قال الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، إن الولايات المتحدة ستكون «مستعدة للقيادة» مجددا على الساحة العالمية، ليطوي صفحة سياسات «أمريكا أولا» التي اتبعها الرئيس دونالد ترامب، فيما تعهد بالعمل مع حلفاء واشنطن في الخارج.
وفي معرض تقديمه لفريقه للسياسة الخارجية والأمن القومي، أشار بايدن إلى نيته بعد تولي السلطة في 20 يناير إبعاد الولايات المتحدة عن النهج الوطني الأحادي النزعة الذي تبناه ترامب.
وأزعج الرئيس الجمهوري المنتهية ولايته خلال السنوات الأربع لرئاسته كثيرا من حلفاء بلاده، لا سيما في أوروبا، بنهج عدائي تجاه حلف شمال الأطلسي والعلاقات التجارية، وتخليه أيضا عن اتفاقات دولية فضلا عن علاقاته الوطيدة مع زعماء مستبدين.
وقال بايدن إن فريقه، الذي يضم أنتوني بلينكن مرشحه لتولي وزارة الخارجية ومساعده الذي يحظى بثقته، سينأى بنفسه عما أسماه الرئيس المنتخب «الفكر العتيق والأساليب القديمة» في منهجه للعلاقات الخارجية.
وأضاف بايدن في لقاء في مسقط رأسه بمدينة ويلمجنتون في ولاية ديلاوير «إنه فريق يجسد حقيقة أن أمريكا عادت ومستعدة لقيادة العالم، وليس الانسحاب منه، وسيجلس مرة أخرى على الطاولة وهو مستعد للتصدي لخصومنا وتقبل حلفائنا والدفاع عن قيمنا».
وتغير العالم كثيرا منذ آخر مرة كان فيها الديمقراطيون في البيت الأبيض قبل أربع سنوات. فالصين في حالة صعود وتزداد جرأة وروسيا تسعى لتعزيز سطوتها، وضعف النفوذ الأمريكي مع انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقيات مختلفة وتقلصت السلطة الأخلاقية الأمريكية بسبب اضطرابات في الداخل.
ومن المرجح أن تركز السياسة الخارجية في عهد بايدن على نهج أكثر تعددية ودبلوماسية بهدف إصلاح علاقات واشنطن مع حلفاء رئيسيين، وتبني توجهات جديدة بخصوص قضايا مثل تغير المناخ.
وقال بايدن إنه فوجئ في اتصالات مع زعماء نحو 20 دولة «بمدى تطلعهم إلى عودة الولايات المتحدة لتأكيد دورها التاريخي كزعيمة للعالم».
ويأتي وعده باحتضان تحالفات، من بينها تحالفات في منطقة آسيا والمحيط الهادي، بعد تدهور في العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والذي أعاد إلى الأذهان فترة الحرب الباردة.
وشهد العام الأخير لإدارة ترامب تقريعا متكررا للصين، إذ دب خلاف بين القوتين حول معالجة الصين لجائحة فيروس كورونا وتدهور الحريات في هونج كونج والخلافات الإقليمية في بحر الصين الجنوبي.
وبينما من غير المرجح أن تجد الصين في بايدن بديلا أكثر مرونة من ترامب، يتوقع دبلوماسيون ومحللون نبرة أكثر حذرا وجهودا أكبر لتقوية التحالفات للتصدي لبكين.
وقال بايدن إن العمل مع الحلفاء يساعد في جعل أمريكا آمنة دون الانخراط في «حروب غير ضرورية». ولم يشر إلى الحرب في أفغانستان، أطول الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة، فيما يتحرك ترامب لتقليص القوات الأمريكية هناك.
عملية الانتقال تمضي قدما
يتحرك بايدن على عجل لتشكيل فريقه واختيار مرشحين لحكومته بعد أن هزم ترامب الذي خاض معركة قانونية فاشلة في مسعى لتغيير نتائج الانتخابات زاعما دون أدلة أن الانتخابات سُرقت منه عبر تلاعب واسع النطاق في التصويت.
وقال بايدن إن فريقه قادر على بدء التنسيق مع إدارة ترامب في الأمن القومي وجائحة فيروس كورونا وخطط توزيع اللقاح منذ أن حصل على الضوء الأخضر لبدء نقل السلطة رسميا يوم الاثنين.
وقال بايدن في مقابلة مع شبكة إن.بي.سي. التلفزيونية «لن نكون بعيدين عن المنحنى إلى الحد الذي كنا نظن في الماضي، قائلاً: «هناك الكثير من المباحثات المباشرة، ويجب أن أقول إن التواصل كان صادقا».
وقال منتقدون إن رفض ترامب قبول نتائج الانتخابات يقلص قدرة الإدارة القادمة على مكافحة جائحة كورونا الآخذة في التصاعد والتي أودت بحياة نحو 259 ألف أمريكي وتسببت في فقد ملايين آخرين لوظائفهم.
وفي لفتة أخرى على أن ترامب سلم بهزيمته في الانتخابات، أعطي البيت الأبيض الضوء الأخضر لتلقي بايدن تقارير المخابرات اليومية للرئيس. وقال بايدن إنه حصل على أحد هذه التقارير يوم الاثنين لكن يتوقع أن يحصل عليها بشكل منتظم.
وحث بايدن مجلس الشيوخ، عند تقديم فريقه للأمن القومي، على أن يحدد «جلسة استماع عاجلة» لمرشحيه الذين يحتاجون إلى تصديق من المجلس وعبر عن أمله في أن يتمكن من العمل مع الجمهوريين «بحسن نية للمضي قدما»، وأضاف: «دعونا نبدأ ذلك العمل... لرأب الصدع وتوحيد أمريكا والعالم أيضا».