x

أهالي الشهداء «يحجّون» لـ«محمد محمود» في الذكرى الأولى لـ«المذبحة»

الأحد 18-11-2012 18:59 | كتب: آيات الحبال, صفاء صالح |
تصوير : حسام فضل

مازلنا نتذكر ملامحه.. الدماء التى لطخت رأسه.. وصيته الأخيرة قبل أن تقتله رصاصات الغدر فى محمد محمود، هذا هو لسان حال أهالى شهداء أحداث محمد محمود الذين رفضوا التعويضات عن استشهاد ذويهم وكل ما طلبوه هو القصاص للشهداء.

عانى أهالى الشهداء من التهميش وسوء المعاملة والإهمال وأيضا إنكار حقهم فى التعويض عن ذويهم بل وبعضهم تمت المتاجرة بقضيته دون النظر إلى حجم المعاناة التى تكبدها هؤلاء الأهالى بعد أن رحل ابناؤهم فى «موجة ثورية» غابت عنها جماعة الإخوان.. فى الذكرى الأولى للأحداث التقت «المصرى اليوم» عددا من أسر شهداء الأحداث فى شارع محمد محمود، حيث ارتبط الشارع لديهم بهذه الذكرى الأليمة ورصدنا إحياءهم للذكرى الأولى لوفاة ذويهم من داخل مكان الحدث الذى روته دماء أبنائهم.

والدة «أحمد» أمام «جرافيتى الشهداء»: أشم رائحة ابنى فى المكان

 أهالي الشهداء في ذكرى «محمد محمود»

تعد هذه المرة الأولى التى ترى فيها الحاجة فاطمة أم الشهيد أحمد دعبس، وآيات زوجته الشابة وطفلاه محمد وياسين.. هذه هى عائلة أحمد عبدالعليم دعبس.. وهذا هو الشارع الذى شهد بطولته وإصابته.. وهذه هى الوزارة التى خرج منها صائدو الأرواح ..المزيد...

«إبراهيم» أصغر الشهداء.. سقط وهو يهتف: «منك لله يا لواء»

أهالي الشهداء في ذكرى «محمد محمود»

بعينين دامعتين استقبلنا عبدالناصر قطب، والد الشهيد إبراهيم، أصغر شهداء شارع محمد محمود، فى الشارع الشاهد على آخر لحظات ابنه. الوالد يعمل موظفا فى إحدى الشركات نهارا، وسائق تاكسى بعد العصر ..المزيد...

والدا أول شهيد يدخلان «التحرير» للمرة الأولى بعد عام من المذبحة

  أهالي الشهداء في ذكرى «محمد محمود»

للمرة الأولى بعد وفاة أحمد محمود، 23 سنة، أول شهداء محمد محمود بعام كامل يقف والداه فى المكان الذى لفظ فيه أحمد أنفاسه الأخيرة أمام مجمع التحرير فى محاولة لتخيل ما حدث لابنهم وللإجابة عن التساؤل الذى حير قضاة التحقيق من الذى أطلق الشرارة الأولى وقتل أحمد يوم 19 نوفمبر وأشعل بعدها الأحداث ..المزيد...

«محمد محمود».. الأحداث التى عجلت بموعد تسليم السلطة

 تواصل اشتباكات «محمد محمود» لليوم الخامس

«الجمعة 18 نوفمبر 2011» دعت حركات سياسية مدنية وحازم صلاح أبوإسماعيل إلى «جمعة المطلب الواحد» للمطالبة بسرعة نقل السلطة إلى حكومة مدنية، وبعد انتهاء المليونية أصر بعض أسر شهداء الثورة وبعض الحركات السياسية على الاعتصام بالميدان، فى حين انصرف أبوإسماعيل ..المزيد..

.والدة الشهيد بهاء: الله رحمه من العيش فى هذه الأيام العصيبة

والدة بهاء السنوسي

بهاء ابنى وحبيبى، مر عام على غيابك، ولكن طيفك يلازمنى، ومن رحمة الله بى ألهمنى الصبر على فراقك إلى أن ألقاك، ربى وإلهى ومولاى إنى احتسبته عندك شهيدا، فتقبله مع الشهداء وأسكنهم جنات النعيم، وألحقنا بهم يا أرحم الراحمين. بهائى وحبيبى، إن الله أحبك ورحمك من العيش فى هذه الأيام العصيبة، التى اختلط فيها الحق بالباطل، الذى تجبر علينا وأحاطنا من كل جانب، وإنى أسعى للوصول لأقتص من الذى استباح دمك، وحرمنى منك.

أرجو من الله عز وجل أن يظهر الحق وأرى قاتلك يقتل، كما قال الله عز وجل «ولكم فى القصاص حياة يا أولى الألباب». بهائى، إنك تركت لى إخوتك وأصدقاءك من الثوار.. كلهم أبنائى، دائما معى لا يغفلون عنى، بارك الله فيهم وحفظهم إنهم ذوو قلوب طاهرة ومؤمنة، ومصرون على استكمال حلمك وحلمنا أيضا، بوطن آمن يحتضن أبناءه، ويمنحهم سبل العزة والكرامة والتقدم، وطن يليق بالمصريين، بارك الله فيهم ونفع بهم مصرنا العزيزة. آمين.

«جمال» قادته إصابة عينه إلى «عنبر 16».. وزوجته استقبلت ابنه فى «عنبر 11» مسيرة تضامنية مع مصابي «العيون» باشتباكات «محمد محمود»

جمال زغلول، 43 سنة، ترزى فى حى بولاق بالجيزة سابقا، أحد المعتصمين فى أحداث محمد محمود.. أول إصاباته كان فى 28 يناير، وأدت الى فقدان عينه اليمنى تماماً عصر يوم 19 نوفمبر وهو نفس اليوم الذى رزقه الله فيه بطفله الثالث محمد، حيث كانت زوجته تضع طفلها بعنبر 11 بقصر العينى فى نفس اللحظة التى يفقد فيها زوجها بصره فى عنبر 16 بنفس المستشفى».

يقول زغلول: «كنا على علم بأن هؤلاء الشباب جاءوا من أجلنا فوقفت بجانبهم لأدافع عن حقى وحقهم، كان هناك خرطوم مياه أخرجه العاملون فى (بيتزا هت) لنشرب ونغسل وجوهنا وكان العصر قد أذن فرفعت الخرطوم كى أتوضأ ونسيت أن وجهى أصبح فى مواجهة القناصة، فما إن رفعت وجهى حتى وجدت الدماء ممزوجة بالماء، ورفعت يدى على عينى اليمنى لأجد نزيفا شديدا بعد إصابتها، وبعد أن نقلونى لمسجد عبادالرحمن، أخبرنى الطبيب أن البلى أصاب عصب العين وأنه يجب على التوجه الى قصر العينى، فذهبت وطلبوا منى ثلاثة آلاف جنيه لإجراء عملية فى قصر العينى الفرنساوى ولم يكن معى فحولونى إلى قصر العينى القديم، وهناك كانوا يعاملوننا كأن مبارك كان أبوهم واحنا خلعناه، لكن ربنا عوضنى بابنى الذى استقبلته فى نفس يوم الإصابة».

يتنهد زغلول مواصلا حديثه: «كان يجب أن آخذ دورى هناك لإجراء العملية والذى جاء بعد 6 أيام من الإصابة فكان العصب قد دمر عينى».

كان زغلول ترزى حريمى فى بولاق أبوالعلا قبل الثورة وبعدها عمل بوظيفة «فراش بالتضامن الاجتماعى بمحافظة المنيا.. هذه هى المكافأة.. والحمد لله هنعمل إيه».

«رضا» حمل جثمان صديقه.. فسرق قناص العيون نور بصره

رضا عبد العزيز

كلما لمحته العيون فى شارع محمد محمود تعالت الأصوات المنادية باسمه «رضا»، وتسابق الجميع لدعوته للجلوس معهم، فأينما جلس تعالت الضحكات من القلب. رضا عبدالعزيز المصرى «20 سنة»، ولكنه يصر على أن عمره الحقيقى لا يتجاوز العامين لأن تاريخ ميلاده هو 25 يناير 2011، وأن عنوان سكنه هو شارع الأسود «محمد محمود» ووظيفته هى سباح إنقاذ فى شارع محمد محمود. يجلس رضا ليتجمع حوله زملاء المعركة، يجمعهم - دون ميعاد - نفس المكان الذى فقدوا فيه الأعين والأطراف وأرواح الأصدقاء، يلقى رضا بنكتة أو «قفشة» أو يلقى إحدى قصائده الارتجالية، ويضحك رضا معهم ثم يخلع نظارته السوداء فلا تجد تعبيرا فى عينيه إلا حزنا مصوبا تجاه الناظر إلى ذلك الشاب الوسيم ذو العينين، ليتساءل الناظر «الاثنتين يا رضا»؟.

فقد رضا، موظف علاقات عامة بشركة أدوية بالأردن، عينيه الاثنتين فى محمد محمود فى لحظة واحدة، بأنها نفس اللحظة التى انفجر فيها بجواره رأس صديقه «محمد جمال» عندما أصيب بطلق نارى فى رأسه، انحنى رضا كى يحمل صديقه فجاءت عينيه فى عينى فوهة سلاح القناص التى كان يتفاداها طوال المعركة، فإذا به يترك جسد صديقه ليلف شاله على عينيه ثم يأتى «شعبان» أحد الطيارين «سائقى الموتوسيكلات» لينقل محمد ورضا إلى المستشفى الميدانى ويخبر رضا ألا يخلع الشال حتى لا يدرك ما حدث له.

يقول شعبان: «كنت أعلم أن رضا لو علم بضياع عينيه، سوف يبقى أمام قناصته ولن يتحرك من الشارع حتى يموت، لذا لم أشأ أن أخبره بحقيقة ما حدث له حتى أنقله الى المستشفى الميدانى».

يقول رضا: «فقدت عينيى الاثنتين مرة واحدة.. «الشناوى» نشن صح، جدع ياباشا ، حسبى الله ونعم الوكيل». يتذكر رضا أحداث يوم فقد فيه نور عينيه للأبد، فيبدأ بالترحم على أصدقائه «محمد جمال، ورامى الشرقاوى، ومحمد الجوهرى»، ثم يحكى الحكاية: «محمد محمود ليس للاشتباكات، ولكنه للموت فقط، فاذا أردت أن تموت فادخل محمد محمود، وهذا ما أدركناه عندما دخلنا الشارع للدفاع عن أهالى الشهداء ومصابى الثورة، لم ندخل للاعتداء على الداخلية ولكن لردعهم عن ضرب المصابين فى الميدان، بعد ماشوفت الناس المشلولة بيترموا من الصينية ويدهسوا تحت الرجلين، فكانت النتيجة أن أفقد عينى الاثنتين بطلقة خرطوش واحدة. علمته الإصابة كيف يلقى أزجالا يفرح بها أصدقاؤه ويسألونه المزيد.. فكلما نطق رضا حول كلامه إلى أشعار ومنها رسالة يوجهها إلى الضابط «محمد الشناوى» أحد قناصى العيون يختم بها كلامه قائلا: «جدع يا باشا ضربتنى.. من نور عينى حرمتنى.. جدع يا باشا اضرب كمان.. فيه رجالة فى الميدان.. حكاية شاب مصرى يا ناس غلبان.. عينيه راحت فى الميدان.. حكاية شاب لذيذ.. اسمه رضا عبدالعزيز» يختم بها ويضحك، فيبتسم الجميع.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية