x

الدكتور محمد إبراهيم: «الإخوان» لا يمثلون خطراً على الآثار (حوار)

السبت 20-10-2012 23:05 | كتب: منى ياسين |
تصوير : تحسين بكر

أكد الدكتور محمد إبراهيم، وزير الآثار، أن وزارته تعانى أزمة مالية حادة وضعته فى مأزق لا يحسد عليه، لافتاً إلى أن صندوق الوزارة لا يوجد به سوى 53 مليون جنيه من أصل قرض سيادى قيمته 350 مليون جنيه، إلا أنه أكد التزامه بالانتهاء من مشروعى متحف الحضارة والمتحف المصرى الكبير، محذراً من توقف العمل بالمتحف المصرى الكبير، حيث يكلفه التوقف يوماً واحداً بهذا المتحف 4 ملايين جنيه. وأكد إبراهيم فى حواره مع «المصرى اليوم»، أن صعود الإخوان لم يؤثر على العمل الأثرى بل شهد منهم دعما لمشروعات الآثار، وأشار إلى أن نسبة الـ 20 % التى تم اقتطاعها من موازنة الآثار زادت الطين بلة وأثرت على ميزانية الوزارة، وقال إن تطهير الوزارة ليس مهمته لكنه حول ملفات كثيرة للرقابة الإدارية، مشدداً على أن مظاهرات الأثريين تعرضه للضغط العصبى، منوها بأنه ثبَت 9065 موظفاً وعيَّن 3309 من خريجى الآثار، وفيما يلى نص الحوار:

إذا بدأنا بأزمة هرم سقارة، شركة الشوربجى المسؤولة عن ترميم المشروع أرسلت لكم خطاباً هددت فيه بالتوقف عن العمل وأخلت مسؤوليتها عن أى أضرار تصيب الهرم إذا لم توافق على أعمال إضافية قبل 15 أكتوبر الجارى.. ما إجراءاتك تجاه هذا التطور؟

- الخطاب يحمل تهديداً واضحاً وصريحاً نتيجة عدم صرف مستحقاتهم المتأخرة، وسأطلب من رئيس القطاع تشكيل لجنة من مركز صيانة وترميم الآثار بجامعة القاهرة ليقوم بالمعاينة، وسأقوم بإرسال الخطاب إلى اليونسكو لطلب إرسال خبير متخصص فى هذه النوعية من المشاكل الأثرية للمساهمة فى حلها، وحدث أن تلقيت تقريرا من المهندس محمد الشيخة رئيس قطاع المشروعات قال فيه إنه تم اتخاذ جميع الإجراءات لدرء المخاطر العاجلة، بالإضافة إلى أن دور الشركة استشارى وهندسى بالأساس، حيث تعطينا تصميماً وتشرف على تنفيذه، وفى النهاية تعطينى شهادة صلاحية تقول إن المشروع نُفذ كما ينبغى أن يكون.

ولكن كيف ستتعامل مع مستحقات الشركة المتأخرة فى الوقت الذى تعجز فيه الوزارة عن سداد ديونها؟

- أولاً لابد أن تحصل الشركة على مستحقاتها ولكن عند توفر التمويل، فأنا لا أتقاضى ولا أحصل من موازنة الدولة على أى شىء، كما أواجه مشكلة فى نقص أعداد السائحين القادمين إلى مصر. وهناك شركات أخرى كثيرة غير شركة الشوربجى لها مبالغ طائلة لدينا وتطالبنا بمستحقاتها المتأخرة علينا، وبالتالى نحن فى وضع لا نحسد عليه، وعندما تسلمت العمل فى الوزارة كانت مديونة، وسددنا منها مبالغ رهيبة جداً، ولم يتبق علينا إلا 400 مليون جنيه فقط، هذا بجانب المشروعات التى يجب البدء فى تنفيذها لدرء المخاطر، وإذا اتخذت بقية الشركات نفس موقف تلك الشركة بمزيد من الضغط ستثير «رأى عام داخلى وخارجى» بشكل لن تستقيم معه الأوضاع، وأنا ليس بيدى أى شىء.

كم حجم ديون وزارة الآثار للشركات المُنفذة لمشروعاتها بالتحديد فى الوقت الحالى؟

- مديونيات الوزارة لهذه الشركات تصل إلى 25 مليون جنيه من إجمالى ديون تتراوح بين 350 و400 مليون، هذا فضلا عن 250 مليون جنيه استطعت سدادها قبل ذلك رواتب وأجوراً، رغم الوضع الاقتصادى المتردى لمصر.

ماذا ستفعل حال نفذت شركة الشوربجى تهديدها بوقف أعمالها فى 15 أكتوبر؟

- قد أضطر إلى فسخ تعاقد الوزارة معها، فكيف على أن أوافق على ملحق إضافى بـ25 مليون جنيه، وهو ما يقتضى أن أحصل على موافقة مجلس الوزراء أمام هذا المبلغ المالى الضخم، وقد أتعاقد مع شركة أخرى بما يتوافق مع تحقيق الصالح للآثار.

ما صحة ما يتردد عن احتكار شركة الشوربجى لأعمال الصيانة والترميم لآثار سقارة بالأمر المباشر ومشروعات أثرية أخرى؟

- هذا إرث ورثته ومنذ أن توليت منصبى فى الآثار لم أقم بإسناد أى أعمال أو مشروعات بالأمر المباشر لأى شركات، وكوزير لى صلاحياتى المُحددة ولم أستغل حتى هذه الصلاحيات، وأى أمر أرجعه إلى مجلس الوزراء لأحصل على موافقته، وشركة الشوربجى وقعت فى العديد من المخالفات ومن ثمَ تم تحويلها للجهات الرقابية فى مشروع آخر لها فى منطقة عمود السوارى الأثرية بالإسكندرية، فأنا لست جهة رقابية تُحدد هل هناك مُخالفات أم لا؟ فهناك جهات أخرى تستطيع التحقق من ذلك وتحوِّل من تشاء إلى النيابة، وليست وظيفتى أن أبحث فى وثائق وأوراق تعود لعام 2008، ولكنى أرسلت ملفها لجهات التحقيق.

هل سألك رئيس الوزراء عن المشروعات التى ينبغى استكمالها ومتى سيتم الانتهاء من تنفيذها؟

- بالفعل سألنى الدكتور هشام قنديل عن ذلك، ولكنى قُلت له ليس لدينا تمويل كاف لأنتهى منها، ومؤخرا أرسلت خطابا رسميا له جاء فيه أنه ما زاد الطين بلة هو اقتطاع 20% من إيرادات الوزارة، بينما على أن أنتهى من مشروعين كبيرين جداً هما متحف الحضارة والمتحف المصرى الكبير.

ماذا عن نسبة الـ20%؟ وهل وزارة الآثار التى يحدث معها ذلك؟

- هذا الأمر يعانى منه كثير من الوزارات والمحافظات، ولكنى أضع نفسى فى مكان وزير المالية، وأنا لا أستطيع التصرف بأنانية، فالدكتور ممتاز السعيد عليه أن يُدبر الأموال لتوفير احتياجات ضرورية للإنسان المصرى، فمثلا من أين سيأتى بـ400 مليون دولار لتوفير السولار؟، وحاليا نحن ندخل عملة حرة لمصر سواء من السياحة أو قناة السويس، فى الوقت الذى لا يرتفع فيه الاحتياطى النقدى، لأننا نسحب منه لتغطية نفقاتنا، فى حين توقفنا كمصريين عن العمل للأسف الشديد ونطالب بالمزيد، أنا أعذر هذا الرجل و«حاطط إيدى على قلبى عليه»، فهو مطلوب منه أشياء لا تتخيلينها.

ولكنك قُلت من قبل أنك غير قادر على دفع الـ10% من خلال وزارة الثقافة؟

- أنا فعلا توقفت عن دفعها، ولكنها تعتبر ديناً على، وطالبت بوقفها تماما، إلا أننا فى حكومة واحدة ولن يعود زمن أن تعمل الوزارات فيها من جزر منعزلة.

وماذا عن تنازل وزارة الآثار عن 10% من أسعار التذاكر؟

- هذا ليس تنازلاً، ولكنها تعرف باسم «التذاكر المجمعة» التى يحصل السائحون من خلالها على خصم 10%، وهذا مُتبع من فترة طويلة، وكنا بصدد إلغائها ومن السهل إصدار هذا القرار بجرة قلم، لكنى أنظر إلى تداعياته، خاصة فى ظل الانحسار الشديد لأعداد السائحين الوافدين إلى مصر، وبالتالى أرجأنا زيادة أسعار التذاكر حتى 1 يناير 2013، كما يجب علىَّ إبلاغ شركات السياحة بالقرار قبل تنفيذه بـ6 شهور، وفى لقائى مع اتحاد الغرف والشركات السياحية الأسبوع الماضى، قوبلت بانتقادات لاعتزامى زيادة أسعار التذاكر وأسعار التصوير، فكان ردى حاسماً، وقلت وقتها إن رفع الأسعار سيكون فى يناير المقبل وهذا لا رجعة فيه، فكيف لا تزيد أسعار تصوير الأفلام بينما يدفع للفنانين فيه مبالغ كبيرة ويوزع تجاريا ثم لا تريد أن تدفع لى، أما إذا كان هذا مُنتجا غير قابل للربح وقصده التوعية والدعاية السياحية فلا أحصل على أموال مقابله.

وهل مازلتم تدفعون الـ10% الخاصة بالمحليات؟

- نحن حاليا متوقفون عن دفعها، لكنى لا أقدر على عدم القيام بذلك لأنها صادرة بقرار جمهورى.

بماذا تقيم مستقبل العمل الأثرى فى ظل صعود الإخوان.. وهل يتعارض وجودهم فى الحكم مع مشروعات الآثار؟

- لم أشهد منذ قدومى للمنصب أى حالة تعد من إسلامى على الآثار بل لاحظت تشجيعا ملحوظا من الرئيس محمد مرسى والدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء للمشروعات الأثرية حتى إنهم يسافرون معى لافتتاح بعض هذه المشاريع، مثل زيارة «مرسى» للأقصر وزيارة «قنديل» للوادى الجديد قريباً.

ولكن ألا ترى أن بعض الوقائع مثل تكسير التماثيل قد يقلق؟

- الوقائع التى تتحدثين عنها «فردية» ولا يمكن أن نعممها ولا أن نقول عنها إنها صادرة عن اتجاه معين أو فصيل بعينه، وأنا أقول هذا الرأى بمنتهى الأمانة.

هل وعدك أحد بحل الأزمة المالية التى تعانى منها الوزارة؟ أم ستوقف العمل بالمشروعات؟

- لن يتوقف العمل بأى من المشروعات الكبرى، اذهبى لطريق مصر الإسكندرية الصحراوى ستجدين العمل متواصلاً ومستمراً بالمتحف المصرى الكبير، بل إنى لدى التمويل الكافى للانتهاء من متحف الحضارة، واستطعت التغلب على تعقيدات روتينية تحول دون دفعه بتشكيل لجنة من وزارة المالية والشركات العاملة بالمشروع وقانونيين، حيث نحينا هذه التعقيدات جانباً، حتى نبدأ فى نقل الآثار إليه وتستمر الشركات فى عملها.

كيف ستحقق ذلك وعند توليك الوزارة قُلت إن فى خزانتها 53 مليون جنيه ليس إلا؟

- الـ53 مليون جنيه هو ما تبقى من قرض سيادى قيمته 350 مليون جنيه، لكنى أجد حلاً لكل مشكلة بمساعدة باقى الزملاء فى الوزارة، والقضية تتعلق بترشيد الإنفاق، فمثلا لنذهب إلى الوادى الجديد، فهناك وسيلتان هما السيارة والطائرة، الأخيرة مُريحة لكنها مُكلفة أما الأولى فهى مُتعبة إلا أنها ستوفر فى الإنفاق، وبالتالى كل وسيلة قد تزيد تكاليفنا نقللها مثلما منعنا المكافآت فى الوزارة لنتمكن من صرف الحوافز. وبالنسبة للمشروعات الكبرى أقوم بسداد أجزاء من مستحقات الشركات العاملة بها لتسير العجلة، أما مشروعا المتحف المصرى الكبير ومتحف الحضارة «لقيت لها حل لاستكمالها فى موعدها وشغالين بيه بس مش هقولك عليه».

لماذا تتبعك وتقع تحت إشرافك مشروعات مثل متحف الحضارة والمتحف المصرى الكبير بينما مشروعات أخرى لا تتبع قطاع المتاحف؟

- هذان المشروعان لهما وضع خاص، فهما كانا خاضعين من قبل لوزير الثقافة، وأنا ورثت ذلك، وإذا تركتهما إلى أسلوب العمل الإدارى والأداء البيروقراطى سيتعرضان للعقبات والعرقلة المستمرة.

وما حقيقة ما تردد عن رسم نجمة داوود على أسوار المتحف الكبير؟

- هذا غير صحيح، وتلقيت اتصالات من جهات رقابية وسيادية بعد شكوى قدمها شخص لها، وأنا بحثت ذلك من الجانب الأثرى والهندسى ولم أجد شيئا، وأريد أن أعرف على أى أساس قدم هذا الشخص بحثا يتحدث عن ذلك، ومع الوقت علمت أن أحد المتقدمين للحصول على امتياز تنفيذ المشروع هو من قدم الشكوى، إذاً كان له مصلحة فى ذلك بعد فشله فى الفوز بهذه الفرصة، وكما ادعى مُقدم الشكوى أن تمثال رمسيس الثانى سيوضع فى المتحف فى المواجهة مع مدينة القدس، وهذا غير صحيح لأنى كنت مشرفاً على أعمال العرض به، كما أن المصمم المعمارى للمتحف ليس له صلة بأماكن العرض، وبالتالى من أين جاء كل المتحذلقين والمتحدثين عن أن رمسيس هو فرعون الخلق، ومفيش حاجة اسمها نجمة داوود على سور المتحف، لأنى كنت أعمل بالمشروع وأعلم كل خباياه، وقمت بإرسال رد الوزارة على الشكوى إلى رئاسة الجمهورية والمخابرات العامة.

ماذا عن قضية عودة المعارض الخارجية للآثار الى مصر، خاصة أن منطوق الحكم قال «من العار أن تأكل مصر من آثارها»؟

- الحكم صدر بخصوص معرض واحد فقط هو معرض كليوباترا الموجود حاليا فى أوساكا باليابان، ومنطوقه بإن «من العار أن تأكل مصر من آثارها»؟ غير مطابق، فهل إذا عُرضت الآثار داخل مصر لا ينطبق عليها هذا المنطوق، فهناك قطاع كبير يعمل فى الآثار والسياحة، كما أن نسبة تدفق السياح إلى مصر زادت بعد معرضنا فى أوساكا وتركيا، لدرجة أن شركة مصر للطيران ستفتح خطا ثانيا بعد طوكيو فى أوساكا، ما يعنى أن وجود آثارنا هناك لم يلعب دورا سلبياً. أما فيما يتعلق بمعرض كليوباترا، فهو أقيم من قبل أحد زملائى فى الوزارة، وأنا لن أعلق على الحكم وواجب على أن أنفذه بالطرق القانونية، حيث طعنا على الحكم أمام المحكمة الإدارية، كما أصدرت أوامرى لرئيس قطاع المتاحف باتخاذ الإجراءات لإرجاع المعرض، فقال لى إنه من المستحيل حدوث ذلك الآن، فقبل ذلك يجب أن أعقد اتفاقات مع شركات لتغليف الآثار ونقلها، ورغم عدم وجود شرط جزائى فى عقد المعرض، إلا أن من وقعه معه سيرفع قضية عليه، ما سيكبد مصر الكثير من الخسائر الفادحة وبالتالى تراجعت عن إعادة المعرض إلى مصر ولجأت إلى لجنة الفتوى لحل المُشكلة، ومازالت فى انتظار ردها.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية