x

أسامة غريب ثلاث سنوات بالعمر كله أسامة غريب الإثنين 23-11-2020 02:08


عندما جاءت الفنانة وردة الجزائرية إلى مصر عام 1960 فإن وصولها كان مرفوقاً بأكاليل الغار، ولا أظن أن فنانة عربية جاءت من المشرق أو من المغرب قد لقيت كل هذه الحفاوة والترحاب فى القاهرة. لا شك أن كفاح الجزائر ومنزلة شهدائه فى نفوس أهل مصر فى ذلك الوقت، إلى جانب دورنا فى مساندة ثورتهم.. كل هذا كان من عوامل حُسن الاستقبال للفتاة ذات العشرين عاماً وردة محمد فتوكى. صحيح أنها بقيت بمصر ثلاث سنوات فقط قبل أن تعود للجزائر عام 1963، إلا أن وردة قدمت فى هذا الوقت القصير فيلمين للسينما هما ألمظ وعبده الحامولى وأميرة العرب، علاوة على عشرات الأغنيات العاطفية والوطنية على يد أساتذة الموسيقى والتلحين المصريين. ولا أعرف قبل وردة مطربة جاءت من خارج الديار فوجدت فى انتظارها رياض السنباطى ومحمد عبد الوهاب ومحمد القصبجى وفريد الأطرش ومحمد فوزى ومنير مراد وبليغ حمدى.. لقد تسابق الجميع فى التلحين لها، حتى إن السنباطى وحده قدم لها فى هذه الفترة المحدودة تسع أغانى، أشهرها لعبة الأيام (على مهدى)، وحأقول لك حاجة (حسين السيد)، ولا تودعنى حبيبى (أحمد مخيمر). عبد الوهاب كذلك أهداها أغنية اسأل دموع عينيا (على مهدى) زائد مشاركتها معه فى «وطنى الأكبر» و«الجيل الصاعد».. أما محمد فوزى فساهم بأغنيتين، يا آسر قلبى بعنيك (بيرم التونسى)، وعلى باب الهوى (محمد على أحمد).. حتى القصبجى عاد إلى الملعب من جديد بعد توقف سنوات ولحن لها «إياك نعبد ما حيينا» للشاعر أحمد مخيمر.. ولم يتأخر بليغ حمدى فى هذا المهرجان فلحن لها أحبك فوق ما تتصور ويا نخلتين فى العلالى، أما منير مراد فأهداها أغنية من أجمل وأرق ما لحّن فى كل تاريخه «من يوميها».. ثم نضيف إلى ذلك كله فريد الأطرش وأغنية «روحى وروحك» من كلمات صالح جودت.. فياللحظ الذى يدفع فى طريق مطربة ناشئة بكل هؤلاء العمالقة من أساطين الكلمة واللحن، وأظن وبعض الظن مشروع أن توجهاً رسمياً بمساعدة الفتاة الجزائرية كان قد صدر من أعلى سلطة فى وقت تقاطع فيه الفن مع الثورة ومحاربة الاستعمار. هذا وقد حضرت وردة من فرنسا بصحبة العائلة كلها من إخوة وأخوات أحاطوا بها ووفروا لها الحياة الأسرية، وقد حماها هذا بكل تأكيد من أى مضايقات، ولا أقول تحرشات من تلك التى تتعرض لها كل راغبة فى ولوج دنيا الفن، خصوصاً الآتيات من وراء الحدود، وكلنا نعلم أن بعض الملحنين كان يأتى بالفتاة الموهوبة من الشرق أو الغرب ثم يجعلها تقيم معه كمحظية أثناء تحضير الألحان!. لم تمر وردة بشىء من هذا، وإنما أتت مرفوعة الرأس، وظلت كذلك حتى عادت إلى وطنها الأم لتتزوج وتبنى أسرة، وذلك قبل أن يناديها الفن فتعود من جديد إلى القاهرة عام 1972 لتستأنف مشوارها وكأنها لم تغب لحظة.

رحم الله وردة ومعها كل أصحاب الأسماء التى أوردناها فى هذا الحديث من مؤلفين وملحنين، إذ إنهم جميعاً فى رحاب الله.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية