قالت صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأمريكية إن إدانة 43 من العاملين في المنظمات الأهلية غير الهادفة للربح، وبينهم الكثير من الأمريكيين، والحكم عليهم بخمس سنوات سجنا، «بعث الرعب في المجتمع المدني في مصر»، فالحكم بالإضافة إلى القانون المقترح مؤخرًا لتنظيم عمل المنظمات الأهلية يعتبر مقيدًا للغاية بالنسبة للنشطاء الحقوقيين.
كانت المحكمة قد أدانت 43 متهمًا منهم 15 أمريكيًا حكم عليهم غيابيًا ضمن 27 متهمًا، وحكمت بالسجن خمس سنوات عليهم، أما الأمريكي الوحيد الذي أصر على الوجود في مصر، روبرت بيكر، فقد حكم عليه بالسجن عامين مع أربعة متهمين آخرين، منهم مواطن مصري يحمل الجنسية الأمريكية وآخر ألماني، وقد حكمت بالسجن عاما على 11 موظفا آخرين، معظمهم مصريون. واتهمتهم المحكمة بالعمل بشكل غير قانوني وقبول تمويلات أجنبية غير مصرح بها، كما أمرت بإغلاق مكاتب المنظمات الخمس في مصر.
وأضافت الصحيفة الأمريكية أن القانون المقترح ومعه الأحكام القضائية التي صدرت تجعل العمل المدني في مصر مقيدًا، كما يسبب قلقًا شديدًا للنشطاء ومجموعات دعم الديمقراطية بشأن قمع الحكومة المتزايد، خاصة لتلك المجموعات التي تعمل على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان أو لبناء ديمقراطية.
ورأت «كريستيان مونيتور» أن الحكم «سيوتر العلاقات بين مصر والولايات المتحدة»، فقد كان سبعة من المتهمين الأمريكيين في مصر عندما وجهت الاتهامات إليهم العام الماضي وتسببت تلك القضية وقتها في أسوأ أزمة في العلاقات المصرية الأمريكية منذ عقود، وتم منع الموظفين الأمريكيين من السفر وقتها، فيما احتمى آخرون من إلقاء القبض عليهم داخل السفارة الأمريكية، وهدد المسؤولون الأمريكيون وقتها بقطع المعونة السنوية لمصر وقدرها 1.2 مليار دولار، إبان عهد المجلس العسكري الذي تولى الحكم بعد تنحي «مبارك»، على إثر الاحتجاجات في يناير 2011.
وأشارت الصحيفة إلى البيان الصادر عن الخارجية الأمريكية، والذي قال فيه وزير الخارجية، جون كيري، إن الولايات المتحدة «قلقة بشدة بشأن الحكم»، واصفًا المحاكمة بأنها «مسيسة»، والقرار بأنه «مناقض للمبدأ العالمي لحرية التجمع وغير متسق مع تحول مصر إلى الديمقراطية».
وقالت «ساينس مونيتور» إن فكرة إدانة مواطن أمريكي لعمله في منظمة أهلية ممولة أمريكيًا وقضائه عقوبة الحبس في سجن مصري ستزيد من التوترات بين الولايات المتحدة ومصر مرة أخرى، وستجعل مبدأ الموافقة على المساعدة السنوية لمصر أكثر صعوبة.
ونقلت عن تمارا كوفمان وايتس، مدير مركز «سابان» لسياسة الشرق الأوسط التابع لمعهد «بروكينجز»، قولها إن ما حدث «سيجعل من الصعب للغاية على حكومة الولايات المتحدة التعامل مع الحكومة المصرية ومع مصر بشكل أوسع في عدة قضايا تثير اهتمام الجانبين للتعاون المشترك، ومنها تنمية القطاع الخاص، والإصلاح المنهجي، كما أن المساعدات الأجنبية، التي تركز على التنمية الاقتصادية والرخاء الاجتماعي، الذي يمكن للولايات المتحدة أن تقدمه لمصر، وكثير من ذلك كان من الممكن تحقيقه على يد المنظمات الأهلية، ولكن في مناخ مثلما يحدث الآن، سيكون من الصعب للغاية على الولايات المتحدة الاستمرار في مثل هذا التعاون».