت دعوتهم للاجتماع، وكان الغضب عارماً لأن هناك كارثة حلت بالبلاد، ولم يختلف أحد منا على البيان الذى صدر عن الاجتماع، ثم التقينا بعد ذلك عدة مرات، وأجمعنا على أنه لا مجال لأى حوار مع الرئيس إلا بعد أن يسحب إعلانه وبعد إسقاط الجمعية التأسيسية للدستور، ولا مساومة إطلاقاً على هذا، لأنها مبادئ تتعلق بمعتقدات وقيم أى إنسان حر، واتفقنا على أنه إذا لم يحدث ذلك سنلجأ إلى كل الوسائل السلمية بما فيها العصيان المدنى.

■ شكلتم فى آخر اجتماع للقوى الوطنية جبهة إنقاذ، هل لهذه الجبهة قيادة، وما دورها بالتحديد؟

- جبهة الإنقاذ الوطنى تشكلت من الأحزاب والحركات السياسية، بما فيها حزب مصر القوية بقيادة الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح وهو موجود بالخارج، واتصل الدكتور عمرو خالد، مؤسس حزب مصر، ليعلن انضمام حزبه إلينا، وقد اتفقنا على تشكيل قيادة سياسية من 7 شخصيات هم حمدين صباحى، عمرو موسى، والدكتور السيد البدوى، والدكتور عبدالغفار شكر، والدكتور عبدالجليل مصطفى، والدكتور محمد أبوالغار، وأنا، وقد طلبوا منى أن أكون منسقاً عاماً لقيادة الجبهة، كما تشكل للجبهة مكتب سياسى يضم شخصيات منهم الدكاترة عمرو حمزاوى، وأحمد سعيد ووحيد عبدالمجيد، ولجنة قانونية يرأسها الدكتور أحمد البرعى، ومسؤول اتصال هو مصطفى الجندى بجانب هيئة للشؤون الإدارية تتولى تنظيم الميادين، وستدير الجبهة هذه المرحلة من الناحيتين السياسية والثورية، لقد عدنا إلى الثورة.. كلنا مصريون من كل الاتجاهات.

■ هناك دعوة لمليونية إخوانية فى ميدان عابدين غداً، على مقربة من مليونية القوى الوطنية فى ميدان التحرير فى نفس الوقت.. هل ترى خطراً فى اقتران المليونيتين؟!

- هذا الانقسام فى رأيى لا يصب فى مصلحة مصر، ويذكرنى بأيام مبارك حين كان رجاله يحشدون لمظاهرات بميدان مصطفى محمود فى مواجهة مليونيات التحرير، وكذلك أيام حكم العسكر حين كانوا يحشدون أمام المنصة فى مواجهة التحرير. إن الانقسام يزداد عمقاً فى غياب اتفاق على دستور، ويرجع إلى أننا مختلفون حول رؤيتنا لمستقبل مصر، وإلى عدم تحديد هل نريد أن نكون نظاماً ديمقراطياً أم ديكتاتورياً، والذى يحز فى النفس أننا تصورنا بعد الثورة وانتخاب الرئيس أننا تخلصنا من الاستبداد والديكتاتورية، لكننا نجد أنفسنا الآن وكأن نظاماً لم يسقط وكأن ثورة لم تقم.

■ هل تلقيت اتصالات أو رسائل من الرئيس أو الرئاسة؟

- لا.

■ هل ترى أن أزمة كهذه لها حل وسط؟

- لا لأى حل وسط، لقد عشت طول عمرى أؤمن بأهمية الحوار وأعمل من أجل التوسط إلى حلول وسط للقضايا الدبلوماسية، لكن لا حلول وسط فى المبادئ، إننا أمام رئيس يفرض علينا نظاماً ديكتاتورياً مستبداً، فإذا ألغى الإعلان يمكن أن نجلس للبحث عن توافق، لأننا فى النهاية لابد أن نعيش معاً.

■ ماذا لو أصر الرئيس على موقفه؟

- سنصر على موقفنا مهما مضى الزمن وبلغت التضحيات.

■ وماذا لو طرح الدستور الذى سيحال إليه من الجمعية التأسيسية بتشكيلها الراهن للاستفتاء؟!

- سنستمر فى نضالنا، لأن هذه الجمعية لا تمثل غالبية الشعب، وبالتالى لن يكون للدستور الذى ستضعه شرعية، سنقول للناس إن الاستفتاء غير مشروع، وسنعمل على إسقاط الدستور لو صدر، وأؤكد أنه إذا أصر الرئيس على دستور ليس صادراً من جمعية تأسيسية تمثل أغلبية الشعب، سيفقد النظام شرعيته.

■ هل تتوقع حدوث فوضى أو حرب شوارع إذا استمرت أزمة الإعلان؟

- نأمل ألا يحدث هذا، هناك تقريباً شبه حرب شوارع، هناك غضب من جانب الشباب وإصرار على الاعتصام فى الميادين، وإننى أسأل هل ننتظر الجيش لينزل الشارع مرة أخرى؟!.. بصراحة لن أكون مندهشاً إذا نزل الجيش حينئذ ليمارس مسؤوليته فى منع الفوضى وحماية الوطن، رغم أن ذلك يفتح تداعيات لا يعلم أحد إلى أى مصير تقودنا.

■ البعض يرى أن الرئيس مرسى ما كان ليصدر هذا الإعلان، إلا إذا كان مطمئناً لمباركة أمريكية بعد دوره فى التوصل لاتفاق التهدئة فى غزة.. هل تتفق مع أصحاب هذه الرؤية؟

- للأسف هناك كثيرون يرون أن الولايات المتحدة أعطت ضوءاً أخضر، أنا لا أؤمن بنظرية المؤامرة، واعتقادى أن العالم الذى يؤمن بالديمقراطية سيبدأ فى إدانة هذا الوضع الذى أعاد مصر إلى عصر الديكتاتورية، وقد أدانت مفوضة حقوق الإنسان إعلان الرئيس، كما طالبت مفوضة الاتحاد الأوروبى بعودة الديمقراطية فى مصر، غير أن الولايات المتحدة اكتفت عن طريق تصريح صادر من وزارة خارجيتها بالإعراب عن القلق، الأمر يتعدى القلق، وهناك تساؤلات: هل هذا التصريح الضعيف جاء نتيجة لاتفاق التهدئة فى غزة، إن أى دور إقليمى للسياسة الخارجية المصرية يجب ألا يكون على حساب الشعب المصرى كما كان يحدث فى عصر مبارك، إننا نعيش فى عالم مترابط، وحق الإنسان فى الحرية والحياة والديمقراطية ليس مسألة داخلية، إنما هو شأن إنسانى عالمى ينبغى الدفاع عنه.

■ ماذا تطلب تحديداً من الرئيس مرسى؟

- أن يدرك أنه أخطأ، وأن يتراجع عن الإعلان الدستورى، وأن يشكل جمعية تأسيسية تمثل فئات وطوائف الشعب، وأن يشكل حكومة إنقاذ وطنى تنتشل البلاد من أوضاعها الأمنية والاقتصادية المتردية.

■ وهل ما حدث فى 25 يناير كان موجة أولى للثورة، أم أنها كانت ثورة لم تكتمل؟

- ما أراه أننا فى مرحلة فارقة فى تاريخ مصر والثورة، وبالتأكيد هناك مخرج مما نعيشه الآن، لكن هذا يحتاج إلى العمل معاً، وأذكركم بما حدث قبل الثورة، حيث لم يظن أحد أن تلك الثورة يمكن أن تنجح، لكن التغيير تحقق، والثورة نجحت بالفعل، لأن الشعب الذى كان قد يئس من التغيير تجمع وتماسك واتفق على أن أقوى سلاح يمتلكه هو التوحد والحفاظ على السلمية، تجمع الشعب على هدف واحد، وهو تغيير النظام القمعى بكل أبعاده الاقتصادية والسياسية وما يتعلق بالحريات، لكننا لم نستطع استكمال المشوار معاً، فمنذ يوم 11 فبراير 2011 بدأ الانقسام، والخطأ الأساسى والقاتل فى رأيى أن من قاموا بالثورة لم يديروها، وكل ما نعيشه اليوم سببه أن من قاموا بالثورة بأهداف واضحة «عيش - حرية - عدالة اجتماعية - كرامة إنسانية»، تركوها بين أيدى المجلس العسكرى، نعم الشعب كان ولايزال لديه ثقة كبيرة فى الجيش باعتباره ركيزة من ركائز الاستقرار، لكننا كنا نتصور أن أهداف الثورة واضحة للجميع، وأن المجلس العسكرى سيدير الثورة بأهدافها الأساسية، وهذا لم يحدث إطلاقاً، مفهومهم للثورة كان مختلفاً تماماً وكان ضيقاً للغاية، تلخص فى التخلص من التوريث، والتوريث فى رأيى لم يكن هدف الثورة، لكنه كان هدفاً فرعياً لها، من كان سيحكم لم يكن المشكلة ولكن كيف كان سيحكم، التوريث كان نتيجة لأسلوب إدارة ولأسلوب حكم، وهذا كان ظاهرة أو عرضاً من أصل المرض، المرض أساساً كان طبيعة النظام الذى كان استبدادياً وقمعياً، وكان هدف الجيش من الثورة القضاء على التوريث، كانوا ينظرون إلى جمال مبارك باعتباره شاباً صغيراً، وكانوا يخشون على مصالحهم، ويخافون من أن ينالهم مصير مبارك ورموز نظامه ويحاكموا نتيجة فتح ملفات فساد، ولهذا كان منطلقهم فى إدارة الثورة مختلفاً تماماً، اعتمدوا على مستشارى النظام السابق، فضلّوا الطريق، وكان مستشاروهم منحازين لنظام معين وأسلوب حكم معين، وكان أغلبهم من داخل الهيئات القضائية، ومستشارين، وسياسيين، ولذلك فإنهم لم يخرجوا بالبلاد إلى الوضع الذى كان يرجوه أو يطالب به الثوار، الضربة القاتلة الأخرى هى الاستفتاء الذى أجرى فى 19 مارس 2011، وكان بداية لدخول الدين فى السياسة، فأسأنا إلى الدين وأسأنا إلى السياسة، ونتذكر جميعاً ما جرى أيامها من مقولات مثل إن من يصوت بنعم سيدخل الجنة.

■ البعض يرى أن المشكلة كانت سابقة على الاستفتاء ذاته وأنها كانت فى إقرار مبدأ إجراء تعديلات على دستور 71 وليس وضع دستور جديد كامل يعبر عن الثورة؟

- بالفعل هذه كانت بداية الأزمة التى تسبب فيها المستشارون الذين تحدثت عنهم، والذين كان بعضهم أيضاً ينتمى إلى من يسمون أنفسهم الاتجاه الإسلامى، فأى واحد يفهم فى المراحل الانتقالية للثورات يعلم جيداً أنه عند الانتقال من نظام استبدادى إلى نظام ديمقراطى لا يمكن تحت أى ظرف من الظروف أن تبدأ دون أن تضع أساس أو أهداف الثورة أو قيم المجتمع الجديد الذى تحاول أن تبنيه، وقد اعترف لى عدد من أعضاء المجلس العسكرى بأن النصيحة التى وصلت إليهم أدت إلى هذا الوضع، وأنهم أخطأوا ولكن بحسن نية، وعندما أجرى الاستفتاء بدأت مرحلة أخرى تماماً، إذ بدأنا نتحدث من منطلق دينى، ولم نتراجع عن هذا وبدأنا نرتكب خطأ تلو الآخر، ولم نأخذ وقتها بالشرعية الثورية مثلما حدث فى كثير من الثورات، التى تتضمن تشكيل محاكم ثورة وإصدار إعلان دستورى يقوم على عزل سياسى، لم نأخذ بهذا ولم نأخذ بنظام قائم على الشرعية الدستورية، وقعنا بين شقى الرحى، واختلطت الأمور تماماً، والنتيجة أننا وصلنا إلى هذا الوضع بعد 20 شهراً. لدينا مشاكل لم يواجهها حتى النظام السابق، الاقتصاد يتهاوى، وأنا كنت على اتصال منذ أيام قليلة بخبراء كبار فى شؤون الاقتصاد فى هذا البلد، أكدوا لى أنه ليست هناك رؤية اقتصادية، وأن قرض صندوق النقد الدولى لن يكون حلاً سوى لـ6 أشهر فقط، واختلط الحق بالباطل، والصحيح بالخطأ، والعلم بالجهل، لم ندر المرحلة الانتقالية والثورة بمنطق أن الديمقراطية تعنى الاستعانة بالمتخصصين فى كل المجالات، وأن تكون هناك استشارة وتواصل مع جميع فئات الشعب، فالثورة لم ترفع شعاراً دينياً، ولكن كانت ترفع شعارات المصريين الذين يريدون أن يأكلوا ويشربوا ويعاملوا معاملة طيبة، لكننا بدلاً من هذا دخلنا فى طريق الغيبوبة الدستورية والسياسية والاقتصادية، وللأسف فإن الثوار لم يكتشفوا أنه فى وقت ما كان يجب عليهم أن يوحدوا صفوفهم ويدخلوا معترك العمل السياسى، لأن ميدان التحرير لم يعد هو طريق العمل الوحيد، لكنه إحدى وسائل الضغط، ولابد من العمل السياسى المنظم، لم ينتبهوا إلى هذا، وكانت هناك جماعات أخرى منظمة بدأت العمل السياسى المنظم، مثل الإخوان المسلمين، والجماعات السلفية، ولذلك نجحوا لأنه كانت لديهم التنظيمات على الأرض، بينما الشباب كانوا لايزالون يعيشون فى نشوة النصر على شاشات التليفزيون، وفى المرحلة الحرجة اكتشفوا أنهم تم تهميشهم، وفى وقت من الأوقات كان المجلس العسكرى يتحدث عن ثورة الشباب وبعدها بفترة لم يعد هناك مثل هذا الحديث، لأن الشباب كان قد فقد قوته، وبالتالى بدأ الجيش يتعامل مع القوى المنظمة على الأرض، مع الإخوان المسلمين أساساً ويتبعهم السلفيون.

■ كيف تقرأ الوضع الحالى فى مصر فى مجمله الآن؟

- لدينا الآن 4 قنابل موقوتة، الأولى هى الاقتصاد، وأقصد بالاقتصاد هنا الأكل والشرب والصحة والتعليم وغيرها من شؤون المواطن، والثانية هى الأمن، الذى مازال غائباً، فحتى الآن يضرب الناس بالخرطوش والرصاص، جابر صلاح شاب عنده 18 سنة مات إكلينيكياً بإصابة فى شارع محمد محمود، أهله المساكين يتوقعون أن يفارقهم خلال ساعات، لم يحدث أى تغيير فى عقيدة الشرطة، منذ 6 أشهر كانت إنجلترا تحترق، وواجه الأمن المتظاهرين ولم يحدث أن مات أحد فى المواجهة، هناك أساليب حديثة لمواجهة المتظاهرين حتى عندما يلجأون للعنف، ودون الأمن لن يكون هناك اقتصاد، لابد من وجود رؤية سياسية واستقرار، لأن أى مستثمر أجنبى سيخشى من وضع أى مليم فى مصر، وكذلك المستثمر المصرى، وأعرف أن هناك كثيراً من الأموال المصرية تخرج من البلد الآن رغم القيود الموضوعة على عمليات التحويل للخارج، ولكنها تخرج بوسائل عديدة، والآن لا يوجد لدينا استثمار داخلى أو خارجى، والقنبلة الثالثة هى الدستور والتأسيسية التى تقوم بإعداده الآن، أما الرابعة فهى سيناء التى تحوى مجموعات نطلق عليها تجميلاً «الجهادية» وهى موجودة منذ النظام السابق، وأسباب ظهورها عبارة عن خلطة من المعاملة الأمنية الفظة، وهذا أقل ما يقال عنها، لقبائل سيناء، والواقع أن هذه لم تكن فقط معاملة النظام السابق لأهالى سيناء بل كانت لكل من يمكن أن نطلق عليهم «الفئات المختلفة»، وقد كان نفس الأمر يحدث مع أهالى النوبة، وتلك كانت المعاملة السائدة، وتضمنت تلك الخلطة أيضاً أن كل من عاد من أفغانستان واليمن من تلك الجماعات ذهب إلى سيناء، بالإضافة إلى الذين خرجوا من السجون، كل هؤلاء تجمعوا فى سيناء وأطلقوا على أنفسهم الجهاديين، والتعامل مع هذه القنبلة الموقوتة لا يصح أن يكون أمنياً فقط، لأن الجزء الأكبر فيها سياسى، لابد أن يشعر أهالى سيناء - وقد تحدثت معى عدد كبير منهم - بالأمان، لأنهم دائماً يقولون إن سيناء تضيع، وهناك تشابك بين هذا الملف وبين غزة، لأن الأنفاق بين سيناء والقطاع مازالت موجودة، هل الأسلوب الأمثل لحل مشاكل أهل غزة أن تستمر الأنفاق التى تمثل تجارة رابحة جداً بالدولار، هل نساعد غزة أم نساعد تجارة غير مشروعة، لماذا لا يتم إنشاء منطقة للتجارة الحرة على الحدود مع غزة، يشترون منها ما يريدون ثم يعودون إلى القطاع، هذه 4 ملفات متشابكة وقابلة للانفجار فى وجوهنا.

■ هل يمكن أن يستمر العمل فى الجمعية التأسيسية للدستور بعد انسحاب كل القوى المدنية والكنيسة وعدد من المستقلين؟

- من المؤكد أن هذه الجمعية لا يمكن أن تستمر بوضعها الحالى لأنها غير مؤهلة وغير ممثلة للشعب، هل يمكن أن يخرج دستور معبر عن هذا البلد دون أن يكون فيها عضو مسيحى واحد، وتفتقد جزءاً كبيراً جداً من القوى المدنية، التى لا تنتمى إلى جماعات لها تفسير سياسى معين، وهناك بين أعضاء الجمعية من قال إن الموسيقى حرام، وإن الديمقراطية فكرة ظلامية، وإنه لا يوجد شىء اسمه المساواة بين الرجل والمرأة فى الشريعة الإسلامية، هؤلاء بعض من يضعون دستور مصر، وهذه آراؤهم التى تبين مدى الخلاف بين نظرتنا لدستور مصرى فى القرن الـ21، وبين نظرتهم، هؤلاء لابد أن يمثلوا ولكن لا تكون لهم الأغلبية، ولكن الواقع أنهم بالفعل الأغلبية فى الجمعية، أنا لا أعتقد أن هذا الدستور سيخرج إلى النور، وإذا خرج فإن البلد سوف ينفجر بكل أبعاده، داخلياً واقتصادياً ومن كل النواحى، والاستمرار والإصرار على عمل هذه الجمعية بتشكيلها الحالى، نوع من العبث، فهذا دستور ملغم، لأنه غير واضح، إنه مشروع يفتقد الرؤية المتكاملة، يتضمن مواد مخالفة لحقوق الطفل والمرأة، وبه قيود على حرية الصحافة وحرية الاعتقاد، لا توجد دولة لا تعترف فى دستورها بحرية الاعتقاد، وتقصر حرية ممارسة الشعائر الدينية على الأديان السماوية الثلاثة، لأن معتنقى الأديان السماوية الثلاثة أقل من 50٪ من عدد سكان العالم، وتخيل مثلاً لو أن دولة مثل الصين التى لا تدين بأحد الأديان السماوية الثلاثة قررت أن تغلق المساجد لأن دستورها ينص على ذلك، فالعالم به ما يقرب من بليون بوذى وبليون هندوسى، لن يكون من حقهم ممارسة الشعائر إذا وجد بعضهم فى مصر، ماذا إذا تمت المعاملة بالمثل وأغلقت المساجد.

■ هل ترى أن المسألة الدينية كانت الأبرز فى الخلاف بين القوى المدنية والقوى ذات المرجعية الدينية فى الجمعية التأسيسية؟

- هذا غير صحيح، والأمر يتعلق بفهم كل طرف للدين ودوره فى الحياة، الخلاف يتعلق بالنظرة الشاملة للمجتمع، إنهم مثلاً يعطون للمجتمع وللدولة حق حماية القيم الأصيلة، وهو نص يمكن أن يتيح خروج جماعات أهلية للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، هذا خلط بين القانون والقيم، ولا يصح أن تفرض الدولة القيم بالقانون، وهنا أذكر كلمة راشد الغنوشى، زعيم حركة النهضة فى تونس، وهو واحد من قادة جماعات الإسلام السياسى، التى قال فيها إنه لا يمكن فرض القيم بقوة القانون، بل يتم بالقدوة، لأنه عند فرض الأخلاق بالقانون فإننا نخلق مجتمعاً من المنافقين، وهذا هو الفرق بين الغنوشى الذى عاش فى أوروبا أكثر من 20 عاماً وغيره من المنغلقين، وهو ذات الفرق بين ابن تيمية وابن رشد مثلاً، بين النقل والعقل، الدستور الذى يعدونه ليس له رؤية واضحة، وحتى التوازن بين السلطات غير موجود بين رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية والبرلمان.. هذا كله غير موجود، ما يعدونه هو مشروع دون رؤية، ومجرد مشروع تعده جماعة لها رؤية لا تتفق مع الإسلام المستنير ولا القيم الإنسانية التى توافق عليها المجتمع، ما يحدث فجوة كبيرة بين جماعة من المصريين تنظر إلى الأمام ورؤيتها للدين أنه فيه مصالح العباد، وجماعة من المصريين ترى أن الدين الإسلامى فقط هو الحدود والشعائر، لابد من نزع فتيل هذه القنبلة، ولابد من إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية ليكون بها المؤهلون من أساتذة القانون الدستورى، فالدستور عملية متخصصة تحتاج إلى أهل فكر، وأشخاص يفهمون ماذا تعنى حرية الرأى والاعتقاد والتعبير، وما هو البث الفضائى ويفهم ماهية القيم الإنسانية.

■ ما المخرج فى رأيك إذا تم التوصل إلى إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية بقرار جمهورى هل سيخضع الرئيس فى هذه الحالة لضغط جماعته ويعطى الأغلبية لها؟

- الواقع أن أى جمعية لابد أن يكون هناك توافق عليها، ولابد أن تكون منتخبة من أهل الخبرة، وأن تكون بها تعددية فكرية، وأن تكون بالانتخاب، كأن يتم انتخاب 5 من النقابات المهنية، و10 من أساتذة القانون الدستورى، وتقوم بمهام البرلمان فى نفس الوقت، إلى أن يتم وضع الدستور، وتكون هى أيضاً التى تعد قانون الانتخابات، ولابد عند التصويت على الدستور ألا تكون بالأغلبية المطلقة بل بأغلبية الثلثين أو أكثر، وإذا كان هناك توافق داخل الجمعية التأسيسية فلن تكون هناك مشكلة فى الاستفتاء، ويتم وضع معايير انتخاب الجمعية التأسيسية على مستوى القطاعات بالتوافق أيضاً.

■ ما رأيك فى المادة 220 من المسودة المطروحة التى تفسر المادة الثانية من الدستور؟

- المادة تخلط بين النظام المدنى، ودور القضاء، وبين دور الأزهر الذى جعلته المسودة مرجعية عند الاختلاف، الأكثر من ذلك المادة 220، تسحب السلطة من المحكمة الدستورية العليا وتحيلها إلى الأزهر، مصر لم تكن مجتمعاً كافراً طوال السنوات الماضية، والمادة الثانية موجودة منذ دستور 1971، لكن لا يمكن أن يتم فتح الباب للحديث عن الاختلاف فى تفسير الشريعة، وأرى أن أهم مشكلة تواجه الدستور هى انعدام الثقة، وانعدام الحوار، وهذا يرجع إلى أن جماعة الإخوان المسلمين ليست لديها الخبرة الكافية فى إدارة الدولة بمفردها، لكن أعضاءها رغم ذلك لم يمدوا أيديهم لباقى فئات المجتمع، وأحد قياداتها قال لى إنهم يفتقدون الخبرة الكافية، لأنهم على مدار 60 سنة لم يعملوا إلا كأساتذة جامعات فى الأقاليم، لذلك كان لابد أن يمدوا أيديهم لباقى المجتمع، ليس فقط لأنهم يحتاجون للخبرة الموجودة عند الطرف الثانى، ولكن كى يشعر كل واحد فى مصر بأن الرئيس لكل المصريين وأن الوزارة كذلك، وأنا أعرف بشكل شخصى أن عدداً كبيراً من القيادات التى تتمتع بالكفاءة رفضت دخول الوزارة، لأنه يشك أنه سيمكّن من ممارسة عمله بكفاءة وحرية، وأؤكد أن «المركب لو غرقت هنقع كلنا سوا.. احنا وهما» ولا شك أنهم يخسرون الآن، صحيح هم حصلوا على الأغلبية، ولكن لأن الناس لم تكن تريد أن تسمع كلمة النخبة التى وقفت صامتة طوال 50 سنة، وبالتالى كانوا يريدون أى وجوه أخرى، وكان لهم رصيد فى المساعدات الإنسانية للناس ولكن الأغلبية التى حصلوا عليها لا تعكس حجمهم فى المجتمع، وهو ما شهدناه بعد ذلك فى انتخابات الرئاسة، عندما اختلفت النتائج، لم يدركوا أنهم ليسوا أغلبية الشعب وأنهم فقط فصيل من الشعب له طموحاته، ولابد أن يتعاملوا مع باقى فصائل وقوى المجتمع أياً ما كانت.

■ ماذا يحدث فى شارع محمد محمود؟

- هناك غليان وغضب، الشباب لم يتظاهروا لأنهم جائعون، ولكن لأنهم غاضبون ومحبطون، وهذا الغضب أصبح موجوداً على كل المستويات فى مصر، بدءاً من المليونير إلى المعدم، الجميع محبط لأن الثقة والاعتزاز بالنفس والكرامة بعد هذه الثورة الكبيرة أصبحت مفقودة، وهذا الغضب لابد للرئيس والحكومة أن ينتبها إليه، لأنه من الممكن أن يتحول فى لحظة إلى ثورة جياع، وفى هذه الحالة سنرى سيناريوهات مختلفة، ولا نود أن نرى الجيش مرة أخرى.

■ هل ترى إشارات فى الأفق لثورة الجياع؟

- بالفعل تدور هذه الإشارات فى الأفق، فما سمعته قبل أيام قليلة من خبراء كبار فى الاقتصاد يجعلنى أؤكد أنها نذر حقيقية، سمعت منهم أن قرض صندوق النقد - حتى مع وجود خلافات عليه - لن يكون سوى حل لـ6 شهور فقط وأنه لكى نخرج من الأزمة الاقتصادية، فإنه يجب أن تكون عجلة الإنتاج والسياحة قد دارت من الأمس وليس اليوم، وإذا لم يتم هذا فإن الدولة بعد 6 أشهر لن تستطيع أن تفى بالتزاماتها، ولا بتكاليف الدعم، أو الرواتب، أو الدين الداخلى، ولا الخارجى، وإذا لم يتحقق الاستقرار فإن السياحة ستتوقف، ونحن مشغولون بمعركة وهمية هى معركة الشريعة، وفى رأيى تلك المعركة لا صلة لها بـ99٪ من الشعب، هذا بالإضافة إلى أنه ليست هناك أى شفافية فى التعامل مع المشاكل الحقيقية التى نواجهها، والناس إذا شعرت بالمصداقية، فستتمكن من وضع يدها على مشاكلها، وبالتالى نبدأ فى حلها، لكن مشكلتنا فى مصر منذ 67 وقبلها غياب العقل وغياب القيم.

■ البعض يأخذ عليك عدم تواجدك بشكل دائم خلال بعض الأحداث المهمة التى شهدتها مصر، وأن وجودك خلالها كان سيجعل الأمور مختلفة كثيراً، وأن عدم خوضك الانتخابات الرئاسية دفعنا لأن نختار - حسبما قال أحد كبار السياسيين - بين الكوليرا والطاعون!

- لم أكن أستطيع المشاركة فى هذه المسرحية، وأن أعطيها مصداقية وأكون أنا فى وضع يخالف مبادىء وضميرى، وقيل وقتها إنه تم عرض مناصب علىَّ، هذا فى الوقت الذى كان المجلس العسكرى يحاربنى فيه بضراوة، والجماعات الإسلامية بعد الثورة تحاربنى بضراوة، والنظام السابق كان يحاربنى أيضاً والثلاثة اتفقوا على شىء واحد وهو أن محمد البرادعى مرفوض، لأنه يمثل إلى حد كبير بديلاً لهم، وقيل إننى تلقيت عرضاً بأن أصبح رئيس وزراء، وقالوا إننى خذلتهم عندما لم أنزل الميدان خلال أحداث محمد محمود، أنا لم أنزل الميدان لأن هذا كان يمكن أن يتسبب فى حرب أهلية، وفى اليوم التالى قابلت المشير حسين طنطاوى ولم يكن الإخوان موجودين فى الميدان، قال لى طنطاوى إن الإخوان معترضون عليك، ولم يكن من الممكن إن أخرج من عنده لأعلن نفسى رئيساً للوزارة، كذلك قيل لى قبل انتخابات الرئاسة، إن الإخوان عرضوا على أن أكون رئيساً للوزارة، وأريد هنا أن أكشف أن أول اتصال بينى وبين الإخوان والرئيس مرسى كان الأسبوع الماضى، عندما التقيت به بعد لقائه مرشحى الرئاسة السابقين، وكنت خارج مصر وعندما حضرت التقيته، وأخبرته برؤيتى للوضع، أنا دورى ليس النزول فى الشارع، أنا دورى أن أوجه، وأخطط، وأتواصل مع الناس، وأن يكون الشارع ظهيرا لى للعمل، كنت أجلس كثيرا مع المجلس العسكرى لكى أقول لهم ما يجب عمله، ولكنى لم أدخل المجلس الاستشارى التابع لهم، والذى كنت أعتبره مهزلة، وطلبوا منى أن أكون رئيساً للمجلس الاستشارى واعتذرت، كل هذا ثم يقال إننى لم أكن موجودا، البعض لا يفهم أن أقوى سلاح أحيانا هو سلاح المقاطعة، سنة 2010 عندما قلت لا أحد يخوض الانتخابات، الإخوان دخلوا والوفد، وكانت النتيجة صفراً فقد كان معروفا أنها ستكون مزورة، وقلت لا يذهب أحد للجلوس مع عمر سليمان أثناء الثورة، ورفض الإخوان وذهبوا مع بعض الأحزاب وجلسوا معه.. والنتيجة كانت صفرا وإساءة، ودعوت لعدم خوض انتخابات الرئاسة، وكانت دعوتى سبب خلاف واختلاف مع كل المرشحين.. وقلت لهم يجب وضع الدستور أولاً يحكم على أساسه الرئيس، قالوا لا.. والنتيجة كانت كما نرى الآن، الوضع الذى لا نستطيع الخروج منه ودعوت أيضاً إلى عدم الانضمام للجمعية التأسيسية من أصله، لكنهم انضموا ثم خرجوا يشكون، ويتم استغلال وجودهم السابق فيها، ويقال لهم أنتم تنسحبون منها بعد انتهاء الدستور تقريباً.. الوضع كان سيختلف لو لم ينضموا، وقد طلبت منهم أكثر من مرة ترك الجمعية لأن التركيبة الموجودة بها لا يمكن أن تضع دستوراً يليق بمصر.

■ ماذا تقترح من حلول إذن؟

- لابد أن يكون هناك تواصل بين الحكومة، ورئيس الجمهورية، وباقى القوى المدنية والشعب، هيكلة فورية لوزارة الداخلية، تشكيل لجنة إنقاذ وطنى بالنسبة لسيناء والأمن والجمعية التأسيسية.

■ هل من الوارد بعد الانتخابات البرلمانية المقبلة أن تكون رئيساً للوزراء؟

- لكل حادث حديث، أنا أرى نفسى حالياً أكثر مرونة وأكثر حركة وأعمل خارج الإطار الرسمى، وعندما التقيت الرئيس محمد مرسى، قلت له إننى مستعد لمساعدتك فى أى شىء، خارج الإطار الرسمى، وأنا لا أريد منصباً ولا جاهاً ولا أموالاً، لكننى أريد أن يكون بلدنا أفضل.

■ تحدثت عن الاقتصاد والأمن والدستور وسيناء، هل ترى أن واحداً من هذه الملفات يجب أن يسبق الآخر فى التعامل أم أنه يجب أن تسير الملفات الأربعة بشكل متواز، هذا فى الوقت الذى لا توجد فيه رؤية لدى النظام الحالى كما قلت سابقاً؟

- لا توجد رؤية أو على الأقل لم تظهر للشعب بعد، والهدف الأول الذى يجب أن يكون أمام النظام الآن هو تعظيم وزيادة الناتج الإجمالى لمصر، وأن يصل أثر هذا إلى المواطن العادى، بما يعنى مراعاة البعد الاجتماعى فى التنمية، كما أنه لابد من إقامة مشروعات كبرى فى البنية الأساسية التى تخلق فرص عمل كثيفة للفقراء والعاطلين ومحدودى الدخل.

■ كسياسى له نظرة مستقبلية، هل تعتقد أن الجيش من الممكن أن يعود مرة أخرى فى وقت قريب إلى السلطة؟

- نعم هذا وارد، فى حالة أن تتطور الأمور إلى حرب أهلية بين الطرفين المختلفين، إذا استمر هذا الاستقطاب فى الشارع وفى الجمعية التأسيسية، وإذا استمر الجوع فإن كل هذا سيشعل البلد، وعندما ينزل الجيش الشارع فى هذه الظروف سينزل لخدمة وطنية وقد ينزل لأغراض أخرى، من بينها العودة إلى السلطة، ولا أستبعد هذا، وفى حالة نزول الجيش لحفظ الأمن، سيعود حتماً للسلطة، وستكون لديه إجراءات مختلفة، ولن يقول إنه بعد يومين سيترك البلد لنا ثانية، إذا نزل الجيش فى ظروف قاسية فإنه سيبقى.

■ لكن فى كل الأحوال سيكون بقاؤه فى السلطة مؤقتاً؟

- نعم مؤقت، وقد يكون مؤقتاً لمدة 60 سنة.

■ كم من الوقت نحتاج لكى نسيطر على الأوضاع التى يمكن أن تؤدى إلى ثورة الجياع؟

- ما سمعته من خبراء كبار فى الاقتصاد أن أمامنا 6 شهور على الأكثر بدأت بالفعل منذ أيام، لكننى متفائل بشكل عام وسننجح، لكن لا أريد أن نهبط ونصل إلى القاع ثم نبدأ بعدها رحلة الصعود، لابد أن يشعر الشعب بأن هناك سلطة وقيادة مترابطة متواصلة معه، ليس بالخطب فقط لكن بالفعل أيضاً، وأن يشعر بأن هذا النظام لم يأت ليتسلط عليه أو جاء لمنفعة أو لمصلحة جماعة، وإنما جاء لإنقاذ البلد والناس.

■ هناك مخاوف لدى بعض المصريين من أن تتحول سيناء إلى وطن بديل أو أن تكون امتداداً لقطاع غزة.. هل هناك خطر حقيقى على سيناء من هذه الفكرة، خاصة مع وجود «الإخوان» فى الحكم، ووجود «حماس» المقربة من «الإخوان» فى الحكم فى القطاع؟!

- نحن نعتقد فى العالم العربى، إلى حد كبير، فى نظرية المؤامرة، ونتصور دائماً أن هناك مؤامرة من العالم المسيحى أو اليهودى علينا، أنا لا أعتقد فى صحة هذا الكلام، الحقيقة أن مشكلتنا فى هذا الأمر أننا ندير الصراع مع إسرائيل دون رؤية وبغياب تام لأى عناصر للقوة، رغم أننا نديره منذ عام 1948، وأتذكر أنه عام 1967 وتحديداً فى أغسطس كان معروضاً علينا فى الأمم المتحدة بعد الحرب مباشرة، قرار اسمه قرار «لاتينى» فى إبطال حالة الحرب، وانسحاب إسرائيل من جميع الأراضى، فبذلنا كل المجهود لإبطاله، وأنا كنت موجوداً وكنت شاباً صغيراً، وسقط هذا القرار وكل العرب صوتوا ضده، وكان هنا تصفيق فى قاعة الجمعية العامة، لأننا أسقطنا هذا القرار.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية