لفت تنازل ملك بلجيكا ألبرت الثانى عن العرش طواعية لابنه فيليب ليصبح العاهل السابع، الأنظار من جديد، الأنظار إلى مسألة ضخ دماء جديدة فى بعض الملكيات الأوروبية، التى وصلت أعمار ملوكها إلى سن متقدمة، وإمكانية قيام ملوك آخرين بفتح المجال أمام من هم أصغر سناً وأنسب من أولياء العهود للمرحلة الحالية التى تمر بها دولهم.
ويأتى التغيير الجديد فى المملكة البلجيكية، بعد أشهر قليلة من تنازل ملكة هولندا بياتريكس (75 عاماً) عن العرش لابنها ويليام ألكسندر (46 عاماً)، وهو الأمر الذى دفع الكثير من المحللين إلى القول بأن بعض ملوك أوروبا ربما يفكرون فى ترك الحكم وإعطاء فرصة للجيل الثانى فى العائلات الملكية لتولى مقاليد السلطة. ويرى محللون أن تنازل الملوك عن العرش فى بعض الدول ذات النظام الملكى فى أوروبا، يتماشى مع ما هو متوقع من هذه الأنظمة، خاصة أن أولياء العهود فى هذه الممالك مستعدون لزمام السلطة ويتمتعون بما هو كاف لنقل بلادهم إلى المرحلة الجديدة التى يفرضها العالم الحديث.
ومن بين الملوك العشرة المتبقين فى أوروبا، هناك نحو 5 ملوك تزيد أعمارهم على السبعين عاماً، فى مقدمتهم الملكة البريطانية إليزابيث الثانية، وملك إسبانيا ثم وملكة الدنمارك وملك النرويج، فضلاً عن مملكة لوكسمبرج، فى حين يزيد عمر ملوك السويد وليشتنشتاين عن 60 عاماً. وتتوزع الممالك فى أوروبا على 5 ملوك ذكور وملكتين وأميرين ودوق كبير.
وتعد المشكلة التى تواجه بعض ملوك أوروبا أن كلمة «التنازل» عن العرش تعتبر كلمة غير مقبولة أو «بذيئة»، منذ تنحى إدوارد الثامن دوق ويندسور، عام 1936 فى بريطانيا، الأمر الذى سبب أزمة دستورية فى البلاد، إلا أن قرار ملكة هولندا وبعده ملك النرويج بالتنازل عن الحكم يثبت أن بإمكان الملوك والملكات عدم الاحتفاظ بالعرش مدى الحياة وإمكانية نقله للجيل الأصغر سناً.
وتعكس الأنظمة الملكية الأوروبية الاتجاهات الديمقراطية عبر فترات زمنية مختلفة، كما هو واضح فى حالة النرويج خلال القرنين الماضيين وفى حالة إسبانيا تبين ذلك خلال العقود القليلة الأخيرة.
وفى ظل بعض المشاكل الداخلية الاقتصادية والاجتماعية التى تواجهها بعض الممالك، ربما يكون الخيار الأمثل أمام بعض ملوك هذه الدول هو التنازل لأولياء عهدهم للاستفادة من خبراتهم لحل هذه الأزمات. فعلى سبيل المثال، تواجه الأسرة المالكة فى إسبانيا حالياً فضائح تتعلق بالفساد بجانب الإجراءات التقشفية القاسية، لذا يرى بعض المحللين أن تنازل ملك إسبانيا خوان كارلوس عن العرش لولى عهده، ربما يحل جزئياً هذه الأزمة ويهدئ من غضب الشارع الإسبانى.