فلوريدا أو ولاية «الشمس المشرقة»، كما يحب أن يسميها الأمريكيون، تعتبر إحدى أهم الولايات في جميع الانتخابات الرئاسية الماضية، وتعتبر الولاية الأهم في الانتخابات الحالية، باعتبارها إحدى أهم الولايات المتأرجحة حتى الآن بين رومني وأوباما.
فنظام الانتخابات الأمريكية يعطي للمرشح الذي يحصل على أغلبية الأصوات في ولاية ما جميع أصوات تلك الولاية في المجمع الانتخابي، وبما أن عدد مقاعد فلوريدا في المجمع كبير إلى حد ما «٢٩ صوتًا من أصل ٢٧٠ صوتًا» وتساوي شعبية المرشحين الرئاسيين فيها جعل سباق الرئاسة بالولاية يحتدم في الأيام الأخيرة من أجل الفوز بتلك الأصوات المتأرجحة، وتقول مؤسسة «ويسلين ميديا بروجكت» المتخصصة في متابعة دعايات الحملات الانتخابية عن فلوريدا «هي واحدة من أكبر الولايات الأمريكية التي تستهدفها حملتا مرشحي الرئاسة الديمقراطي باراك أوباما والجمهوري ميت رومني وأنها من أكثر الولايات التي تم صرف الأموال فيها على الدعاية الانتخابية للمرشحين».
وانتهت مرحلة التصويت المبكر في جميع أنحاء الولايات المتحدة وفي ولاية فلوريدا، السبت، «باستثناء بعض الولايات التي أصابها الإعصار ساندي بشدة» حيث لاتزال المؤشرات واستطلاعات الرأي تتأرجح بين رومني وأوباما بنسب تقارب ٥٠٪ لكل منهما، لذا فمن المتوقع أن تشهد فلوريدا اليومين القادمين وحتي موعد الانتخابات يوم ٦ نوفمبر الجاري تكثيفًا للحملات الانتخابية من قبل المرشحين الرئاسيين من أجل الفوز بأصوات سكان الولاية البالغ عددهم 12 مليون ناخب من أصل عدد سكانها وهو 19 مليون شخص، حيث تعد فلوريدا رابع أكبر ولاية أمريكية من حيث عدد السكان.
وتفرض التركيبة الديموغرافية لفلوريدا سيطرتها على المعركة الانتخابية، فحوالي 6% من سكان الولاية يهود، ما يجعلهم ثالث أكبر تجمع يهودي في أمريكا بعد نيويورك وكاليفورنيا.
وفي تصريحات صحفية له يقول المتخصص في التاريخ والشؤون اليهودية في جامعة ميامي- فلوريدا، البروفيسور آيرا شيسكين، «هناك انطباع بين اليهود في فلوريدا بأن الرئيس أوباما ليس متحمسًا بما فيه الكفاية لحماية إسرائيل، ويشيرون إلى ما يعتبرونه ليونة في التعامل مع إيران وبرنامجها النووي»، في إشارة منه إلى ميل يهود فلوريدا إلى المرشح الجمهوري رومني.
وميل اليهود إلى الجمهوريين بفلوريدا يعتبر ظاهرة جديدة كما يصفه «شيسكين»، ففي انتخابات عام 2008 صوت أكبر من 74% من اليهود لصالح أوباما، ويشير إلى أن هوى اليهود في فلوريدا هو مع الديمقراطيين منذ عام 1916، غير أن الاتجاهات تغيرت في انتخابات عام 2010، أي بعد مرور عامين على فترة رئاسة أوباما الأولى، فالجمهوريون يسعون لتغيير موقف اليهود، وهو ما انعكس في لغة حملة الدعاية لرومني من إسرائيل.
على الناحية الأخرى يقول «شيسكين»: «الصوت اليهودي في فلوريدا يهتم بإسرائيل، لكن اليهود في هذه الانتخابات مهمومون أكثر بالعدالة الضريبية والرعاية الصحية والقضايا الاجتماعية والتعليم، وهذا ما يجلعهم يتأرجحون بين رومني وأوباما خاصة جيل الشباب».
وتقول صحيفة لوس أنجلوس تايمز «الجمهوريون يسعون لجذب أصوات الجالية اليهودية الضخمة في جنوب فلوريدا بالهجوم على سياسات أوباما تجاه إسرائيل».
على الجهة الأخرى فإن فلوريدا تأوي نحو ربع مليون مواطن أمريكي من أصل عربي، وقد زادت نسبة عدد السكان من أصل عربي في فلوريدا بمقدار 57% في الفترة من عام 1990 حتى عام 2000، والأغلبية من المواطنين ذوي الأصول العربية يدعمون بطبيعة الحال أوباما في الانتخابات القادمة، إلا أن الجالية العربية في فلوريدا تفتقر إلى التنسيق الموجود لدى الجالية اليهودية بالولاية.
ويقول عمرو بدر، مسؤول الإعلام بمعهد العرب الأمريكيين بواشنطن إن استطلاعات الرأي التي أجراها المعهد تتحدث عن «هبوط السياسة الخارجية إلى المرتبة الثانية في اهتمامات المواطنين الأمريكيين من أصل عربي، حيث احتلت السياسات الاقتصادية للرئيس الجديد قمة أولويات العرب من أصل أمريكي».
ويقول سجل فلوريدا الانتخابي إنه منذ 16 عامًا، لم تصوت هذه الولاية لمرشح إلا وفاز برئاسة الولايات المتحدة، وربما لهذا جعلها أوباما ورومني ضمن آخر الولايات التي يتجولان فيها قبل حلول يوم الحسم بساعات.