x

أيمن الجندي نصيحتان لخِصْمين أيمن الجندي الأحد 20-05-2012 22:30


كما تلاحظون، فإننى أطرق المسائل الخلافية برفق ثم أعود بسرعة إلى الكتابة الاجتماعية التى لا تغضب أحداً، ضنّا منى أن أفقد قارئا واحداً، واستجابة لطبيعتى الشخصية فى الرفق والتودد وتأليف القلوب.

ومقال اليوم غاية فى الأهمية، ويرتبط بأحوال مصر الراهنة بطريقة مباشرة. بل أزعم أن جزءاً كبيراً من مشاكلنا يمكن أن ينتهى لو استمع الخصمان لنصيحتى بقلب مفتوح. الاختلاف سنة كونية! ولن يجتمع الناس على قلب واحد، لكن الاختلاف غير الخصومة! الاختلاف صحة والخصومة مرض. الاختلاف نعمة والخصومة نقمة، وربما تجر الخصومة إلى الظلم والاختلاق، وربما ما هو أسوأ: سخط الله عز وجل، نعوذ بالله من سخط الله. وأشد أنواع الخصومة الظاهرة الآن فى مجتمعنا هى تلك القائمة بين التيارين الإسلامى والعلمانى، حيث دفعت الاثنين إلى أخطاء جسيمة، توشك أن تُهلك الاثنين.

والنصيحة التى أقدمها للتيار الإسلامى: إذا كنت تحب الإسلام حقا فيجب أن تصونه عن مواطن الغيظ والخصومة، وأول شىء ألّا تعتبر نفسك متحدثا باسمه، أو حَكَما على الآخرين، لأن الإنسان موصوف بالخطأ، فربما تخطئ أنت أو يعتريك طائف من الشيطان، فتقول منكرا من القول، أو تتصرف بعصبية وجهل، فينسبون نقصك إلى الإسلام.

أرجوك اسمعنى فإننى لا أرجو لك إلا الخير: لا تجعل من نفسك معيارا للحق، ولا تقل عن خصومك إنهم يكرهون الإسلام، صدقنى، وعن تجربة شخصية واسعة، معظم من تعتبرهم أنت علمانيين، يحبون الإسلام حقا، ولكنهم يكرهونك أنت لغلظتك وعصبيتك واحتقارك لهم واحتكارك للدين.

لو كنت تحب الإسلام حقا، أكثر مما تحب نفسك، فصنه عن مواطن الغيظ والكيد والخلاف. أما النصيحة التى أقدمها للعلمانيين: لا تجعل غيظك من الإسلاميين «حتى لو كان مُبرّرا» يدفعك إلى قول الزور، أحدهم اخترع أن بعض النواب الإسلاميين فى مجلس الشعب أعدوا مشروع قانون «مضاجعة الوداع»، وكانت بالطبع فرية واضحة لا تحتاج إلى تكذيب، لأن من يضاجع جثة، إنما يفعل ذلك فى غرفة مغلقة، ولا يحتاج لقانون. وبرغم النفى، فقد تلقف البعض الأكذوبة، وشرعوا يكتبون عنها كأنها حقيقة، دون أن يبالوا خطورة أن يثبت فى وهم الناس أن الإسلام يسمح بهذا الشذوذ!

«سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ»

لا يجوز أيضا أن تكتبوا شيئا يحط من شأن الحدود، فيُقال مثلا: «دول عايزين يقطعوا أيدى الناس!». قطع يد السارق مذكورة فى القرآن. والحدود لها كل الاحترام.

والحديث عن الحدود يطول، بالذات من جهة ضوابطه التى تكاد تجعله مذكورا للردع وليس للتطبيق. شخصيا أنا لا أسرق ولا أقتل ولا أزنى، وبالتالى لا أخاف من تطبيق الحدود، المهم أن تُطبق بعدالة وبعد توفير حد الكفاية.

لكن هذا ليس هو الموضوع. نحن لدينا مجمع بحوث الأزهر يحمل عنا الحَرَج، فلماذا تتطوع أنت وتدلى برأيك فى موضوع دقيق؟ ولماذا تُقبّح آيات محكمات فى القرآن وفى وسعك ألّا تفعل؟. وفى الحد الأدنى، إذا كان فى صدرك حرج من الحدود، فالزم الصمت ولا تبد رأيك سلباً أو إيجاباً.

(وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ).

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية