لم تعد المنافسة بين المسلسلات مقصورة على الفوز بأكبر قدر من الإعلانات، فالصراع الدرامي انتقل مؤخرًا إلى مرحلة «العرض الحصري»، حيث تسعى بعض القنوات الفضائية للتعاقد على عرض مسلسلات بعض النجوم حصريًا لجذب أكبر عدد ممكن من المشاهدين، وبالتالي يزيد حجم الإعلانات، فضلًا عن الانتشار الكبير الذي تحققه قنوات العرض الحصري، خاصة إذا كانت تعرض مسلسلات لنجوم كبار.
ويشهد الموسم الدرامي هذا العام عرض مجموعة كبيرة من المسلسلات حصريًا، منها «خلف الله» لنور الشريف، و«ميراث الريح» لمحمود حميدة، و«آسيا» لمنى زكي، و«القاصرات» لصلاح السعدني، و«حكاية حياة» لغادة عبدالرازق، و«نقطة ضعف» لجمال سليمان، وبينما تحقق بعض المسلسلات المعروضة حصريا النجاح الذي ينتظره صناعها فإن البعض الآخر يكون الفشل حليفه، مما يجعل بعض الفنانين يتهمون العرض الحصري بالتسبب في قلة نسبة مشاهدة العمل، لأن الجمهور ليست لديه فرصة متابعته على أكثر من قناة.
وقال محمد فوزى منتج مسلسلي «ميراث الريح»، و«الرجل العناب» واللذين يتم عرضهما حصريا على قناة «دريم» إن «أسباب نجاح وفشل الأعمال الحصرية تعود إلى تأثير القناة الفضائية التي يتم عرض العمل عليها، فإذا كانت القناة تحظى بنسبة مشاهدة فبالتأكيد سينجح العمل، ولو كانت ضعيفة ستقل نسبة مشاهدته».
واتفق أسامة الشيخ، المشرف العام على قنوات «دريم» مع ذلك قائلًا: «شارة (حصري) تكون في صالح العمل الفني إذا كانت القناة تتمتع بنسبة مشاهدة كبيرة، كما أنها تكون في صالح القناة إذا كان المسلسل متميزًا على مستوى الصورة والموضوع».
وأضاف «الشيخ»: «هناك منافسة كبيرة بين الفضائيات هذا العام، حيث تحرص كل قناة على جذب أكبر عدد من المسلسلات المتميزة لعرضها حصريا على شاشتها، وهذه المنافسة الشريفة تصب في صالح القناة والأعمال الدرامية، فالقنوات لا تتهافت إلا على الأعمال المتميزة والأفكار المبتكرة، وهذا العام هناك تطور في شكل الدراما وظهور وجوه جديدة ومخرجين جدد، وإذا لم يلجأ صناع الدراما للتطوير والابتكار فلن يجد المنتجون سوقا لأعمالهم».
وأشار إلى أن الأحداث السياسية والظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد أثرت بالفعل على نسبة مشاهدة المسلسلات هذا العام، كما أثرت على القضايا التي تعرضت لها الأعمال الدرامية المختلفة.
وأكد محمد هاني، مدير قناة «cbc» أن عرض المسلسلات بشكل حصري مفيد للطرفين، حيث يجعل هناك نوعًا من التميز للقناة ويساعدها على الاحتفاظ بنفس نسبة المشاهدة المرتفعة والاستمرار في منافسة باقي القنوات، موضحًا أن القناة الناجحة تساهم في انتشار العمل الدرامي لكونها تحظى بنسبة مشاهدة عالية.
وأضاف «هاني»: «العرض الحصري للمسلسلات يساهم أيضًا في انتشار القناة على مستوى الوطن العربي، فمن يرغب في مشاهدة الأعمال التي تعرض حصريا يبحث عن القناة التي تعرضها، وإذا تحققت معادلة القناة الناجحة والعمل القوي فإن الإثنين سيحظيان بنسبة مشاهدة مرتفعة جدًا، كما حدث مع مسلسل (حكاية حياة) المعروض حصريا على «cbc».
وأكد المنتج محسن العلي عدم قلقه من نسبة مشاهدة مسلسله التاريخي «خيبر» الذي يعرض حصريا على قناة «دريم 3» قائلًا: «من الطبيعي أن تقل نسبة المشاهدة في شهر رمضان بسبب زحام الأعمال الدرامية، وأعتقد أن المسلسل حقق انتشارا على مستوى الوطن العربي بعرضه على قناة (دبي)، التي تحظى بجماهيرية كبيرة في دول الخليج، بالإضافة لعرضه على قناتي (الجزائر) و(تونس)، وأتوقع أن يحقق المسلسل نسب مشاهدة أعلى عقب انتهاء شهر رمضان لما يحمله من رسائل مهمة».
وأوضح السيناريست زكريا السيلي، مؤلف مسلسل «خلف الله»، أن القنوات الفضائية التي تحظى بجماهيرية كبيرة تساهم بشكل مباشر في ارتفاع نسبة المشاهدة، مؤكدا أن شارة «حصري» تصبح مضرة للعمل إذا لم تحسن القناة اختيار توقيت العرض الأول والإعادة.
وقال «السيلي»: «توقيت العرض الجيد سر نجاح العمل، وبدونه لن يحقق المسلسل نسبة مشاهدة مرتفعة، حتى لو كان على مستوى جيد وتعرضه قناة قوية، خاصة أن المشاهد الذي يبحث عن عمل معين ويعلم أنه يعرض على قناة معينة في وقت لا يتناسب معه سيضطر إلى ترك القناة ويبحث عن العمل على شبكة الإنترنت، وبذلك تخسر القناة جزءا كبيرا مشاهديها».
وأضاف: «نسبة المشاهدة في رمضان ليست وحدها الحكم على جودة العمل، فهناك عوامل كثيرة تؤثر على نسبة المشاهدة، منها وجود أكثر من 40 مسلسلا في الموسم الدرامي، مما يخلق حالة ارتباك لدى المشاهد، فضلا عن أن زيادة مساحة الإعلانات بشكل كبير تجعل أغلب المشاهدين، خاصة الشباب، يهربون من متابعة المسلسلات على القنوات ويلجأون إلى الإنترنت للاستمتاع بالعمل بدون إعلانات».
وأشار إلى أن هناك مسلسلات جيدة لم تحقق نسبة المشاهدة المتوقعة لها في شهر رمضان نتيجة لتلك العوامل، وحققت نجاحا كبيرا بعد رمضان مثل «المواطن إكس»، مؤكدا أن من حق المنتج البحث عن المكسب المادي.