عقد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، الخميس، جلسة استماع تحت عنوان «الأزمة في مصر» امتدت نحو ساعتين ونصف، ناقشوا فيها وجهات النظر المختلفة حول الوضع في مصر وتداعياته على المنطقة والولايات المتحدة، وأكدوا أن «ما حدث في مصر ليس انقلابا عسكريا، وأن وقف المساعدات اختيار سياسي ضعيف».
كان شهود الجلسة هم السفير دينيس روس، المستشار السابق للرئيس الأمريكي باراك أوباما حول الشرق الأوسط، وميشيل دن، المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط بالخارجية الأمريكية سابقا، والسفير دانيال كيرتزر، السفير الأمريكي الأسبق بالقاهرة.
وقبل انعقاد الجلسة بيوم واحد، كشفت وكالة «أسوشيتد برس» الأمريكية، أن نائب وزير الخارجية الأمريكي، ويليام بيرنز، عقد اجتماعا مغلقا مع عدد من أعضاء الكونجرس، أكد فيه أن «الإدارة الأمريكية لن تعلن أن ما حدث في مصر انقلابا»، وفقا لما نقله عدد من مشرعي القوانين بالكونجرس.
جاءت زيارة «بيرنز» بعد يوم واحد من إعلان وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» تعليق إرسال طائرات «إف-16» إلى مصر.
وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، روبرت منينديز، إن «وقف المساعدات الأمريكية يمكن أن يثير أزمة أخرى في مصر لن تكون في مصلحة الولايات المتحدة»، داعيا إلى «ضرورة استمرار المعونة في الوقت الراهن»، واصفا قرار تعليق المساعدات بأنه سيكون «اختيارا سياسيا ضعيفا».
وتابع «منينديز»: «دعمنا لمصر مشروط، ويجب على القادة المصريين والجيش المصري إظهار التزامهم تجاه عملية سياسية شاملة وانتخابات ديمقراطية موثوق فيها».
ودعا السيناتور بوب كوركر، العضو الجمهوري باللجنة، إلى «تخفيف حدة التوتر بين مصر وواشنطن، ويجب ألا تنسى واشنطن أحيانا أن لديها مصالح أمن قومي هائلة بمصر».
وأعرب دينيس روس عن تخوفه من قطع المعونة لمصر، قائلا إن «وقف المساعدات الأمريكية قد يفقدنا اتصالنا مع الجيش، كما أنه قد يحدث أزمة مع الشعب المصري».
وحذر «روس» من احتمال تقلص النفوذ الأمريكي في مصر إذا تم اتخاذ قرار وقف المعونة، مشيرا إلى إرسال الإمارات والسعودية مساعدات مالية إلى مصر، وهي الخطوة التي وصفها بأنها قد تؤدي إلى «أعمال قمع ضد الإخوان المسلمين في مصر».
بينما قال دانيال كيرتزر إنه من المهم التفكير في الدعم الشعبي تجاه خطوات الجيش بعد عزل مرسي، مشيرًا إلى دور الجيش في إغلاق أنفاق التهريب بين مصر وغزة.
وأضاف «كرتزر»: «الأمر لا ينحصر بين الأبيض والأسود، كما أن مرسي فشل في تطبيق سيادة القانون المنهجية، وما يثبت أن ما حدث في مصر ليس انقلابا عسكريا، بل إن الجيش لم يستول على السلطة، ولكنه قدم خارطة الطريق للتأكد من ثبات الحكومة الجديدة».
واعتبر مسؤول رفيع المستوى في البيت البيض، لم يكشف عن اسمه، أن «واشنطن تدرك جيدا صعوبة الموقف في مصر، ومحاولة كسر رقبة الإخوان المسلمين لن يكون أمرا جيدا لمصر أو للمنطقة، ونحن نريد عودة الأمور إلى وضعها الطبيعي».
وفي سياق متصل، قال مسؤولون أمريكيون إنه «من المتوقع أن تبلغ إدارة الرئيس باراك أوباما الكونجرس أنها لم تقرر بعد إن كان ما حدث في مصر انقلابا، وأن واشنطن لا تعتزم اتخاذ قرار بهذا الشأن في القريب العاجل».
وأوضح المسؤولون، الذين طلبوا عدم نشر أسمائهم، أنه «من المتوقع أن يعلن نائب وزير الخارجية الأمريكي، وليام بيرنز هذه الرسالة في شهادة أمام أعضاء بارزين في مجلسي النواب والشيوخ بالكونجرس».
وقال مسؤولون حاليون وسابقون إن «إدارة أوباما لا ترغب في خفض المعونة التي تبلغ نحو 1.55 مليار دولار سنويا منها 1.3 مليار دولار للجيش خشية استعداء أحد أهم المؤسسات في مصر»، مشيرين إلى أنها لا ترغب في القيام بأي تحرك يزيد من الاضطراب في مصر نظرًا لما لها من أهمية استراتيجية في ضوء معاهدة السلام مع إسرائيل، وقناة السويس، الممر المائي الحيوي للولايات المتحدة»، حسب قولهم.
وبموجب القانون الأمريكي يتعين وقف معظم المساعدات إلى أي بلد يتم خلع رئيسه أو رئيس حكومته المنتخب في انقلاب عسكري أو بمرسوم أو تتم الإطاحة به في انقلاب أو بمرسوم يلعب فيه الجيش دورا حاسما».
ولم يحدد القانون الموعد النهائي لاتخاذ قرار بهذا الشأن، ولم يحدد أيضا المعايير التي على أساسها يتم اتخاذ القرار، مما يمنح إدارة أوباما هامشا للمناورة بشأن كيفية وتوقيت اختيارها، لأن تفسر ما حدث في مصر.