x

أصحاب فراشة «موائد الرحمن»: السياسة خربت بيوتنا

السبت 13-07-2013 16:25 | كتب: ريهام العراقي |
تصوير : other

جلس يوسف عبدالحميد، الرجل الستينى، أمام محله فى شارع السلطان حنفى، بحى السيدة زينب، يشاهد وجوه المارة، وينظر إلى عقارب الساعة بين الحين والآخر، يستمع إلى نشرة الأخبار التى تبثها المحطة الإذاعية «راديو مصر»، ليهز رأسه ويضرب بكفيه، ويتمتم بكلمات «بكرة ربنا يفرجها من عنده».

حال «يوسف» لا يختلف كثيرا عن أحوال أصحاب فراشة الموائد الرمضانية، فجولة واحدة إلى محالهم، تصف لك حالهم فى كلمة واحدة «الحال واقف»، على حد تعبيرهم، فالكراسى تراصت على جوانب المحال، وانطوت أقمشة «الصوان» بعد أن غطتها أتربة الشارع، ولسان حالهم يقول: «السياسة خربت بيوتنا». ويؤكد «يوسف» أن الإقبال الضعيف لا يقتصر على الخيام الرمضانية فقط، ويمتد إلى فرش الأقمشة أمام محال العطارة والسوبرماركت لعرض الياميش ويقول: «الخيم الرمضانية السنة دى تعتبر شبه مختفية من السوق، وكمان مفيش إقبال على فرش الأقمشة أمام محال العطارة والسوبر ماركت لعرض الياميش».

يتباهى «يوسف» بمهنته التى لا يعرف غيرها، فهو توارثها أباً عن جد، ويرى أنه «الراعى الرسمى» للموائد الرمضانية والمناسبات السعيدة أو الحزينة، حسب تعبيره، وإن كان يعانى أصحاب الفراشة فى الوقت الحالى، بسبب الظروف الاقتصادية والسياسية التى تمر بها البلد، إلا أنه يأمل أن تعود المهنة إلى عهدها، ويحكى: «زمان رمضان كان موسم لينا، ومكنش فيه وقت أقف علشان أتكلم معاكى زى دلوقتى، لأننا كنا غرقانين فى الشغل، وكان الزبون يتفق معايا قبل رمضان بعدة أيام، وفرشت موائد رمضان فى شوارع ونوادى محافظات مصر، حتى ليبيا اشتغلت فيها، لكن دلوقتى الحال واقف أكتر من أيام ثورة 25 يناير».

يتذكر أصعب المواقف التى واجهها فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى، «عندما قام عشرات من جماعة الإخوان بتحطيم صوان أحد الأفراح فى حى عين شمس الغربية، بالقاهرة، بسبب رفضهم إقامة الفرح فى الشارع، ما تسبب فى خسارته ما يزيد على 15 ألف جنيه، ولم يتحصل على جنيه واحد على سبيل التعويض»، حسب قوله.

على امتداد سور مجرى العيون وقف أحمد رأفت، يتفاوض مع زبون لتأجير 100 كرسى لمدة يوم، إلا أنه لحظات وانصرف الزبون، تاركا وراءه أحمد يفكر فى كيفية تدبيرمصاريف رمضان والعيد والسنة الدراسية الجديدة.

«إحنا مش عاوزين غير مصاريف أكل وشرب ولادنا بس، لكن كل واحد يحكم مصر ويقعد على الكرسى مش بيفكر إلا فى نفسه وأولاده».. بهذه الكلمات عبر أحمد، صاحب فراشة عن استيائه من توقف حركة البيع والشراء قائلا: «ظروف البلد وعمليات البلطجة والسطو المسلح أدت إلى انخفاض أعداد الخيام الرمضانية هذا العام، ما أثر بالسلب على سوق الفراشة، قبل الثورة كان أحمد فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب السابق، يقيم مائدة رحمن كل سنة تتسع لأكثر من 500 شخص لأهالى حى السيدة زينب، وبعد ثورة يناير اختفت المائدة الرمضانية له ولعدد من رجال الأعمال، وتراجع عدد من أصحاب المصانع التى كانت تتعاقد معنا سنويا لإقامة الخيم الرمضانية».

ويشير أحمد عبدالرؤوف، صاحب فراشة، إلى أن الإخوان لم يحرصوا على إقامة موائد الرحمن إلا فى المناطق الشعبية وخلال أوقات الدعاية الانتخابية فقط، ما يدل على أنها لم تكن لوجه الله، مؤكدا أنه يرفض التعامل مع الإخوان بسبب سوء معاملتهم قائلا: «فى أحد الانتخابات البرلمانية السابقة، طلب منى أحد نواب الجماعة إقامة مائدة رحمن فى أحد أحياء الجيزة، وحدث ماس كهربائى بعد الإفطار، تسبب فى احتراق قماش الصوان، ورفض النائب دفع قيمة الخسارة، لذلك أرفض التعامل معهم».

ويعبر محمد حلمى، صاحب فراشة، عن حزنه من اختفاء موائد الرحمن من مناطق الدقى والمهندسين والزمالك، والتى كانت تشتهر بإقامتها على مدى طويل، إلا أن ما سماه «الغلاء الفاحش»، أدى لاختفاء موائد الرحمن من الشارع.

ويقول: «الشغل قل أثناء ثورة يناير، لكن وقت حكم الإخوان اختفى خالص، وحكمهم كان زى كابوس على قلبنا، وأعضاء الحزب الوطنى المنحل كانوا حرامية بس كانوا بيفرشوا أحلى موائد رحمن، وبعد ما مرسى مشى منتظرين أن أحوال البلد تتحسن، ونلاقى شغل تانى». ويوضح أن أصحاب الفراشة أكثر فئة تأثرت بالأحداث السياسية فى مصر، قائلا: «كنت أقيم مائدة رحمن فى ميدان رابعة العدوية الذى يشغله مؤيدو مرسى الآن، وكان يستوعب المئات من الفقراء من مختلف أحياء محافظة القاهرة، إلا أنه بعد سيطرة التيار الإسلامى عليه لم يتصل بى أحد من المعروفين بإقامة موائد الرحمن أو الخيم الرمضانية فى مدينة نصر خوفا من وقوع اشتباكات من مؤيدى ومعارضى مرسى».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية