قدم الدكتور محمد البرادعي، الأربعاء، استقالته من منصبه للمستشار عدلي منصور، رئيس الجمهورية المؤقت، موضحًا سبب الاستقالة بقوله: «لقد أصبح من الصعب علي أن أستمر في حمل مسؤولية قرارات لا أتفق معها وأخشى عواقبها، ولا أستطيع تحمل مسؤولية قطرة واحدة من الدماء أمام الله ثم أمام ضميري ومواطني، خاصة مع إيماني بأنه كان يمكن تجنب إراقتها».
وخاطب البرادعي، في بيانه، «منصور»: «أتقدم إليكم باستقالتي من منصب نائب رئيس الجمهورية، داعيا الله عز وجل أن يحفظ مصرنا العزيزة من كل سوء، وأن يحقق آمال هذا الشعب وتطلعاته ويحافظ على مكتسبات ثورته المجيدة في 25 يناير 2011، والتي أكدها بصيحته المدوية في 30 يونيو2013، وهي المكتسبات التي بذل من أجلها التضحيات الجسام من أجل بناء وطن يعيش فيه الجميع متمتعين بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان والحكم الرشيد والتوافق المجتمع والمساواة التامة بين جميع المواطنين، دون تفرقة أو إقصاء أو تمييز».
وأضاف: «لقد ساهمت قدر ما وسعني الجهد وظللت أدعو لهذه المبادئ من قبل 25 يناير، ومن بعدها دون تغيير ودون تبديل، وسأظل وفيا لها وفاء لهذا الوطن، الذي أؤمن بأن أمنه واستقراره وتقدمه لا يتحقق إلا من خلال التوافق الوطني والسلام الاجتماعي الذي يتحقق من خلال إقامة الدولة المدنية، وعدم الزج بالدين في غياهب السياسة واستلهام مبادئه وقيمه العليا في كل مناحي الحياة».
وقال البرادعي في نص استقالته: «إلا أن الجماعات التي تتخذ من الدين ستارا، والتي نجحت في استقطاب العامة نحو تفسيراتها المشوهة للدين حتي وصلت للحكم لمدة عام، يعد من أسوأ الأعوام التي مرت علي مصر، حيث أدت سياسات الاستحواذ والإقصاء من جانب والشحن الإعلامي من جانب أخر إلي حالة من الانقسام والاستقطاب في صفوف الشعب».
وشدد على أنه «كان المأمول أن تفضي انتفاضة الشعب الكبرى في 30 يونيو إلى وضع حد لهذه الأوضاع، ووضع البلاد علي المسار الطبيعي نحو تحقيق مبادئ الثورة»، مشددًا بقوله: «هذا ما دعاني لقبول دعوة القوي الوطنية للمشاركة في الحكم، إلا أن الأمور سارت في اتجاه مخالف فقد وصلنا إلي حالة من الاستقطاب أشد قسوة وحالة من الانقسام أكثر خطورة، وأصبح النسيج المجتمعي مهدد بالتمزق لأن العنف لا يولد إلا العنف».
وقال: «كما تعلمون فقد كنت أري أن هناك بدائل سلمية لفض هذا الاشتباك المجتمعي، وكانت هناك حلول مطروحة ومقبولة لبدايات تقودنا إلى التوافق الوطني، ولكن الأمور سارت إلي ما سارت إليه، ومن واقع التجارب المماثلة فإن المصالحة ستأتي في النهاية ولكن بعد تكبدنا ثمنا غاليا».
ورأى البرادعي أن هذا «الثمن الغالي» كان من الممكن تجنبه، مضيفًا: «لقد أصبح من الصعب علي أن أستمر في حمل مسئولية قرارات لا أتفق معها وأخشى عواقبها، ولا أستطيع تحمل مسؤولية قطرة واحدة من الدماء أمام الله ثم أمام ضميري ومواطني خاصة مع إيماني بأنه كان يمكن تجنب إراقتها، وللأسف فإن المستفيدين مما حدث اليوم هم دعاة العنف والإرهاب والجماعات الأشد تطرفا وستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلي الله».
واختتم بقوله: «وقى الله أرض الكنانة وشعبها العظيم وجيشها الباسل».