«لا يجوز إسقاط الحكام بالتظاهر، وعلينا احترام حكم الصندوق»، هذا ما شدد عليه الدكتور راشد الغنوشى، رئيس حركة النهضة الإخوانية، الحاكمة في تونس، قبل أن يجمع متعلقاته الشخصية، مؤخرا، استعدادًا للعودة لبلده، بعد أداء دوره فى التوسط بين جبهة الإنقاذ وجماعة الإخوان المصرية، رغم تشديده على أن زيارته للقاهرة جاءت للمشاركة فى مؤتمر القوميين العرب.
القيادى الإخوانى التونسى، أو المُنظِّر الأبرز لمن يسميهم البعض «إصلاحيى الإخوان»، شدد فى حواره لـ«المصري اليوم»، على أن «الحل الأمثل للفرقاء فى مصر هو الحوار، لأن بديله مرير وهو العنف». وأقرّ بأنه التقى مرشد الإخوان وعدداً من قيادات الجماعة، ونقل لهم «طلبات جبهة الإنقاذ الوطنى»، كما حملها له حمدين صباحى، القيادى فى الجبهة.. وإلى نص الحوار:
■ فى البداية، هل زيارتك لمصر جاءت لأهداف خاصة بجماعة الإخوان المسلمين؟
- جئت للمشاركة فى المؤتمر القومى العربى الذى عقد على مدار يومين، باعتبارى عضوا فى المؤتمر، وكانت هناك عدة لقاءات على هامش المؤتمر، مع كثير من السياسيين الذين حضروا المؤتمر.
■ لكن لدينا معلومات تؤكد أن السبب الرئيسى لحضورك هو الوساطة للصلح بين الإخوان وجبهة الإنقاذ!
- حقيقة أنا جئت بدعوة من المؤتمر، وهذا معلن. والجميع يعلم ذلك جيدا.
■ لكن مصادر قالت إنكم حملتم شروط حمدين صباحى عندما التقيته فى تونس، وتحدثت معه عن الصلح مع الإخوان؟.
- نعم، حدثت مشاورات وحديث مطول بينى وبين حمدين فى تونس، حول كيفية لم الشمل المصرى، وأيضا تحدثت مع الجماعة فى مصر عن هذا الأمر.
■ ما شروط «الإنقاذ» التى أبلغها لكم «صباحي» للصلح؟
- أولاً، أنا لا أعتبرها شروطا، وإنما يمكن أن نسميها رؤية وبداية حوار، وهذا فى مجمله شىء جيد وأمر يستدعى أن نحترمه، وعموما أتذكر انه نقل لى رغبة الجبهة فى تشكيل حكومة ائتلافية وإقالة عدد من الوزراء والنائب العام الحالى ووقف مشروع السلطة القضائية. تقريبا هذا ما أتذكره.
■ ماذا كان رد فعل الإخوان على هذه المطالب؟
- بكل أمانة، وجدت ترحيبا من الجماعة بالجلوس وإجراء حوار جاد ومثمر مع جبهة الإنقاذ لما فيه خير البلاد، وهذا ما كنت أتوقعه من جميع الأطراف.
■ مَن، تحديدا، من القيادات الإخوانية التى جلست معها من أجل الصلح.. وأين كان اللقاء؟
- عدد من رموزها، منهم الدكتور محمد بديع، مرشد الجماعة، والدكتور سعد الكتاتنى، رئيس حزب الحرية والعدالة، التابع لها.
■ هل جرت الجلسة فى مكتب الإرشاد؟
- ليس مهما أين. المهم هو وجود استعداد وجدية للتقارب بين الأشقاء المختلفين، وهذا شىء فى منتهى الإخلاص من الأطراف جميعها، لان مصر أكبر من الأشخاص والجماعات، مصر وطن كبير وأم الدنيا، وعلينا جميعا أن نسعى جاهدين لاستعادة مكانتها بين الأمم.
■ ذكرت لنا مصادر أن الإخوان رفضوا شروط «الإنقاذ»، معللين ذلك بأن الشروط مجحفة؟
- غير صحيح، لأنهم فعلا أكدوا استعدادهم لإجراء حوار يضم كل أطياف المعارضة، ويتم استعراض الأمر مطولا على طاولة المفاوضات، لأن الأمر ليس شروطا ولا إذعانا، هو رؤية قابلة للنقاش من كل محبى مصر، وغير ذلك يكون كلاما مغلوطا، وينافى الحقيقة.
وكل شىء قابل للأخذ والعطاء، وليس هناك موقف مبدئى لرفض الحوار والنقاش، وهذه المطالب ممكن أن تكون أرضية للتوافق وتطويراً للغة بين الإخوان والمعارضين لهم، ونحن نشجع كل خطوط التوافق بين السلطة والمعارضة، باعتبار أن تونس ومصر تمران بمرحلة انتقالية، ويجب فيها التوافقات من أجل المرور إلى وضع طبيعى وعادى.
■ ما المرحلة التالية لهذا الأمر بين الطرفين فى تقديرك؟
- ستحدث اتصالات بين الطرفين الأيام المقبلة، حسبما فهمت من الدكتور سعد الكتاتنى.
■ أفهم من ذلك أن «الكتاتني» هو المفوض من قبل الجماعة، بالتواصل مع «الإنقاذ».. وماذا تتوقع لهذه المبادرة؟
- الأوضاع مبشرة بالخير، لأننى لمست أن «الإخوان» و«الإنقاذ» لديهما النية والرغبة فى التفاوض والجلوس، مما يعطينى تفاؤلا وراحة وأملا فى أن تزول الخلافات، وتلتئم الجراح، من أجل المصلحة العامة، وهذا ماتعودنا عليه من المصريين، حيث تظهر طباعهم الأصيلة فى الشدائد، ويكونون دائما عند حسن ظن الجميع بهم.
■ لكن هناك مشكلات أيديولوجية بين الإسلاميين والمعارضة، بشكل عام، و«الإخوان» و«الإنقاذ» بشكل خاص؟
- معلوم أن الثورات تخلف مشكلات كبرى، فى كل الدول التى تحدث فيها، وهذا أمر طبيعى، ويمكن أن تزداد هذه المشكلات، ويمكن أن تنتهى، وهذا يتوقف على استعداد شركاء الوطن، فمن يكن لديه الرغبة فى السيطرة على المنازعات، وتقليل المسافات، ينجح فى تخطى مرحلة ما بعد الثورة إلى آفاق أوسع وأرحب، ويجب أن يأخذ الجميع فى اعتباره أن الحكم بعد الثورات أصعب أنواع الحكم لأن الثورة زلزال يطيح بالتضاريس، والتضاريس الجديدة لم تستقر بعد، وأحيانا تحسم بعد فترة وجيزة، وأحيانا تستمر عشرات السنوات. الثورة الفرنسية، مثلا، استمرت 100 سنة حتى استقرت الأوضاع.
■ ما توقعاتك للمشهد خلال المستقبل القريب؟
- نحن لا نتوقع استمرار آثار الثورة المصرية طويلا، والزمن غير الزمن، فهناك نماذج ديمقراطية جاهزة، ولا يحتاج الأمر لإبداع نموذج سياسى ديمقراطى جديد، وهناك نماذج سياسية ديمقراطية واضحة المعالم، وهناك تجارب وإجماع حول التوافق بين الديمقراطية والنظام الإسلامى والنظام الديمقراطى، بما فيه من انتخابات وتداول سلطة.
هذا كله محل توافق حاليا، ولا يحتاج الأمر فلسفة كثيرة، ومصر بلد به رجال وشباب ونساء ملء السمع والبصر، لهم من الثقافة والاعتدال والوسطية وحب الوطن ما يجعلهم قادرين على تخطى المرحلة الحرجة، وهى التى تلى الثورات، فإذا ما مرت هذه المرحلة الصعبة، فان الحياة ستكون أسهل فى الوصول إلى مصاف الدول الكبرى، وعلى النخب والمثقفين اعتبار الأمر، بأنه نقطة تحول، إما إلى النور أو- لا قدر الله- إلى طريق يصعب توقعه.
■ فى رأيك إذا لم تفلح مبادرة الصلح التى تقومون بها بين الإخوان والمعارضة.. ماذا يمكن أن يحدث؟
- الأمل فى الله كبير، أن يقترب الطرفان من بعضهما البعض، لأن النجاح للجميع، والفشل سيسأل عنه أيضا الجميع، ولا مجال سوى الرهان على الحوار، فهو الحل الوحيد للخروج من الأزمة، ويجب أن نركز على المشتركات، بدلا من الرهان على الصراعات، وإسقاط الحكومات والحكام فى الشارع أمر غير مقبول، وعكس مفهوم ومغزى الديمقراطية، ويجب علينا أن نبدأ فى إرساء قواعد الديمقراطية حتى تكون ثقافة شعوبنا وأسلوب حياتنا، بدلا من الرهان على الاختلاف والصراعات التى لا تجلب غير الخراب لسفينة الوطن.
■ لكن ثورات الربيع العربي أسقطت الحكومات والحكام، وهناك آراء تقول إن ما يحدث الآن ثورة ثانية؟
- مصر قامت بثورة عظيمة فعلا بهرت العالم بكل معانى الكلمة، وسارت فى طريق الديمقراطية، كما شهد لها العالم، حيث ارتضى الجميع على رأسهم الشعب أن تكون صناديق الانتخابات هى الفيصل للحكم وجاء نتائجها مشرفة، وأنتجت مجلسى الشعب والشورى، وكان هذا نجاحا بهر الدنيا كلها، وجاء الدكتور محمد مرسى رئيسا عبر انتخابات نزيهة، أشاد بها الجميع، وأنتم فى طريقكم لترسيخ تلك المؤسسات، بما يتوافق مع إرادة الشعب بعد ثورته.
وحاليا لا يجوز أن نقول إن الحاكم يجب إسقاطه بالتظاهر والعنف، لأننا ارتضينا حكم الصندوق، فلا بد أن نكون على قدر ذلك، ولا نرجع إلى الوراء، بدعوى وجود «ناس مش عاجبها الحاكم أو الحكومة».
■ كيف تقرأ مطالب المعارضة على ضوء التحركات الاحتجاجية التى تجري حاليا داخل الشارع المصرى؟
- نحن بدأنا الديمقراطية، فلنكملها، ومن يرغب فى إزاحة الحاكم، فأمامه الطرق التى رسمتها لنا الديمقراطية الحقيقية، وهى إما مجلس الشعب عن طريق سحب الثقة من الحكومة، أو صندوق الانتخابات، التى أتت به، ويجب أن نكون سعداء بما حدث فى مصر من انتخاب أول رئيس لها.
وملخص كلامى أن على الجميع أن يحترم إرادة الشعب، فالدعوة للثورة الثانية معناها الثورة على الشعب الذى اختار الرئيس، وهذا خطأ جسيم ولا بد ألا نتحدث عن رغبة الشعوب، فلها الحق فى تقرير مصيرها، والشعب هو صاحب الشرعية والوصول إلى انتخابات أخرى، والانتخابات مرة واحدة لا تصنع الديمقراطية الكاملة، كما يقال إن زهرة واحدة لا تصنع الربيع. نحتاج إلى أكثر من انتخابات حتى تثبت القيم والسياسات الديمقراطية، نحن لم نعتد على الديمقراطية، بمعنى أن النظام الديمقراطى وليد ولا بد من الرفق به حتى لا يجهض، لأن التجاذب الشديد بين النخب وعدم الحوار دون السعى للتوافق- من شأنه أن يربك الانتقال للديمقراطية، ويكون تهديدا لها.
■ كيف ترى مطالب البعض بانتخابات رئاسية مبكرة؟
- قلت لكم إن أى مكان وأشخاص يرغبون فى احترام الديمقراطية يحترمون إرادة شعوبهم، وما دام الشعب اختار فلا مجال للالتفاف عليه. أنا أتكلم بشكل عام فى مصر وتونس وأى مكان فى العالم، والمطلوب هو تثبيت الديمقراطية، بدلا من إرباكها، وهذا يكون بالرهان على احترام إرادة الشعب وسياسة التوافق والوصول إلى أرضية مشتركة بين النخب والسلطة الحاكمة والمعارضة.
■ من وجهة نظرك هل «الإخوان» أخطات منذ بداية حكمها ممثلة فى الدكتور محمد مرسي بالرغبة فى العمل منفردة.. كما تردد المعارضة؟
- لست مدعوا لأن نسجل أخطاء «الإخوان»، وأهل مصر أدرى بشعابها، وأرى أن الأوضاع فى الجملة إيجابية، باعتبار أن الصراع حتى الآن هو صراع سياسى، وليس صراع عنف، وبعض التجارب فى الدول الأخرى، الصراع يجرى فيها بالأسلحة، وفى تونس ومصر يجرى بين النخب، ولكنه صراع سياسى. نعم الحوار حاد، ولكن أدواته ألفاظ، وليست قنابل، رغم أن الرئيس فى القصر الرئاسى تعرض لإلقاء مولوتوف، وليس من الديمقراطية أن يلقى الرئيس بـ«المولوتوف»، أو يساء إليه، وهذا لا يرسخ الديمقراطية، ولكن فى المجمل، لا تزال مصر تعيش سياسة، بمعنى أن الصراع «سياسى- سياسى» ولا تنخذ العنف منهجا له، ولكن المطلوب أن نتصارع داخل البيت المصرى، والبيت التونسى، دون أن نسقط السقف على رؤوسنا.
■ هل تتوقع- لا قدر الله- أن يتغير شكل الصراع بين الفرقاء فى مصر؟
- مطلوب أن نراهن على الحوار وأن تجتمع الأطراف الفاعلة، ونضع جدول أعمال حول نقاط الخلاف، ونتناول نقاط الخلاف واحدة واحدة، والحوار لا يتم إلا بين المختلفين، وليس المتوافقين، والحوار هو البديل الحقيقى عن العنف، وإذا كانت الأطراف رافضة للعنف، فأهلا بالحوار الوطنى المبنى على الصراحة والرؤية لبناء الوطن، وأن يكون للجميع مفهوم أنهم فى سفينة واحدة، وعليهم العمل معا حتى لا تغرق السفينة، وينبغى أن نجلس على الطاولة، وندرس كيف نتعايش داخل السفينة، بدلا من أن تغرق السفينة.
■ بعد لقائك حمدين والإخوان.. كيف ترى نسبة التنازل لكل طرف لصالح الحوار الوطني؟
- أرى أن المطالب التى قدمها صباحى لا يمكن أن أصفها بشروط، ولا أفهم من حديثه لى أنها شروط مسبقة، وإنما نقاط فى جدول أعمال الحوار، وهذه تتناول على مائدة الحوار، ويكون الرد عليها إما أن تسلم بها أو ترفضها أو تقبل بعضها.
وهذه قضايا رئيسية وأوضاع البلاد لا يمكن أن تتحسن ما لا يتم التوافق حولها، ولا بد من وضع جدول أعمال، ويجب على الأطراف المختلفة أن تطرح كل جدولها العملى للخروج من الأزمة، فصباحى عليه تقديم جدول عملى لرؤيته للخروج من الأزمة، وبدوره على الكتاتنى أن يقدم جدولا عمليا، وكل واحد يمكن أن يوافق على نقاط معينة، ويضيف لها نقاط أخرى، وهذا لا يحدث سوى أن يجلس الجميع على مائدة الحوار الوطنى التى تضم المعارضة والسلطة للوصول إلى التوافق، فبالإرادة وبالإخلاص الجاد يمكن أن نصل لحل يصب فى مصلحة الوطن.
■ هل شعرت بأنه يمكن الوصول إلى توافق؟
- أشعر أن هناك إرادة جادة لدى الطرفين للوصول إلى توافق، وأعتقد أن التوافق سيحصل، وإذا أرادت المعارضة والسلطة أن أكون موجودا فى الحوار، فلن أتاخر، فمصر قلب الأمة، ومصر أمام تحدٍ فى أن تنجح فى عملية التحول الديمقراطى، والجميع يأمل ذلك، لأن هذا خير للأمة كلها، ولا أتاخر عن رد قدر قليل من خيرها وجميلها، فهى الدولة التى كانت القلعة والتى قادت الأمة فى فترة تاريخية مهمة، وهى لا تزال بلدا مؤهلا لقيادة عملية حضارية مهمة جدا.
■ ما تقييمك للثورات العربية؟
- الثورات فى دول الربيع العربي، أدخلت العرب مجددا للتاريخ، والعرب عاشوا مدة طويلة على هامش التاريخ، وثورات الربيع العربى بمثابة مبادرات تاريخية جعلتهم يعاودون التمسك فى زمام الأمور مرة أخرى، الآن تجد الدول الغربية تبحث من جديد فى تطوير علاقاتها مع العرب لمصلحتها بعد تهميشها، فهى الآن تنظر للعرب على أنهم تغيروا، ويريدون أن يعيدوا العلاقات معها لتوائم مصلحتها أولا.
أنظر حاليا إلى الغرب وهو يسعى إلى بناء علاقات بشكل مختلف مع مصر والدول العربية، بعد أن تيقنوا أنهم أصبحوا قوة فاعلة، لذلك فهى فرصة تاريخية يجب ألا نضيعها، ونجاح هذه الفرصة يتطلب أن تتحد كل الأطراف التى تهمها الثورة، والتى اجتمعت مع بعضها فى ميدان التحرير، وينبغى ألا تدخل فى صراعات دموية، ولا بد من أن تميز القوى السياسية بين من كانوا فى ساحات التغيير الثورى ومن كانوا يعملون ضدها، ولا يبنغى أن نتحالف مع من كان ضدنا من القوى المضادة للثورة، والتى تحاول بكل ما أوتيت من قوة لإعادة النظام القديم، وينبغى أن تدرك القوى الثورية أن الثورة أمانة، وعلى الجميع أن يعرف أن الرهان الآن على الحوار والتوافق.
■ هل تؤمن بوجود مخططات لإسقاط الثورات العربية.. وإن صح الكلام من وجهة نظرك فمن وراء هذه المخططات؟
- نعم، أؤمن تماما بهذا الأمر، وهذا أمر لا شك فيه، لأن الثورات المضادة شىء بديهي يحدث غالبا عقب قيام الحكم فى البلاد التى قامت فيها الثورة، وتكون بأيادى الأنظمة المخلوعة المستبدة، ويمكن أن يساعدها فى ذلك دول خارجية من أعداء الدول التى قامت بالثورة، فالذين كانوا يحكمون بالأمس يرغبون فى ضرب الثورة الناجحة رغبة فى تحقيق مصالحهم المادية والمعنوية، وهناك ثغرات تقوم الجهات الخارجية بالتسلل عن طريقها لهدم الثورات الناجحة، ولا بد من تمكين الثوار لتحقيق أهداف الثورة.
■ ما تقييمك لـ «مرسى»؟
- رجل فى مكانه المناسب لقيادة البلاد، فى مرحلة مهمة وحرجة، و يتمتع بالأمانة والإخلاص والنية الصادقة فى عمل الخير لبلاده، وهذا واضح من خلال أدائه الذى اتسم بالصبر والاجتهاد، ولا ننسى ان الحكم، كما قلت لكم، بعد الثورة صعب للغاية وقاس جدا، فالأمور تكون منفلتة فى كل شىء، ناهيك عن الاقتصاد الذى تضعفه أحداث الثورة، وما يصاحبها من ضعف فى السياحة والسرقات والبلطجة والاختلافات بين الشركاء وأشياء لا حصر لها، خاصة فى بلد بحجم مصر، تكون معاناة الحاكم كبيرة للغاية. والدكتور محمد مرسى يحاول، كما أرى، التحرك فى جميع الاتجاهات داخليا وخارجيا، وهذا مطلوب فى الأوقات الحرجة، لأن الدولة تقوم على التوازن داخليا وخارجيا، ونرى جميعا أن الرئيس المصرى يُضرب مقر عمله وإقامته بالمولوتوف، دون أى رد فعل منه، وأنا أدعو المتظاهرين إلى السلمية، لأن العنف مدمر كما قلت لكم، ومصر تعيش مناخا من الحريات لم يسبق أن عاشته من قبل فالإعلام يقول كل شىء، وينقد لدرجة أنه تعدى إلى السب والقذف، ونحن نقرأ من الخارج ما يكتب فى حق الرئيس، وما يوجه له من انتقادات شديدة على الفضائيات، لم يكن متاحاً أى منها فى السابق
■ ما رأيك فى قول المعارضة بأنه لم يحقق شيئًا مما وعد به قبل الوصول للحكم؟
قلنا إن مصر دولة كبرى فى المنطقة، ولها أهميتها عالميا وتعداد سكانها ليس قليلا، ومشاكلها كبرى. وكلمة حق: تحتاج إلى وقت كبير حتى تظهر نتيجة العمل، ولكى تبنى لا بد من تكاتف الجهود، فالاختلاف يعرقل المسيرة، ويؤخر النتائج الإيجابية، وبكل أمانة، من حق المعارضة أن تنتقد، وتقول رأيها فى الحاكم وحكومته، لكن أرى أن يتم بالجلوس والتفاهم وليس بمحاولة إسقاط النظام الذى أتى من خلال إرادة شعبية بتظاهرات أغلبها مولوتوف ونيران حتى لاتنفلت الأمور، وتتحقق أمنيات الأعداء.
والهدوء والاستقرار يوفران المناخ الصحى المناسب للعمل والعطاء، ونحن جميعا بشر معرضون لأن نخطئ، ونصيب، ويجب علينا أن ننبه بعضنا البعض بالحسنى والنصيحة الجادة، بعيدا عن العنف الذى يدمر كل شىء.
■ وبالنسبة لتونس، كيف تراها الآن بعد عامين من الثورة؟
- الحمدلله أرى أنها تسير فى طريق النجاح، حيث تتجه إلى تحقيق الديمقراطية، فلقد انتهينا من النسخة الأولى للدستور الذى شارك فيه خبراء وأساتذة على قدر عال من الثقافة والمعرفة، ونتجه لإجراء انتخابات، وتجرى هيكلة المؤسسات والهيئات باتفاق.
■ لكن هناك خلافا حادا بين السلفيين والإخوان داخل تونس؟
- السلفيون فى تونس يشبهون إلى حد كبير السلفيين فى مصر، من ناحية تعددهم، ولذلك فالاختلاف بين الإخوان وبعض الاتجاهات السلفية التى تنتهج العنف، وإن شاء الله تستقر الأمور قريبا. والسلفيون جزء من أبناء تونس، والعنف كان من جبهات من السلفيين، أما السلفيون المعتدلون، فيشاركون فى بناء تونس.
■ وهل بدأتَ الحوار مع السلفيين الذين يختلفون معكم بشكل فيه عنف، كما أوضحت؟
- نعم بدأنا حوارا سياسيا مع كل أحزاب معترف بها، وتلك التى لا تتبنى العنف، ونناشد أن يعمل البعض فى السياسة، ضمن المسار السلمى.
■ هل نسيت تونس قضية «بن على»؟
- «بن على» مجرم تلاحقه الحرابة، وهو مثل الفئران يختفى، وتلاحقه الأجهزة الدولية.
■ ماذا عن علاقة تونس بالسعودية؟
- طيبة، وكما هى، ولا نريد أن تقف علاقتنا بأشقائنا على الأشخاص، ونحن نطالب الإنتربول الدولى بإعادة «بن على» لمحاكمته داخل تونس على ما اقترفه فى حق وطنه الذى خانه.
■ فى النهاية، ما رأيك فى أداء جامعة الدول العربية بعد الثورات؟
- دور الجامعة ضعيف، وليس أمرا جديدا عليها، ولا توجد آلية لاتخاذ قرارات تخدم الصالح العربى، وهى بحاجة إلى إعادة آلية عملها حتى تستفيد بها الشعوب، ويمكن لها أن تدعم البلدان العربية، إذا ما كانت لديها الإرادة.