x

اخبار د. حامد عبد الرحيم عيد يكتب: ما الذى ينقص الجامعة المصرية لتصبح من «الجيل الثالث»؟‎ اخبار الجمعة 20-11-2020 01:45


تحدثنا فى مقالات سابقة عن خصائص جامعة الجيل الثالث ولخصناها أنها جامعة تهدف إلى الجمع بين التعليم والبحث العلمى واستغلال المعرفة؛ ودورها إنتاج قيمة مُضافة للاقتصاد، والتدريس فيها يقوم على التخصصات البينية، وتنمية فكر ريادة الأعمال وإدارة المشروعات والبرامج التدريبية للإعداد لسوق العمل، والتدريب على المشروعات الإنتاجية الصغيرة، وتنتج خريجين ورواد أعمال، والتوجه فيها عالمى، والإدارة فيها تقوم على حوكمة الإدارة الأكاديمية والأخلاق.

وفى هذا المقال نأتى إلى بيت القصيد والسؤال الهام: ما الذى ينقص الجامعة المصرية أن تصبح جامعة من جامعات الجيل الثالث؟ وما هى تلك الجامعة الأقرب لهذا المسمى؟ السؤال جد صعب الإجابة عليه فى هذه السطور ويحتاج إلى عشرات الصفحات إلا أنه من نافلة القول أن نذكر حقيقة مهمة بأن جامعة القاهرة كانت من أوائل الجامعات المصرية التى وضعت ضمن خطتها الاستراتيجية ورؤيتها أن تصبح واحدة من تلك الجامعات! وجاءت رؤيتها كما يلى «أن تكون جامعة القاهرة من أفضل جامعات الجيل الثالث العالمية والمشهود لها بالتميز فى تأصيل المعرفة وتكوينها ونشرها وتطبيقها لإثراء حياة الأفراد والمؤسسات والمجتمع أما رسالتها فتقول تلتزم جامعة القاهرة بالتميز فى تقديم خدمات التعليم والبحوث والاستشارات والتدريب وبناء شخصية الطالب فى ضوء مفهوم الأمن القومى الشامل، وتكوين الثقافة ونشر المعرفة محليًا وإقليميًا ودوليا طبقا لمعايير الجودة بوصفها جامعة من أعرق الجامعات بالشرق الأوسط، ومن خلال الإسهام فى تقديم حلول متكاملة فنيًا وتكنولوجيًا للاقتصاد القومى، مع الاهتمام بالمسؤولية المجتمعية وتنمية رأس المال البشرى لتحقيق التنمية المستدامة لجميع المستفيدين، مع الحفاظ على التراث والهوية، والمشاركة فى التقدم العلمى العالمى» إضافة إلى أن رئيس الجامعة د. محمد عثمان الخشت قد وسع مفهوم جامعة الجيل الثالث ليشمل التحديات القومية الراهنة وغير المندرجة فى محاور جامعة الجيل الثالث بالمفهوم الغربى مثل التنوير وتغيير طرق التفكير وتطوير العقل المصرى وتأسيس تيار عربى حداثى عقلانى، مع ربط التعليم بنظرية الأمن القومى الشامل بوصفه تنمية شاملة، والتوسع فى المشروعات الجامعية ذات البعد القومى، والعمل على عدم إنتاج عقول مغلقة، والتوسع فى الأنشطة الإبداعية، وأخيرا أخلاق التقدم.

إلا أنه يتبقى السؤال كيف يمكن أن يتم تنفيذ هذا على أرض الواقع! بادئ ذى بدء ولنكون صرحاء مع أنفسنا، لا يمكن أبدا أن نتخيل أن جامعة ما تستطيع أن تتحول من جامعة عادية ملتزمة بوظائفها الرئيسية الثلاث: التعليم والبحث العلمى وخدمة البيئة إلى جامعة من الجيل الثالث فى بضع سنوات. الأمر جد يحتاج ليس أقل من عقد من الزمان وهنا فلا يجب أن نظلم أنفسنا بهذا الحلم!

إن ما تشهده مصر فى الوقت الراهن من طفرة تنموية سريعة فى المجال الاقتصادى والبيئى والمجتمعى يتطلب تطوير الجامعة المصرية كيفا من خلال تحسين برامج وأقسام الكليات فى الجامعات المختلفة طبقا لاحتياجات الإقليم أو البيئة الموجودة فيها وألا يتم استنساخها فى جامعات أخرى، مع تطوير وتحديث الأقسام التقليدية واستبدالها بأقسام وبرامج حديثة تتماشى مع الحاضر والمستقبل ودمج بعض الأقسام فى قسم واحد مع العمل على تطوير المناهج الدراسية كيفا وكما، أما عن أعضاء هيئة التدريس جوهر العملية التعليمية فيتوجب تفرغهم وعدم تشتيت جهودهم مع تطوير نظام جديد لترقياتهم.

إن الجامعة فى أغلب بلدان العالم ومجتمعاتها هى من أهمّ الفاعلين المؤثّرين فى الواقع انطلاقا من اهتمامها بالشّأن العام والتزامها بقضايا المجتمع الرّاهن، إلا أن الجامعة المصرية قد غابت عن الفضاء العام وقل تأثيرها بشكل واضح فى الرّهان السّياسى والاجتماعى والاقتصادى خلافا لبعض القطاعات المهنيّة الأخرى ذات الحضور اللاّفت مثل قطاع الصّحافة والمحاماة، واليوم بات عليها أن تسعى لتتواجد بقوة من خلال حركة عالمية متواترة نتمنى أن تأتى نتائجها فى سنوات قادمة تبشر بفكر جديد وعلم جديد.

* أستاذ بعلوم القاهرة

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية