شهدت الأسابيع الأخيرة فى الحرب الدائرة فى سوريا معارك ضارية بين الفصائل الثورية التى تسعى للإطاحة بنظام الرئيس السورى بشار الأسد، حيث تستعر المواجهات بين الأكراد والإسلاميين وبخاصة جبهة النصرة المتطرفة، بينما ينقسم الجيش السورى الحر بينهما، وهو ما يمثل دليلا على أن الصراع المستمر منذ مطلع 2011 بين المعارضة وقوات الأسد، تحول إلى حروب فرعية لا صلة لها بالسعى للإطاحة به، وبالطبع لا يتدخل الجيش السورى النظامى بالموضوع ويترك المعركة دائرة بين الاثنين، مما يعزز موقف «الأسد»، ويخدمه فى صراعه على السلطة، ويساهم فى إجهاض الثورة السورية.
وعاد الأكراد إلى واجهة المشهد السياسى والميدانى بعد 3 حوادث متلاحقة، أظهرت أن الأمور متجهة نحو التدهور بينهم وبين الفصائل الإسلامية المعارضة وجبهة النصرة، ويبدى العديد من الناشطين مخاوفهم من اندلاع مواجهات تحمل طابعا إثنيا، بعد انقسام كتائب الجيش السورى الحر فى المعركة للقتال، إلى جانب الطرفين المتناحرين.
ويشكل الأكراد نحو 15% من سكان سوريا، وارتفعت حدة التوتر بينهم وبين الإسلاميين بعد عمليات خطف واسعة إثر احتجاز الأكراد أمير دولة العراق والشام أبومصعب، كما أدت الاشتباكات المتواصلة إلى سيطرة الأكراد على بلدات وقرى فى محافظة الحسكة، وطرد المقاتلين الإسلاميين من مدينة رأس العين الحدودية مع تركيا، ليطلق بعض المراقبين على التقدم الكردى اسم «الانتفاضة الكردية على جبهة النصرة».
ويعد حزب «الاتحاد» أقوى جماعة كردية فى المنطقة نظرا لمجموعاته الفعالة المسلحة تسليحا جيدا، وأعلن الحزب مؤخرا مسعاه لتشكيل مجلس مستقل لإدارة المناطق الكردية، إلى أن تنتهى الأزمة السورية، وأكد أن «هذه الإدارة ستكون أشبه بحكومة مؤقتة»، واعتبر مراقبون الأمر محاولة لعزل هذه المنطقة الغنية بالنفط والثروات، ويزيد من فرصة إقامة «الدولة الكردية» داخل سوريا.
ونشر باحثون دراسات عن الدولة التى يطمح النظام السورى إلى تأسيسها فى حال تراجعه على أرض المعركة، وأوضحوا أن تلك الدولة ستتخذ من محافظات الساحل ساحة لها، وستضم إلى جانب العلويين، أبناء الطوائف المسيحية والإسماعيلية وكذلك القوى السنية الموالية للنظام.
ووفق بعض المعلومات، فإن الدولة العلوية المفترضة تقع غرب سوريا، وتتألف من محافظتى طرطوس واللاذقية بالكامل، ومناطق مصياف والسقيلبية ومحردة التابعة لمحافظة حماة، ومناطق كل من مركز حمص وتلكلخ والقصير والرستن فى ريفها.
وتمتد الدولة من حدود لواء الإسكندرونة التابع لتركيا حالياً فى الشمال، حتى الحدود اللبنانية فى الجنوب، ويحدها من الشرق باقى مناطق محافظتى حمص وحماة، ومن الشمال الشرقى محافظة إدلب.
ومساحة هذه الدولة تصل إلى نحو 18700 كيلومتر مربع، بحسب باحثين، الذين رجحوا وصول عدد سكان الدولة العلوية فى حال تأسيسها إلى 4 ملايين نسمة، بنسبة 55% من أبناء الطائفة العلوية، و37.5% من أبناء الطائفة السنية الذين مازالوا يدينون بالولاء لنظام الأسد، بجانب 8.5% من أبناء الطائفة الإسماعيلية، و5% من المسيحيين.