احتفل حزب العدالة والتنمية الحاكم فى تركيا اليوم الاثنين بفوزه فى استفتاء على الإصلاحات الدستورية، مما يعزز فرصته للفوز بفترة ثالثة على التوالى فى السلطة فى انتخابات مقررة خلال 10 أشهر.
ولم يكد رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوجان يعلن فوزه فى الاستفتاء حتى أزكى مخاوف العلمانيين المتشددين حين قدم مذكرة تفيد بأن حزبه الذى ترجع جذوره إلى الإسلام السياسى سيشرع على الفور فى وضع دستور جديد للبلاد.
ومن المقرر أن تعلن اللجنة الانتخابية خلال ساعات النتائج الرسمية للاستفتاء، لكن قنوات الأخبار التليفزيونية قالت إن نسبة التأييد بلغت 58% مقابل 42% صوتوا بالرفض. وبلغت نسبة الإقبال على المشاركة فى الاستفتاء 77% بين 50 مليونا يحق لهم الإدلاء بأصواتهم.
وصوت الأتراك فى الذكرى الـ30 للانقلاب العسكرى الذى وقع عام 1980 وشحذ أردوجان الرأى العام وراء تغيير الدستور الذى كتب خلال الحكم العسكرى للبلاد من خلال تذكير الأتراك بالحكم الاستبدادى الذى نشأ مع تولى الجنرالات الحكم.
وتخشى المعارضة فى تركيا من أن يكشف حزب العدالة والتنمية الحاكم عن أجندة إسلامية إذا فاز بفترة ثالثة فى السلطة خلال الانتخابات المقررة بحلول يوليو المقبل، فيما ينفى أردوجان أى خطط للعدول عن السياسة العلمانية الرسمية لتركيا المعاصرة.
وقال رئيس الوزراء التركى بعد أن حقق انتصارا جديدا لحكومة يقودها إسلاميون محافظون فى صراع على السلطة مع خصوم علمانيين بشأن توجه البلاد: «ديمقراطيتنا أكثر قوة الآن والفائز اليوم هو الديمقراطية التركية»، وصوّر أردوجان الإصلاحات بأنها محاولة لتعزيز الديمقراطية فى تركيا ومساعدة جهودها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبى، وأضاف: «إن تركيا اجتازت عتبة تاريخية بالموافقة على التعديلات الدستورية وقال إن النتيجة تمثل هزيمة لمؤيدى الانقلابات العسكرية». وتابع أمام ناشطى حزبه: «لقد عبر شعبنا مرحلة تاريخية على طريق الديمقراطية وسيادة دولة القانون». ومعظم حزمة الإصلاحات غير مثير للجدل ولكن منتقدين علمانيين يقولون إن تغيير الطريقة التى يتم بها تعيين كبار القضاة سيجرد السلطة القضائية من دورها فى الإشراف على السلطة التنفيذية وسيفقدها استقلالها.
وأعرب رئيس المجلس الأعلى للقضاء قدير أوزبك - وهى هيئة مؤيدة للعلمانية تقوم بتعيين القضاة والمدعين - عن قلقه بشأن استقلال المحاكم بعد موافقة الناخبين الأتراك على إجراء تعديلات على الدستور. وقال: «إن تركيا وصلت إلى مرحلة أصبحت فيها أكثر تخلفا من أمس».
وحظى الاستفتاء التركى بإشادة دولية، فقد أجرى الرئيس الأمريكى باراك أوباما اتصالا هاتفيا بأردوجان خلال إقامة المباراة النهائية فى بطولة كأس العالم لكرة السلة 2010 بين الولايات المتحدة وتركيا والتى أقيمت فى مدينة إسطنبول، حيث «أشاد بحيوية الديمقراطية فى تركيا كما كشف الإقبال على الاستفتاء» - حسبما قال البيت الأبيض فى بيان.
ورحب وزير الخارجية الألمانى جيدو فيستر فيله بنجاح الاستفتاء وقال إن الإصلاح الدستورى هو أمر حاسم لمحاولة تركيا الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى. وأضاف إن «نقاش المجتمع المدنى الذى تناول أيضا الصيغة الملموسة لتوازن القوى فى الدولة هو موضع ترحيب بالغ» وأضاف أن هذه العملية «بالتأكيد لم تصل بعد إلى نهايتها».
وأعرب الاتحاد الأوروبى عن تأييده للتعديلات الدستورية، إلا أن ستيفان فولى مفوض شؤون توسيع الاتحاد الأوروبى قال إن تأثير الإصلاحات على أرض الواقع يعتمد على التنفيذ الفعلى لها.
واقتصاديا، افتتح مؤشر «إى. إم. كى. بى» الذى يضم أبرز أسهم الشركات المدرجة فى بورصة إسطنبول جلسة التداولات أمس على ارتفاع تاريخى، إذ وصل إلى 8.5 نقطة، وذلك غداة الاستفتاء الذى فاز فيه مؤيدو التعديل الدستورى الذى عزز موقع حزب العدالة والتنمية الحاكم فى السلطة. وارتفع المؤشر بنسبة 14.2% (1297 نقطة) مقارنة بإغلاق الأربعاء، آخر جلسة سبقت عطلة عيد الفطر.
وعزا محللون هذا الارتفاع إلى ثقة الأسواق بالاستقرار السياسى فى تركيا بعد التأييد الواسع للإصلاح الدستورى فى الاستفتاء الذى يحد من سلطات القضاء والجيش.
وأكد وزير المالية التركى محمد شيمشك إن إقرار التعديلات الدستورية فى الاستفتاء الذى جرى أمس فى تركيا يعزز استقرار الاقتصاد الكلى والاستقرار السياسى فى البلاد.