احتفلت مصر هذا العام باليوم العالمى لحقوق الإنسان بطريقة مختلفة، وأضاءت الأهرامات بهذه المناسبة، ومقر وزارة الخارجية ومجمع محاكم مصر الجديدة، وذلك احتفالًا باليوم العالمى لحقوق الإنسان، تأكيدًا على اعتزاز مصر بهذه المناسبة، وبدورها التاريخى فى دعم مسيرة حركة حقوق الإنسان العالمية، وتعزيز المنظومة الدولية الحامية له.. وتعتبر الأهرامات رمزًا للحضارة المصرية، وإشارة إلى عطاء مصر المتواصل فى مختلف المجالات، ومن بينها التأسيس المبكر لثقافة حقوق الإنسان وإعلاء قيم الاستقرار والتضامن والاعتزاز بالهوية الوطنية.. والسؤال: من الذى يتخذ قرار إضاءة الأهرام وعدم إضاءتها؟!
إن إضاءة الأهرام لفتة جيدة لحضارة مصر وتاريخها العظيم، كما أن إضاءة مبنى الخارجية لفتة إلى التزام مصر بالتعهدات والمعاهدات فى مجال حقوق الإنسان، وإضاءة مبنى محاكم مصر الجديدة رمز لقضاء مصر والتزامه بقيم العدالة والمساواة وسيادة القانون، ولكن لماذا لم يكن القرار بإضاءة دار القضاء العالى أو مبنى النائب العام، أو المحكمة الدستورية على كورنيش النيل، وهى تحفة فنية على هيئة المعابد الفرعونية القديمة؟!
على غرار الاحتفال بحقوق الإنسان هذا العام، لماذا لا تحتفل مصر باليوم العالمى لحرية الصحافة، وتضىء الأهرامات ومبنى نقابة الصحفيين والمؤسسات الصحفية القومية والمستقلة والمعارضة، لإعطاء رسالة بأن الدولة تدعم حرية الصحافة بكل توجهاتها؟!
ليس السؤال على سبيل الاستنكار، ولا حتى على سبيل السخرية.. إنما السؤال يبحث عن تفسير للسؤال: متى تضىء الأهرامات ومتى لا تضىء؟.. مفترض أن إضاءة الأهرامات لها ضوابط.. فكأنها مثلًا تضىء فى المناسبات القومية والعالمية.. مثل برج خليفة.. وأعتقد أن حرية الصحافة ينبغى أن تضاء لها الأهرامات، وسائر بنايات الدولة الحديثة، وليكن منها برج العاصمة الإدارية، الأطول فى إفريقيا، وذلك فى موعد الاحتفال العالمى بهذه المناسبة فى الثانى من مايو من كل عام!
وقد قال الأمين العام للأمم المتحدة فى الاحتفال السابق إن الإعلام يضطلع بدور بالغ الأهمية فى مساعدتنا على اتخاذ قرارات مستنيرة. «وفى الوقت الذى يكافح فيه العالم جائحة كوفيد-19، فإن تلك القرارات يمكن أن تنقذ حياة الناس من (الموت) عن طريق نشر النصائح الصحية».
وشدد الأمين العام على أن الصحافة تكافح هذه الجائحة، بما تقدمه من أنباء وتحليلات علمية مؤكدة ومدعومة بالوقائع، لكنه أشار إلى أنه ومنذ بدء تفشى هذه الجائحة يتعرض العديد من الصحفيين للمزيد من القيود والعقوبات.. «لا لشىء» سوى أنهم يؤدون عملهم!
باختصار لا أستغرب من إضاءة الأهرامات ولا برج القاهرة ولا مبنى الخارجية، فى مناسبة الاحتفال بحقوق الإنسان، ولا أكره شيئًا من هذا.. كل الحريات والحقوق لها تقديرها، وكلها تصب فى اتجاه واحد.. ولكنها تذكرة للاحتفال باليوم العالمى لحرية الصحافة.. لأن مقاومة الأوبئة كلها بحرية الإعلام!