x

الأنبا باخوميوس: حصلنا على وعد شرف من «ثلاثى القرعة» لتغيير «لائحة 57» (حوار)

السبت 03-11-2012 23:58 | كتب: عماد خليل |
تصوير : أحمد المصري

فى وداعة وثقة أدار الأنبا باخوميوس دفة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعد أن ورث تركة ثقيلة تركها البابا شنودة الثالث وسط ظروف سياسية صعبة من صعود التيار الإسلامى للحكم، ومشاكل الأقباط التى لا تنتهى، ومطالب بتعديل لائحة البطريرك الجديد، إلا أنه استطاع أن يصل بسفينة الكنيسة إلى بر الأمان ليسلم الكنيسة، الأحد، لأحد المرشحين الثلاثة بعد قداس القرعة الهيكلية، الأنبا باخوميوس فتح قلبه لـ«المصرى اليوم» فكان لنا معه هذا الحوار..

ماذا عن أبرز عقبات المرحلة الانتقالية داخل الكنيسة؟

- نشكر الله، الفترة الماضية التى توليت فيها منصب القائمقام منذ نياحة البابا شنودة الثالث، فى مارس الماضى، مرت بسلام وكانت هناك بعض العقبات التى واجهتنى فى البداية، ومنها مطالبة العديد من الأقباط بتعديل لائحة 1957، لما بها من بعض العيوب التى تحرم العديد من أبناء الكنيسة القبطية فى مصر والمهجر من المشاركة فى اختيار راعيهم، بالإضافة للظروف السياسية الصعبة التى كانت تمر بها البلاد وتأثر بها كل المصريين من أقباط ومسلمين.

لماذا لم تغيروا لائحة 1957 طالما كان هناك إجماع على تغييرها؟

- تغيير اللائحة قبل انتخابات البطريرك من شأنه أن يدخلنا فى متاهات كثيرة الكنيسة فى غنى عنها، لذلك بعد الاجتماع بأعضاء المجمع المقدس ومجموعة من القانونيين من أعضاء المجلس الملى العام، وافقنا بالإجماع على إقامة الانتخابات وفقاً للائحة الحالية، حتى لا تطول المرحلة الانتقالية للكنيسة ولسرعة انتخاب بطريرك جديد.

ماذا عن المواصفات التى يجب أن يتحلى بها البابا الجديد؟

- لابد أن تكون هناك مواصفات معينة للبابا الجديد، منها الإيمان والتقوى والرعاية، ويجب ألا تقاس على مواصفات البابا الراحل، لأن البابا «شنودة» شخصية كاريزمية ليس لها مثيل ولن تتكرر، فهو شخص موهوب ولديه قدرات كثيرة فهو كان شاعراً.

هل المرشحون الثلاثة يتمتعون بتلك الصفات؟

- المرشحون الثلاثة لديهم ملامح التقوى والقدرات الكنسية ولابد أن يكون كل منهم مؤمناً بالصلاة والتعليم والرعاية وكل كلمة لها معنى فالأولى تتعلق بالقيادة الروحية ونقاوة النفس والثانية كل ما يتعلق بالتعليم، وله أشكال كثيرة منها الحوارات اللاهوتية، وليس شرطاً أن يكون ملماً بكل شىء ثم أخيراً الرعاية وحل مشاكل المواطنين مثل المشاركة فى برامج التنمية وحل قضية البطالة، بما أن الحكومة لن تستطيع القيام بكل المهام والعناية بالأرامل والمرضى والتشغيل وتكملة الطلبة دراستهم.

تردد أنه تم الاتفاق مع المرشحين الثلاثة للقرعة الهيكلية على تعديل اللائحة؟

- بالفعل اتفقنا مع كل المرشحين على تعديل اللائحة خلال العام الأول من التنصيب، ووعدوا بذلك ولم نجعلهم يوقعوا إقراراً بذلك بل حصلنا على وعد شرف منهم وهو كاف للغاية لثقتنا بهم.

ألا تخشى الكنيسة من مناقشة اللائحة الجديدة فى ظل هيمنة الإسلاميين على المشهد السياسى؟

- لا نخشى من ذلك، خاصة أن الدستور الجديد استجاب لطلبات الكنيسة القبطية ونص على احتكام غير المسلمين لشرائعهم فيما يخص أحوالهم الشخصية واختيار قادتهم الدينيين، لذا من حقنا اقتراح اللائحة والتصديق عليها دون مناقشة وفقاً للدستور الجديد.

هل تم إقصاء الأساقفة الكبار إرضاء لبعض المطالب القبطية؟

- فيما يخص اختيار المرشحين الخمسة، قامت لجنة الترشيحات برئاستى وبوجود الـ18 عضوا من المجمع المقدس والمجلس الملى بدراسة كل الطعون التى قُدمت لها وفحصتها ورقة ورقة، وما جاء لها عن طريق البريد الإلكترونى والبريد العادى، وكذلك نبض الشارع القبطى، وانتهت لجنة الترشيحات للنتيجة السابقة من خلال التصويت السرى المباشر.

كيف سيتم التعامل مع الأساقفة الذين تم إبعادهم؟

- الكنيسة لم تقص أحداً وإنما أعادت ترتيب الأوراق، وكل من استبعد من الأساقفة والرهبان آباء أفاضل، ومنهم من رأت الكنيسة الاستفادة منهم فى مواقعهم الحالية.

هل سيتم إلغاء منصب الأساقفة العموميين من الكنيسة؟

- بالطبع لا، وما نُشر بخصوص هذا الكلام غير صحيح وكلام مرسل، لأن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية لا تستغنى عن الأساقفة العموميين لدورهم المهم، وأنا مثلاً يساعدنى الأنبا تواضروس المرشح البطريركى كأسقف عام ودونه لا أستطيع إدارة المطرانية، وكذلك الأمر بالنسبة للأنبا موسى فى أسقفية الشباب حيث يعتمد على الأنبا رافائيل، المرشح البطريركى، وكلهم آباء أفاضل.

ما الإجراءات الكنسية خلال حفل تنصيب البطريرك الجديد؟

- يتقدم موكب الآباء الأساقفة المرشح الذى وقع عليه الاختيار ويقوم بفتح باب الكنيسة بشكل معين بعد تلاوة الصلوات، وبعدها يتسلم عصا الرعاية من المذبح، ويقوم القائمقام بتتويجة بالتاج ورئاسة حفل التنصيب، وأقول له: «تسلم عصا الرعاية من الله الذى يأتمنك على شعبه».

ما طريقة التعامل مع البطريرك الجديد بعد إجراء القرعة الهيكلية وقبل حفل التنصيب؟

- بداية من اليوم أستطيع اتخاذ القرارات ولكن بعد الرجوع للبطريرك الجديد حتى يوم 18 نوفمبر ثم يقوم البطريرك باتخاذ كل القرارات وحده وله مطلق الصلاحيات، وأعود أنا إلى مطرانية البحيرة حيث أبنائى وأحبائى وأكون قد أديت مهمتى.

هل تمت دعوة الدكتور محمد مرسى، رئيس الجمهورية، لحفل التنصيب؟

- الدكتور مرسى تمت دعوته شفوياً لحفل التنصيب وهناك اجتماع يوم 8 نوفمبر لبعض إجراءات يوم التنصيب وسيتم إرسال دعوات لكل رؤساء الكنائس خارج مصر وداخلها والوفود الخارجية، بالإضافة لرئيس الجمهورية الذى قال نصاً: «سأحاول بكل الإمكان الحضور وإن لم أستطع سأحضر بعد حفل التنصيب».

بعيدا عن القرعة الهيكلية.. هل تتوقع خروج قانون دور العبادة الموحد للنور فى عهد الرئيس مرسى؟

- الكنيسة لا تمانع فى صدور قانون ينظم بناء الكنائس فقط، ويهمنا خروجه للنور لأنه سيحل أكثر من 90% من المشاكل الطائفية ونستطيع بناء كنائس جديدة تتناسب مع تزايد أعداد الأقباط، وكل الحكومات الماضية وعدتنا بصدور القانون لكنه سيصدر عندما تخلص النوايا.

هل ساءت أوضاع الأقباط بعد ثورة 25 يناير؟

- ثورة 25 يناير فتحت باب الحرية للشعب المصرى كله، ولكن بعض الناس استغلوا الحرية بشكل خاطئ ومنهم من استفاد منها، لكن فى النهاية الأقباط جزء من الشعب المصرى، يسعدهم ما يسر الشعب ويحزنهم الحوادث الأليمة التى مرت بالمصريين، وكلنا نرغب فى استقرار الأوضاع حتى يجد الفقير قوت يومه، ونشعر برجوع الأمن وتحسين الأوضاع الاقتصادية.

هل يستطيع الرئيس مرسى حل مشاكل الأقباط؟

- نلتقى كثيراً مع الرئيس مرسى فى مناسبات عديدة وبالفعل مشاعره طيبة، ولكننا نحتاج لترجمة تلك المشاعر إلى أفعال تصب فى صالح الوحدة الوطنية وتحقيق المواطنة الكاملة وحماية الأقباط، خاصة فى ظل بعض عمليات التهجير واستهدافهم من قبل بعض التيارات المتشددة.

ما تعليقك على تهديد بعض أقباط المهجر بتدويل القضايا القبطية؟

- نرفض بشدة مبدأ تدويل القضايا القبطية، ونرجو من الدولة أن تساعدنا فى حل المشاكل من الداخل، أما بالنسبة لأقباط المهجر فهم مواطنون أوفياء لمصر لكنهم يستغلون مناخ الحرية المتاح فى بلادهم فى توجيه أسهم النقد للداخل، وهم ينتقدون رؤساء دولهم أنفسهم.

هل زادت معدلات هجرة الأقباط بعد ثورة 25 يناير وصعود التيارات الإسلامية للحكم؟

- بالفعل بعض الشباب القبطى يرغب فى الهجرة، ولكن العديد من الشباب المصرى بشكل عام، مسلمين وأقباطاً، يفضلون الهجرة بدليل الحوادث المؤسفة التى نشهدها من غرق بعض الشباب فى البحر نتيجة الهجرة غير الشرعية، ولكننا نتمسك بالبقاء فى أوطاننا تطبيقاً لمقولة البابا شنودة الثالث: «إن مصر ليست وطناً نعيش فيه.. بل وطن يعيش فينا».

ما رأيك فى مسودة الدستور الحالية؟

- ننتظر لجنة الصياغة لإخراج المسودة النهائية، ونتمنى الاتفاق على الدستور فيما يخص مواده لأنه ليس ملك فصيل أو تيار معين ولكن ملك للشعب المصرى كله، وأرحب بخطوة الرئيس مرسى بمقابلة التيارات المختلفة للاتفاق على المواد الخلافية، وفيما يخص الكنيسة فقد استجابت الجمعية التأسيسية لكل طلباتنا ومنها الاحتكام لشرائعنا، وننسق مع الأزهر الشريف فيما يخص المواد الخاصة بالكنيسة لأنه مرجعيتنا فى تلك الأمور.

ماذا عن مطالبة رابطة أقباط 38 بتطبيق الشريعة الإسلامية فيما يخص الأحوال الشخصية؟

- جلست أكثر من مرة مع أقباط 38 ولكن الكنيسة تتمسك بالنص الإنجيلى «لا طلاق إلا لعلة الزنا» ولكن البعض منهم له الحق فى التطليق ويعوقه بعض الإجراءات البيروقراطية، وهناك مشروع قانون للطوائف المسيحية للأحوال الشخصية، ولكنه حبيس الأدراج حتى الآن ونتمنى خروجه للنور حتى يحل مشاكل العديد من أبناء الكنيسة.

هل هناك خلاف مع الكنيسة الإنجيلية فى الفترة الأخيرة؟

- لا يوجد خلاف مع أى كنيسة، لأن هناك مبدأ عاماً وهو التعاون لا الاقتناص، بمعنى عدم اقتناص الكنيسة لأتباع كنيسة أخرى، أما فيما أثير حول عدم مشاركة الكنيسة الأرثوذكسية فى مؤتمر «احسبها صح» فلم تأت دعوة للكنيسة للمشاركة، ونحن نترك الحرية لشبابنا لحضور الفعاليات المختلفة.

ما تعليقك على اختفاء بعض الفتيات القبطيات؟

- اختفاء أى فتاة مصرية أزمة لكل المصريين، والمفروض على أجهزة الأمن أن تقوم بدورها فى إرجاع الفتيات، خاصة إن كانت تلك الفتاة قاصرا، وعلى سبيل المثال فتاة الضبعة سارة عبدالملك التى لم تتجاوز 14 عاماً، وهناك بعض التيارات صرحت بأنها عندها، ولكن أجهزة الأمن لم ترجعها حتى الآن.

هناك من حمل الكنيسة مسؤولية اختفاء بعض الفتيات، خاصة فى ظل إهمال الرعاية؟

- الرعاية تحتاج مزيداً من العمل من قبل الكهنة لأن المسؤوليات تزيد وعدد الأقباط يتزايد كل عام، لذلك خلال الفترة الماضية قمت برسامة100 كاهن، وأترك للبطريرك المقبل رسامة العديد من الكهنة من خريجى الكلية الإكليريكية.

بمناسبة حديثك عن زيادة أعداد الأقباط، كم يبلغ عدد الأقباط فى مصر؟

- لا أستطيع حصر أعداد الأقباط، ولكنى اعترضت على ما صرح به رئيس جهاز التعبئة والإحصاء بأن عدد الأقباط 5 ملايين، فالأقباط الذين حضروا جنازة البابا شنودة الثالث يزيد عددهم على 2 مليون قبطى، وفقاً لتصريحات وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية، فلا يعقل أن يكون نصف الأقباط فى مصر حضروا جنازة البابا وتركوا بيوتهم، وبالمثل فجنازة عبدالناصر حضرها حوالى مليون مصرى وقت أن كان المصريون 45 مليوناً.

هل يمكن أن تطبق الحكومة الرقابة المالية على أموال الكنائس؟

- هل تدفع الحكومة شيئاً للأقباط حتى تراقب على أموالهم، الكنيسة تعتمد على التبرعات والعشور، ولو قامت الحكومة بمراقبة أموال الكنيسة ستجعل الناس تمتنع عن التبرع، لأنها تدفع ذلك فى الخفاء ولثقتها فى الكاهن والأسقف، ولكن الرقابة المالية تجرى على المساجد لأن وزارة الأوقاف من تدفع لتلك المساجد وتدفع الرواتب، والكنيسة لو عانت من عجز لن تدفع الدولة لها.

هل ستعاون البطريرك المقبل فى مهامه بصفتك قضيت فترة كقائمقام؟

- أنا تحت أمر الكنيسة فى أى أمر، وأنا شخصياً لا أحب العمل فى المناصب، ولكنى لا أتأخر فى تلبية طلب للكنيسة، فحتى قبل أن أتولى منصب القائمقام لم أكن أرغب فى الظهور فى الإعلام ولكن طبيعة المنصب أجبرتنى على ذلك، ولو جاء الأنبا تواضروس كبطريرك سأساعده بكل محبة، لأنه يصبح أباً للجميع، وأكون مطيعاً وملتزماً بما يطلبه منى.

ما أهم الأحداث الطائفية التى تأثرت بها؟

- حادث شهداء ماسبيرو، فقد فقدت الكنيسة 27 من أبنائها منهم من هو ابن وحيد ومنهم الأب لأطفال، وطريقة استشهادهم كانت صعبة على أسرهم، وأتمنى أن تخرج التحقيقات وتدين الجناة فى هذا الحادث البشع.

بمناسبة الحديث عن «ماسبيرو».. ما تقييمك للمجلس العسكرى خلال حكمه فى الفترة الانتقالية؟

- أنا أعذر المجلس العسكرى، لأنه تولى البلاد فى فترة صعبة جداً، والجيش كان بين شقى الرحى، ما بين السلطة وأوضاع البلاد السيئة أمنياً واقتصادياً وبين العديد من المطالب الفئوية والتيارات السياسية، وكنت أخشى أن يتخلى الجيش عن البلاد فيحدث انهيار لمصر، خاصة فى ظل انهيار قطاع الشرطة فى هذا الوقت.

ما رأيك فى «أخونة» بعض المؤسسات الحكومية؟

- أرفض أن يسيطر فصيل سياسى على الحياة فى مصر، حتى لا نكرر تجربة الحزب الوطنى المنحل، ويجب أن تكون الدولة للجميع وليس لتيار بعينه، فهل يعقل أن يتولى وزير قبطى الوزارة ويقوم بتعيين كل الوزراء من الأقباط؟

ما تعليقك على التمثيل القبطى فى الوزارة الحالية؟

- بالطبع غضبت جداً من التشكيل الحالى، لأن عدد الوزراء زاد ونقص عدد الأقباط، كما أن الوزيرة القبطية الحالية تتولى وزارة دولة، أى تعتبر نصف وزارة، وعبرت عن رأيى هذا ورفضت تهنئة رئيس الوزراء بالوزارة الجديدة.

هل أنت راض عن أداء وزارة «قنديل»؟

- كل ما أرجوه للوزارة التوفيق فى حل مشاكل المصريين، لأن الأوضاع المعيشية بالنسبة للمصريين أصبحت سيئة، وهناك مشاكل فى الحصول على رغيف العيش وقلة الرواتب وزيادة المصاريف.

ما تقييمك لبرنامج الرئيس الانتخابى الخاص بالمائة يوم الأولى؟

- لا يهمنى تقييم الرئيس أو تقييم معارضيه له، بل يهمنى أن يصل الخبز لكل المصريين وأن يشعروا بالأمان وتُحل مشاكل المرور والوقود، ويسعدنا نجاح الرئيس فى تحقيق برنامجه لأنه سيصب لصالح المواطن البسيط، ويجب أن يساعده الجميع على هذا، من أجهزة الدولة ومعارضيه.

ما أصعب اختبار تعرضت له؟

- المسؤوليات الكثيرة التى واجهتنى لا تمثل فقط قضايا المجتمع القبطى، لأن كنيسة الإسكندرية لها وضع عالمى بحكم وضع الكنيسة «قاضى المسكونة» حيث يرجع إليها ولها رأى عالمى وسط كل الكنائس بجميع أنواعها، مثلاً عهد إليها منذ قديم الزمان فى تحديد عيد الفصح، وأنت تعلم أن الاتجاهات الدينية تؤثر على المناخ السياسى، فهى ليست للأقباط فقط لكن لكل العالم.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية