طول ما قلبك مليان طيبة.. راح تطلع من أزمة وتفوت بمصيبة»، «لَبّس البوصة تبقى عروسة»، «يقتل القتيل ويمشى في جنازته»، «عصفور في اليد»، «القط بيحب خناقه»، «يموت الزمار وصوابعه بتلعب»، «عشمنى بالحلق خرمت أنا ودانى.. لا ودانى خفت ولا الحلق جانى»، «لا تعطِنى سمكة ولكن علمنى الصيد»، «ياما في الجراب يا حاوى»، و«اللى تحسبه موسى يطلع فرعون».. مجموعة أمثال شعبية شهيرة باقية في أذهاننا، نستعيدها كثيرا في مواقف متعددة، لكننا لم نكن نتوقع يوما أن نشاهدها في لوحات فنية.
21 فنانا تشكيليا تمكنوا من تجسيد هذه الأمثال في 83 لوحة فنية، ضمن معرض جماعى حول الأمثال الشعبية الشهيرة، التي كانت ولا تزال يتوارثها الأجيال، والذى انطلق تحت عنوان «بصلة المحب خروف»، بتام جاليرى.
يتناول الفنانون المشاركون في معرض «بصلة المحب خروف» بعض هذه الأمثال التراثية بمنظور إبداعى من خلال أعمال تعكس تحليلهم الشخصى للمعانى المتوارثة للمثل عبر العصور.
و«بصلة المحب خروف» مثل مصرى شهير يُقال للتعلية من شأن المحبة في العلاقات؛ فالـ«بصلة»، وهى من أبسط مكونات أي وجبة، إذا قُدِّمت بالمحبة فهى في عينى متلقيها كما لو كانت خروفا يقدم في الولائم الكبيرة.
تجارب مختلفة يرويها بعض فنانى المعرض الجماعى، وكيف تركت أثرها على حياتهم الشخصية، وفى حديثها لـ«أيقونة»، تقول الفنانة التشكيلية، فاطمة أبودومة، إنه في «عصرنا الحالى نجد أن الكثير من تلك الأمثال تعبر عن قيم مهينة وعنصرية، بل في أحيان كثيرة تحرض على العنف»، مضيفة أن سماع هذه الأمثال وشيوع استخدامها يؤصل للقيم التي يروج لها، ومن خلال هذا المشروع «قمنا بحصر عدد من الأمثال وتغييرها، وقدمناها بطريقة جديدة للمثل، تتناسب مع الواقع الحالى، والهدف منه خلق رؤى متعددة لهذا التراث الأصيل».
ويقول الفنان التشكيلى أحمد عثمان، إن الأمثال الشعبية هي واحدة من موروثات الشعب المصرى، وهى عِبر وحكم بالفطرة، تلخص حالا وتشرح موقفا وتؤدى إلى نصيحة ومغزى، مضيفا أن الأمثال تخلق المعلومة والحكمة بشكل قد يظهر في واجهته بالإبهام والتعقيد، ولكن تظهر قيمته عند التعمق فيه وتوضيح علاقات تكوينه، حيث يتميز دائما بصغر جمله وكلماته وعظيم معناه ومفهومه.
وترى روضة الجندى أنه رغم الكوميديا والطرافة المرتبطة بمعظم الأمثال، نجدها تحمل معنى وحكمة بليغة، فالمزج بين السخرية والعظة هو أكثر ما يثير عند النظر إلى معظم أمثالنا الشعبية، ولكثرة ما سمعنا المثل الشعبى «نقول طور يقولوا احلبوه»، وهو مثل غاية في الإيجاز والوصف الدقيق لحالات الاصطدام التي تواجه معظمنا في نواحٍ مختلفة من الحياة، نصطدم بتلك العقلية اللامنطقية، وقد نفقد أعوامًا في محاولة إقناعهم بالمنطق.. لكن دون جدوى. وأضافت أن َ«القرد في عين أمه غزال» هو مرآة تعكس ظاهرة حب الأم الشديد لأبنائها.. وبشكل شخصى، هذا المثل أستشعره في أمى معى ومع أخوتى.. شخصًيا، أجد هذه المشاعر ملهمة وتمس قلبى، ما تفعله الأمومة وما يفعله الحب معقد وجميل.. قوة الحب في التحايل على الحقائق والوقائع أمر ملهم وعجيب!.
وتابعت: أما تحوّر المثل من معنى لنقيضه مع كثرة التداول والمحافظة على العظة والحكمة من المثل، فهو عبرة أخرى في حد ذاتها، مضيفة: «لهذا اخترت مثل (الباب يفوّت جمل) لما يحمله من معنيين متناقضين.
وأشارت إلى أنه قديمًا كان يعبر وسع الباب حد اتساعه لعبور الجمل عن الغنى.. أما المعنى الدارج في يومنا هذا فهو الإيحاء بالقدرة على طرد أشخاص بأعينهم من حياتنا بكل سهولة، بفضل اتساع أبوابنا، ورغم العِبرة والخبرة المرتبطة بمعظم الأمثلة، فإن بعضها رجعى يؤكد ما توصلنا له من تطورات، وأن الخبرة والتعلم من الحياة لا تنتهى. يستمر معرض «بصلة المحب خروف» في تام جاليرى، حتى الخميس المقبل.. لا تفوت الفرصة.