ودعنا عام ٢٠٢٠ بكل ما فيه من آلام ومحن وإيجابيات وسلبيات، واستقبلنا عاما جديدا لا نعرف ماذا تخبئه لنا بطون أيامه، ولكننا نأمل أن يكون سعيدا.
ونحن نقف فى مفترق الطرق بين عامين يحتاج كل منا أن يعمل كشف حساب مع نفسه، فبين الحين والآخر يحتاج كل إنسان أن يقف وقفة جادة مع نفسه لمحاسبتها ومراجعتها وتصويب تصرفاتها وتقويم اتجاهاتها، وجاءت فرصة اجتياح فيروس كورونا معظم بلدان العالم لأن يجلس الإنسان مع نفسه بمعزل عن الآخرين، ويقيم حياته السابقة محاولا تصويب أخطائه والبدء بداية جديدة مختلفة قناعة منه بأن الحياة قصيرة ولا بد من استغلالها أفضل وأمثل استغلال.
ذات مرة كتب هومر رود هيبر:
ماذا يثقل قلبى عند غروب الشمس؟، أنا أعلم أنها ليست الأعمال التى أعملها طوال النهار، بل هى الأشياء التى لم أعملها. الكلمة الحنونة التى كان يجب أن أقولها ولكنى لم أقلها. الخطاب الرقيق الذى كان يجب أن أكتبه ولكنى لم أكتبه. الزهور التى كان يجب أن أرسلها إلى مريض ولكنى لم أرسلها. الحجر الذى لم أرفعه من طريق أخى. النصيحة التى لم أقدمها لأننى كنت مشغولا. اللمسة الحانية على كتف متألم التى لم ألمسها. الهمسة الرقيقة المشجعة فى أذن مضطرب التى لم أهمسها. أعمال الرحمة التى لم تخطر لى ببال. الفرص النادرة التى أتيحت لى على مدى النهار لكى أشارك فى أعمال الملائكة.
هذه الأشياء الثمينة التى لم أجد وقتا للتفكير فيها ولم أفعلها تحت وطأة انشغالاتى اليومية هى التى تثقل قلبى فى آخر النهار، وتضفى على حياتى الكآبة والأسى عند غروب الشمس.
وفى رسالة الوداع لجابريل جارسيا ماركيز، الروائى والصحفى والناشر والناشط السياسى الكولومبى، وهو على فراش المرض بعد إصابته بمرض عضال، كتب يقول:
لو شاء الله أن يهبنى حياة أخرى، فإننى سوف أستثمرها بكل قواى.
سأنام قليلًا، وأحلم كثيرًا، مدركًا أن كل لحظة نغلق فيها أعيننا تعنى خسارة ستين ثانية من النور.
سوف أسير فيما يتوقف الآخرون، وسأصحو فيما الكلّ نيام.
قارئى العزيز.. بدلا من التذمر والشكوى هل تجعل من نهاية العام فرصة لمراجعة النفس وتقديم كشف حساب؟!.