قال أحد زعماء الإخوان المسلمين إن المجلس العسكرى مثل كفار قريش، ثم عاد وقال إنه لم يكن يقصد المجلس، وإنما رموز النظام السابق. وليست المشكلة فى إعلان رأى ثم التراجع عنه، ولا هى من هم كفار قريش فى الواقع السياسى المصرى اليوم، وإنما المشكلة فى التشبيه الذى يؤكد أن الإخوان والسلفيين وأغلب من ينتمون إلى الإسلام السياسى على الأقل فى مصر يعيشون فى الماضى، وبالتحديد فى فترة بداية الدعوة الإسلامية منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة.
وصاحب هذا الرأى الذى يكفَّر معارضيه بوضوح هو نفسه الذى قال أثناء حملات الدعاية للانتخابات البرلمانية إن الإخوان لو رشحوا كلباً ميتاً لفاز، وكان فى ذلك يعيد صياغة مقولة شهيرة لنائب وفدى فى أحد الانتخابات قبل ثورة يوليو، وهى «لو رشح الوفد حجراً لفاز». وانظر إلى الفرق «الثقافى» بين الرجلين.
والحديث عن كفار قريش يأتى فى سياق الحديث عن سحرة فرعون والنبى موسى، وعن النبى يوسف الذى أنقذ مصر من المجاعة، وعن عودة الخلافة، وغير ذلك من الأفكار التى تخلط الدين بالسياسة والتاريخ بالواقع والخيال مع الحقيقة، بل هناك من يتحدث عن إلغاء القضاء المدنى والإدارى والعسكرى بدعوى توحيد القضاء، أى العودة إلى قاضى القضاة، وبالتالى إلى شهبندر التجار ومسرور السياف.
وقد اقترحت على سيد فؤاد فنان السينما والمسرح، والناشط السياسى قبل وبعد وأثناء ثورة يناير، أن يخرج مسرحية توفيق الحكيم «أهل الكهف» التى تعتبر من كلاسيكيات المسرح العربى فى ثلاثينيات القرن الميلادى الماضى، والمستمدة من إحدى قصص القرآن الكريم عن الذين ناموا فى أحد الكهوف عدة قرون، ثم استيقظوا وهم يشعرون أنهم فى اليوم التالى، وليس هناك أفضل من هذه المسرحية للتعبير عن الواقع السياسى فى مصر بعد انتصار الثورة المضادة، والذى يمنى المرء نفسه أن يكون مؤقتاً ولا يستمر طويلاً.
ولكنى قلت للفنان النابه إن أهل الكهف الذين يتصدرون المشهد السياسى فى مصر لا يعيشون جميعاً فى زمن واحد مضى، وإنما فى أزمان ماضية متعددة، فهناك من يعيش فى زمن بداية الدعوة الإسلامية، ومن يعيش فى زمن الخلافة، وثالث فى زمن سعد زغلول، ورابع فى زمن عبدالناصر، وخامس فى زمن الاتحاد السوفيتى، وهكذا. وفى القصة أن كلباً كان نائماً مع أهل الكهف واستيقظ معهم، ولكنه فى العرض الجديد يمكن أن يظل نائماً، يصبح الكلب الميت الذى يترشح فى الانتخابات.