x

عز الدين أبو ستيت: «سد النهضة» يعرضنا للجفاف خلال 5 سنوات.. وحرب المياه قادمة (حوار)

الأحد 16-06-2013 00:04 | كتب: محمد كامل |
تصوير : طارق وجيه

قال الدكتور عزالدين أبوستيت، عميد كلية الزراعة السابق، نائب رئيس جامعة القاهرة، إن مصر ستتضرر من بناء سد النهضة الإثيوبى بفقدان ما يقرب من مليون ونصف المليون فدان من الرقعة الزراعية، خلال 5 سنوات من الجفاف على الأقل، مشيرًا إلى أن الحلول لا بد أن تكون دبلوماسية تبنى على المصالح المشتركة.

وأضاف «أبوستيت» أن الحرب القادمة هي حرب المياه، ولا بد أن يكون لمصر موقف ثابت وحازم تجاه هذه السدود، مضيفًا أن «إسرائيل تتوغل في دول حوض النيل، من أجل إنشاء مشروعات من شأنها الضغط على مصر على المديين القصير والبعيد من أجل تحييد القرار المصرى.. وإلى نص الحوار:

■ كيف ترى تناقص الرقعة الزراعية في مصر بعد الثورة؟

- الحقيقة مشكلة تناقص الأرض الزراعية مشكلة خطيرة، ونحن نسمع أرقاماً متضاربة عن المعدلات اليومية للتعديات، وهى موجودة من قبل الثورة، لكن الغياب الأمنى ساهم في زيادة مساحة التعديات على الأراضى الزراعية، على الرغم من أن القدماء المصريين كانوا يقدسون الأرض الزراعية، ويبنون معابدهم في الصحراء، والتعديات مسألة في غاية الخطورة، لأنها أرض رسوبية خصبة تكونت على مدار السنين، وقدرتها على الاحتفاظ بالماء أعلى بكثير من الأراضى الرملية وبالتالى حتى لو توسعنا في الأراضى الرملية، فلن نصل إلى نفس الإنتاجية إلا بتكلفة أعلى، وفي جميع الأحول نحن نفقد جزءا كبيرا من الأرض، وقد كان لى مقترح بأن تكون هناك غرامة مالية رادعة للحد من هذه الظاهرة، خاصة في تلك الفترة.

■ كيف ترى إعلان الرئيس مرسي عن زيادة محصول القمح؟

- الفجوة القمحية ما بين الممكن والمستحيل، الممكن هو العمل على تقليل الفجوة الاستيرادية من القمح، من خلال ترشيد الاستهلاك، لأنه لا يعقل أن يكون كيلو الخبز أرخص من سعر كيلو القمح الخام، أما بالنسبة للإنتاج، فسقف الطموحات مفتوح بالنسبة للأصناف، لكن الطموح لا بد أن يقابله توفير التقاوى الجيدة لكل المزارعين، لأن زيادة الإنتاج لن تأتى من العدم، والفلاح المصرى عموما يشعر بأنه لا يجد من يحميه مثله مثل خريج كليات الزراعة، حيث يجد الفلاح صعوبة في توفير مستلزمات الإنتاج، ما أدى الى تخفيض الربحية، بسب زيادة أجر العامل وزيادة سعر السولار، والأسمدة، وللحقيقة وزارة الزراعة تبذل جهودا أكثر مما كانت تبذل في السابق.

■ هل تعتقد أن المقترح بزراعة القمح في بعض دول حوض النيل هو الحل؟

- نحن تأخرنا كثيراً في التوجه إلى الزراعة في دول حوض النيل، وسبقتنا دول كثيرة، مثل الصين وتركيا، حيث حاولتا الدخول في مشروعات إنتاجية زراعية حيوانية تستفيد من الأرض والمياه، لكن المستثمر المصرى يحجم عن المشروعات الزراعية في الدول الأفريقية، بسبب عدم الاستقرار السياسى واحتمال توتر الأشقاء في دول الحوض، خاصة أن الاستثمار الزراعى طويل المدى، وهنا يأتى التخوف.

■ ما تأثير بناء سد النهضة الإثيوبي على مساحة الرقعة الزراعية في مصر؟

- الجانب الإثيوبى استطاع أن يجمع دول حوض النيل تحت شعار تحقيق أكبر استفادة من النيل قبل أن يصل إلى مصر، وحسب البيانات المتاحة حول السد الإثيوبى، فسعته ستكون 22 مليار متر مكعب، وتضاعفت لتصبح 44 مليارا، والآن هناك بيانات عن أكثر من ذلك بكثير، والحكومة الإثيوبية متحفظة، بشأن المعلومات حول السد وسعة خزانه، وقد يكون ذلك بسبب عدم استفزاز مصر والسودان، لكن استيعاب هذا الخزان المائى الضخم يتطلب على الأقل 5 سنوات فيضانا متوسطا، وبالتالى من الممكن أن تزيد المدة، أو تقصر- حسب حجم الفيضان السنوى، لكن في جميع الأحوال نحن معرضون لفترات جفاف وانخفاض منسوب المياه في بحيرة ناصر، وإذا نجحت التجربة، فمن يمنع الآخرين من تكرارها، أو يمنع إثيوبيا من تكرارها، وبالتالى نحن نحتاج الآن لحلول دبلوماسية قائمة على المصالح المشتركة، لأن أفريقيا عانت من إهمال كبير منذ محاولة اغتيال الرئيس السابق، وهو ما سحب من رصيد مصر كثيراً.

■ كيف سيؤثر سد النهضة الإثيوبي على مصر بالأرقام تقريباً؟

- إذا ذكرنا أن حجم المياه سوف يقل- على الرغم من أنها لا تكفي مساحة الرقعة الزراعية الآن- بنسبة 20%، من الإيراد السنوى في بحيرة ناصر، إذن، سنفقد من مليون ونصف إلى 2 مليون فدان من الرقعة الزراعية، وهى ما بين 7 و8 ملايين فدان، والمساحة الزراعية لن تقل، وإنما أطرافها ستكون معرضة للتصحر، وقلة المياه سيعرضها لمعدلات النمو الخضرى، وتنعكس على الإنتاجية في المستقبل، ونحن مهددون بضعف إنتاجية الأرض التى تتميز بها مصر في بعض المحاصيل الزراعية.

■ كيف ترى موجة بناء السدود من جانب دول حوض النيل؟

- نجاح التجربة الإثيوبية سيؤدى إلى زيادة محاولات دول أخرى لبناء السدود، وهو ما قد يؤدى إلى تعرض الإيراد السنوى من حصة مصر المائية إلى صعوبات كبيرة، ولا بد أن نركز على الحل الدبلوماسى الذى يركز على الاتفاقيات الدولية التى تراعى حصة مصر من مياه النيل التاريخية.

ونحن منذ زمن، نعلم أن الحرب القادمة هى حرب المياه، ونحن نعانى من انخفاض نصيب الفرد من المياه، ووصلنا إلى تحت حد الفقر المائى، حيث أصبح نصيب الفرد من المياه سنوياً 600 متر مكعب، قابلة للتناقص مع زيادة عدد السكان، ولذلك نحن قاربنا على أن نكون ضمن البلاد الصحراوية المجاورة لنا، ولذلك فالأمر أصبح لا يحتمل مزيدا من التهديدات.

■ وكيف ترى مشاكل الرى في مصر، في ظل الأزمات الحالية؟

- لا بد أن نلجأ إلى عدة حلول للبحوث التطبيقية المتعلقة بتخفيض حصة مصر التاريخية من المياه، ومنها ترشيد أسلوب استخدام مياه الرى، بحيث يتم تعديل طرق الرى بالنظم الحديثة، وإن كان لا يصلح في كثير من المناطق بسبب صغر حجم المساحات الزراعية، والبدائل هى زراعة محاصيل لا تتطلب مياها كثيرة، ولا بد أن نفكر في موضوع تحلية المياه ودعم الأبحاث في الفترة الحالية التى يتم إجراؤها بتحلية المياه، ومعالجة مياه الصرف الصحى بالأساليب الحيوية، واستخدام الطاقة الشمسية في ماكينات الرى، لأن السد سيخفض إنتاج الطاقة، مع ترشيد أسلوب التعامل مع الترع والمصارف، حيث نحتاج على الأقل تغطية الترع إن أمكن لتسهيل جريان المياه.

■ ما الدور الذى تلعبه إسرائيل في دول حوض النيل، وكيف يمكن مواجهته؟

- أعتقد أن إسرائيل تعتبر مصر الخصم الرئيسى في المنطقة، على الرغم من اتفاقية السلام، وبالتالى هى تحاول «تحييد» هذا الخصم على المديين القصير والبعيد، وجميع الأساليب التى تتبعها إسرائيل تعتمد خططا قصيرة وطويلة الأجل، ومنها مخطط فصل السودان، وإقناع الحكومة والشعب الإثيوبى للاستفادة من مياه النيل، وأنه لا يجب أن تكون أديس أبابا مظلمة ليلاً والقاهرة مشعة، وهذه الخطط تصب في النهاية في تنفيذ مشروعات تزيد من الضغوط على مصر والشعب المصرى، وتضمن لإسرائيل «تحييد» القرار المصرى على المديين القصير والبعيد بامتلاكها أدوات ضغط، لأنها ترى أن مصر هى التهديد الإقليمى الأكبر بالنسبة لها، وهما يخططون لذلك جيداً.

■ هل نحن مقبلون على مجاعة؟

- الحقيقة أنه من ضمن الأمور التى يجب أن ننظر إليها في المستقبل القريب أن البروتين الحيوانى سيصبح طرفا قد لا نستطيع دفع ثمنه، لأن تغذية الحيوانات المزرعية على المحاصيل، مثل الأعلاف قد يكون استبدالها بالمحاصيل البقولية أحد البدائل أمامنا، في ظل أزمة المياه في المستقبل القريب، وأيضا منتجو الدواجن سيواجهون مشاكل لا حصر لها، سواء إنتاج الدجاج أو البيض بسبب ارتفاع طن العلف.

■ كيف ترى المطالب باستقلال الجامعات، وكيف يتحقق ذلك؟

- استقلال الجامعات مطلب حيوى ليس لأعضاء هيئة التدريس فقط، وإنما مطلب للشعب المصرى، لأن ما تعانيه الجامعات اليوم ينعكس على قدرتها على تلبية الخدمات التعليمية والبحثية والمجتمعية، وللأسف الجامعات الحكومية لا تتمتع بالحرية التى تتمتع بها الجامعات الخاصة، سواء كانت المصرية أو الأجنبية، فهذا الوضع المقلوب لا بد أن يتم تعديله من خلال قانون تنظيم الجامعات الذى مر عليه أكثر من 40 عاماً، وأصبح غير متلائم مع هذا العصر، ولا يلبى طموحات أعضاء هيئات التدريس ولا الطلاب، ولا في صالح العملية التعليمية، وبالتالى لا بد من أن يكون المدخل الحقيقى لتحقيق الاستقلال هو أن يقوم المجتمع الجامعى بوضع رؤية واضحة لقانون تنظيم الجامعات لا تقتصر على البنود القانونية، وإنما الأسباب التى تدعو للتعديل.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية