x

محمد كمال نحن وبايدن محمد كمال الإثنين 09-11-2020 00:52


رغم المعركة القانونية الدائرة الآن بشأن انتخابات الرئاسة الأمريكية، إلا أن المؤشرات ترجح فوز المرشح الديمقراطى جو بايدن. الجدل المصرى حول بايدن يتراوح ما بين الحياد والحذر والتخوف، وبما أن وصوله للبيت الأبيض تحول من افتراض نظرى إلى حقيقة شبه مؤكدة، فمن المهم أن نضع فى الاعتبار النقاط التالية، سواء فى إطار الجدل الإعلامى أو صياغة سيناريوهات لكيفية التعامل مع الإدارة الجديدة فى واشنطن.

١- أولويات بايدن لن تكون السياسة الخارجية ولكن الداخل الأمريكى، وعلى الترتيب قضايا مواجهة الأزمة الصحية لكورونا، والتعامل مع الأزمة الاقتصادية، وتوحيد الأمة الأمريكية المنقسمة.

٢- مبادرات بايدن فى السياسة الخارجية سيغلب عليها الرمزية، وخاصة تعزيز العلاقة مع الحلفاء، والعودة للتعاون مع المنظمات الدولية، وسيلعب دور رجل المطافئ فى الأزمات الدولية حتى لا تنجر الولايات المتحدة للتورط فيها وبالتالى الانشغال عن الأجندة الداخلية.

٣- الرجل يتسم بالحرص والحذر فى تصرفاته، والأرجح أنه سوف يتبنى الشعار الذى صاغه الرئيس السابق أوباما فى عبارة «لا تقوم بتصرفات حمقاء»، وربما تكون هذه هى نصيحته أيضا لحلفاء الولايات المتحدة ودول العالم.

٣- أسلوب بايدن فى إدارة ملفات السياسة الخارجية سوف يعتمد على التاريخ وعلى المؤسسات، فالرجل عمل بمجال السياسة الخارجية لسنوات طويلة ولديه ذاكرة تاريخية شخصية بشأن العديد من ملفاتها وسوف يقوم باستدعائها دائما. كما سوف يقوم بإحياء الإطار المؤسسى فى عملية صنع القرار ولن يهيمن البيت الأبيض وحده على ذلك. والأمران ليسا بالضرورة سلبيين بالنسبة لنا فالذاكرة التاريخية لبايدن عن مصر ارتبطت بمرحلة تاريخية كان يتم التعامل فيها مع مصر كشريك استراتيجى، والرجل يعرف مصر جيدا ويعرفه الكثير من المسؤولين المصريين السابقين الذين تعاملوا معه على مدى أكثر من ثلاثين عاما. أما بالنسبة للمؤسسات وخاصة الدفاع والاستخبارات فمواقفها من مصر إيجابية وتعكس الإدراك لأهميتها. ولكن هذا الإطار الجديد لصنع القرار والقائم على التعددية، سيتطلب منا اهتماما أكبر بتعقد هذه العملية، وأدوار الأجهزة التنفيذية والكونجرس، بل مراكز الأبحاث والرأى العام والإعلام.

٤- يضاف لما سبق أن إدارة بايدن ستستعين بعناصر من فريقين قد لا يحملان مواقف إيجابية من مصر، وهما عناصر من إدارة أوباما السابقة، وعناصر مما يسمى بالتيار التقدمى داخل الحزب الديمقراطى، والفريق الأخير هو الذى قام بتعبئة الشباب للتصويت لبايدن وسيطلب مكافأة فى صورة مناصب بالإدارة، والحوار مهم مع هذه العناصر، مع إدراك أن بايدن أعلن مرارا أن رئاسته لن تكون فترة ثالثة لأوباما، أى سيسعى لأن تكون له بصمته الخاصة مستفيدا من أخطاء ودروس الماضى.

٥- بالتأكيد سوف يكون هناك قضايا خلافية بين مصر والإدارة الأمريكية الجديدة، وهذا طبيعى نتيجة لعدم تطابق المصالح، ولأن رؤية الأمور من القاهرة تختلف عن تلك من واشنطن، ومن المهم العمل على تحييد بعض القضايا الخلافية، وأن تكون رسالتنا للإدارة الجديدة هى أن الحوار وخلف الأبواب المغلقة أفضل من تبنى أسلوب التشدد والصخب، والتجربة السابقة لفرض عقوبات لم تحقق أى نتائج.

وأخيرا فإن وصول بايدن للبيت الأبيض قد يمثل فرصة لقيام مصر بوضع رؤية استراتيجية جديدة للعلاقة مع الولايات المتحدة، تنطلق من مصالحها الوطنية، وتضع فى الاعتبار الأولويات الجديدة لمصر والتغيرات بالمنطقة والعالم، وتكون هذه الاستراتيجية خريطة طريق للتعامل مع الولايات المتحدة فى المرحلة القادمة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية