يهدد القتال في إقليم التيجراي الواقع شمال غرب إثيوبيا بزعزعة استقرار البلاد وجلب قوى أجنبية للتدخل.
ومع ظهور توقعات بأن يتفاقم الصراع وأن يظل طويلا مع غياب أي بادرة للتفاوض بشأن وقف إطلاق النار، أكد محللون أنه كان من الممكن تجنب هذه المواجهات الدامية، فجبهة تحرير شعب التيجراي هيمنت على الائتلاف الحاكم منذ عقود قبل أن يتولى رئيس الوزراء أبي أحمد السلطة في 2018، والذي دفع في اتجاه تغييرات واسعة النطاق، والتي أثارت توترات عرقية.
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية، الثلاثاء، تقريرا معلوماتيا بصيغة السؤال والجواب يلقى الضوء على طبيعة الصراع وأبعاد الأزمة والتوقعات المرتقبة نتيجة الاشتباكات المسلحة بين القوات الحكومة الاتحادية وجبهة تحرير شعب التيجراي.
من يقاتل في إثيوبيا؟
وضع الصراع قوات الحكومة الإثيوبية والمليشيات المتحالفة معها ضد القوات الموالية لجبهة تحرير شعب التيجراي، وهي الحزب الحاكم لإقليم التيجراي. في حين شن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي احمد عمليات عسكرية في الإقليم يوم 4 نوفمبر، وذلك بعدما اتهم السلطات المحلية بمهاجمة معسكر تابع للجيش الإثيوبي ومحاولة نهب معدات عسكرية، في حين أن الجبهة نفت الاتهام، متهمة في الوقت نفسه أبي أحمد بتلفيق القصة كي يبرر الهجوم عليها.
أين يقع إقليم التيجراي؟
يقع الإقليم في الركن الشمالي الغربي الجبلي من إثيوبيا، ويشترك في الحدود مع إريتريا والسودان، ويبلغ عدد سكانه نحو 7 مليون نسمة، من إجمالي عدد السكان في إثيوبيا والبالغ 110 مليونا، غير أن الإقليم لعب دورا يفوق حجمه في تاريخ البلاد الحديث.
ماذا يقول الطرفان؟
كل طرف له روايات مختلفة، ولكن بشكل عام، تقول القيادة التيجرانية أن أبي أحمد حاكم مستبد يعتمد على مركزية السلطة وانتزاعها من الأقاليم التي تتمتع بدرجة من الحكم الذاتي بمقتضى الدستور، ويصف رئيس الوزراء وأنصاره إن القيادات التيجرانية متشددة وتهدد وحدة البلاد وتريد الاستيلاء على السلطة، في حين يشتكي زعماء التيجراي من استهدافهم على نحو «ظالم» في ملاحقات قضائية بتهم فساد، كما جرى إقصائهم من المناصب العليا إلى جانب إلقاء اللوم عليهم بشكل عام فيما يتعلق بالمشكلات التي تواجهها البلاد.
وأدى تأجيل الانتخابات بالبلاد بسبب تفشي وباء كورونا إلى تفاقم الخلاف، عندما صوت البرلمانيون في العاصمة أديس أبابا، على تمديد انتداب المسؤولين، لكن القيادات التيجرانية مضت قدما في إجراء الانتخابات بالإقليم في سبتمبر الماضي، والتي اعتبرتها حكومة أبي أحمد «غير شرعية».
ما مدى تفاقم القتال؟
تنطوي معرفة ذلك على صعوبة مع منع مراسلي الصحف ووسائل الإعلام من تغطية مناطق القتال، وقطع الاتصالات بكشل كبير.
كان هناك غارات جوية وإطلاق نيران بالمدفعية عبر المنطقة الواسعة، مما أجبر عشرات الآلاف من الأشخاص على الفرار، وكثير منهم تحدث عن اشتباكات شرسة.
ويبدو أن قوات الحكومة الإثيوبية تحرز بعض التقدم «المزدوج» على طول الطريق الرئيسي المؤدي إلى عاصمة التيجراي مدينة ميكيل، والحدود السودانية صوب مدينة هوميرا الاستراتجية، كما كانت هناك تقارير حول وقوع «فظائع» استهدفت المدنيين من الجانبين.
إلى متى يستمر القتال؟
سوف يستمر وقتا طويلا، فقوة الدفاع الوطني الإثيوبي لديها نحو 140 ألف مقاتل وخبرة كبيرة من القتال مع المتشددين الإسلاميين في الصومال والجماعات المتمردة في المناطق الحدودية، إلى جانب المواجهات الحدودية على مدى عقدين مع إريتريا.
غير أن كثيرا من كبار الضباط كانوا من التيجراي، ويوجد كثير من أقوى الأسلحة الخاصة بقوات الدفاع الوطنية الإثيوبية، في إقليم التيجراي، كما أن للتيجراي تاريخ رهيب من الإنجازات القتالية، فقد قادوا مسيرة متمردة إلى أديس أبابا وأطاحوا بالديكتاتورية الماركسية الوحشية عام 1991، وتحملوا عبء الحرب مع إريتريا في الفترة ما بين 1998 و2000 والتي قتل فيها مئات الآلاف، ويعيش التيجرانيون في إقليم جبلي ومنطقة وعرة نموذجية لقتال من نوع حرب العصابات.
ماذا سيحدث بعد ذلك؟
هناك قلق كبير من أن يؤدي الصراع إلى زعزعة استقرار إثيوبيا، التي مزقتها التوترات العرقية بالفعل، ومن ثم تدخل القوى الإقليمية، فأى من هذين التطورين قد يلحق الضرر البالغ لواحدة من أكثر المناطق هشاشة في إفريقيا.
كما أن إريتريا متورطة في القتال في الواقع، مع قيام جبهة تحرير شعب التيجراي بإطلاق صواريخ على العاصمة الإريترية أسمرا، إلى جانب تحركات عسكرية على حدودها مع التيجراي حسبما ذكرت تقارير.
ومعظم المحللين يعتقدون أن السودان، وهي في وسط تحولها الديمقراطي، سوف تدعم أبي أحمد، غير أن هناك دائما توقعا بأن يخرج الصراع عن حد السيطرة،، خاصة إذا أصبحت القوى في الخليج أو أبعد ميدانيا متورطة، مما يحول جزءا من إثيوبيا أو كلها إلى«ليبيا» أخرى في شرق إفريقيا، حسبما افترض أحد الخبراء.
هل هناك أمل في التفاوض لوقف إطلاق النار؟
ليس هناك أمل في اللحظة الراهنة، أبي أحمد الذي فاز بجائزة نوبل العام الماضى بسبب إنهاء القتال مع إريتريا، يبدو أنه مصمم على إقصاء قيادة جبهة تحرير شعب التيجراي من السلطة، أو حتى طردهم من الإقليم نفسه وإثيوبيا كلها، بينما أكد مسؤولو الحكومة الإثيوبية أن التفاوض سوف يعمل على «تحفيز الحصانة» على حد قولهم.