لم يكن محمد صلاح فقط هو الفارق الوحيد بين الكتابين إنما هناك فوارق كثيرة جدا بينهما.. فالكتاب الأول صدر عام 2013 بعنوان «وجهات نظر عالمية عن كرة القدم فى إفريقيا» والمؤلفون هم: سوزان بالير، وجيورجيو ميشر، ورافاييل بولى.. والكتاب الثانى صدر العام الحالى بعنوان «صنع فى إفريقيا ـ تاريخ اللاعبين الأفارقة فى كرة القدم الإنجليزية» لصاحبه إيد أرونز، وتم اختياره مؤخرًا كأحد أفضل الكتب الرياضية لعام 2020.. وعلى الرغم من أن الكتابين يتحدثان عن الكرة الإفريقية ونجومها ورحيلهم إلى أوروبا أو انجلترا بالتحديد.. إلا أن الكتاب الأول لم يتوقف كثيرا أمام النجوم الأفارقة، لكنه اهتم بالاحتراف الكروى الإفريقى وكيف غير هؤلاء النجوم رؤية أوروبا للاعبى الكرة فى إفريقيا وكيف أعادوا صياغة أحلام صغار إفريقيا..
بينما يتحدث الكتاب الثانى عن المحترفين الأفارقة وتاريخهم فى الكرة الإنجليزية ويطيل التوقف أمام الأسماء من أرثر وارتون كأول محترف حتى محمد صلاح وساديو مانى مرورا بكريستوفر راى وستيف موكونى وألبرت جوهانسون وبيتر ندولفو وديديه دروجبا وصامويل إيتو ورياض محرز وأوباميانج.. وأطال إيد أرونز، صاحب كتاب صنع فى إفريقيا، التوقف أمام محمد صلاح تحديدا وليفربول، وتضمن الكتاب حوارا طويلا مع يورجن كلوب كأكثر مدير فنى فى الدورى الإنجليزى احترامًا للكرة الأفريقية ونجومها.. وبالتأكيد سيدفعنا ذلك للانحياز أكثر للكتاب الثانى احتراما واعتزازا بموهبة محمد صلاح ونجاحاته وجوائزه وأهدافه وأرقامه أيضا.. وبالتأكيد أيضا ستختلف وجهات نظر الكثيرين حسب أهوائهم وميولهم حيث هناك من يحب الأرقام والإحصاءات أكثر من حكايات الكرة التى يغلب عليها الطابع الإنسانى والاجتماعى.. وبعيدًا عن هذين الكتابين وكتب أخرى قديمة وجديدة تحدثت عن الكرة الإفريقية ونجومها.. أود إضافة رؤية أخرى تتعلق بالتاريخ.. ففى كتب تاريخ الإمبراطورية البريطانية نجد حكاية الاحتلال البريطانى لإفريقيا الذى بدأ منذ قرابة 500 عام حيث بدأت المراكب البريطانية تبحر من ميناء ليفربول إلى نيجيريا وسيراليون وجامبيا تنقل البضائع الرخيصة وتعود محملة بالعاج وزيت النخيل والعبيد.. وأتوقف أمام هذه العبارة كثيرا وأستعيدها مع كل حكاية نجاح لاعب إفريقى فى إنجلترا.. وأرى نجاح هؤلاء النجوم الأفارقة بمثابة شروع فى استعادة مكانة وكبرياء وحقوق قديمة جدا.. فنحن هنا نتحدث عن قرابة ثلاثمائة لاعب جاءوا من كل إفريقيا كنجوم أجبروا إنجلترا على أن تفتح لهم أبوابها بمنتهى الحب والاحترام.