x

النوبيون فى الإسكندرية.. «الإتر» و«الويكا» على موائد الإفطار

الثلاثاء 16-07-2013 17:10 | كتب: يمنى مختار |
تصوير : اخبار

منذ عشرات السنين ترك كثير من النوبيين بلادهم، واتجهوا إلى الإسكندرية، بحثا عن لقمة العيش، فالنوبى القادم من أسوان وقتها، لا يعرف اللغة العربية، ولم يتلق قدر من التعليم، يؤهله للعمل فى أى مهنة، أو صنعة، إلا أن صفات الأمانة، والالتزام، والصدق، وراء امتهانهم أعمالاً معينة.

اختاروا حيى كوم الدكة، والعطارين، ليسكنوا فيهما وليكونوا على مقربة من أماكن عملهم فى محطة الرمل، التى يسكنها يونانيون، والمنشية التى استوطنها الإيطاليون، ونجحوا فى خلق علاقات صداقة وود مع الأجانب، لدرجة أنهم حينما قرروا مغادرة مصر فى الستينيات، ترك البعض منزله لهم.

يحكى محمد وهبى، مدير النادى النوبى بالإسكندرية، أن أحد اليونانيين أخبر خادمه النوبى أنه سيغادر مصر فى اليوم التالى، وأعطى له مفتاح منزله تاركا له بيتا مليئاً بالتحف، والأموال إلا أن النوبى توجه إلى قسم الشرطة، وسلم المفتاح إلى الضابط، الذى استولى على الشقة ولايزال يقيم فيها حتى اليوم.

ورغم المسافة الكبيرة، التى تبعد النوبيين عن أهلهم فى أسوان، إلا أنهم لايزالون يحتفظون ببعض العادات، والتقاليد التى تجعل الود موصولا مع أهلهم، خاصة فى رمضان، إذ يستعدون قبل الشهر الكريم، بجلب التمر، ومشروب الإبرية، من أسوان، وهو آخر ما تبقى من الطقوس النوبية، حيث يعود هذا المشروب إلى قدماء المصريين وهو عبارة عن دقيق وخميرة يتم تحويلها إلى طبقة رقيقة جدا تشبه الرقاق، تجف بسهولة فى الفرن ويتم تكسيرها ووضعها فى الماء والسكر لتصبح مشروباً صحياً، يكتفى النوبى بتناوله بعد أذان المغرب.

«الإتر» و«الويكا» و«الكابد».. من أشهر الأكلات، التى لايزال النوبيون فى الإسكندرية حريصين على وجودها على مائدة الإفطار بعد انتهائهم من أداء صلاة المغرب والعشاء والتراويح فى المسجد، حيث يشبه «الإتر» الملوخية والتى يضيفون عليها «السلق» أما «الويكا» فتشبه البامية الصعيدى، التى يتناولونها مع العيش النوبى«الكابد».

ولا يكتفى رمضان بجمع أفراد الأسرة الواحدة على مائدة الإفطار، بل تدعو الأسر أبناءها حتى المتزوجين منهم إلى الإقامة طوال الشهر الفضيل فى بيت العائلة، كما يجتمع النوبيون فى النوادى والجمعيات النوبية فى حفلات إفطار جماعية لوصل الود بينهم.

يذكر عبدالفتاح إسحاق، رئيس لجنة متابعة الملف النوبى بالإسكندرية، أن آباءهم أنشأوا 28 جمعية وناديا نوبيا فى الأربعينيات، تحمل أسماء 28 قرية نوبية لتكون بمثابة دار ضيافة للنوبيين القادمين من أسوان، وتتكفل بهم الجمعية وتوفر لهم فرص عمل، لكنها تحولت بمرور الوقت إلى ما يشبه دار المناسبات، التى يتجمع فيها النوبيون لتلقى التهنئة فى الأفراح والعزاء فى الأحزان وتفتح فى شهر رمضان لإقامة حفلات الإفطار الجماعية.

وأضاف أن النوبيين مازالوا متمسكين بعاداتهم وتقاليدهم، خاصة الحرص على الشعائر الدينية إلا أن الشباب انصهر داخل المجتمع ولم يعد حريصاً على العادات والتقاليد، مؤكداً أن الأخطر هو تخليهم عن اللغة النوبية.

ورغم أن عدد النوبيين فى الإسكندرية يتجاوز الـ400 ألف مواطن، إلا أن محمد وهبى فاجأنا بقوله: «نفسى ألاقى نوبى أتكلم معاه»، مشيراً إلى أن أغلب النوبيين فى الإسكندرية لا يتكلمون النوبية، لدرجة أنه لا يجد فى النادى النوبى من يحادثه بلهجته وهو ما دفعه إلى عمل دورات تدريبية لتدريس اللغة خوفا من تعرضها لخطر الاندثار، خاصة بعد أن تمرد عليها الشباب النوبى.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية